|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حنو الله ورأفته علي الحيوان أن الله الذي منح الإنسان راحة في السبت، أعطي ذلك للحيوان أيضًا، فقال "وأما اليوم السابع فسبت للرب إلهك.. لا تعمل فيه عملًا ما، أنت وأبنك وأبنتك وعبدك وأمتك، وثورك، وحمارك وكل بهائمك" (تث 5: 14). ولم يهتم فقط براحه الحيوان بل براحة الأرض أيضًا. فقال: ست سنين تزرع أرضك وتجمع غلتها.. وأما في السابعة فتريحها وتتركها" (خر 23: 10، 11، لا 25: 3-5). وعلي الرغم من التشديد في حفظ السبت، وعدم العمل فيه، قال الرب "من منكم يسقط حماره أو ثورة في بئر، ولا ينشله حالًا في يوم السبت؟!" (لو 14: 5) وقال أيضًا "من منكم له خروف واحد. فإن سقط هذا في السبت في حفرة، أفما يمسكه ويقيمه؟!" (متى 12: 1) وقال كذلك لمن لامه علي إبراء المرأة المنحنية في يوم السبت، "يا مرائي، ألا يحل كل واحد منكم في السبت ثورة أو حماره من المذود ويمضي به ويسقيه" (لو 13: 5). هكذا جعل إنقاذ أو إطعام ثور أو حمار أو خروف استثناء واجبًا من وصية عدم العمل في السبت. ومن شفقته علي الحيوان أيضًا قال "لا تطبخ جديًا بلبن أمه" (خر 23: 19، ثت 14: 21) وقال أيضًا "لا تكم ثورًا دارِسًا" (1 كو 9: 9). وحتى الآن الثور أثناء الدراسة لا يكمم، بل يمد فمه ويأكل كيفما يشاء، ومن اهتمام الله بالعطف علي الحيوان، قال أيضًا: "لا تحرث علي ثورك وحمار معًا" (تث22: 10). ذلك لأنهما ليسا بقوة واحدة فإن أسرع الثور سيرهق الحمار والله يشفق علي هذا الحمار من الإرهاق. وهكذا عندما دخل السيد المسيح إلي أورشليم ركب علي أتان وجحش ابن أتان (متى 21: 5) حتى يريحهما في الطريق، إذ يستبدلهما، فيركب علي الواحد ويريح الآخر وظهرت شفقة الرب علي الحيوان بإشفاقه علي حمار بلعام وتوبيخه بلعام علي ضرب حماره ظلمًا" (عد 22: 32). وظهرت شفقة الرب حتى علي العصافير: يحميها ويقيتها. وهكذا يقول "أليس عصفوران يباعان بفلس، وواحد منهما لا يسقط علي الأرض بدون أبيكم؟" (متى 10: 29) أي بدون سماح منه لا يسقط عصفور.. ويقول أيضًا "انظروا إلي طيور السماء، إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلي مخازن وأبوكم السماوي يقوتها" (متى 6: 26) وليست هي فقط بل يقول المزمور: "يعطي البهائم طعامها، وفراخ الغربان التي تدعوه" (مز 147: 9). حتى فراخ الغربان يا رب؟! نعم. فالغربان أيضًا ذكرها الكتاب وكانت لها رسالة! إيليا النبي في وقت المجاعة، كانت الغربان تأتيه بطعام (1 مل 17: 4-6) وهكذا كان يحدث مع الأنبا بولا السائح، وكما اهتم الرب بالطيور، والعصافير والبهائم "اهتم أيضًا بالخروف الضال وبحث عنه حتى وجده" (لو 15). واهتم الله بالحيوانات وبالطيور في فلك أبينا نوح! ادخلها جميعها في الفلك، ولم يهمل أحدًا منها حتى الحشرات والهوام، استبقي لها حياة لتعيش، وكان أبونا نوح يقدم لها الطعام كل يوم.. إن في ذلك لعجبًا.. أقصد هذا العطف العجيب. وكما يشفق الله علي الحيوان فيمنحه حماية من الطبيعة ومن الافتراس. الدب القطبي، أو الثعلب القطبي، يعيش الواحد منهما في جو بارد جدًا، لذلك يمنحه الله فراء ثمينًا لتدفئته، تشتهيه النساء الثريات، وتدفع في شرائه ثمنًا وفيرًا، أما حيوانات البلاد الحارة فلا تحتاج إلي فراء فيعفيها الرب منه.. ولأن الجمل يعيش في الصحراء، لذلك يعطيه الله قوة عجيبة يتحمل بها العطش والجوع، ويعطي نفس القوة علي الاحتمال للنخلة في الصحراء. وكما يعطي الحيوانات المفترسة مخالب وأنياب لتعيش كذلك يعطي الحيوانات الضعيفة وسيلة للهرب. الأسد اقوي من الغزال، يستطيع أن يفترسه. ولكن الرب يعطي الغزال قوة عجيبة في الجري، يمكنه أن يهرب من الأسد، كذلك الكلب يستطيع أن يفترس القط. ولكن الرب يعطي القط القدرة التي يمكنه بها القفز علي الأشجار والجدران فينجو من الكلب.. وبنفس الطريقة يعطي العصافير خاصية الطيران فتنجو، كما يعطي الفأر القدرة علي الحفر والاختباء، فينجو.. ما أعجب شفقة الله. أنظروا جمال الصوت الذي يعطيه الرب للبلابل وللطيور المغردة.. انظروا جمال الشكل الذي يعطيه الرب للطاووس، بل للفراشة، أنظروا جمال الرائحة التي يعطيها الرب للورود والفل والياسمين، والأزهار العطرة. تأملوا القدرات العجيبة التي يعطيها الله للنحلة في صنع بيوتها بهندسة دقيقة، وفي صنع الشهد من الرحيق، بل في صنع غذاء الملكات، كل ذلك الذي يأخذه البشر منها طعامًا ودواء، بل تأملوا النملة في نشاطها وحركتها الدائبة.. إن الله يعطي خليقته من هذه الصفات ما يكون أمثولة أمام الإنسان يشتهي أن يحاكيها. وإن كان هذا عطف الله علي مخلوقاته، فكم بالأولي علي الإنسان. |
|