منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 01 - 2014, 03:45 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
مقدمة الكتاب

من هو الإنسان؟
سأل داود النبي هذا السؤال في المزمور الثامن. فقال للرب "من هو الإنسان حتى تذكره" على أعمال يديك أقمته.. أخضعت كل شيء تحت قدميه.." (مز 8: 4،6). وتحدث عن مصير هذا الإنسان على الأرض، فقال في مزمور آخر "أنما نفخة كل إنسان قد جعل. إنما كخيال يتمشى الإنسان" (مز 39: 5،6).
وأجاب القديس يعقوب الرسول "ما هي حياتكم؟" فقال "أنها بخار يظهر قليلا ثم يضمحل" (يع4: 14).
ونعود فنسأل "من هو الإنسان؟".
فنجيب إنه جسد ونفس وروح (1تس5: 23).
إنه نفس تشتهي. وهو روح تتصل بالله: تصلى وتتأمل وتتعبد، وتشتهى ضد الجسد، حتى يقاوم أحدهما الآخر" (غل5: 17).
والإنسان هو مجموعة من الغرائز والطاقات، يسيطر عليها أحيانا ويوجهها. وفى أحيان أخرى تتسلط هذه الغرائز عليه وتوجه طاقاته.

كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
الإنسان هو ضمير يشرع، ويرقب ويقضى ويدين..
الإنسان هو ذلك العقل الجبار، الذي صنع مركبات صعد بها إلى القمر. ولا تزال مركباته تدور حول الأرض، ترى وتصور.
الإنسان هو قلب ينبض بمشاعر وأحاسيس: ترق أحيانا فتبكيه، وتقسو أحيانا فتحوله إلى وحش كاسر..
الإنسان هو فكر لا يصمت. وأفكاره على أنواع ومستويات.. قد تعلو حتى تصل إلى السماء وإلى الله، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.وقد تتدنى فلا تنشغل إلا بالجسد والمادة. وقد تتعقد حينما تبحث أمورا فوق مستواها.
الإنسان هو هذا كله معًا..
ولكن ليس بمقياس واحد. وكثيرا ما يطغى فيه أحد هذه العناصر أو بعضها، فتصبح هذه هي السمة التي تميزه عن غيره.. وقد تتصارع فيه هذه العناصر التي ذكرناها، ويستمر فيه الصراع، أو يهدأ ويستقر. وفى هذا يختلف إنسان عن آخر..
وقد قال البعض عن الإنسان، إنه عالم صغير Micro Kosmos.
فيه الجبل العالي، وفيه البحر العميق، وفيه الطين والمستنقع..
فيه الذهب والدر، وفيه الرمل والحصى.
فيه النور الساطع، وفيه الضباب الذي يحجب النور.
فيه أشياء عديدة تتألف حينًا، وتتناقض في حين آخر..
ولقد تحدثت عن الإنسان وتركيباته في عظات ألقيتها في الكاتدرائية الكبرى بالقاهرة.
ونشرت عن ذلك عشرين مقالًا في جريدة وطني.
ثم جمعت لك ذلك كله -أيها القارئ العزيز- ليكون بين يديك في هذا الكتاب.. محاولًا فيه أن أجيب عن هذا السؤال:
"من هو الإنسان؟".
بقى موضوع (الأرواح)..
الذي أود أنشر عنه كتابًا خاصًا، إن أحبت نعمة الرب وعشنا.
نوفمبر 1995
البابا شنوده الثالث
رد مع اقتباس
قديم 14 - 01 - 2014, 03:46 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث

مما يتكون الإنسان؟ جسد وروح ونفس

يتكون الإنسان من جسد ونفس وروح.
وهكذا علمنا الكتاب المقدس وصلوات الكنيسة.
1- يقول القديس بولس الرسول في (1 تس5: 23) "ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح".. وهو هنا قد ذكر الجسد والنفس والروح. إن الجسد معروف لا نقاش فيه..

كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
2- ولكن للمفارقة بين النفس والروح، نذكر الآتي:
* يتحدث القديس يهوذا غير الأسخريوطي في رسالته، فيقول عن الأشرار إنهم "نفسانيون لا روح لهم" (يه 19).. أي أنهم يسلكون حسب أهواء النفس، وليس حسب الروح..
* ويقول القديس بولس الرسول عن قوة كلمة الله فيصفها بأنها حية وفعالة، وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح.." (عب4: 12). وهكذا فرق بين النفس والروح..
3- ونحن نصلي في القداس الإلهي ونقول:
"طهر نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا". ونقول عن التناول من الأسرار المقدسة "طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا"..
4- كذلك الآباء الروحيون في نسكياتهم:
يفرقون في السلوك بين المستويات الجسدانية والنفسانية والروحانية.
5- ولعلنا في هذه المناسبة، نذكر في التفرق بين النفس والروح:
كان قدماء المصريين يعتقدون في الكا، وألبا.
وكلمة (كا) معناها الروح. وجمعها (كاو) أي أرواح،ومن أمثلتها أسم الملك صاحب الهرم الثالث: منقرع (من كاو رع) أي أرواح رع الخالدة.. ولعل كلمة (ألبا) عندهم تقابل النفس عندنا.
خلق الإنسان أولا من تراب. والتراب صار الجسد. نفخ الله فيه نسمة حياة. وهذه النسمة هي الروح البشرية، وليس الروح القدس كما يظن البعض. لأنه لو كان روح الله قد اتحد بهذا الجسد اتحاد أقنوميًا، ما كان ممكنًا للإنسان أن يخطئ.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 01 - 2014, 03:48 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث

النفس

نذكر أولا الفرق بين النفس والروح.
النفس هي التي تعطي الحياة للجسد.. والروح هي التي تعطي حياة للإنسان مع الله لذلك فللحيوانات أنفس،
وليست أرواح كالبشر.
أرواحنا خالدة، والحيوانات ليست لها أرواح خالدة.
وما دامت النفس تعطي الحياة للجسد، لذلك قيل في سفر اللاويين:
"نفس الجسد في دمه" (لا 17: 11،14).
ولهذا حرم الله أكل الدم. فقيل "لا تأكلوا دم جسد ما، لأن نفس كل جسد هي دمه. كل من أكله يُقطع"، "لا تأكل نفس منكم دمًا، ولا يأكل الغريب النازل في وسطكم دمًا" (لا 17: 14،12).
وهذا المنع عن الدم بدأ من أيام أبينا نوح.
فلما صرح الله للبشرية بأكل اللحم، منعها عن الدم فقال لهم "كل دابة حية تكون لكم طعاما. كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع. غير أن لحما بحياته لا تأكلوه" (تك 9: 3،4) واستمر هذا المنع في العهد الجديد. فحينما قرر الآباء الرسل قبول الأمم في الأيمان، أرسلوا إليهم "أن تمتنعوا عما ذبح للأصنام، وعن الدم والمخنوق والزنا" (أع 15: 29).
الدم فيه حياة الإنسان. إن سفك دمه، انتهت حياته، انتهت نفسه.
ولعل أحدا يقول إن موت الإنسان يعنى موت المخ، أي توقفه بكل مراكزه عن الحركة. وبالتالي موت القلب، أي توقفه عن النبض. وفى الواقع ليس هناك تناقض بين هذا وما قلناه. لأنه إن سفك دم الإنسان، لا يصل دم إلى المخ فيموت. وأيضا لا يجد القلب دمًا يضخه، فيتوقف عن النبض. وتتوقف الرئتان عن عملهما في التنفس. فيلفظ الإنسان نفسه الأخير. ولذلك قيل أيضا إن كلمة النفس أخذت من النفس (في التنفس).
ولأن نفس الإنسان في دمه، استخدم الدم في التكفير عن الخطايا، لأن نفسا تؤخذ عوضا عن نفس.
وهكذا يقول الرب "لأن نفس الجسد هي في الدم، فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم. لأن الدم يكفر عن النفس" (لا 17: 11). وهكذا كان يرش دم الذبيحة مستديرا حول المذبح أو على حوائطه (لا1: 5،11،15) (لا 3: 2،8)، (لا4: 29،30،34). وما كانوا يأكلون منه إطلاقًا..
كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
المعاني الثلاثة للنفس

1- قلنا أن المعنى الأول للنفس هو أنها مصدر الحياة الجسدية للإنسان. وأن نفس الإنسان في دمه، إذا سفك دمه مات..
2- النفس تعنى الإنسان كله:
* وهكذا في خلق الإنسان، قيل "إن الله نفخ في آدم نسمة حياة، فصار آدم نفسًا حية" (تك2: 7). إذن كلمة نفس تعنى الإنسان كله.

كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
* ومن جهة الذين خلصوا من الطوفان في الفلك، قال القديس بطرس الرسول عن الفلك "الذي فيه خلص ثماني أنفس بالماء" (1بط3: 20). ويقصد بثماني أنفس ثمانية أشخاص.
* وقيل في سفر التكوين عن النبي يعقوب الذين جاءوا إلى مصر "جميع النفوس ليعقوب التي أتت إلى مصر الخارجة من صلبه، ما عدا نساء بني يعقوب، جميع النفوس ست وستون نفسا" (تك 46: 26). ويقصد بذلك 66 شخصًا.
* يشبه هذه ما قاله ملك سادوم لأبينا إبراهيم بعد انتصاره في حرب كدر لعومر وباقي الملك، وبعد أن رد سبي سادوم. قال هذا الملك لأبينا إبراهيم "أعطني النفوس، وأما الأملاك فخذها لنفسك" (تك 14: 21). يقصد هنا أعطني الناس..
* وبنفس المعنى قال السيد الرب "تعلموا مني فإني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت11: 29) أي تجدوا راحة لأشخاصكم.
* وبنفس المعنى أيضًا قيل في آخر رسالة معلمنا يعقوب "من رد خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسا من الموت، ويستر كثرة من الخطايا" (يع5: 19). أي يخلص هذا الخاطئ كله..
* وفى عقوبة من يأكل شيئًا مختمرًا في أسبوع الفطير بعد الفصح، قيل "سبعة أيام لا يوجد خمير في بيوتكم. فإن كل من أكل مختمرًا تقطع تلك النفس من جماعة إسرائيل" (خر12: 19).. أي يقطع ذلك الشخص من جماعة المؤمنين.
* وفى نفس الكلام عن أن نفس الإنسان في دمه، قيل" لا تأكل نفس منكم دمًا" (لا17: 12). أي لا يأكل شخص منكم دمًا.
* وأيضا قال الرب في سفر حزقيال النبي "النفس التي تخطئ هي تموت" (حز18: 20).. أي الشخص الذي يخطئ هو يموت...
كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
النفس أحيانًا بمعنى الروح

* مثل قول الرب للغنى الغبي الذي قال "أهدم مخازني وأبني أعظم منها، وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي.." فقال له الله "يا غبي، في هذه الليلة تطلب نفسك منك. فهذه التي أعددتها لمن تكون؟!" (لو12: 18، 20). يقصد تؤخذ روحه منه، فيموت.
فالمعروف أن روح الإنسان هي التي تخرج بالموت. كما قال السيد على الصليب "يا أبتاه في يدك أستودع روحي" (لو23: 46)،وكما قال القديس اسطفانوس أثناء رجمه "أيها الرب يسوع، أقبل روحي" (أع 7: 59).
مثال آخر وهو قول الرب "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها. بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم" (مت10: 28).. وكلمة (نفس) هنا، المقصود بها هو الروح..
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 01 - 2014, 03:50 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث

الجسد

أولًا ملاحظة أقولها هي أن الجسد ليس شرًا في ذاته.
1- لأنه لو كان الجسد شرًا، ما خلق الله جسدًا. فالله لا يخلق الشر. فالله عندما خلق الإنسان بجسد، رأى أن ذلك حسن جدًا (تك 1: 26-31).
2- ولو كان الجسد شرًا، ما كان الرب قد تجسد (يو1: 14). فمن المحال القول أن جسد المسيح كان شرًا!! فالملاك الذي بشر العذراء بميلاد المسيح، قال لها "القدوس المولود منك، يدعى أبن الله" (لو1: 35).
3- ولو كان الجسد شرًا، ما كان الله يقيم الجسد من الموت.. كان يتركه يأكله الدود، ويتحول إلى تراب، وينتهي أمره!
4- ولو كان الجسد شرًا، ما كانت تحدث معجزات عن طريق الأجساد. مثل الميت الذي قام، لما لمس عظام أليشع النبي (2 مل13: 20، 21).
أو مثل المناديل والمآزر التي كانت تؤخذ من على جسد بولس الرسول وتوضع على المرضى، فتزول عنهم الأمراض وتخرج منهم الأرواح الشريرة (أع 19: 12)..

كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
* أن الجسد ليس شرًا في ذاته، وإلا ما كنا نكرم أجساد ورفات القديسين، ونلتمس منها بركة.
*والجسد ليس شرًا في ذاته، لأنه يشترك مع الروح في العبادة: الروح تخشع، والجسد يسجد معها ويركع. والروح تخاطب الله في الصلاة، والجسد يرفع يديه ونظره إلى فوق. ويقول مع داود النبي "وليكن رفع يدي ذبيحة مسائية" (مز 141: 2) "باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما من شحم ودسم" (مز63: 4، 5).
*ولو كان الجسد شرًا، ما كان الرسول يقول" مجدوا الله في أجسادكم وفى أرواحكم التي هي لله" (1كو6: 25). أذن الجسد هو لله، ويمكن أن يمجده.
*ولو كان الجسد شرًا، ما كان يعتبر هيكلًا للروح القدس، كما قال الرسول "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم" (1كو 6: 19) "أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" (1كو3: 16).
* ولو كان الجسد شرًا، ما كان الذي يطعم جسدًا جائعا كأنه يطعم المسيح نفسه، كما قال الرب "كنت جوعانا فأطعمتموني" (مت25: 35).
وكذلك ما كان الرب يشفي الأمراض، ويمدح السامري الصالح الذي اهتم بجسد إنسان جريح" (لو10: 33، 34).. وأيضا ما كان يقول "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى" (مت9: 12) (لو 5: 31).
الجسد إذن ليس شرًا، ولكن الشر في أن الجسد يرتبط بالمادة وبشهوات العالم الفاني، ويقاوم الروح ويسلك ضدها.
وحينئذ يكون الخطأ ليس في الجسد نحو الخطية، مثل الزنا والبطنة والسكر والمخدرات والإدمان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.وما يسميه الكتاب "شهوة الجسد، وشهوة العين، وتعظم المعيشة" (1يو2: 16). كذلك شهوات باقي الحواس، إذا انحرفت. وكما قال الحكيم "العين لا تشبع من النظر، والأذن لا تشبع من السمع" (جا1: 8) ليس العيب إذن في الجسد، بل في الاستخدام السيء لهذا الجسد. وفى هذه الحالة يقول الرسول:
"الجسد يشتهي ضد الروح، والروح ضد الجسد. وهذان يقاوم أحدهما الآخر" (غل5: 17).
لذلك يقول "اسلكوا بالروح، ولا تكملوا شهوة الجسد" (غل5: 16).
ولكن ليس كل جسد يشتهى ضد الروح. فهناك أجساد ترتفع إلى المستوى الروحي. ويصير الجسد روحيًا في رغباته وتصرفاته، وفى القيامة العامة سنقوم بأجساد روحانية(1كو15: 44).
إنه نفس الجسد، ولكن في الحالة من التجلي، نسميه الجسد الممجد كما قال القديس بولس الرسول عن عمل ربنا يسوع المسيح في مجيئه الثاني: "الذي سيغير شكل جسد تواضعنا، ليكون على صورة جسد مجده" (فى 3: 21).
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 01 - 2014, 03:51 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث

الروح وإمكانية سقوطها

الروح هي مصدر علاقة الإنسان بالله.
فيها تكمن محبة الإنسان لله، والاشتياق إليه، والصلة به. ومنها تصدر الصلاة الروحية، والتأملات الروحية. وهى التي تقود الفكر في طريق الله، والجسد أيضًا، وتدير كل مشاعر القلب بأسلوب روحي. وبهذا يصل الإنسان إلى سلوك بالروح، في شركة مع روح الله القدوس.
ومادامت الروح هي عنصر الحياة الروحية في الإنسان، يحق لنا أن نسأل:
هل الروح يمكن أن تسقط، وأن تخطئ، وأن تتدنس؟!
نعم يمكن أن تخطئ الروح كما يخطئ الجسد تماما.
يمكن أن تخطئ الروح وحدها بغير جسد.
ويمكن أن تخطئ مع الجسد، ويمكن أن تدفع الجسد إلى الخطية.
وسنشرح كل هذا بالتفصيل. وذلك لآن البعض يظن أن كل الخطأ سببه الجسد، وهو الذي يقود الروح إلى السقوط. وهذا خطاَ.
فهناك أخطاء كثيرة يمكن أن تقع فيها الروح وحدها:
مثال ذلك الأخطاء التي وقع فيها بعض الملائكة:
فالملائكة أرواح، كما قيل في المزمور "الذي خلق ملائكته أرواحًا، وخدامه نار تلتهب" (مز104: 4). وقد سقطت مجموعة من هذه الملائكة، هي الشيطان الذي وصف بأنه التنين، والحية القديمة، وإبليس، والشيطان" (رؤ20: 2). وقد قال القديس يوحنا الرائي إنه أبصر حربًا في السماء بين ميخائيل وملائكته والشيطان وملائكته (رؤ12: 7).

كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
هؤلاء الملائكة الذين سقطوا تسموا بالأرواح الشريرة أو الأرواح النجسة.
كما قيل أن الرب أعطى تلاميذه سلطانا على الأرواح النجسة ليخرجوها (مت10: 1). وفى إرساليته للسبعين رسولًا قال لهم "لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم،بل افرحوا بالحري أن أسماءكم قد كتبت في السموات" (لو10: 20).
أول خطية سقط فيها الشيطان -وهو روح- هي الكبرياء.
التي بها قال في قلبه "أصعد إلى السموات. أرفع كرسي فوق كواكب الله.. أصعد فوق مرتفعات السماء. أصير مثل العلي" (أش 14: 13، 4).
الشيطان أيضًا -وهو روح- سقط في الحسد.
ونحن نقول للرب في القداس الإلهي "والموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس، هدمته..". ذلك أن الشيطان حسد الإنسان على محبة الله له، وخلقه على صورته ومثاله، فحسده وأسقطه، وأوقعه تحت حكم الموت.
*الشيطان -وهو روح- وقع في الكذب، وفى إغواء الآخرين.
فقد كذب عندما قال لآدم وحواء "لن تموتا" (تك3: 4)،وقد وصفه الرب بأنه الكذاب وأبو الكذاب" (يو8: 44). ويدخل في كذبه كل الحيل التي يغوى بها العالم. وهو لا يزال يعثر الناس ويضلهم. وقيل عنه أنه في أواخر الأيام، حينما يحل من سجنه، إنه" يخرج ليضل الأمم.." (رؤ20: 8).
*إذن الروح يمكن أن تسقط في الكبرياء، والحسد، والكذب، وإغواء الآخرين.. كل ذلك بدون جسد. وقيل أيضًا في الكتاب:
" قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم 16: 18).
تشامخ الروح أذن هو خطية: كما وقع فيها الشيطان، يقع فيها كثير من الناس أيضًا.
وإذا وقعت الروح في التشامخ تجذب الجسد معها.
فيكون التشامخ في نظراته، وفى صوته، وفى طريقة جلوسه وطريقة مشيه، وفى حركاته وفى إرشادات.. وما في روحه من تشامخ، صار للجسد أيضًا.. وهكذا أيضا في كل شهوات الروح، ما أسهل أن تجذب الجسد معها.
ومعروف أن كل من الكبرياء والعظمة، تبدأ في الروح أولًا قبل الجسد.
خطية حواء بدأت أولًا بالروح، التي خضعت لغواية الحية، واشتهت أن تصير مثل الله، وحينئذ بدأ الجسد يشتهى الثمرة المحرمة، ثم يقطف ويأكل..
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 01 - 2014, 03:52 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث

اشتراك الروح والجسد

قد تبدأ الروح بالخطية ويشترك الجسد معها. أو تسيطر شهوة الجسد عليه، فيشرك الروح معه، بما في ذلك العقل والفكر..
والعكس صحيح: الروح تشتعل بعواطف البر ومحبة الله، فتجذب الجسد معها، ويشترك معها في روحياتها.
فمثلًا خشوع الروح، يقود إلى خشوع الجسد.
مخافة الله وهيبته التي في الروح، تجعل الجسد ينحني، أو يركع أو يسجد. كما نقول في المزمور "أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل بيتك، وأسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك" (مز5: 7). المخافة التي في الروح، جعلت الجسد يسجد..
الهيبة التي تملك الروح، تجعل الإنسان يخلع حذاءه قبل الدخول إلى الهيكل. وذلك عملا بقول الرب لموسى لما رأى العليقة المشتعلة ولا تحترق "اخلع حذاءك من رجليك، لأن الموضع الذي أنت واقف فيه أرض مقدسة" (خر3: 5). ونفس الكلام قيل ليشوع بن نون (يش5: 15).
أما الذين يدخلون هيكل الله المقدس بالحذاء، كأي مكان عادي.. فلأن الروح لم تخشع، هكذا الجسد أيضًا لم يخشع!
إني أعجب للذين يصلون أحيانًا وهم جلوس!!
أين خشوع الروح عندهم، وأين خشوع الجسد؟!
كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
أن لم يسجد الجسد أثناء الصلاة، فعلى الأقل يقف أمام الله في مهابة وتوقير. ولعل إنسانًا يسأل: بأيهما نبدأ؟ بخشوع الجسد أم بخشوع الروح؟ ابدأ بأيهما.. إن بدأت بخشوع الروح، سيخشع الجسد معها. وإن بدأت بخشوع الجسد، ستخشع الروح معه.
فأنت إن تعودت أن تنحني حينما تصلى وتقول "قدوس قدوس قدوس".. فأن هذا الانحناء في جسدك، سيدُخل الخشوع إلى روحك. وحينما تخلع حذاءك قبل الدخول إلى الهيكل، فهذا العمل الجسداني سيشعرك أنك أمام مكان مقدس، فيدخل الخشوع إلى روحك..
وهكذا الصوم قبل التناول والطهارة الجسدية، تشعرك بهيبة السر، فيدخل الخشوع إلى روحك، ومعه الاهتمام بالاستعداد الروحي.
مادام الإنسان من جسد وروح متحدين معًا، إذن ما يلحق أحدهما يلحق الآخر أيضًا، إيجابا وسلبًا. فإذا حدث تسيب من الناحية الجسدية وعدم اهتمام، فهذا يصيب الروح أيضًا،وبقدر الحرص جسديًا، يكون الحرص روحيًا كذلك.
ليس هذا مع الله فقط، وإنما في معاملة الناس أيضًا.
فإن كنت بروحك في الداخل تحترم إنسانًا، تجد هذا الاحترام يظهر أيضًا في انحنائك جسديًا وأنت تسلم عليه. وأن كانت في روحك عجرفة من الداخل أو لامبالاة، فإن سلامك عليه سيكون من الناحية الجسدية بعجرفة ولا مبالاة..
الروح والجسد يتجاوبان معًا، إلا لو حدث انقسام بينهما.
وحينئذ يوجد صراع بينهما "وكل منهما يقاوم الآخر". ويعيش الإنسان في هذه الإثنينية. وينتهي إلى أحد أمرين: إما أن الجسد يستسلم للروح ويطيعها.. ويسلك معها في حياة البر. وإما أن الروح تخضع له، وتسلك معه في حياة الاستهتار..
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 01 - 2014, 03:53 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث

الروح هي صورة الله

حينما خلق الإنسان على صورة الله ومثاله (تك 1: 26، 7)، إنما الروح هي التي خلقت على صورة الله. ففي أي شيء كانت على صورته؟
1- أولًا: على صورته في البر والقداسة، حسبما ورد في (أف 4: 24) عن عودة الإنسان بالتجديد إلى صورته الأولى فهو "المخلوق حسب الله في البر وقداسة الحق". فحينما ترجع الروح إلى صورتها الأصلية، ترجع إلى حالة القداسة والبر. فالروح البشرية حسب طبيعتها هي خيرة. والشر دخيل عليها.
2- الإنسان أيضًا على صورة الله في المعرفة:
ومن هنا كانت روح الإنسان تتميز بالعقل والنطق. ومنذ البدء أعطاها الله المعرفة، وقام آدم بتسمية كل الحيوانات. وما أطلقه عليها صارت هي أسماءها (تك2: 19). غير أنه لابد أن نذكر في موضوع المعرفة: أن معرفة الإنسان مهما نمت، هي معرفة محدودة، بينما معرفة الله غير محدودة. وإن شاء الله سنشرح هذا الموضوع في كتابنا (سنوات مع أسئلة الناس).
3- روح الإنسان خلقت على صورة الله في الحرية.
وهكذا خلق الله الإنسان بحرية إرادة، وبحرية الإرادة قد سقط. وكان الله يعرف أنه إن منح الإنسان حرية قد يسقط ويخطئ. ويحتاج خلاصه إلى التجسد والفداء. ففضل الرب أن يحتمل هذا في مقابل أن يخلق الإنسان وله روح حرة، لا يرغمها على حياة البر، إنما تسير في البر بإرادتها.

كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
وهكذا أيضًا حينما قدم الله في وصايا للبشر في أيام موسى، قال للشعب في سفر التثنية "انظر. قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير، والموت والشر.. البركة واللعنة. فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك، إذ تحب الرب إلهك" (تث 30: 15، 19).
انظروا إلى أي مدى أحب الله أن يخلق الإنسان على صورته في الحرية، وهو يعلم أنه سيخطئ. ويكون ثمن خلاصة هو التجسد والألم والعار والصليب والموت والقبر ليكن. فهذا أفضل من أن يجعله مسيرًا نحو الخير.. يتركه ليختار الخير بحريته..
ولولا هذه الحرية، ما وضع الله الوصية، والثواب والعقاب.
4- خلق الله روح الإنسان في السلطة.
فلما خلق آدم وحواء، قال لهما: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض، وأخضعوها. وتسلطوا على سمك البحر، وعلى طير السماء، وعلى كل حيوان يدب على الأرض" (تك1: 28)،وكرر الله بركة السلطة هذه لنوح وبنيه بعد رسو الفلك (تك9: 1، 2). تبقى بعد كل هذه نقطة حساسة وجوهرية في موضوع (صورة الله) وهي:
5- أن كان الله قد خلق الإنسان على صورته، والله غير محدود، فما هو نصيب الإنسان من هذه الصفة؟!
حقاَ أن الله وحده هو غير المحدود. ولا يمكن أن يشاركه أحد في هذه الصفة الإلهية الذاتية. فكيف يكون الإنسان على صورته في هذا المجال، بينما الإنسان كأي مخلوق، هو مخلوق محدود؟! الحل هو الآتي:
الإنسان محدود. ولكن الله وضع فيه الاشتياق إلى غير المحدود.
ففي روحه اشتياق إلى الله غير المحدود. واشتياق غير محدود إلى الروحيات والسعي إلى حياة الكمال.
كمثال ذلك القديس بولس الرسول الذي صعد إلى السماء الثالثة (2كو12: 2،4)، والذي تعب في الخدمة والكرازة أكثر من جميع الرسل (1كو 15: 10)، نراه يقول "ليس أني قد نلت أو صرت كاملًا، ولكني أسعى لعلي أدرك.."، "أنا لست أحسب نفسي أنى قد أدركت. ولكني أفعل شيئًا واحدًا، إذ أنسى ما هو وراء، وامتد إلى ما هو قدام. أسعى نحو الغرض، لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع.." (فى3:ى 12- 14).
إلى أين هذا السعي، وهذا الامتداد إلى قدام؟ وماذا يريد أن يدركه أكثر مما قد أدركه؟! لاشك أنه الاشتياق إلى اللامحدود..
بسبب هذا وجد الطموح في روح كل إنسان.
الامتداد إلى قدام، محبة المثاليات، الانطلاق نحو غير المحدود.. محبة الكمال.. غير أن كل إنسان يوجه هذا الاشتياق في الاتجاه الذي يروقه. وهنا تختلف نوعية الطموح. ولكن الطموح ذاته موجود، في الاشتياق إلى غير المحدود.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 01 - 2014, 03:55 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث

طاقات الإنسان

لقد زود الله الإنسان بطاقات كثيرة، كل منها لها اختصاصاتها، ولها إمكانياتها ومقدراتها، نذكر منها:
العقل، والروح، والنفس، والضمير، والإرادة، والحواس..
يضاف إلى كل هذا، ما يمنحه الله لكل إنسان على حدة من مواهب.
ويختلف كل إنسان عن غيره في درجة هذه الطاقات كلها.
صدقوني أننا لم نعرف بعد، مقدار عظمة كل هذه الطاقات البشرية العجيبة..
من كان يتصور أن العقل مثلًا، يمكن أن تصل طاقاتها إلى اختراع سفن الفضاء تصل إلي القمر مباشرة ويتمشى الإنسان عليه.. أو آن يخترع أقمار صناعية تجول حول العالم وتجمع أخبارًا وترسل صورًا عن كواكب في السماء.. ومن كان يتصور أن العقل البشري يستطيع أن يتوصل إلي اختراع عقل آلي، واختراع الكومبيوتر، ويستعين بالآلة على سرعة التفكير، وجمع المعلومات واستنتاج الحقائق.
وليست طاقات العقل هذه ضد الدين في شيء. فالله هو الذي خلق العقل ومنحه طاقاته.
فكل ما يصل العقل إليه، يرجع الفضل فيه أولًا وأخيرًا إلي الله تبارك أسمه، الذي وضع فيه كل هذه القدرات حين خلقه.. ويمكننا أن نقول إننا لم نصل بعد إلي اكتشاف كل طاقات العقل، الذي يمكنه أن يخترع أمورًا لا تختر حاليًا على فكر إنسان!
والروح في الإنسان لها أيضًا طاقات عجيبة مذهلة.
الناس لم يعرفوا كل طاقات الروح، لأنهم لم يكتشفوا تلك الطاقات ولم يستخدموها، ذلك لأنهم لم يدخلوا في التداريب التي تنشط الروح، وتمنحها الانطلاق الطبيعي لها.. ونحن حينما نقرأ عن تداريب الروح التي تجريها جماعات من الهندوس ومن اليوجا، وما وصلوا إليه من نتائج، نرى عجبًا.. إنها ليست معجزات أو قدرات خارقة، ولكنها طاقة الطبيعية للروح، التي لا نستخدمها نحن، لأننا نهمل ذلك أو لا ندركه..
كذلك طاقات الحواس لم نستخدمها كلها..

كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
وذلك لعدم شعورنا بالاحتياج إليها. فعدم أستخدمها جعلها طاقات كامنة مختفية تظهر حينما نفقد حاسة معينه، فنستعيض عنها بتنشيط حواس أخرى بديلة..
فإنسان مثلا يفقد بصره: ويحاول أن يستعيض عنه بالسمع وباللمس، فتقوى عنده حاسة السمع وحاسة اللمس، وربما حاسة الشم أيضًا. لأنه أخذ يدرب هذه الحواس تدريبًا دقيقًا، لتكون له أبوابًا للمعرفة عوضًا عن النظر. وهنا تظهر الطاقات الجبارة الموجودة في هذه الحواس، والتي كانت كامنة غير ظاهرة في حالة عدم استخدامها..
إن الإنسان الكامل، في كمال عقله، وكمال روحه، وكمال حواسه كلها، لم يوجد بعد نستثنى من هذا ناسوت السيد المسيح طبعًا.
إن طبيعة الإنسان في كمالها من كل ناحية، تحتاج إلى حرص واهتمام، بحيث لا يفقد الإنسان قوة طاقاته، كما تحتاج إلى تداريب للحفاظ على هذه الطاقات، ولكي تنمو أيضًا..
كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
نعم، يلزم كل إنسان أن ينمى قدراته وطاقته.
وأن ينمى أيضًا المواهب التي يمنحها الله له.
الله منحك عقلًا، ووهبك ذكاء خاصًا في عقلك، أو وهبك لهذا العقل ذاكرة قوية.. فيلزمك ليس فقط أن تحافظ على كل ذلك، بل أيضًا أن تنمى عقلك وذكائك، وذاكرتك.. تنمى قدرتك على التفكير السليم، وعلى الاستنتاج، وعلى حل المشاكل..
فالمسائل الرياضية والتمارين الهندسية، التي كنا ندرسها في المدارس، لم تكن لمجرد العلم أو بهدف التخصيص، إنما كانت لها فائدة أخرى في تدريب العقل على التفكير..
خذ مثلًا اثنان يلعبان شطرنج، وكل منهما صامت يفكر:
ما هي الخطوة التي سيلعبها زميله، وكيف يرد عليها؟ وماذا سيكون رد زميله على رده؟ وكيف سيتصرف وقتذاك؟ وكيف يمكنه أن يعرقل خططه؟ وكيف يضع هو خططًا غير مكشوفة، تصل به إلى النتيجة المطلوبة، ولو بعد مراحل..؟ إنه تدريب على الذكاء.
وليس مجرد تسلية لقضاء الوقت.
الألغاز أيضًا وحلها، والمسابقات، كلها تداريب للتفكير..
وما أكثر تداريب الذكاء وتنمية التفكير.
يمكنك أن تستخدمها لنفسك، ولأولادك أيضًا ولتلاميذك، حتى ينشأوا بعقل قوى متدرب على الفكر. وحتى إذا صادفتهم مشكلة يكون عقلهم مستعدًا لمواجهتها بغير اضطراب.
وفى الحياة العملية توجد تداريب على الحكمة في التصرف، أو تنمية الفكر عن طريق المشورة والانتفاع بخبرات الأخريين.
ضميرك أيضًا يحتاج إلى تنميته.
إن بولس الرسول حينما يقول "إني بكل ضمير صالح قد عشت لله إلى هذا اليوم" (أع 23: 1)، إنما يذكرنا أن هناك ضميرًا صالحًا، وضمائر أخرى غير صالحة،فهناك ضمير واسع يبلع الجمل، وضمير ضيق يصفى عن البعوضة. وكان الكتبة والفريسيون واقعين في كليهما (مت23: 24). يوجد ضمير مريض لا يميز تمامًا بين ما هو خير وما هو شر. ويوجد ضمير ضعيف تؤثر عليه العوامل الخارجية..
وينمو الضمير عن سماع الوعظ والكلام الروحي، وعن طريق المعرفة السليمة والتأثر بالقدوة الصالحة.
وأنت محتاج إلى تغذي ضميرك بكل ذلك، وتتعود محاسبة نفسك ولومها على كل أخطائها مهما صغرت. وفى نفس الوقت تتعود الجدية والتدقيق. فبهذه الوسائط كلها، ينمو ضميرك في المعرفة وفى الحكم في قيادة النفس بشرط أن تبتعد عن الوسوسة التي تتخيل الشر حيث لا يوجد، أو تحكم على الأخطاء بأزيد من طبيعتها.
وهنا أقول إن معارفك أيضا تحتاج إلى تنمية.
هناك نمو طبيعي في المعرفة خلال مراحل العمر. وهناك أيضًا تنمية للمعرفة، تغذي هذا النمو الطبيعي بمادة سليمة. والذي يهتم بنموه في المعرفة، يتحول إلى إنسان مثقف، ويبعد عن الجهل المحارب للنفس. ويستطيع أن يكون عضوًا نافعًا في المجتمع، إلى جوار نفعه الشخصي..
والمعرفة تغذى عقله، وتغذى ضميره. وتدفعه إلى السلوك السليم.
فيعرف ليس فقط التمييز بين الخير والشر، إنما أيضًا بين اللائق وغير اللائق، المناسب وغير المناسب. وتساعده المعرفة على الحكمة وحسن التصرف، وعلى النجاح في التعامل مع الناس. وإذا نما في ذلك قد يصل إلى القدرة على الإرشاد.
يحتاج الإنسان أيضًا إلى تنمية وتقوية إرادته.
فكثيرون يعرفون الخير. ولكن إرادته لا تقوى على عمله. ويعرفون الشر ومضاره، ومع ذلك فإرادتهم أضعف من أن تبعد عنه، وتعجز إرادتهم عن مقاومة الخطيئة، مع معرفتهم بكل نتائجها. وذلك لأن الرغبة أو الشهوة تسيطر على الإرادة وتقودها في طريقها.
الإرادة سلاح ذو حدين، يستخدم للخير وللشر.
وكل إنسان يحتاج إلى تقديس الإرادة. وبهذا تكون طاقة نافعة له في حياته الروحية. وهناك تداريب كثيرة لتقوية الإرادة، منها تداريب ضبط النفس. ومنها الصوم أيضًا. ومنها ضبط اللسان، وضبط الحواس، وضبط الفكر، والسيطرة على الأعصاب، وتداريب التخلص من العادات الخاطئة..
وبتنمية الإرادة نميز بين الحرية والتسيب..
فكلنا نحب الحرية. ولكن ندرب أنفسنا على أن نسلك في الحرية بإرادة صالحة، وبضمير سليم، وفى حياة روحية وصلة بالله.. وإلا تحولت الحرية إلى لون من التسيب، وفقد الإنسان سيطرته على إرادته، وعلى توجيه حياته توجيهًا سليمًا..
كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
حياتك بكل طاقاتها، وزنة سلمك الله إياها، لتعتني بها.
لذلك يلزمك أن تنمى شخصيتك بصفة عامة، لتتحول إلى شخصية قوية سوية، سواء في العقل أو الضمير، أو الإرادة، أو المعرفة، أو الحكمة والسلوك، أو الحكم على الأمور، أو النفسية السوية.
من جهة كل هذا، تحتاج إلى اهتمام خاص، وإلى الاستفادة من الوقت وحسن استخدامه.
كثيرون يضيعون وقتهم في التفاهات، أو في مجرد الترفيه والتسلية، أو يبحثون عن وسائل لقتل الوقت.. دون مراعاة لاستخدام الوقت في تكوين شخصياتهم تكوينًا سليمًا.. وهؤلاء يلزمهم أن يهتموا ببناء أنفسهم، بأن يولوا اهتمامًا خاصًا لتنمية معارفهم وثقافتهم، وتقوية إرادتهم، والوصول بعقولهم وأرواحهم إلى أسمى وضع ممكن. واستخدام كل طاقاتهم لخيرهم وخير الناس، مع تنمية وتنقية وتقوية هذه الطاقات..
لا تترك شخصيتك هكذا دون ضابط ودون اهتمام، ودون نمو..
ولا تجعل كل اهتمامك بنفسك يتركز على الخارج، وليس على الداخل.. كفتاة مثلا كل اهتمامها بنفسها، وكل تنميتها لشخصيتها، يتركز في اهتمامها بشكلها، بجمالها وزيها..! مقياسها الوحيد لشخصيتها هو المرأة، تطمئن بها على نفسها. وقد لا تستخدم سوى هذه المرأة الخارجية، دون أن تكون لها مرآة داخلية لترى بها حالة الروح والعقل والنفس والضمير..
أو إنسان كل مقاييسه لشخصيته هي المركز واللقب والمال، دون النفس من الداخل..
الجسد أيضًا طاقة وهبها الله للإنسان.
فهو الجهاز التنفيذي، لكل القرارات التي تصدر عن الروح، وعن العقل، وعن الإرادة وعن الضمير.. والجسد القوي يستطيع أن ينفذ، بينما الجسد الضعيف يعجز عن ذلك..
وما أسهل أن تؤثر أمراض الجسد على النفس.
فتجلب لها ألوانًا من الألم أو الحزن، أو الضيق أو التذمر. وكثير من الناس قد يصلون إلى درجات من الانهيار النفسي بسبب حالة أجسادهم، أو يصلون إلى مرض الكآبة، أو إلى الحيرة والقلق.. أو تشغيل عقولهم بكيفية التصرف في حالة الجسد..
وبعض أمراض الجسد تؤثر على كثير من طاقاته. ارتجاج مثلا أو نزيف في المخ قد يؤثر على بعض مراكز المخ كالذاكرة أو الحركة، أو الصوت.. وتصلب الشرايين قد يؤدى إلى فقدان الذاكرة. وأعصاب الجسد إذا التهبت، تؤثر على نفسية الإنسان وسلوكه وأمراض القلب تؤثر على طاقاته..
كذلك شهوات الجسد تؤثر على العقل وعلى الضمير.
وتحاول أن تستخدم العقل لتحقيق رغباتها، كما تسكت الضمير أو تحاول أن توجد لهذه الشهوات أعذارًا وتبريرات!!
وشهوة الجسد قد تستأثر الفكر تماما، فلا تدور إلا في فلكها، كما تضعف الروح وتبطل صلتها بالله.
لكل هذا يلزمنا الاهتمام بأجسادنا. لا نضعفها بحيث تتعطل طاقاتنا. ولا تثير غرائزنا بحيث تضعف أرواحنا.
كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
النقطة الهامة التي نريد أن نذكرها بعد كل ما قلناه هي:
حفظ التوازن بين طاقات الإنسان، والتعاون والتكامل.
فلا نوجد تناقض أو تصارع بين طاقاته، ونتفادى أن يوجد انقسام في شخصيته أو صراع داخلي. كما قال أحد الأدباء عن صراع بين مشاعره وضميره:
"كنت أصارع نفسي وأجاهد، حتى كأنني اثنان في واحد. هذا يدفعني، وهذا يمنعني".
ما أسهل أن تتصارع الطاقات: الجسد يشتهي ضد الروح، والروح ضد الجسد (غل5: 17). أو النفس ضد الضمير. أو العقل ضد الإرادة.
ويجد الإنسان نفسه أنه ليس شخصًا واحدًا، بل أنه اثنان يتصارعان! صراعًا بين طرق متشعبة تتجاذبه، أو بين محبة للخير أو شهوته للخطيئة، أو بين أفكار لا يعرف أين الخير فيها. وما أشهر ما قاله الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدته: "لست أدرى"
إنني ألمح في نفسي صراعًا وعراكًا وأرى نفسي شيطانًا، وأحيانًا ملاكًا
هل أنا شخصان يأبى هذا مع ذاك اشتراكًا أم تراني واهمًا فيما أراه: لست أدرى
الإنسان السليم السوي لا يوجد فيه هذا الصراع. من الجائز أن يوجد صراع بينه وبين عوامل أو حروب خارجية. ولكنه في داخل نفسه مستقر تمامًا، غير منقسم على ذاته، وفى فكره ولا في مشاعره ولا في إرادته هو إنسان واحد، يحارب بكل طاقاته حربًا خارجة عنه.
أما الحرب الداخلية فتحدث لأسباب منها: أن طاقة من طاقات الإنسان تحب أن تسيطر على طاقاته الأخرى أو بعضها.
إنسان مثلًا يحكم عقله، فتسير أموره سيرًا حسنًا. ثم تأتي نفسه فتشتهي شهوة، أو تنفعل انفعالا، فتخرج العقل من سيرة الطبيعي ليخضع لها. وكثيرًا ما قلت:
ما أسهل أن يكون العقل خادمًا مطيعًا لرغبات النفس!
رغبة للنفس خاطئة، وهى مصرة عليها ومنقادة لها، وتخضع العقل لها، ليقدم لها براهين وأدلة، وربما يستخدم آيات من الكتاب المقدس بتأويل خاص يناسبه، أو قصصًا من قصص الآباء.. ولو رغبت النفس في العكس يسايرها العقل بأدلة وبراهين.
أم يخطئ أبنها، فيتقدم عقلها للدفاع عنه، ملبيًا مشاعر قلبها. ونفس الخطاء يقع فيه أبن الجيران، فينتقده عقلها بشدة،لآن النفس لم تدفعه إلى الدفاع.
وهكذا نرى العقل يزن أحيانًا بميزانين.
وهنا التناقض، لأنه كان حرًا في إحدى الحالتين، وتابعًا للنفس في الحالة الأخرى. أما الإنسان العادل، صاحب العقل الحر، فيقول عن الحق أنه حق، ولو كان صادرًا من عدوه. ويقول عن الباطل إنه باطل، ولو كان صادرًا من أبيه أو من أخيه.
العقل يقع تحت تأثيرات أخرى كثيرة.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 01 - 2014, 03:56 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث

توجيه الطاقات والغرائز والمواهب

خلق الله الإنسان وفى طبيعته طاقات كثيرة، منها الغرائز، والتي يبدوا بعضها هادمًا، أو يستخدمه الكثيرون استخدامًا سيئًا خاطئًا. بينما كل شيء في طبيعة الإنسان يمكن استخدامه للخير، حتى ما يظنه البعض خاطئًا..! وسنضرب لذلك بعض أمثلة:
  • العناد
  • الغضب
  • الطموح
  • القوة
  • محبة النفس
  • المواهب
  • كل شيء طاهر للطاهرين
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 01 - 2014, 03:57 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث

العناد

يقع الإنسان في يد مرشد قاس، فيحطم طاقاته، ويحطم معها نفسيته. بينما تتناوله يد مرشد حكيم، فيحول طاقاته إلى الخير.
ويمكن أن نطبق هذه القاعدة على العناد مثلًا..
هل العناد خطيه أم طاقة؟
أم هو طاقه في الأصل، انحرفت فصارت خطية؟
نسمى العناد خطية، إن كان عنادًا في خطأ.
ومع ذلك يمكن استخدامه في الخير.
وحينئذ يسمى إصرارًا وصمودًا وثباتًا في الخير.
*خذوا مثالًا لذلك أبطال الإيمان..
لاشك أن القديس أثناسيوس الرسولي كان خصمًا عنيدًا جدًا للأريوسية، لو صح هذا التعبير.. فقد وقف في صلابة نادرة، وبإرادة حديدية، يدافع عن الإيمان السليم ضد أريوس، وضد الأريوسيين في عنفوان قوتهم وسلطتهم.. حكم عليه أكثر من مرة. ونفى عن كرسيه أربع مرات. وقيل له "العالم كله ضدك يا أثناسيوس" فقال "وأنا ضد العالم".
يتحول الآمر إذن إلى تصميم وصمود وثبات،لا تراخى فيه ولا تساهل.. مادام على حق.

كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
* نفس الوضع نقوله عن الشهداء والمعترفين..
رسوخ عجيب في الإيمان.. على الرغم من كل الإغراءات، ومن كل التهديدات، ومن السجن والنفي وألوان التعذيب المرعبة. ولكن القلب كان راسخًا لا يتزعزع. ربما مضطهد وهم وصفوهم بالعناد، وبصلابة الرأي. ولكنه كان (عنادًا) مقدسًا، هو ثبات على الإيمان..
* نفس الصلابة نجدها في الإقدام على الرهبنة.
يعاند الإنسان نفسه التي قد يحاول العالم إغراءها بكل السبل، ويعاند كل أفكار العدو ولا يأبه بها. بل ربما يقف ضده والده وأهله، ويؤثرون عليه بعواطف متعددة وضغوط شديدة، تصل إلى البعض إلى حد العنف..! ومع ذلك يبقى طالب الرهبنة راسخًا في فكره، لا يتحول عنه..
* ونفس الوضع قد يحدث في التكريس على متنوع صوره.
محاربات عديدة قد تقوم لتمنع التكريس، ويقابلها قلب صلب، وفكر راسخ، وإرادة ثابتة، لإنسان لا يتحول ولا يتزعزع..
قد يٌسمى البعض هذا عنادًا، ولكنه تصميم..
* أيضًا العناد مع النفس في الجهاد الروحي.
في الصوم وحفظ العفة، وحفظ الفكر والحواس، وضبط اللسان، وضبط الأعصاب.. وفى التدريبات الروحية وفى ما يسمونها التغصب.. بل في كل الحروب الروحية ومقاومة الإنسان للخطية، حسبما وبخ القديس بولس الرسول المتراخين بقوله "لم تقاوموا بعد حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية" (عب12: 4).
كل ذلك يحتاج إلى عناد ضد الشيطان والخطية والجسد..
فيجد الشيطان نفسه أمام إنسان قوي، ليس سهلًا. يعجم عوده، فيجده صلبًا.. يحاول الدخول إلى قلبه وإلى فكره، فإذا هو "جنة مغلقة، عين مقفلة، ينبوع مختوم" (نش4: 12)،يقف أمامه رجل الله بكل عناد وتصميم، كصخرة جامدة لا تلين..
لماذا أذن أخذ العناد صورة سيئة أمام الناس؟
* هذا العناد السيئ هو التصميم على الخطأ.
بحيث يسلك الإنسان في طريق خاطئ ويصمم عليه، ويرفض كل تفاهم وكل نصيحة مخلصة، بعقل مغلق عن كل إصلاح لمساره، حتى لو صدرت النصيحة عن صديق وفى، أو أب روحي، أو مرشد موثوق به.. ومهما كان الحق واضحًا..
هنا يكون العناد تصلبًا في الفكر والإرادة، وليس ثباتًا على حق.
وعلينا في إفراز وحكمة، أن نفرق بين الأمرين، ولا نخلط بينهما في حكم واحد..!
ونلاحظ هذا الآمر جيدًا في تربية النشء، في تربية الأطفال وتوجيه الشباب.
* إن وجدنا عناد، صادرًا عن إرادة قوية، نحاول توجيه هذه الإرادة إلى الخير.
تبقى الإرادة في قوتها وصلابتها وتصميمها، ولا نحطمها. ولكن نغير مسارها، بحيث تتجه نحو الخير، بنفس القوة. فنستفيد منها، وينتفع صاحبها أيضًا. ولا يخطئ..
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من كتاب من هو الإنسان؟ البابا شنوده الثالث القلب
كتاب ثمر الروح - البابا شنوده الثالث
كتاب أحد الشعانين - البابا شنوده الثالث
كتاب التلمذة - البابا شنوده الثالث
كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث


الساعة الآن 06:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024