|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخدمة والتكريس إنسان يقول: كيف تكون حياتي كلها للرب؟ هل من المعقول أن يهبني الله تكريس الحياة له؟ هل يمكن أن تكون كل الحياة في خدمته؟ وكيف؟ نقول لك: ابدأ بالقليل الذي تستطيعه، بإعطاء وقت الفراغ للرب. ابدأ بتقديس يوم الرب للرب، فإن كنت أمينًا في هذا يمكن أن يقيمك على الأكثر. كن أمينًا في خدمة مدارس الأحد وفصول التربية الكنسية، حينئذ إن سر الرب بأمانتك، يقيمك على خدمة أكبر. كن أمينًا في كل خدمة تعهد إليك، يقيمك الله على التكريس. هناك قوم يظنون أنهم لا يستطيعون أن يخدموا الكنيسة إلا إذا تولوا قيادتهم العليا. يقول الواحد منهم: لو كنت مطرانًا أو اسقفًا، لفعلت وفعلت. لو كنت كاهنًا، لأصلحت هذا الحي كله، أو هذه المدينة أو القرية كلها. بينما قد يكون بعيدًا عن الخدمة، أو خدمته ليست ناجحة. أما أنت فلا تقل هكذا، إنما: كن أمينًا على بيتك، يقيمك الروح على بيت الله. افعل القليل الذي تستطيعه، وكن أمينًا في تربية أولادك، حينئذ يقدم لك الله أولاده لتربيهم. ولعله من أجل هذا، ذكر الكتاب في شروط الكاهن أنه " له أولاد مؤمنون ليسوا في شكاية الخلاعة ولا متمردين" (تى1: 6). وأيضًا " يدبر بيته حسنًا. له أولاد في الخضوع بكل وقار. وإنما إن كان أحد لا يعرف أن يدبر بيته فكيف يعتني بكنيسة الله؟!" (1تي3: 4، 5). فالذي لا يمكنه القليل، كيف يمكنه الكثير؟ الذي لم يستطيع أن يدبر بيتًا واحدًا، كيف يمكن أن يؤتمن على تدبير جميع المؤمنين؟ إن الأمانة تختبر أولًا في القليل. ليس فقط من جهة بيت أو فصل في التربية الكنسية، إنما هناك ما هو قبل هذا أيضًا. هناك الأمانة من جهة جياة الخادم الخاصة وحدها، وكيف يدبرها. لذلك نقول: لذلك نقول كن أمينًا من جهة نفسك، يقيمك الله على نفوس الآخرين. أختبر أمانتك أولًا في تدبير نفسك، هذه التي هي معك كل حين، وتعرف كل أسرارها، وتعرف نقط ضعفها، ويمكنك أن توبخها، ويمكنها أن تعطيك.. فإن كنت غير أمين في تدبير نفسك، كيف تؤمن إذن على تدبير غيرك؟! إن لم تقدر على قيادة نفس واحدة هي داخلك، فكيف تقدر نفوس كثيرة؟! قال أحد القديسين: الذي لا يكون أمينًا على درهم، كاذب هو إن ظن أنه يكون أمينًا على ألف دينار. المهم هو الأمانة، وليست الدرجة التي تتولاها. القديس اسطفانوس لم يكن واحدًا من الأثني عشر رسولًا، ولا كان أسقفًا في الكنيسة، إنما كان مجرد شماس. ولكنه كان أمينًا لهذه الدرجة، حتى آمن الكثيرون على يديه، وافحم مجامع الفلاسفة. وصار في قمة قادة الكنيسة وهو شماس. وبالمثل كان الشماس أثناسيوس القديس، وكان أيضًا الأغنسطس مارافرام السرياني، والقديس سمعان الخراز. والقديس الأنبا رويس، كان أمينًا بلا رتبة. لم يكن شماسًا ولا أغنسطسًا ولا راهبًا، ولا من الاكليروس جملة، ولا من خدام الكنيسة. ولكنه كان أمينًا في حياته الروحية وفي علاقته مع الله، فصار من قديسى جيله، وموضع محبة وتقدير الباباالبطريرك في جيله. المسألة إذن هي الأمانة في الحياة وليست الدرجة. ما هي إذن أمانتك في مسئوليتك، مهما كانت قليلة؟ إن بطل أية رواية لا يشترط أن يكون ملكًا أو رئيسًا أو قائدًا.. بل قد يكون الخادم هو البطل في الرواية. والناس يقدرونه ويعجبون به من أجل أمانته في إتقان دوره، بغض النظر عن ما هو هذا الدور... إذن كن أمينًا في القليل الذي في يدك. واعرف إن صاحب الوزنتين نال نفس الطوبي التي نالها صاحب الخمس الوزنات، لأنه كان أمينًا مثله. وكان تطويب الرب مركزًا على الأمانة، وليس على الوزنتين أو الخمس (متى25: 21، 23). داود كان أمينًا في رعي الغنم، فأقامه الله على رعاية شعبه. كان داود أمينًا على القليل، وهو الغنيمات القليلات في البرية (1صم17: 28) ولما هجم أسد ودب على شاة من القطيع، تصدي لهما داود أنقذ الشاة منهما. وإذ رأى الرب أمانته هذه أقامه على إنقاذ الجيش كله من جليات الجبار. وإذ كان أمينًا في التصدي لجليات، أقامه الله على المملكة كلها... وهكذا أنت، ادخل في مثل هذه السلسة من الأمانة. كن أمينًا في بيت فوطيفار، يقيمك الله على قصر فرعون وأرض مصر... كن أمينًا في الإمكانيات القليلة التي معك، يقيمك الله على إمكانيات أكثر وأكثر. كن أمينًا في تقديم حفنة الدقيق التي معك وقليل الزيت الذي في الكوز، كما فعلت أرملة صرفة صيدا، يقيمك الله على كوار الدقيق الذي لا يفرغ وعلى الزيت الذي لا ينقص، طول فترة المجاعة (1مل17: 12، 16). |
|