منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17 - 01 - 2014, 04:58 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

كتاب الإنسان الروحي
البابا شنوده الثالث
مقدمة الكتاب

محاضرات كثيرة متفرقة، ألقيناها في الكاتدرائية الكبرى، وفي القاعة المرقسية بدير الأنبا رويس، وفي الإسكندرية... ولكنها بقيت كذلك متفرقة ومتنوعة، لا يجمعها موضوع واحد.
ثم انتقينا من تلك من تلك المحاضرات العديدة حوالي العشرين ليتألف منها هذا الكتاب، تحت عنوان [الإنسان الروحي].
وربما موضوع (الإنسان الروحي) قد يشمل الحياة كلها. فيشمل كل ما نلقيه من محاضرات روحية. ولكننا أردنا في هذا الكتاب أن نحدثك عن أساسيات تضم في داخلها تفاصيل كثيرة..
وكل بند من هذه التفاصيل، وقد يحتاج إلى كتاب خاص.
وهناك موضوعات أخرى تتعلق بالإنسان الروحي أصدرنا لك بها كتبا من قبل، مثل حياة الإيمان وحياة الشكر، والرجاء، والوجود مع الله، وحياة التوبة والنقاوة، واليقظة الروحية، والسهر الروحي، الغيرة المقدسة.. الخ.. وسوف ننشرها هنا تباعًا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت.
وموضوعات أخرى في صفات الإنسان الروحي، سأحاول أن أصدر عنها كتبا في هذا العام إن شاء الله مثل المحبة، وثمار الروح، ومخافة الله، والتواضع، والوداعة..

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وكذلك [الوسائط الروحية] التي ينبغى أن يسلك فيها كل إنسان روحى..
وموضوعات أخرى قد تصدر في جزء الثانى لهذا الكتاب.
لكننى أردت في هذا الكتاب أن أتحدث عن الأساسيات، أو بوجه أصح: عن بعض الأساسيات، تاركا ما سبق أن نشرنا عنه من قبل..
والكتاب الذي بين يديك هو ثمرة محاضرات، ألقينا بعضها في الستينات، والبعض في والثمانينات.
وقد شاء الله لها أن تجتمع معا من عبر السنين. ونشرناها قبلا، في مقالات أسبوعية متتابعة في جريدة (وطني). ثم جمعناها في هذا الكتاب.
وهى تنشر هنا بأسلوب مختصر. وربما بعض هذه الموضوعات نعيد نشرها في كتاب خاص، أو في كتيب صغير أتركك الآن أيها القارئ العزيز بين صفحات هذا.
وأود في قراءتك لكل موضوع، أن تحفظ بعضا من الآيات الكتابية المذكورة فيه، لكي تشكل مبادئ روحية ترسخ في نفسك.
وهذه الآيات تذكرك بالمعلومات الخاصة بها، وتمثل مبادئ روحية تسير بمقتضاها في حياتك.. وستجد آيات كثيرة جدا في كل موضوع. اختر منها ما يتحرك به قلبك، وما يسهل عليك حفظه. وخذه مجالا للتأمل..
وإلى اللقاء في الجزء الثانى، إن أحبت نعمة الرب.
وأرجو أن تصلى لكي يعطينى الرب وقتا.
كن بخير، معافى في الرب..
البابا شنوده الثالث
رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:03 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

الإنسان الروحي هو صورة الله

لعل هذا السؤال يوجه إلى إنسان: من أنت؟ وما هو الإنسان
ويجيب البعض: الإنسان جسد وروح ونفس.
ويجيب آخر: إن إنسان كائن حي عاقل ناطق حر مريد. ويقول البعض بشعور من الاتضاع إن الإنسان تراب ورماد، كما قال عن نفسه أبو الآباء ابراهيم (تك 18: 27).
كل هذا يقال عن أي إنسان. فما هي أدق إجابة نقول في تعريف الإنسان الروحي حسب الكتاب:
هو صورة الله:-

فهكذا قال الرب الإله في قصة خلق الإنسان: "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه" (تك 1: 26، 27).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ولعل الإنسان في صورته، هو ما كان يبحث عنه ديوجين الفيلسوف، أو هو ما يقصده المفكرون بعبارة "سوبرمان" Super Man.
وطبعا ليس المقصود بالصورة الإلهية، أن الإنسان يشابه الله في صفاته الإلهية، مثل الأزلية، وعدم المحدودية، والقدرة على الخلق!! حاشا أن يكون هذا! إنما المقصود هو الصفات النسبية مثل:
خلق الإنسان على صورة الله في الطهارة والبر.
الإنسان الروحي قبل السقوط كان بريئا بسيطًا، لا يعرف الخطية على الإطلاق أعنى أبوينا آدم وحواء قبل السقوط، حينما كانا عريانين ولا يخجلان (تك 2: 25). لم يكونا قد أكلا بعد من شجرة معرفة الخير والشر. لذلك ما كانا يعرفان الشر. كانا كالأطفال الأبرياء الذين أحبهم المسيح، وقال "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال، فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت 18: 3).
الحية خدعت أمنا حواء وكذبت عليها. وأمنا حواء لم تشك في كلام لأنها لم تكن تعرف شيئا اسمه الكذب أو الخداع أو الشك. هذه ألفاظ لم تكن موجودة في قاموسها الفكري في ذلك الوقت.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان خلق على صورة الله في القداسة:
حقا ما أجمل تلك الأوقات التي كان فيها آدم وحواء قديسين قبل السقوط. ولكن الذي حدث هو أنه بالخطية هو أنه بالخطية فقد الإنسان قداسته، وبالتالى فقد صورته الإلهية.
وأصبح الإنسان أسير ثنائية عجيبة تلازمه، هي الخير والشر، الحلال والحرام، وما يتبع ذلك من الحياة والموت. وهكذا قال له الله "هوذا قد جعلت اليوم أمامك: الحياة والخير، والموت والشر.. البركة واللعنة. فاختر الحياة لكي تحيا" (تث 30: 15، 19).
وإذ فقد الإنسان صورته الإلهية بفقدان القداسة، فقد النقاوة والبساطة، بل فقد معرفة هذه الصورة الإلهية أيضًا...

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وجاء السيد المسيح "صورة الله غير المنظور (كو1: 15)، فأعاد إلينا بتجسده صورة الله حتى نحاكيها..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
فكيف يصل الإنسان الروحي إلى هذه الصورة؟
يقول القديس يوحنا الحبيب ينبغى "أنه كما سلك ذاك، هكذا يسلك هو أيضًا" (1يو2: 6). وبهذا اختار الله قديسيه "ليكونوا مشابهين صورة ابنه" (رو 8: 29). وإذا سلك البشر هكذا على الأرض، فإن سيدنا المسيح في القيامة العامة سيغير جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (فى 3: 21).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ومن جهة الرجوع إلى صورة الله في القداسة، يقول السيد الرب "تكونون قديسين لأني أنا قدوس" (لا 11: 45). وكرر الرب هذا العبارة في (لا 20: 26). واقتبسها القديس بطرس الرسول حينما قال:
"نظير القدوس الذي دعاكم، كونوا أنتم أيضًا قديسين في كل سيرة.." (1بط 1: 15)
وأضاف "كونوا قديسين لأني أنا قدوس" (ابط 1: 16) أي أرجعوا إلى صورتكم الإلهية.. وبهذه القداسة نستحق التناول من الأسرار الإلهية.. وهكذا يقال "القدسات للقديسين" ونسمى القداس الذي يتناول فيه الشعب "قداس القديسين".. بالقداسة يستعد المؤمنون للتناول. أيضًا يتقدسون. وما أجمل العبارة التي قالها صموئيل النبي لبيت يسى يوم اختياره داود ملكا. قال "تقدسوا وتعالوا معي إلى الذبيحة"، "1صم 16: 4). وهنا نسال:
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
كيف يدعى الإنسان الروحي قديسا؟
*إنه قديس، لأنه خلق على صورة الله ومثاله.
*وهو قديس، لأنه هيكل للروح القدس، وروح الله ساكن فيه (1كو3: 16). ولا يمكن أن يسكن روح الله في الهيكل نجس، إذ يقول المرتل في المزمور "ببيتك تليق القداسة يا رب" (مز 93: 5)
* والمفروض في الإنسان الروحي أن يكون قديسا كابن لله. والكتاب يقول "المولود من الله لا يخطئ.. والشرير لا يمسه" (1يو 5: 18).. "ولا يستطيع أن يخطئ، لأنه مولود من الله" (1يو 3: 9).
* والإنسان الروحي قديس بفعل الأسرار الإلهية.
العاملة فيه. قديس بسر المعمودية الذي صلب فيه الإنسان العتيق (رو 6: 6). وغسل من خطاياه (أع 22: 16). بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس (تى 3: 5). وهو قديس بسر التوبة الذي تغفر فيه خطاياه، وبسر الأفخارستيا الذي به يثبت في المسيح، ويثبت المسيح فيه (يو 6: 56).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
*وهو قديس، لأنه عضو في جسد المسيح (1كو6: 15) وجسد المسيح مقدس هو. فما دام عضوا فيه، لابد أن يكون قديسًا. لأنه أية شركة للنور مع الظلمة؟! وأية خلطة للبر مع الإثم؟! (2كو6: 14).
وهكذا كان المؤمنون يدعون قديسين في الكنيسة في أيام الرسل. وقد تكررت عبارة "المدعوين قديسين" في رسائل القديس بولس، كما في (رو 1:7) (1كو1:2) (أف 1:4) (كو 1:22) ويقول في رسالته إلى فيلبى: "سلموا على كل قديس في المسيح يسوع" (فى 4: 21).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
خلق الإنسان ايضا على صورة الله في الكمال..
والمقصود طبعًا الكمال النسبى، نسبة لما يستطيع الإنسان الروحي في جهاده أن يصل إليه، حسب إمكانية ومقدار عمل النعمة فيه. أما الكمال المطلق فهو لله وحده. وهكذا قيل عن أيوب الصديق أنه "رجل كامل ومستقيم" (أى 1: 8) وقيل "كان نوح رجلا بارا كاملا" (تك 6: 9). وقال الله لأبينا ابراهيم "سر أمامى وكن كاملًا"، "تك 17: 1). وقال الرب في العظة على الجبل "كونوا كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل" (مت 5: 48).
والسيد المسيح كان كاملًا في كل مرحلة من مراحل السن، أثناء تجسده على الأرض. وهكذا أظهر لنا كيف نكون في الصور الإلهية في كل فترة من فترات السن: في الطفولة والصبوة والشباب والرجولة. علينا إذن أن نسعى باستمرار نحو الكمال، لكي نكون صورة اللهو نحقق وصيته لنا..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ونقول كذلك أنه لما خلق الله الإنسان على صورته، لم يخلقه على صورته فقط في القداسة والبر والكمال، وإنما:
خلق الله الإنسان على صورته في السلطة:
وهكذا قال الرب "اثمروا وأكثروا، واملأوا الأرض واخضوعها. وتسلطوا على سمك البحر، وعلى طير السماء، وعلى كل حيوان يدب على الأرض" (تك1: 28)،نفس هذه البركة منحها الله لأبينا نوح وأولاده بعد رسو الفلك، وقال في ذلك "ولتكن خشيتكم ورهبتكم على على كل حيوانات الأرض وكل طيور السماء.. وكل اسماك البحر" (تك 9: 2). هكذا كان نوح الفلك، مع كل الكائنات.
حينما كان الإنسان صورة الله، كان ملك وسيد الخليقة وكاهنها.
ولما فقد الصورة الإلهية، بدأت الخليقة تتمرد عليه.. الحية تسحق عقبه (تك 3: 15) وإن عمل في الأرض، لا تعود تعطيه قوتها" (تك 4: 12). وبدأ الإنسان يصيد الحيوان والحيوان يفترس الإنسان الذي فقد احترامه، إذ فقد صورته الإلهية..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
أيضًا خلق الله الإنسان على صورته في القوة:
فالإنسان الروحي هو إنسان قوى، لا أقصد القوة الشمشونية الجسدية، إنما أقصد قوة الشخصية: قوة الروح، والفكر والإرادة، قوة الاحتمال، القوة في حروب الشياطين وفي الجهاد الروحي. قوة المعنويات: فالإنسان الروحي لا يهتز ولا يخاف ولا يتردد ولا تسيطر عليه أفكار اليأس ولا الفشل.
والذي على صورة الله، ولا يمكن أن يخاف.
وفى هذا قال داود النبى "إن يحاربنى جيش فلن يخاف قلبى. وإن قام على قتال، ففى ذلك أنه مطمئن (مز 27: 3). إن الخائف ليس هو صورة الله. لذلك فالخائفون لا يدخلون المكوت (رؤ 21: 8). آدم بعدما أخطأ خاف (تك 3: 10) وقايين بعدما أخطأ أدركه الرعب" (تك 4: 14). لأن كليهما فقدا الصورة الإلهية.
إن القديسين والإنبياء قد أعطوا صورة عميقة لعدم الخوف.
القديس الأنبا أنطونيوس سكن أولا في مقبرة، ولم يخف من حروب الشياطين. ولم يخف حينما كانوا يظهرون له على هيئه وحوش تصيح بأصوات مرعبة وتهجم عليه. والشهداء لم يخافوا من كل تهديدات الحكام وتعذيباتهم. ودانيال النبي لم يخف من جب الأسود، ولا الثلاثة فتية من أتون النار.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
والذي على صورة الله يكون دائما ناجحا
ولذلك فالإنسان الفاشل، أو الساقط أو الراسب، ليس هو على صورة الله، فالذى على صورة الله، يكون "كالشجرة المغروسة على مجارى المياه، تعطى ثمرها في حينه. وكل ما يفعله ينجح فيه "وهكذا قيل عن الرب مع يوسف. فكان رجلا ناجحا" (تك 39:2).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
والذي على صورة الله يكون متواضعا:
حقا إن الله هو المتواضع الوحيد بالمفهوم الدقيق الذي للكلمة، لأنه وهو العالى في سمو علاه، يتنازل إلى مستوانا، ويتعامل معنا، ويتخاطب معنا ويسمع صلواتنا لكن الإنسان أيضًا يمكن أن يكون متواضعا حسب مستواه. على الأقل يعرف ذاته أنه تراب ورماد، ولا يقبل لنفسه أفكار وتصرفات الكبرياء والتعاظم والمجد الباطل، والإنسان المتواضع تخافه الشياطين، لأنها ترى فيه صورة الله المتواضع الذي هزمها وحطمها، حينما أخلى ذاته (فى 2: 6) أما الإنسان المتكبر فهو فاقد الصورة الإلهية.
الإنسان الروحي على صورة الله في صفات كثيرة.
فمن صفات الله المحبة. والذي يكون على صورة الله، ينبغى أن يكون محبا مثله و"من يثبت في المحبة، يثبت في الله، والله فيه" (1يو 4: 16). إنه وديع ومتواضع. وهو يطلب منا أن نتعلم ذلك منه (متى 11: 29). وبالمثل في باقي الفضائل.. الله هو نور العالم (يو 8: 12). بل هو النور الحقيقي. (يو 1: 9). وقد دعانا أيضًا أن نكون نورا للعالم" (متى 5: 14)، على اعتبار أننا صورته ومثاله.
وقال الرب "أنا هو الراعى الصالح" (يو10:11). وفي نفس الوقت دعا البعض أن يكونوا رعاة (أف 4: 11). ومع أنه هو المعلم، وكان يدعى هكذا، إلا أنه أيضًا دعا البعض أن يكونوا معلمين (أف 4:11) (مت 28: 19، 20).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وقال البعض أن الله خلق الإنسان على صورته في تجسده: كان يعرف طبعا الصورة التي سيتخذها حينما سينزل لخلاصنا، فخلقنا بهذه الصورة بهذه الصورة التي تجسد بها. وخلقنا على شبهه ومثاله..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الله يريدنا أن نكون مثله، صورته، حتى في العمل. نسير في طريقه، تكون لنا نفس مشيئته وارادته، "كما في السماء كذلك على الأرض" (لو 11:2)0 نتكلم كما لو كان الله هو المتكلم على افواهنا. ننطق بكلامة هو "لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم هو الذي يتكلم فيكم" (مت 10: 20). وفي تصرفاتنا "كما سلك ذاك، نسلك نحن أيضا" (1يو 2: 6). ونعمل عمله. وفي كل ما نعمله، نسأل أنفسنا أولا: لو كان السيد المسيح في مكاننا، لكان يعمل هذا.. وفي كل حياتنا، كل من يرانا يقول: حقا هؤلاء أولاد الله، هم يشبهون أباهم، كأبناء حقيقيين له..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إن رسالة أولاد الله هي أن يحملوا صورة الله في أشخاصهم إلى العالم. كل من يراهم يعرف الله ويحبه، لأنه أحب صورته.
كل من يراهم في محبتهم وهدوئهم وشخصياتهم المتكاملة وأمثلتهم الحية، يمجد أباهم الذي في السموات. السيد المسيح صعد إلى السماء.. ولكنه ترك صورته في تلاميذه، يحملها جيل إلى جيل، مع تعاليمه.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ولعل البعض يسأل: كيف يكون الإنسان على صورة الله، بينما الله وحده غير محدود؟! فهل الإنسان على صورته في هذا أيضًا؟!
والاجابة هي أن الإنسان محدود بلا شك. ولا يمكن أن يكون مثل الله غير محدود. ومع ذلك فإن الله الذي خلقه على صورته، وضع في داخله الاشتياق إلى كل ما هو غير محدود. ومن هنا كان الطموح عند الإنسان، والنمو أيضًا وعدم الاكتفاء. فهو باستمرار ينسى ما هو وراء ويمتد إلى ما هو قدام، يسعى نحو الغرض، يسعى لعله يدرك (فى 3: 12 – 14)..
وطبعا الإنسان الذي على صورة الله، يكون له الطموح الروحي والنمو الروحي، وليس الطموح في الماديات والعالميات.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
والسؤال الثانى: كيف يكون الإنسان على صورة الله والله خالق؟!
طبعا الله هو الوحيد الخالق. ولكن أيضًا وهب الإنسان موهبة الابداع والفكر الخلاق، الذي يقدم باستمرار شيئا جديدا لم يكن موجودا من قبل.. ولكن الفرق هو أن الله يخلق من العدم. أما ألإنسان فيستخدم ما خلقه الله ليكون منه شيئا جديدا.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
أستطيع أيضًا أن أقول أننا صورة الله في التثليث والتوحيد.
الإنسان ذات لها عقل وروح، والذات والعقل والروح كيان واحد. وهو في ذلك صورة الله، الذي هو ذات وعقل وروح، هؤلاء الثلاثة هم واحد، كائن واحد.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
أخيرا أقول أننا مادمنا صورة الله، ينبغى أن نحتفظ بهذه الصورة، ونجاهد ألا نكون صورة للعالم.
إننى أعجب من الذين يريدون أن يقلدوا أهل العالم في كل شيء، حتى يقال عنهم إنهم عصريون، وليسوا متخلفين. وينبغى أن نكون حكماء هذا الأمر، لأن القديس بولس الرسول يقول:
"لا تشاكوا أهل هذا الدهر.." (رو 12:2)
أى لا تصيروا شكله، لأن شكلكم أسمى من العالم بكثيرة، أنتم بكثير، أنتم صورة الله. وفي هذا يقول القديس يوحنا الرسول "بهذا أولاد الله ظاهرون" (1يو 3: 10). إذن لا يليق بالإنسان الروحي أن يقلد أهل العالم، بل يكون قدوة لهم، نورا للعالم يرون فيه صورة الله ويحبون صورته
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي يقارن نفسه بالصورة الإلهية، يسأل ذاته باستمرار: أين أنا الآن؟ وإلى أين وصلت. وفي الأبدية السعيدة توجد صورة واحدة، وهى الله ومن هم على صورته. أما الذين ليسوا على صورته، فيطرحون في الظلمة الخارجية.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إنكم يا اخوتى، لم تخلقوا لتكونوا مجرد تراب ورماد. فقد خلقكم الله ليعطيكم مجده ليكون جمالكم كاملا ببهائه الذي جعله عليكم" (خر 16: 14)
و القديس بولس الرسول، إذ أراد أن يوضح هذه الصورة، قال في عبارة تحتاج هي الأخرى إلى توضيح "لأن جميعكم الذين اعتمدتم للمسيح، قد لبستم المسيح" (غل 3: 27). فما معنى عبارة "لبستم المسيح"؟
اترانى أقف أمامها مفسرا، أم اقف في دهش وذهول؟ أمام صورة الله..
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:06 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

الإنسان الروحي يجعل الله الأول في كل اهتماماته

الشواهد: (أش 44: 6، رؤ 1: 8، 17، رؤ 21: 6، رؤ 22: 13)
إن الله هو الأول دائما. وهو أيضًا قال عن نفسه "أنا هو الأول والآخر" (أش 22: 13).
وكما كان الله الأول، اهتم بأوائل الأشياء، وطلبها وبذلك وضع لنا وصية البكور، في تقديمها ومباركتها..
فقال "قدس لي كل بكر، كل فاتح رحم، إنه لى" (خر 13: 2). وطلب البكور أيضًا في البهائم والأغنام (خر 13: 12، 15). وأيضًا أبكار الغلات، والثمار (خر 33: 16). وكان يقدم لله أول حزمة من الحصيد (لا 23: 10). وكانت قطاف باكورة الثمار، أول سنة تعطى للرب بل حتى باكورات الجز أيضًا (حز 20: 40) حينما يجزون صوف الغنم وكذلك أوائل كل الباكورات.
ولم يطلب الله الأبكار فقط، وإنما باركهم أيضًا..
كل شيء له هو مبارك، بل هو مقدس. لذلك قال "قدس لي كل بكر". وكان الله يبارك البكر، له البركة، وله البكورية، وله نصيب أتنين من اخوته. وله رئاسة العائلة بعد أبيه، وله الكهنوت أيضًا "قبل نظام الكهنوت الهارونى".
كان شعور كل إنسان يقدم البكور، أن الله في الأول..
خيرات أرضه، ونتاج غنمة وبهائمة، بل أول ثمر البطن، كله لله، وليس له وكان يفرح بأن يكون الله أول من يأخذ.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وهكذا إذا نظرنا إلى أول وصية، نجدها للرب..
بل ليست الوصية الأولى فقط، بل الوصايا الأربع الأول، كل وصايا اللوح الأول، كانت خاصة بالرب. أما وصايا اللوح الثانى فهى خاصة بالعلاقات البشرية، لأن الله أولا.
كذلك المحبة موجهة لله أولا ثم للناس فيما بعد..
الوصية الأولى والأهم هي هذه "تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك، ومن كل قدرتك. هذه هي الوصية الأولى" (مر 12: 28 – 30) والثانية هي "تحب قريبك كنفسك "فالله أولا..
ولأن المحبة هي لله أولا، لذلك قال الرب "من أحب ابا أو أما أكثر منى، فلا يستحقنى. ومن أحب إبنا أو ابنه أكثر منى، فلا يستحقنى" (مت 10: 37).
حتى النفس لا تكون أولا، بل الله..
وهكذا قال أنه من أجل ينبغى أن تنكر ذاتك وتتبعه. بل قال أكثر من هذا "من وجد حياته يضيعها ومن أضاع حياته من أجلى يجدها" (متى 10: 39)
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي يجعل الله باستمرار هو الأول في حياته وفي إهتماماته:
ولا يسمح لأية اهتمامات أن تعوقه عن محبة الله، أو أن تحظى بالأولوية في حياته.
قال السيد المسيح لمرثا "أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة، ولكن الحاجة إلى واحد" (1كو 10: 41). أما مريم فقد اختارت النصيب الصالح، اهتمت به.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وأنت يا أخى بماذا تهتم؟ ما هي الأولويات في حياتك؟ حسب أولوياتك، يكون حماسك ويكون عملك، وتكون ارادتك.
إن الناس يختلفون في اهتمامهم، كما اختلفت مريم ومرثا. كان اهتمام مريم بمجبته، والجلوس عند قدمية والاستماع اليه.
وصارت احداهما للخدمة، والأخرى مثالا للتأمل.
وقليلون مثل القديس بولس الرسول من جمعوا بين الأمرين الرعاة اهتموا بالخدمة، والرهبان بحياة التأمل وحسب اهتمام كل واحد، هكذا انت حياته..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
فهل الله هو الأول في حياتك ؟
ولكى نفهم هذا السؤال نضع أمامنا قصة أبينا ابراهيم، الذي منحه الله إبنا في شيخوخته. فلما فرح به قال له "خذ ابنك، وحيدك، الذي تحبه، إسحق، وقدمه لي محرقة.."
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
فماذا فعل أبونا إبراهيم؟ لم يفكر اطلاقا، بل جعل الله اولا، ومشاعره هو كأب لإسحق أخيرًا، وكذلك مشاعر سارة أو الصبى. الله هو الأول، نحبه ونطيعه. ثم اسحق يأتى في محبته بعد ذلك، لا يتقدم الله إطلاقا. الله يرديه محرقة، فليكن أمر الله نافذا.. وننفذه بسرعة ورضى.
قصة أخرى هي قصة حنّة أم صموئيل، التي رزقت به بعد عمقها سنوات، وبعد صلوات وبكاء. ولكنها جعلت الله اولا. وقدمت هذا الطفل صموئيل لخدمة الرب في الهيكل.
إنه درس لكل أم. تبخل على الله بتقديم ابنها لخدمته.
سواء طلبه الله للرهبنة أو طلبه للكهنوت.. الله أولا، ومشاعر الأمومة ثانيا أو ثالثا بل الواجب أن تقدم هذا الابن بفرح. وهذا أيضًا درس لكل زوجة، يطلب زوجها للكهنوت.
لا يصح أن يقول: ستشغله الخدمة عنى وعن البيت!! بل يجب أن تقدمة للرب، وتقول: الله أولًا.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي يجعل الله أولا في الطاعة..
ويقول مع الرسول "ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع 5: 29). وصايا الله أولا، وبعد ذلك كل ما يطلبه الناس، وبعدئذ كل رغباتنا وطلباتنا الخاصة وكل طاعة للناس يجعلها الإنسان الروحي في نطاق طاعته لله. أما إن تعارضت معها فينبغي أن يطاع الله أولا.
وإذ يجعل الله أولا، يضع ذاته أخيرا، ولا ينظر إلى ذاته مطلقا..
انظروا إلى قصة يوحنا المعمدان، الذي لما ظهر المسيح، تخلى يوحنا عن كل خدمته، وعن كرازته، وعن تلاميذه أيضًا، وسلم العروس للعريس، ووقف من بعيد يفرح كصديق للعريس، قائلا: ينبغى أن هذا يزيد وأنا أنقص" (يو 3: 30)
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إن السيد المسيح كان كل اهتمامه بالآخرين وبملكوت الله:
كان "يجول يصنع خيرًا" (أع 10: 38) "يكرز ببشارة الملكوت، ويشفى كل مرض وضعف في الشعب (مت 4: 23). يتحنن على الكل، ويشبع كل حى من رضاه.. يبشر المساكين، يعصب منكسري القلوب، ينادى للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق" (اش 61: 1).
وفى نفس الوقت لم يعتم بذاته، ولم يكن له أين يسند رأسه (لو 9: 58)
لم يهتم المسيح بكرامته لما أغلقت أحدى قرى السامرة أبوابها في وجهة، ووبخ تلميذيه اللذين طلبا أن تنزل نار من السماء لتهلكها. وقال لهما "لستما تعلمان من أي روح أنتما. لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس، بل ليخلص" (لو 9: 51: 56).
وحتى على الصليب كان كل اهتمامه بخلاص البشر وبالمغفرة حتى لصالبيه، وبالفردوس حتى للص. كما اهتم بأمه القديسة العذراء وبتلميذه القديس يوحنا. وأنت ما هو اهتمامك الأول؟ أهو ذاتك؟!
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي يخرج من دائرة الذات، لكي يهتم بالآخرين، ويهتم بهم بأسلوب روحي..
اهتماما من عمق القلب، تصل فيه خدمته إلى مستويات عالية من العطاء والبذل، إلى حد بذل النفس أيضًا، وبذل راحته من أجل راحة غيره.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
أحيانا يكون كل اهتمام الإنسان أن يصل إلى غرض ما.
وربما لا يكون غرضا روحيا، وإنما هو لإثبات الذات ووجودها، أو "لارتفاعها" بطريقة ما..
وفى سبيل هذا الوصول، لا يهتم بالوسيلة ماذا تكون: روحية أو غير روحية.. لا يهمه أن تكون حيلا بشرية أو عالمية، أو طرقا خاطئة.. تركيز الاهتمام كله في الوصول إلى الغرض، حتى لو ضيع هذا الإنسان نفسه.. مثلما فعل آخاب الملك في الحصول على حقل نابوت اليزرعيلي، وما فعلته الملكة ايزابل في سبيل أن يصل زوجها إلى عرضه، ولو بالجريمة، والاتهام الباطل لنابوت، شهود الزور.. حتى نال كلاهما عقوبة من الله تناسب ذنوبهما (1مل 21).
وبالمثل ما فعلته رفقة لكي ينال ابنها بركة أبيه. ومع أن الغرض هنا كان روحيا، إلا أن التركيز عليه افقدهما الوسيلة الصالحة. فاستخدما أسلوب الخداع" (تك 27).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وبالمثل قد يهتم خادم آخر أن يملأ عقول سامعيه بالمعلومات، دون أن يضع اهتمامه في حياتهم الروحية كيف ينمون.. كل اهتمامه في المعلومات لا في الروحيات!
أو أب كل اهتمامه أن يلقن أولاده كلاما من الكتاب يحفظونه. ولا يهتم بالتداريب الروحية التي تعمق صلتهم بالله. والكتاب يقول "افعلوا هذه ولا تتركوا تلك" (إنجيل متى 23: 23؛ إنجيل لوقا 11: 42).
إنسان آخر في الخدمة، يهتم كيف تمتلئ الكنيسة بالناس هذا هو كل هدفه، ولا بهتم بأن يصل هؤلاء الناس إلى الله. وربما يلجأ إلى وسائل عالمية!!
مثلما تلجأ بعض الطوائف إلى منح المعونات المالية والاجتماعية لجذب بعض المحتاجين إليهم، ويخرجونهم بذلك من كنائسهم!! الاهتمام كله ليس في الملكوت إنما في أن يزيد عددهم ولو على حساب كنائس أخرى.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ولعلنا بعد كل هذا، نسأل بأى شيء يجب أن تهتم؟ إن ربنا يسوع المسيح يقول في العظة على الجبل: "اطلبوا أولا ملكوت الله وبره" (مت 6: 33).
هناك مشكلة نجدها في انفاقات ومشروعات بعض الكنائس..
غالبية المال قد تنفقه على البناء والتعمير، أو على تجميل الكنيسة وتزيينها بالديكور وبالأيقونات وبالنجف الغالى،ولا يعطى مجلس الكنيسة ولا كهنتها نفس الاهتمام لخدمة الفقراء والحالات المحتاجه من أجل الأحياء المجاورة المحتاجة إلى رعاية روحية، ولا حتى الاهتمام بالخدمة الروحية في نفس الكنيسة.. للأسف كل الإهتمام مركز في البناء والديكور..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
نفس الوضع في عناية الأسرة بالطفل..
يقول الأب والأم ان إهتمامها الأول هو تربية أطفالهما ورعاية متقبلهم. وحسنا يقولون. ولكن أي أنوع من التربية يهتمون به؟ إنهم يهتمون بصحة أولادهم، وأكلهم وشربهم ولبسهم، وأيضًا تعليمهم واعدادهم لوظيفة لأئقة. ثم بعد ذلك بتزويجهم.. ويقول الأب بعد ذلك، ويقول الأم كذلك: "أشكرك يا رب، إنى أديت رسالتى نحو أبنائى. الآن ضميرى استراح من جهتهم".
ومع ذلك لا يضعون اهتمامهم الأول بتربيتهم الروحية وبمصيرهم الأبدى..!!
لا يعطونها الغذاء الروحي اليومى، مثلما يعطونها غذاءهم الجسدى. وإن سألتهم عن واجبهم في ذلك، ربما يجيبون "إننا أرسلناهم إلى مدارس الأحد".. دون متابعة لما أخذوه أو حفظوه من دروس، ودون اضافة شيء خلال الأسبوع. كأب الأب غير مسئول عن معلومات ابنه الدينية، وعن تربيته روحيا!! وكأن الأم غير مسئولة، وهى التي استلمت ابنها من المعمودية كاشبينة له تتعهده بالعناية الروحية، وبالتعليم الدينى، وبالتدريب على الفضائل..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وفى الخدمة الاجتماعية، قد نجد نفس الظاهرة.
اهتمامنا الأول أو الوحيد هو في العناية بالفقراء ماديا، سواء في المساعدات المادية، أو مشاكل التعطل أو المرض أو الإسكان.. وما إلى ذلك. ويندر أن يعطى اهتمام حقيقى بروحيات هؤلاء المحتاجين.. وإن عقد لهم اجتماع روحي، قد يكون شكليا.. لا اهتمام فيه يربط هؤلاء الناس بالله، وبالاطمئنان على حياتهم الروحية، وعلى تناولهم واعترافاتهم وتوبتهم..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
نفس الوضع نقوله بالنسبة إلى الصلاة في مجال الخدمة، وفي حياة كثير من الخدام.. إنهم يهتمون بتحضير الدرس، أكثر من اهتمامهم بتحضير أنفسهم روحيا.. يهتمون بمواعيد الخدمة، واجتماعاتها، والصور والهدايا، والمكتبة والنادي، وبالافتقاد وبالأنشطة.. ونادرا ما يهتمون على نفس القياس بصلواتهم! فلا نجد اجتماعات الصلاة، مثل اجتماعات الشبان والشابات
النشاط يأخذ الاهتمام الأول، وليس الصلاة.
ولو دخلنا في التفاصيل، لوجدنا أيضًا العمل الروحي لا يأخذ الاهتمام الأول.. فالنادي مثلا: قد نهتم بمكانه وترتيبه، وما توجد فيه من ألعاب ومن أنشطة رياضية وتسليات. وقد نهتم بتنظيم الكارنيهات والمواعيد، والمسابقات، وفرق التمثيل والكورال.. وفي كل ذلك قد لا يوجد الإشراف الروحي الكامل. ونجد النوادي في ضوضائها وفي اخطائها، ولا تعطى الصورة الروحية المرجوة، وربما لا تختلف عن النوادي العادية لعدم وجود المشرف الروحي..
لماذا؟ الجواب الصريح.. لأننا لم نضع الله في قمة اهتمامنا.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وأنت مثلا حينما تستيقظ كل يوم، بماذا يكون اهتمامك؟ هل تهتم بحياتك اليومية، تغسل وجهك، تفطر، تعد ملابسك، تستعد للذهاب إلى عملك؟ أم اهتمامك الأول كيف نبدأ اليوم مع الرب، بالصلاة والقراءة التأمل.. ؟ حسب اهتمامك سيكون تصرفك..
البعض يعتذر أحيانًا ويقول: لم يكن لدى وقت للصلاة..! وأنا دائما أرفض هذا العذر، ولا اعتبره السبب الحقيقي، وأقول:
لو وضعت الصلاة والتأمل في قمة اهتماماتك، لأمكنك أن تجد لهما وقتا.. لذلك اجعل الله له الأولوية. في كل شيء..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
في الراحة مثلا: لا تفضل راحتك الجسدية، على عملك الروحي مع الله، سواء في الصلاة أو الخدمة. لا تستسلم للنوم أو للاسترخاء، وإنما ينبغي أن تضحى براحتك من أجل الرب.
كذلك في الصوم، لا تقل "صحتى" لا تقل: احتياجى إلى البروتينات، والأحماض الأمينية الرئيسية، إنما قل: الله اولا. هكذا ليكن الله اولا، في موضوع العطاء والعشور..
لا تهتم بكل انفاقاتك الأخرى، وتضع الله في آخر القائمة، إن بقى له شيء، كان بها. وإن لم يبق شيء، تعتذر للرب، أو نؤجل حقوقه. ذلك لأن اله ليس هو الأول
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
كذلك، ليكن الله في أول كل عمل، وكل يوم.
أول شخص تكلمه في كل يوم، هو الله. وكل عمل تعمله، تضع فيه الله أولا تصلى في دخولك، وفي خروجك، وفي أكلك وشربك، وفي عملك، تكلم الله أولا.. إن وضعت الله في الأول، لن تخطئ إليه:
ذلك لأنك تضعه فوق رغباتك العالمية، وفوق كل لذة أرضية. ويكون الله أمامك باستمرار، والعالم خلفك..
الإنسان يخطئ لأنه لم يضع الله أمامه، ولم يسبق فيتذكره قبل كل سقوط. ولم يحسب حسابا لمشاعره.
اجعل الله الأول، من جهة الوقت، ومن جهة الأهمية، ومن جهة الرغبات. ومن جهة الحب والاشتياق، ومن جهة الطاعة أيضًا.. ليكن الأول في كل شيء.
وحينما يقول الرب "يا ابنى اعطنى قلبك" إنما يقصد أن تكون له هذه الأولوية "ماذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه"، وخسارة نفسه ما هي إلا حرماتها من الله..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إن الإنسان الروحي ليس فقط يجعل الله أولا وقبل كل شيء. بل تكون علاقته بالله هي كل شيء في حياته..
ويقول مع الرسول "لى الحياة هي المسيح" (فى 1: 21). ويقول أيضًا "لأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فى" (غل 2: 20).
وأخيرا لست أريد أن ثقل عليك بنصائح كثيرة. إنما أقول لك نصيحة واحدة إن نفذتها تكون قد نفذت جميع الوصايا، وهى:
اجعل الله في بدء اهتماماتك، ولا تعش مستقلًا عنه أو غريبًا عنه، ابدأ به يومك، ابدأ به كل عمل.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:07 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

العمق في الصلاة


لقد تأثرت جدا من المزمور الذي تضرع فيه داود النبى (مز 130) والذي نبدأ به صلاة النوم، ونقول في أوله:
من الأعماق صرخت إليك يا رب. يا رب استمع صوتى.
من الأعماق صرخت: من عمق القلب والعاطفة. من عمق الاستغاثة، مثلما نقول في المزمور الكبير "من عمق قلبى طلبتك" (مز 119). من عمق الإيمان والثقة بأنك ستستجيب. نعم من الأعماق صرخت: من عمق تعبى واحتياجى، من عمق صعفى وعجزى وعدم قدرتى.. من عمق الهاوية التي أنا فيها..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إنها صلاة عميقة، كصلاة يونان وهو في بطن الحوت.
نعم، من الأعماق صرخت إليك، لأنه لا يوجد غيرك مخلص ومنقذ.. تماما كصلاة الشعب مثلا، قبل نقل الجبل المقطم.. صلاة يتوقف عليها مستقبل الكنيسة كلها..

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
أو لعلها كصلاة في قلب دانيال، وهم يلقونه في جب الأسود.. أو صلاة في قلب الثلاثة فتية، وهم يلقونهم في أتون النار.. من عمق القلب. من عمق الاحتياج.. مثل صوت غريق، وهو ينادى قارب النجاة.. ليسرع في الوصول قبل أن يغرق..
كصلاة إيليا، وهو يطلب نزول الماء على محرقته (1مل 18).. أو صلاة الشعب وهو يطوف حول أسوار أريحا (يش 6).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ليس المهم طول الصلاة، أو انتقاء ألفاظها، إنما عمق المشاعر فيها..
صلاة الفريسي كانت أطول من صلاة العشار. ولكن العشار "نزل إلى بيته مبررا دون ذاك" (لو 18: 14)،لماذا؟ لأنها كانت صلاة من العمق: من عمق الاتضاع والانسحاق، والشعور بالندم والخزى.. وقف من بعيد، ولم يجرؤ أن يرفع نظره إلى فوق.. وكانت ألفاظه القليلة كافيه. لأن الرب نظر إلى أعماقه..
ومثل صلاة العشار، كانت صلاة اللص اليمين.
صلاة قصيرة، ولكنها عميقة. صلاة إنسان في ساعاته الأخيرة، وهو على حافة الموت. ومن أعماقه يتطلع إلى أبديته كيف يكون، فيطلب من الرب أن يذكره. يقول ذلك وهو في عمق الانسحاق، وقد قال لزميله من قبل "أما نحن فبعدل لأننا ننال استحاق ما فعلنا" (لو 23: 41).. حقا إنها صلاة مصيرية، لذلك قيلت بعمق.. واستجيبت.
جملة واحدة يقولها إنسان بعمق "يا رب ارحم" مثلًا. فيتقدم واحد من الأربعة والعشرين قسيسا، فيأخذ هذه الصلاة في مجمرته الذهبية، ويصعد بها إلى عرش الله كرائحة بخور مع صلوات القديسين (رؤ 5: 8). وإنسان آخر يقول هذه الصلاة عشرات المرات، ولا تصل واحدة منها، كأنه لم يكن يصلى!!
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
كيف نميز إذن الصلاة التي بعمق؟
إنها صلاة فيها شعور صلة بالله. صلاة بعاطفة، بفهم، بتأمل، بتركيز.. بحرارة، بشعور، بحب.. صلاة باتضاع بانسحاق.. بإيمان، بثقة، برجاء. صلاة بروح وليست مجرد ألفاظ.. ليس المهم فيها مقياس الطول، بل مقياس العمق. لأن الكتبة والفريسيين أمثالهم، كانوا لعلة يطيلون صلواتهم!! (مت 23: 14).
إن بولس كان يحب أن يقول خمس كلمات بفهم، أكثر من عشرة آلاف كلمة بلا معنى (1كو 14).. هكذا ينبغي أن نكون في صلواتنا، ونحرص أن تخرج من أعماقنا.. وإن اجتمع الطول مع العمق، يكون أفضل جدًا.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:08 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

أهمية العمق
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

ما أجمل قول المرتل في المزمور: "كل مجد ابنة الملك من داخل" (مز 45).
على الرغم من أنها "مشتملة بأطراف موشاة بالذهب، ومزينة بأعمال كثيرة" ولكن كل مجدها في عمقها.. في داخلها، في قلبها.
صدقوني، إن عملًا واحدًا يعمله الإنسان بعمق، ربما توزن به حياته كلها ويبقى هذا العمل، يسجل في التاريخ، من أجل عمقه
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:10 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

عمق العطاء

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
خذوا العمق الذي أخذ به ابراهيم، ليقدمه محرقة:
كان في تقدمته في عمق المحبة الله.. كان يحب الله بكثير من ابنه، وحيدته، الذي تحبه نفسه، ابن المواعيد، الذي ناله بعد صبر سنوات طويلة.. وفي تقدمته أيضًا كان في عمق الطاعة لله، وفي عمق التسليم.
للإرادة الإلهية. بل أيضًا كان في عمق الإيمان، لأنه كان يؤمن أنه على الرغم من تقدمته، لابد سيأتيه منه نسل مثل رمل البحر..
وفى تقدمة إسحق، كان ابراهيم في عمق العطاء.
لا يوجد عطاء أعمق من هذا، أن يقدم ابنه الوحيد، ابن المواعيد. وكمثال لعمق العطاء أيضًا الأرملة التي قدمت فلسين. لذلك مدحها الرب، وقال إنها أعطت أكثر من الجميع، ليس لمقدار عطائها، إنما لعمقه، لأنها أعطت من أعوازها (مر 12: 41 – 44).
لعله من أمثلة عمق العطاء أيضًا ما قدمته أرملة صرفة صيدا لإيليا النبى. كل ما قدمته هو "ملء كف دقيق، وقليل من الزيت في الكوز" (1مل 17: 12). ولكن عمق هذه التقدمة، كان في أنها كل ما كانت تملكه في وقت المجاعة،.. لتأكله هي وابنها، ثم تموت.. ولكنها فضل النبي وعلى ابنها..
وعمق العطاء نراه أيضًا في أمثلة أخرى:
مثل الذي يقدم عشور أمواله، وهو في منتهى العوز والحاجة، أو يقدم بكور مرتب كان ينتظره منذ زمن ليسدد ديونه.. أو خادم يقدم وقته للخدمة، في أهم أيام الامتحانات، وهو في حاجة الامتحانات، وهو في حاجة إلى كل دقيقة.. أو الذي يقدم أحد أعضاء جسده، لينقله إلى مريض محتاج إليه حبا في هذا المريض وإشفاقًا عليه، أو الذي يستدين ليعطى إنسانا معوزًا..
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:11 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

العمق في الكرازة

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إن المسيحية بدأ تاريخها بالعمق في العمل الكرازى، الذي تركز في اثنى عشر رسولا، بعضهم من جهال العالم والمزدرى وغير الموجود (1كو 1: 27، 28). ولكنهم بكل جدية وأمانة والتزام، دخلوا في الخدمة، بكل جهد، وتحملوا الجلد والسجن والاضطهاد، لكي يوصلوا كلمة الله إلى كل أحد. وهكذا الذين "ليس لهم صوت ولا إلى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم" (مز 19).
ويعبر بولس الرسول عن عمق هذا العمل الكرازي واحتماله فيقول:
"في كل شيء نظهر أنفسنا الله، في صبر كثير، في شدائد في ضرورات في ضيقات، ضربات في سجون في اضطهادات، في أتعاب، في أسهار في أصوام.. كمضلين.. كمجهولين.. كمائتين.. كحزانى" (2كو 6: 4-10).
وعمقهم ظهر في غيرتهم المقدسة التي لم تكن تهدأ.
يعملون من أجل الرب في كل وقت، مناسب وغير مناسب (2تى 4: 2)، . حتى أثناء محاكمتهم أيضًا، مثلما وقف بولس أمام فيلكس الوالى (أع 24) وأمام أغريباس الملك (أع 25) وكانوا يتكلمون بكلمة الله بكل مجاهرة (أع 28: 31).
يذكرنا هذا بالمبشرين الذين نقلوا الإيمان إلى بلاد شعبها من أكلة لحوم البشر..
هنا يبدو العمق في محبة الله وملكوته، والعمق في خدمة الكلمة.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:12 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

العمق في الخدمة

بعض الخدام يقيسون خدمتهم بمقاييس خاطئة، لها المظهر الشكلي من الخارج وليس لها العمق. مثل من يقيس خدمته بكثرة عدد تلاميذه، أو بكمية الدروس ونوعيتها، ووما يتلقاه التلاميذ من المعرفة الدينية. أو خادم يقيم خدمته بارتقائه من خادم ابتدائي إلى خدمة ثانوى أو اعداد خدام، أو بمظهريات أخرى من تنظيمات في الخدمة، كراسات تحضير الدروس أو كراسات الافتقاد. وينسى الخادم في كل ذلك ما يتعلق بعمق الخدمة، وعملها في قيادة التلاميذ إلى التوبة، وإلى محبة الله.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
وقد يوجد خادم بلا فصل، وخدمته أكثر عمقا.
كخادم يشتغل في العمل الفردي. وكل من يلتقي به يجذبه إلى محبة الله، ويلهب قلبه بكلمات النعمة التي تخرج من فمه. وفي كل يوم يضم إلى الكنيسة أعضاء جدد ما كانوا يدخلون الكنيسة من قبل..
أو أنه يخدم في حل المشاكل العائلية، بكل تعب وعمق ومثابرة. وقد يقضى أيام طويلة ويسهر ويقنع، لكي يدخل سلام الله إلى البيت. ولا أحد من كبار الخدام في الكنيسة يعرف عن خدمته شيئًا.
وأعرف خادم كان يعمل معنا منذ أكثر من أربعين عاما، كنا نسمى فصله (فصل الشواذ)، لأنه كان يجذب الأولاد المتسكعين في الشوارع، أو في المقاهي وأمام دور اللهو ويحولهم ليس فقط إلى تلاميذ ثابتين في الكنيسة، بل أن بعضهم صاروا خداما..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ومن أمثلة الخدمة العميقة، قصة فيلبس مع الخصي الحبشي..

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
فيلبس، وهو سائر في الطريق، يرى مركبة الخصي وهو يقرأ سفر اشعياء، فيبدأ أن يشرح له في عمق، حتى يجذبه إلى الإيمان، إذ يعلن الخصي إيمانه من كل قلبه، ينزل الإثنان فيعمده.. هل أخذت هذه الخدمة ساعة أو أكثر أو أقل. لكنها كانت عميقة ومثمرة..
مثالها أيضًا خدمة المعمدان واسطفانوس الشماس.
في عمق شديد خدم المعمدان حوالى ستة أشهر أو أكثر بقليل.
وفى خلال تلك المدة القصيرة، مهد الطريق أمام الرب، بشعب مستعد، قادة المعمدان إلى التوبة ومعمودية التوبة.. حتى أن الرب قال: لم تلد النساء من هو أعظم من يوحنا المعمدان، وقال إنه أعظم من نبى (مت 11: 11، 9).
كذلك اسطفانوس الشماس، كانت خدمته قصيرة، ولكن عميقة جدًا. سيرته بدأت في (أع 6) واستشهاده في (أع 7)،واستطاع في تلك الفترة القصيرة أن يجعل جماهير كثيرة تنضم إلى الإيمان، وأفحم كثيرا من المجامع. ولم يستطيعوا أن يقاوموا القوة، ولا الروح الذي كان يتكلم به (أع 6: 10).
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
إن الكلمة العميقة تستطيع أن تأتى بثمر كثير.
عظة واحدة بعمق عمل الروح القدس فيها استطاعت أن تضم إلى الإيمان ثلاثة آلاف تعمدوا معا في يوم الخمسين..
إنسان يكلمك كلمة فتلمس قلبك، ولا تفارق ذهنك مطلقا، تتمشى معك في الطريق، وتصاحبك في نومك وفي صحوك. وتعمل فيك عملا كثيرا. إنها كلمة خرجت من العمق، ووصلت إلى العمق. وكان لها تأثيرها وفاعليتها وقوتها. وأصبحت تعمل عملا عميقا مثلها..
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:13 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

العمق في العبادة

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
كثيرون يهمهم المقياس الطولى في الصوم مثلا، وفي الصلاة وعدد المزامير، وفي المطانيات، دون أن يهتموا بالعمق في العبادة. وقد يصوم الإنسان أربعين يوما أو خمسة وخمسين، وربما يشتد على نفسه من جهة الطعام. ولكن بغير عمق في العمل الروحي، في الانتصار على النفس، في ضبط الإرادة والحواس، الفكر أثناء الصوم. وكأن الصوم مظهر خارجى، وفي الداخل في الأعماق، لا شيء على الاطلاق. ويخرج من الصوم بنفس الطباع والأخطاء. أما الذي يصوم بعمق روحى، وتصوم نفسه مع جسده ويصحب صومة بانسحاق القلب والتوبة والخشوع والتدرايب الروحية، فهذا يأتى بثمر كثير.
كذلك المطانيات، في عمقها لا في عددها.
إنسان تلصق بالتراب نفسه، ليست مجرد رأسة تنحنى، دون أن تنحنى كبرياؤه من الداخل.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
ونفس الوضع في القراءة وعمقها وتأثيرها.
ليس المهم أن تقرأ عددًا كبيرا من الاصحاحات، وإنما ما تتركه هذه القراءة في نفسك من عمق وتأثير. إن آية واحدة سمعها الشاب أنطونيوس، وأخذها بعمق، أمكنها أن تغير حياته كلها، وتنشئ منهجا روحيا كبيرًا اتبعه الآلاف من الملائكة الأرضيين والبشر السمائيين،. وامتد تأثيرها إلى أجيال طويلة سارت على نفس النهج.. فهل أنت تقرأ بنفس العمق الذي استمع به القديس أنطونيوس إلى تلك الآية.
إن الكتبة والفريسيين كانوا يقرأون كثيرا، بل كانوا، بل كانوا من علماء عصرهم بالكتاب. ولكن لم يكن لهم عمق، لا في الفهم ولا في التطبيق. فلم يستفيدوا شيئا، بل أعثروا غيرهم.
أنظر إلى داود النبى في عمق قراءاته.
إنه يقول للرب "الكل كمال رايت منتهى، أما وصاياك فواسعة جدًا (مز 119). ويقول "اكشف عن عينى، لأرى عجائب من شريعتك. وعمقه في القراءة، كان يجلب له الفرح واللذة، كمن وجد غنائم كثيرة. ويكون كلام الله أحلى من العسل والشهد في فمه (مز 119).
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 01 - 2014, 05:14 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث

عمق التوبة

كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
كثيرون تابوا، ورجعوا كما كانوا، لأن توبتهم لم تكن بعمق.
أما الذين تابوا بعمق، فلم يعودوا إلى الخطية مرة أخرى.
كانت التوبة نقطة تحول مصيرية في حياتهم، تدرجوا منها إلى النمو في حياة البر، حتى وصلوا إلى درجات عالية من الكمال المسيحى، مثل داود النبى في انسحاقه ودموعه.. واوغسطينوس الذي ترهب وصار أسقفا، ودافع عن الإيمان المسيحى، وله تأملات روحية عميقة جدا.. وموسى الأسود الذي نما في الحب والوداعة وخدمة الناس، وصار من آباء البرية.. ومريم القبطية التي سمت في حياة الوحدة، حتى صارت في مرتبة السواح، وباركت القديس زوسيما القس.
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الذين لهم خطايا يكررونها في كل اعتراف، لم يتوبوا بعد..
والذين لا تصحب توبتهم مشاعر الانسحاق والندم، والشعور بعدم الاستحقاق هؤلاء ليس لهم عمق في التوبة، وما أسهل رجوعهم إلى الخطية، . ومثلهم أولئك الذين في توبتهم يسرعون إلى حياة الفرح، دون أن تنضج توبتهم وتثمر.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب معالم الطريق الروحى لقداسه البابا شنوده الثالث مسموع
من كتاب من هو الإنسان؟ البابا شنوده الثالث القلب
كتاب السهر الروحي - البابا شنوده الثالث
كتاب التلمذة - البابا شنوده الثالث
كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث


الساعة الآن 07:07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024