|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
غاية ونهاية أشواقنا - صعودنا ونزولنا
فحياتنا عبارة عن رحلات مستمرة، رحلة صعود، ورحلة نزول، رحلة صعود ليتورچي (أي صلاة كنسية، أي شركة القديسين في النور، أي شركة مع الله الثالوث)، ونحن ننطلق ونصعد نحو المجد الإلهي الفائق لنبصر نور وجهه لذلك صلاتنا هي كلام المزمور: [ أرفع علينا نور وجهك يا رب ] (مزمور 4: 6)، وبكوننا نعرف الهتاف الخاص بالقديسين لأنه صار في قلبنا معروفاً لنا بالروح لذلك [ طوبى للشعب العارفين الهتاف يا رب بنور وجهك يسلكون ] (مزمور 89: 15)، وهذه هي علامة الملكوت في قلب كل من يؤمن بالرب يسوع المسيح، فأنه يهتف هتاف الفرح الخاص في المحبة المنسكبة في القلب بالروح القدس المُعطى لنا حسب الوعد الذي تم في يوم الخمسين... يا إخوتي نحن لا ننطلق في حياتنا هنا على الأرض نحو ملكوت الله بالرمز ولا بمجرد تأمل بسرحان الفكر، بل ننطلق واقعياً وبالحق، ونحن لا نكرز بملكوت الله بسذاجة أو كواجب موضوع علينا، بل نُعلن أن ملكوت الله هو هدفنا الأوحد بل وغاية ونهاية كل أشواقنا، وكل رغباتنا واهتماماتنا، وكل حياتنا، بل والقيمة العُليا والأسمى لكل ما يوجد فينا وحولنا، هو قدرنا ومصيرنا، لأنه عطية المسيح الرب لنا، لأن في المسيح الرب وحده فقط نستطيع أن نصعد، لأن الرب نزل إلينا ليصعدنا معه، إذ اتحد والتحم بجسم بشريتنا وهذا هو السرّ الفائق الذي للتجسد، لأنه لم يتجسد لغرض آخر غير أنه يصعدنا معه [ وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع ] (أفسس 2: 6)، وصعودنا هذا هو خبرة نتعايشها منذ الآن، ونتذوقها في كل مرة نقف أمام الله في مخدعنا على نطاق ضيق، وفي اجتماعاتنا على نطاق أوسع وأشمل، لأن حينما نجتمع ككنيسة لراعٍ واحد يتجلى سرّ ملكوت الله بأكثر فاعلية واكثر قوة وواقعية، وهذه هي الليتورجية. وحينما نتذوق خبرة هذا الصعود المجيد، كرحلة حياتنا المستمرة على الأرض هنا في شركة القديسين في النور، وننطق معهم بنشيد المجد الفائق الذي للحضرة الإلهية [ قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الارض؛ قدوس قدوس قدوس الرب الإله القادر على كل شيء الذي كان والكائن والذي يأتي ] (إشعياء 6: 3؛ رؤيا 4: 8)، نعود للعالم مرة أخرى ونقطع رحلة النزول إليه، فتنعكس على وجوهنا نور وفرح وسلام ملكوت الله فنشهد بالصدق والحق لهذا الملكوت الذي زدنا امتلاء منه... ونحن لا نعود للعالم وننزل إليه ومعنا برامج ونظريات ولا مجرد أفكار بشرية نطرحها لكي نستطيع أن نجذب أحد للدين المسيحي، لأننا لا نكرز بدين ولا بفكر، إنما بملكوت الله، بمسيح حي شاهد لنفسه فينا بإشراقة نوره الفائق [ الرب هو الله وقد أنار لنا ] (مزمور 118: 27)، فنحن حينما نذهب نبذر بذار الملكوت وإيماننا متقد وتتجلى فينا حياة شخص المسيح نفسه وبذاته، والمستحيل يصير ممكناً لدينا، لأننا إنجيل مقروء من جميع الناس، لأن الإنجيل هو بشارة الملكوت ولم يعد لنا مجرد كتاب فيه كلمات، بل نحن ذلك الكتاب المكتوب بإصبع الله أي بالروح القدس الذي يسم فينا ملامح ملكوت الله وبشارة الحياة، وبذلك نصير نحن أنفسنا كتاب الله الحي يقرأه الجميع فيعلمون أن شخص المسيح لازال حي يُرى في قديسيه.... للأسف يا إخوتي كثيرون لا يدركون هذا السرّ ولا يحيون هذه الحياة، ولذلك لا يعرفون كيف يكونوا مثال حي لله على الأرض، ولذلك للأسف الشديد كثيراً ما نجد في الكنيسة أننا نلتقي مع العالم القديم، ولا نلتقي لا مع المسيح ولا مع الملكوت بالتالي، ولا ندرك أننا انتقلنا إلى هُناك، لأننا لم نترك اي شيء آخر يخص هذا العالم خلفنا لنستطيع أن نصعد لملكوت الله في الجو الليتورچي الذي للكنيسة المجتمعة، الحاملة لسرّ الله الحي، لأننا نصعد إليها ونحن حاملين العالم معنا منشغلين بمشاكلنا وأتعابنا فيه، لأن الترك والتخلي عن كل المشغوليات للتفرغ للصعود الحقيقي لملكوت الله هو البداية الحقيقية لرؤية النور الإلهي الفائق، وهذه هي نقطة بداية السرّ الكنسي الحي، والذي هو شرط قوته وواقعه الذي يُغيرنا ويحولنا... أن كنتم تريدون دليل على كلماتي انظروا لوجوه الناس في الكنيسة، وانظروا إليهم بعد الصلاة والخروج منها، انظروا لوجوه الناس في الاجتماعات وبعد خروجهم منها، ستجدون الغالبية الكآبة ظاهرة على وجوههم، وشكواهم مستمرة قبل ما يأتوا وبعد ان يذهبوا !!! وربما يشتكون الله نفسه !!! فهل هذا هو ملكوت الله الظاهر في وجوههم !!! كل واحد يعرف نفسه وذلك من خلال الثمرة التي تظهر فيه !!! ومن الوجه يُعرف القلب !!!! نحن اليوم يا إما نكون صادقين مع أنفسنا ونصد للكنيسة بقلب طاهر نقي طالب الله، وننزل إلى العالم بالفرح الإلهي المجيد وقوة نوره الفائق، يا اما نكذب على أنفسنا ونحيا في الظلمة ونقول أننا في النور، لأننا بذلك لن نخدع سوى أنفسنا، لأن من يعرف الله حقاً يعرف كيف يسلك ويميز الطريق سالكاً في النور شاهداً له بأعمال مقدسة شريفة لأنها ارتدى برّ المسيح الرب القدوس، فالمجد للذي أتى إلينا وأعطانا ذاته وسكب فينا حياته الخاصة، فمجدوه مع ابيه الصالح والروح القدس آمين |
|