مزمور 105 - تفسير سفر المزامير
هو مزمور تسبيح لله. ولكن الموضوع هنا حول العجائب التي صنعها الله مع شعبه في دخولهم مصر وخروجهم منها، وكيف كان في كل هذا أمينًا في وعوده لآبائهم إبراهيم وإسحق ويعقوب.
الآيات (1-7): "احمدوا الرب ادعوا باسمه. عرفوا بين الأمم بأعماله. غنوا له رنموا له. انشدوا بكل عجائبه. افتخروا باسمه القدوس. لتفرح قلوب الذين يلتمسون الرب. اطلبوا الرب وقدرته. التمسوا وجهه دائما. اذكروا عجائبه التي صنع. آياته وأحكام فيه. يا ذرية إبراهيم عبده يا بني يعقوب مختاريه. هو الرب إلهنا في كل الأرض أحكامه."
دعوة للتسبيح والشكر. ودعوة لنشهد لعمل الله وسط كل الناس. ودعوة لكي نفتخر بالرب ونفرح به. وأن نطلبه وحده ففيه كل الكفاية. فقط نذكر عجائبه السابقة وكيف أنه كان أمينًا في وعوده لشعبه، ونطلب منه دائمًا واثقين أنه لن يخذل عبيده. أولاد الله لا يفتخرون بذهب أو مجد أرضي، بل يفتخرون بأن الله إلههم، إذا طلبوه يستجيب. وهذا ما قاله بطرس للمقعد (أع6:3). بني يعقوب مختاريه = فالله ترك نسل عيسو والسيد المسيح يقول لتلاميذه "أنا اخترتكم من العالم" (يو19:15).
الآيات (8-12): "ذكر إلى الدهر عهده كلاما أوصى به إلى ألف دور. الذي عاهد به إبراهيم وقسمه لاسحق. فثبته ليعقوب فريضة ولإسرائيل عهدا أبديا. قائلًا لك أعطى ارض كنعان حبل ميراثكم. إذ كانوا عددا يحصى قليلين وغرباء فيها."
الله وعد الآباء بأن تكون أرض كنعان ميراثًا لهم وقد فعل. وبينما كان يعقوب وأولاده عدد قليل (70 نفس) إلا أن الله نفذ وعده بطريقة عجيبة. وبعد أن كانوا غرباء في أرض كنعان صاروا سادة فيها وباركهم وقسموها بالحبل بيشوع.
الآيات (13-15): "ذهبوا من أمة إلى أمة من مملكة إلى شعب آخر. فلم يدع إنسانًا يظلمهم. بل وبخ ملوكا من أجلهم. قائلًا لا تمسوا مسحائي ولا تسيئوا إلى أنبيائي."
إبراهيم انتقل من أرض الكلدانيين إلى كنعان. ونزل إلى مصر. والله حافظ عليه وعلى سارة امرأته. ووبخ فرعون وأبيمالك لأجلهما.
الآيات (16-22): "دعا بالجوع على الأرض كسر قوام الخبز كله. أرسل أمامهم رجلا. بيع يوسف عبدًا. آذوا بالقيد رجليه. في الحديد دخلت نفسه. إلى وقت مجيء كلمته. قول الرب امتحنه. أرسل الملك فحله. أرسل سلطان الشعب فأطلقه. أقامه سيدا على بيته ومسلطا على كل ملكه. ليأسر رؤساءه حسب إرادته ويعلم مشايخه حكمة."
الله يبدأ خطته في عزل نسل يعقوب في مصر ليؤسس منهم شعبًا مختارًا وكان هذا بواسطة المجاعة وبها ارتفع نجم يوسف لحكمته= ويعلم مشايخه حكمة= أي يعلم مشايخ فرعون. إلى وقت مجيء كلمته= الله حدد ميعادًا لنزول يعقوب وبنيه إلى مصر. وحتى هذا الوقت قول الرب امتحنه= وضع الله يوسف في تجربة شديدة بها أعده للمنصب العالي الذي صار فيه. وفي الوقت المحدد من الله. أرسل الملك فحله. ويقيم منه رئيسًا عظيمًا. وبعدها تمت خطة الله في نزول الشعب إلى مصر.
الآيات (23-25): "فجاء إسرائيل إلى مصر ويعقوب تغرب في ارض حام. جعل شعبه مثمرا جدًا واعزه على أعدائه. حول قلوبهم ليبغضوا شعبه ليحتالوا على عبيده."
بالرغم من بغضة المصريين جعل الله شعبه ينمو. حول قلوبهم ليبغضوا شعبه كانت كراهية المصريين لليهود سببًا في عزلة الشعب فلم يندمجوا في العبادة الوثنية.
الآيات (26-38): "أرسل موسى عبده وهرون الذي اختاره. أقاما بينهم كلام آياته وعجائب في ارض حام. أرسل ظلمة فأظلمت ولم يعصوا كلامه. حول مياههم إلى دم وقتل أسماكهم. أفاضت أرضهم ضفادع. حتى في مخادع ملوكهم. أمر فجاء الذبان والبعوض في كل تخومهم. جعل امطارهم بردا ونارا ملتهبة في أرضهم. ضرب كرومهم وتينهم وكسر كل أشجار تخومهم. أمر فجاء الجراد وغوغاء بلا عدد. فأكل كل عشب في بلادهم. وأكل أثمار أرضهم. قتل كل بكر في أرضهم. أوائل كل قوتهم. فاخرجهم بفضة وذهب ولم يكن في أسباطهم عاثر. فرحت مصر بخروجهم لأن رعبهم سقط عليهم."
نجد هنا ضربات الله بيد موسى وهرون ضد مصر. ولم يعصوا كلامه= أطاع موسى وهرون الله في كل ما أمر ولم يفعلا مثل يونان. والطبيعة كلها أطاعت الله في ضرباته ضد مصر ولم تعصي كلامه. غوغاء= جراد صغير. فرحت مصر بخروجهم= فهم استراحوا من الضربات.
الآيات (39-45): "بسط سحابا سجفا ونارا لتضيء الليل. سألوا فاتاهم بالسلوى وخبز السماء أشبعهم. شق الصخرة فانفجرت المياه. جرت في اليابسة نهرا. لأنه ذكر كلمة قدسه مع إبراهيم عبده. فاخرج شعبه بابتهاج ومختاريه بترنم. وأعطاهم أراضى الأمم. وتعب الشعوب ورثوه. لكي يحفظوا فرائضه ويطيعوا شرائعه. هللويا."
نرى هنا قيادة الله لشعبه في البرية بعمود سحاب وعمود نار وكيف أطعمهم المن والسلوى، وكيف حفظهم حتى مَلَكَّهُم أرضهم، ولم يطلب في مقابل هذا كله سوى شيئًا واحدًا. أن يحفظوا فرائضه ويطيعوا شرائعه. وكان هذا أيضًا لمصلحتهم حتى لا يستعبدهم إبليس بعد أن خلصهم الله من فرعون.