الشعور بالرفض (جزء ثاني)
نكمل مقالات الإحساس بالرفض وابدأ هذه المقالة بهذا التأمل: إذا كان الآب بذل ابنه الوحيد ويسوع مات على الصليب ليفدينا فهل بعد ذلك لا أستطيع أن اجري مسرعا لألقي بنفسي في بئر المحبة العميق وهو أحضان ربي والهي يسوع المسيح. لا اعتقد إطلاقا انه منتظر أحد لكي يحنن قلبه علينا. أن قلبه ملئ بالحب الإلهي لكل واحد منا.
فلا داعي أن تكرر عبارات لا تتفق مع فكر الكتاب المقدس مثل أني غير مستحق‘ هذا صحيح لأنه لا يوجد إنسان يستحق الغفران لان أجرة الخطية موت ولكننا بدم يسوع المسيح مغفورة خطايانا إذا قدمنا توبة حقيقية من القلب وصدقنا إنه مات على الصليب وحمل خطايانا وأعطانا حياته.
ولا تقول فيه ناس احسن مني هما يكلموا ربنا عني لان هما أرضوه وأنا لا. فعلا يوجد ناس احسن منا ولكن هل تعرف لماذا هم احسن منا؟ لأنهم قرءوا المواعيد وصدقوها وأكرموها وآمنوا بها. هم آمنوا إن ربنا يسوع مات من اجل كل منهم وغفر خطاياهم وصار قداسة لهم. لماذا لا تتمثل بهم وتسير في خطاهم. كفانا شك في عظمة ومقدرة الدم الثمين الذي سال على عود الصليب من أجلنا.
أحبائي إن ربنا يسوع بنفسه يعطي كل منا هذا الوعد " من يقبل ألي لا أخرجه خارجا"{يو6: 37} والآية معناها باليوناني انه لا يمكن بأي حال من الأحوال أخرجه خارجا.
(إذا راعيت إثما في قلبي لا يستمع لي الرب) {مز66: 18} إن صلاتنا لا تستجاب إذا راعينا إثما في حياتنا‘ وربما تكون هذه الآية رد على أسئلة كثيرين وهي لماذا لا يستجيب إلهنا للصلاة. إذا حدث هذا فأخلوا مع نفسك في محضر إلهنا بواسطة إرشاد الروح القدس واطلب من الآب باسم يسوع المسيح لكي يرشدك إلى الشيء الذي يحجب صوت ألهنا الصالح في حياتك‘ وليكن لك أيمان إن إلهنا يسمع ويستجيب (تطلبونني فتجدونني إذ تطلبونني بكل قلوبكم) {ار29: 13} إذا طلبت الإله من كل قلبك تأكد انه سيسمع ويستجيب لك‘ عليك أن تنتظره مع الأيمان.
أسباب الإحساس بالرفض وعلاج ربنا يسوع لهذا الموقف:
1- المستوى المادي: إن الكثير يعتقد إن قلة مستواه المادي يسبب رفض الآخرين له. قد يكون هذا صحيح في الماضي‘ في الأجيال السابقة‘ أما الآن فهو غير صحيح. اعرف كثيرين كانوا يعانون اشد معاناة في نشأتهم ولكنهم اجتهدوا في حياتهم ودراستهم ونجحوا جدا في عملهم‘ وهم في حالة جيدة جدا الآن. واعرف أيضا كثيرون نشأوا في عائلة غنية وتعودوا على الراحة في حياتهم ولم يتعودوا على الاجتهاد والجد في مذاكرة والعمل لذلك فشلوا. أحبائي لابد أن يتعب الإنسان في مرحلة ما في حياته. أما أن يتعب وهو في مبتدأ حياته ‘أو في منتصف حياته‘ أو في نهاية حياته. لابد أن نرضي إلهنا في حياتنا من خلال طاعة الوصية‘ ولن تعرف الوصية إلا إذا قرأتها في الإنجيل‘ لذلك أنا انصح في كل كتاباتي انه لابد من قرأة الإنجيل يوميا والانتظام في دراسة الإنجيل‘ وقد يسأل البعض كيف ادرس الإنجيل؟اقرأ العهد الجديد أولا قبل أن تقرأ العهد القديم. ادرس الإنجيل من أول إنجيل القديس يوحنا ثم لوقا ثم مرقس ثم متى إلى أخر سفر الرؤيا.
2- بعض العجز الجسدي: للأسف الشديد انه يوجد عدد من الناس يقيموا الإنسان بالعين‘ اعني بالمظهر الخارجي ولا ينظروا إلى ما داخل الإنسان من قيم وفضائل ومعرفة صحيحة. إذا كنت أحد الذين يقيمون الإنسان على المظهر الخارجي‘ الرجاء أن تقف موقف أمانة مع نفسك وتتذكر هل جرحت شعور أحد الذين يعانون من بعض العجز الجسدي؟ هل قلت كلمة تجرح غيرك أو تصرفت تصرف يشعره بعجزه؟ إذا كنت تصرفت بجهل أو بعمد وجرحت ابنا لألهنا الذي هو أخوك في الأيمان‘ أو أي إنسان آخر‘ الرجاء أن تحاسب نفسك أمام الرب الإله وإذا كان باستطاعتك أن تصلح الخطأ الذي فعلته‘ افعله من اجل سلامك ومن اجل سلام غيرك.
وكيف تصلح الخطأ؟ إذا أخطأت إلى إنسان آخر بالقول الرجاء الاعتذار له بالقول. إذا أخطأت إلى إنسان آخر بالفعل‘ مثلا تجاهلته في موقف معين‘ الرجاء أن تحاول أن تحترمه وتقدره عندما تراه. حاول أن تلغي الخطأ بالصح بنفس الطريقة التي أخطأت بها.
أما إذا كان شعورك بالرفض ليس له أساس من الصحة بل مجرد إحساسك أنت بعجزك‘ أرديك أن ترى نفسك من خلال عيني الرب الإله" فقال الرب لصموئيل لا تنظر إلى منظره وطول قامته لأني قد رفضته.لأنه ليس كما ينظر الإنسان.لان الإنسان ينظر إلى العينين( ينظر بالعينين) وأما الرب فانه ينظر إلى القلب" (1صم 16: 7) والترجمة العبرية تقول إن الإنسان ينظر بالعينين أي يفحص ويبحث ويفتش بعينيه أما إلهنا فهو ينظر إلى القلب. أحبائي لا تهتموا إلى العجز الذي تراه العين بل يجب إن كل منا يفحص قلبه أولا لأن المهم أن إلهنا يرى قلبك نقيا طاهرا مليء بروحه القدوس. يرى فكرك مشغول بالسماويات وليس بالأرضيات وان كان إلهنا معنا فمن علينا.
3-عدم الجمال في نظر الإنسان:أحبائي إن الإنجيل يقول "لأننا نحن عمله مخلوقين لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها" {اف2: 10} نحن عمله أي صناعته‘ هل صنع إلهنا شيء قبيح؟ أقول لك أن هذا من المستحيل. وقد يسأل البعض لماذا أنا قبيح الشكل؟
سوف احكي لك قصة حدثت في حياتي. كنا نعرف شاب أمريكي وكان إنسان غضوب جدا. كنت أنا وزوجي بمثابة اخوة كبار له وكنت فعلا أراه قبيح. وفي يوم من الأيام كانت نفسيته في حالة جيدة‘ وهذه هي المرة الوحيدة التي رأيته في حالة هدوء نفسي وعدم غضب. نظرت إليه ولاحظت أن وجهه غير قبيح مثل المرات السابقة ولم استطع أن أوقف التفكير واسأل نفسي ما هو السبب الذي غير ملامح وجهه. صدقوني كانت ملامح وجهه متغيرة‘ كان شكله مريح جدا. لم أجد رد على تساؤلاتي إلا بعد أن عدنا إلى منزلنا وعرفت ما هو السبب‘ انه كان في حالة هدوء نفسي لم أراه في هذه الحالة من قبل ولهذا تغيرت ملامح وجهه من إنسان قبيح إلى إنسان ملامح وجهه مريحة جدا. وإذا سألت نفسك عن ملامح بعض الناس التي تعرفها ستجد أن أولاد إلهنا الذين لهم عشرة حقيقة مع ألهنا الصالح نقول عنهم أن وجههم مثل الملائكة.
تذكر أننا عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها.
4- النشأة في عائلة تفرق بين البنين والبنات:وما اكثر واكثر هذا المثل في العائلة العربية. العائلة تفضل الأولاد عن البنات. فنرى الزوجة تعاني من أهل الزوج لان خلفتها بنات‘ أن هذا بالحقيقة شيء محزن للغاية حتى بعد إثبات إن العامل المحدد لنوع الجنس‘ إذا كان ولد ولا بنت هو الحيوانات المنوية التي تأتي من الرجل وليس بويضة المرأة. إن كل الأبحاث أثبتت ذلك‘ فلا داعي للعائلة العربية تعذيب زوجة الابن بالكلام الموجع مثل‘ خلفتها كلها بنات‘ ياريته كان أتجوز واحدة ثانية‘ وكثير من مثل هذا الكلام.
واقف هنا لكي أقول لكل من الأباء والأمهات‘ الرجاء أن تعاملوا أولادكم بالمساواة لأنه لا فرق بين الولد والبنت في نظر ألهنا الصالح. كم من مرة سمعت ألام تحكي عن كيف بكت في الصلاة لكي يرزقها إلهنا بولد لأنها رزقت ببنات فقط. وللأسف الشديد انهم يكرروا هذه القصة أمام بناتهم. كثيرا ما أوقف الحديث وأقول نشكر ربنا على البنات والأولاد.
سوف احكي هذه القصة التي شاهدتها في التليفزيون منذ عدة سنوات. رأيت برنامج يحكي عن أن الأزواج في الهند عندما تحمل زوجاتهم يصروا على أجراء ultrasound وإذا وجدوا النتيجة أن المولود سيكون بنت فهم يصروا على إجهاض الجنين لان وجود البنت غير مرغوب فيه في الهند. وكان المذيع يعلق على هذا بأنه سوف يحدث خلل في التكوين الإسكاني‘ بمعنى انه عندما يكبر الأبناء ويصلوا إلى سن الزواج لن يجدوا زوجة بسهولة. وهذا ما حدث بالفعل‘ فمنذ عدة شهور كنت أرى برنامج عن الزواج في الهند وتكلم عن صعوبة وجود زوجة لقلة وجود بنات في الهند لأنه منذ سنوات عديدة تم إجهاض عدد كبير من البنات. استغربت جدا لأني لا أشاهد التلفزيون كثيرا‘ ولا أقول إنها كانت صدفة أن أشاهد برنامجين عن نفس الموضوع بينهم عدة سنوات.
أن الرب الإله خلق أدم وحواء ولم يخلق أدم وأديب أو أدم وإدمون. لابد من وجود ذكر وأنثى لكي تتكون الأسرة. كثير من العائلات تتمنى بنت وفي نفس الوقت كثير ما يوجد عائلات تتمنى وجود ولد. صدقوني إن رضينا بما أعطاه الرب يسوع لنا لكنا نعيش في هذه الأرض في سلام وقناعة.
5- النشأة في عائلة تفرق بين بعض أفراد الأسرة: وهذه مصيبة أخرى وهي التفريق بين الولد الأكبر والولد الذي يليه وقد يكون الفرق لا يزيد عن اكثر من سنة. من اكثر العلامات التي يفعلها الوالدين وتدل على انهم يفضلوا الولد الأكبر هي أن الطفل الأصغر يأخذ ملابس أخوه الأكبر‘ لان لا داعي لشراء ملابس جديدة للأصغر لان ملابس أخوه مازالت بحالة جيدة‘ هذه المواقف تسبب جروح كثيرة للطفل الأصغر. قد يكون المستوي المادي له تأثير في ذلك‘ أنا انصح بشراء ملابس ارخص حتى أن كل من الطفلين يلبسوا جديد. لو عرف الأباء مدى التأثير البشع الذي يسببونه لأولادهم لفكروا مائة مرة قبل أن يتمادوا في أي تصرف غلط‘ صدقوني أنا لا أتكلم من خيال لكني أتكلم من الواقع الذي أراه من خلال فترات المشورة الروحية. لو سمع الوالدين ما أنا اسمع من الأبناء لصعقوا من مستوى الألم الذي يسببوه لأولادهم. ومثل آخر وهو تفضيل ابن من الأبناء عن باقي اخوته واكبر مثل لذلك من الإنجيل قصة يوسف ابن يعقوب. لو عرف يعقوب أبو الأباء مدي تأثير الغيرة التي نشأت بين يوسف الصديق وبين باقي الاخوة لكان تصرف بحكمة اكثر.
إن هذه القصة تتكرر كثيرا في عائلات كثيرة في العائلة المصرية وفي جنسيات أخرى كثيرة.
6-حدوث موقف مؤلم شعر فيه الإنسان بأنه مرفوض: لذلك أتمنى إن كل منا يتعامل بحرص مع الآخرين. صدقوني أن الكلمة الحلوة لن تكلفنا شيء والتصرف اللائق ليس اصعب من التصرف الغير لائق. إن المحبة اسهل بكثير من البغضة. إن الشكر والتقدير له ثمار اكثر بكثير من الإهمال.
تعاملت مع كثير من الجنسيات‘ لأننا عشنا في ثلاث قارات لمدة سنين في كل قارة. وجدت أن الشعب المصري بحجة إن دمه خفيف يجرح كثيرين بدون أن يشعر. والبعض فعلا يقصد أن يجرح[ إحنا شعب فرعون] وأعطي مثلا: لي صديق لم أراه لعدة سنوات وقد صار خادم له مركزه في الكنيسة. عندما رأيته قال لي أنت لسه عايشة؟ تعجبت جدا من هذا التعليق‘ لان المفروض انه الآن إنسان ناضج روحيا. وجدت نفسي بدون تفكير أقول له؛ أنا عايشة زي ما أنت عايش. لو كنت أنا إنسانة أعاني من الشعور بالرفض لكان لهذا التعليق تأثير جارح علي ولكني جاوبته بطريقة تشعره إن ما قاله لا يليق بمستواه الروحي. الرجاء أن نفكر في ما هي نتيجة تعليقاتنا. وفي نفس الوقت أشجع كل إنسان إذا سمع من شخص آخر تعليق لا يليق أن يرد مثل ما فعلت باحترام ولكن في نفس الوقت يعبر عن إحساسه إن هذا التعليق كان لا داعي له.
تحذير للأسرة : أحبائي أن كل تصرف يحدث من الوالدين والأقارب‘ مثل العم أو العمة والخال والخالة‘ له تأثير كبير على نفسية الأطفال‘ قد يكون هذا التأثير له نتيجة حسنة أو سيئة لذلك أنا انصح العائلات أن تحاول أن تصلح الخطأ الذي حدث لأطفالهم. والتالي بعض الإرشادات:
1-لرجاء ملاحظة تصرف الأطفال مع لعبهم مثل العروسة للبنات أو السيارة للأولاد. إذا لاحظت أن الطفلة تتصرف بعنف مع العروسة وتضربها فتأكد أنها ترى والديها يتصرفون بعنف معها. إنها تفعل مع العروسة مثل ما يفعل معها والديها‘ فهم يتصرفون معها بعنف. أما إذا كانت تتعامل مع العروسة بحنان وتقبلها فهي ترى الوالدين يحبونها ويعطوها كل حنان. من هذه الملاحظة سيفهم الوالدين نفسية أطفالهم.
2-حاول أن تسمع وتنصت لكلام الأطفال معك‘ لان الطفل لا يعرف أن يكذب أو ينافق إلا إذا كان مهدد بالضرب عندما يعبر عن رأيه‘ ففي هذه الحالة سوف يقول لك بحبك وقلبه ملئ بالخوف والكره منك لأنك تضربه. إذا قال لك أنت بتحب أخويا الأكبر اكثر مني‘ تأكد إن هذا هو إحساسه الحقيقي. إذا تجاهلت كلامه معك ولم تحاول أن تصلح الموقف بكلمة مثل" أنا بحبك أنت وأخوك زي بعض" وتحاول فعلا أن تبدي اهتمام ومحبة له لكي تصلح فكرته عن تفضيلك لأخوه الأكبر فستكون النتيجة الطبيعية انه سيشعر بالرفض منك. الرجاء أن تسمعوا للأطفال.
3-لا داعي للكلام المؤلم مثل: أنت ذنان‘ أنت متعب‘ أنت غبي‘ ‘ أنا تعبت منك.
أحبائي كل هذا الكلام يسبب الشعور بالرفض‘ يجب أن الوالدين يتصرفوا بحكمة شديدة. إذا تصرف الأباء بحكمة تجاه الأطفال سيروا نتائج رائعة في نشأته