|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عقبات أمام الشكر 1 أحيانًا لا نشكر، لأننا ننظر إلى النقط المضيئة ف حياتنا، بل نركز في المتاعب وحدها. تركيزنا في المتاعب، يجلب لنا الحزن والقلق والتذمر والتشاؤم... وكل هذا لا يعطي طبعًا أي مجال للشكر... وأنا أريدكم أن تبدأوا عامكم الجديد بفرح وبشاشة، لذلك تذكروا كل الأشياء المفرحة التي مرت بكم، واشكروا عليها. 2 ونحن أحيانًا لا نشكر لأننا ننسب الأشياء المفرحة في حياتنا، لغير الله. إذا نجحنا ننسب ذلك إلى ذكائنا، أو إلى مجهود مدرسينا، أو إلى سهولة الامتحان. وتختفي معونة الله في كل ذلك. وكذلك إن شفينا ننسب ذلك إلى الأطباء. وإن وقفنا في عملنا، ننسب ذلك إلى قدراتنا وكفاءتنا. وإن نجونا من حادثة، نرجع ذلك إلى مهارة السائق. وبالتالي يختفي الله من أسباب أفراحنا، فلا نشكره على شيء. 3 واحيانًا لا نشكر على شيء، إلا إذا فقدناه أو حرمنا منه، لا نحس النعمة التي نحن فيها، إلا إذا ضاعت منا، فلا نشكر الله على وجود الوالدين ولا نشعر ببركاتهما إلا إذا توفي أحدهما. ولا نشكر على ما نحن فيه من صحة، ولا نعرف قيمتها إلا إذا مرضنا. بل لا نشعر ببركة وجود النور في الحجرة، إلا إذا انقطع النور في الحجرة، إلا إذا انقطع التيار الكهربائي. 4 واحيانًا لا نشكر، لأن الأمر أصغر من أن نشكر عليه، أو هكذا نراه. .هنا نتذكر قول أحد الآباء الروحيين "الذي لا يشكر على القليل، كاذب هو إن قال إنه يشكر على الكثير". أو من الجائز أنه أمر طبيعي أو عادي، لا يستحق الشكر! ولماذا لا نشكر على الأمور الطبيعة الجميلة؟ لماذا لا نشكر الله على الطبيعة الجميلة؟ لماذا لا نشكر الله على الطبيعة الجميلة؟ لماذا لا نشكره على الجو إن كان صحوًا؟ هل ننتظر إلى أن يكفهر الجو، ثم نشعر أننا فقدنا شيئًا؟ وهنا وأقول في عوائق الشكر. 5 إننا كثيرًا ما نفرح بالنعمة. ونكتفي بالفرح دون أن نشكر... نفرح بالخير الذي نحن فيه، دون أن نشكر على هذا الخير. كتلميذ يفرح بنجاحه، أو فتاة تفرح بخطوبتها، أو موظف يفرح بترقيته، دون أن يتقدم أحد هؤلاء بالشكر إلى الله... إن الله ليس محتاجًا إلى شكرنا، ولكننا نحن نحتاج إلى ذلك. لماذا؟ إننا بالشكر، نتذكر احسانات الله إلينا ومحبته لنا، فتزداد رابطتنا به عمقًا ونحبه، وهذا مفيد لنا روحيًا. كذلك ندل بهذا الشكر على نقاوة قلوبنا، لأن عدم الشكر فيه عدم عرفان بالجميل، وعدم تقدير من أحبنا. 6 واحيانًا نحن لا نشكر، لأننا لم نتعود ذلك في حياتنا. إن كنا لا نشكر أخوتنا البشر على خدماتهم لنا، فطبيعي إننا قد لا نشكر الله أيضًا. وكما قال الرسول: إن كنت لا تحب أخاك الذي تراه فكيف تحب الله الذي لا تراه؟ (1يو4: 20) ونفس الكلام نقوله عن الشكر. لذلك عود نفسك أن تشكر غيرك على كل أمر يعمله من أجلك مهما كان ضيئلًا ثم بعد ذلك قل في داخل نفسك: أشكرك يا رب لأنك أرسلت لي من يساعدني، ومنحت هذا الإنسان قدرة على أن يخدمني. وهكذا تشكر الله والناس في نفس. تشكر أخاك الإنسان لأنه كان العامل المباشر المرئي. وتشكر الله لأنه مهد كل هذا بطريقة غير مرئية لك. 7 وأحيانًا نحن لا نشكر، بسبب أنانيتنا... لا نفكر إلا في ذاتنا، فإن أخذت، تكون قد اكتفت، ولا تفكر في اليد التي أعطتها. كإنسان جائع، يوضع أمامه طعام، فيأخذ في التهامه، دون أن يفكر قيمن قدمه له، أو في شكره على ذلك. كذلك نحن ننشغل بذواتنا في أخذها، دون أن نتطلع إلى وجه المعطي. كإنسان فتح له الله أبواب الرزق، فتراه ينشغل بالرزق، وبجمعه وتكويمه وإنمائه، ولا يتفرغ ولو لحظة لكي يشكر من وهبه الرزق. 8 ونحن العطية: وننسي المطعي، وننسي الشكر، ولو دربنا أنفسنا على الشكر، لكان هذا التدريب يحفر في ذاكرتنا أشياء لا ننساها: منها إن كل خير نعيش فيه هو عطية من الله: الحياة والصحة، والعمل والمال، وكل شيء... ومادام هو عطية إذن فلنشكر معطيها. 9 واحيانًا لا نشكر بحجة أن ما نشكر عليه هو من الأمور الذاتية الشخصية... وهنا نخلط بين الذات والمواهب... فأنت تفكر حسنًا، ولا تشكر على موهبة التفكير التي وهبك الله أيضًا حقًا منحك الذكاء والفهم. ولكنك لا تقول مع المرتل "مبارك الله الذي أفهمني". لا تظن أن الذكاء شيء ذاتي. إنه موهبة من الله تحتاج إلى شكر. وكذلك موهبة أخري كالشعر والموسيقى والجمال والقوة... وكذلك كل حياتك الروحية... 10 وأحيانًا لا نشكر، لأننا لا ندرك حكمة الله... أمور كثيرة تمر بنا، ولا نشكر عليها، بل على العكس قد نتضايق منها، أو نتذمر بسببها. وكل ذلك لا ندرك حكمة الله فيها. ولو أدركناها لشكرنا الله كثيرًا. العيب فينا إذن. لنا عيون ولكنها لا تبصر الخير في كل ما يمر بنا من أحداث ومن أمور... إن بيع يوسف الصديق وإلقاءه في السجن، كان وراءه خير، ربما لم يره يوسف في ذلك الحين ولم يشر عليه إلا بعد أن تم... 11 وأحيانًا نحن لا نشكر على خير، بسبب المقارنة...! لا نشكر على ما أعطانا الله، لأننا نرى أن غيرنا عنده أكثر منا، أو ما هو أفضل... أو لأن غيرنا أخذ مثلنا وهو لا يستحق... مثال ذلك: موظف في شركة يتقاضى مرتبًا ما كان يحلم به، وهو أضعاف أضعاف مرتبات بعض زملائه في وظائف عادية. ومع ذلك تراه لا يشكر الشركة، لأن بعض موظفيها يأخذون مرتبات أكثر منه...! وبالتالي لا يشكر الله... قارن نفسك بمن هو أقل منك، فتشكر الله. ولا تقارن نفسك بمن هو أعلى، لئلا تتذمر. كإنسان مليونير لا يشكر الله، لأن هناك من هو أكثر منه الملايين، كلما قارن نفسه به، يتضايق، ويشعر أن ما عنده قليل وتافه، ولا يستحق الشكر إطلاقا. وهذا يقودنا إلى نقطة متشابهة وهي: 12 هناك من لا يشكر، بسبب الطموح: باستمرار له تطلعات أعلى من مستواه، وله رغبات أكثر مما في يديه، وكلما اتجه إلى هذا الطموح، استصغر ما عنده، واصبح لا يشكر عليه. والطموح في حدود الاعتدال، وفي عدم شهوة العالم ليس هو خطية ولكن... ولكن الطموح لا يمنع الشكر. اشكر الله على ما معك، فيعطيك أكثر. كذلك لا يجوز أن الطموح يجعلك تحتقر ما وهبك الله إياه. فإن كنت تطمح أن تكون استاذًا في الجامعة، فليس معنى هذا أنك لا تشكر الله الذي جعلك في هيئة التدريس، وساعدك على الوصول إلى درجة استاذ مساعد... كثيرون هم ضحايا الطموح الخاطئ، وبسببه ينسون احسانات الله، ويعيشون في حزن وتذمر! أما الطموح الروحي فليس له ضحايا، إن عاش أصحابه في حياة ألا تضاع شاكرين الله، وراغبين في الامتلاء من حبه... 13 وأحيانًا البعض لا يشكر، لأن من طباعة التذمر، أو الجشع، أو محبة العالم... وهؤلاء يعيشون في الخطية، وليست لهم صلة بالله، ولا يعترفون بفضله عليهم. إنما كل همهم هو متعة العالم. وكما قال الكتاب " كل الأنهار تجري إلى البحر. والبحر ليس بملآن" (جا1: 7). افرح بما في يديك، واشكر الله. ولا تقل: ملء يدي لا يكفى. أريد أيضًا امتلاء جيوبي وخزانتي! لأن الطمع، يمنع الشكر، بلا شك وإن لم يتعود الإنسان حياة القناعة، فمن الصعب عليه أن يصل إلى حياة الشكر... 14 وأحيانًا يكون عدم الشكر، بسبب ضعف الحياة الروحية كلها. فهذا الإنسان لا يشكر الله مثلًا، لأنه لا علاقة له بالله إطلاقا، لأنه لا علاقة له بالله اطلاقًا. فلا شكر، كما أنه لا صلاة، ولا قراءة كتاب، ولا حضور اجتماعات روحية، ولا شركة مع الله في شيء. ويحتاج هؤلاء إلى أن يدخلوا في الحياة مع الله. وحينئذ، حينما يشكرون الله الذي أعطاها فضل معرفته، سيشكرونه على باقي الأمور. |
|