|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ليس له أصل مثل إنسان يبدأ الطريق الروحي، ويظهر قليلًا، ثم ينزوي ويبعد، كالنبات الذي ظهر على وجه الأرض، وإذا لم يكن له أصل جف... فما معنى عبارة "وإذا لم يكن له أصل"؟ مثالها إنسان أقدم إلى الحياة الروحية نتيجة هزة معينة، أو تأثر مؤقت بحادث أو بعظة، أو بقراءة معيني، أو نتيجة لمشكلة حاقت، فقال يا رب "إن أنقذتني سأتبعك كل حياتي". وأنقذه الله، فتبعه ولكن إلى حين... وإذ لم يكن له أصل جف. فما هو الأصل؟ الأصل هو حياة الايمان العميقة. وحياة الحب الحقيقية. هو العلاقة الشخصية مع الله، والعشرة، والمعرفة. وليست مجرد الممارسات الخارجية التي لا تنبع من القلب. فالإنسان الذي حياته مجرد ممارسات بدون حب، لا يمكن أن يستمر... فتاة مثلًا، سمعت عظة عن الحشمة والأزياء والزينة، فتأثرت وبدأت تغير مظهرها الخارجي. ولكنها من الداخل لم تتغير. لم تدخل إلى قلبها محبة الله فتغيره. لم تتأسس في داخلها العفة الحقيقية، والزهد في العماليات، والسعي إلى الأبدية. وهكذا قد تستمر مدة في مظهر الحشمة، ولكنها لا تستمر... وإذ ليس لها أصل تجف... أو شاب يقص شعره الطويل، متأثرًا بما من تدريبات روحية في بداية عام جديد. وليس عن اقتناع داخلي بتفاهة هذا المظهر، وببناء الرجولة على أسس سليمة... هذا الشاب قد يبقى هكذا فترة. ثم يطول شعره، فلا يجد دافعًا لتقصيره وينتظر إلى بدابة عام جديد آخر، أو مناسبة روحية أخري. وهكذا يصبح التدين عند أمثال هؤلاء، تدين مناسبات. ليس له أصل قوي، وليس نابعًا من القلب عن إيمان وحب، وإنما هو مجرد تأثرات وقتيه، وانفعالات تزول بعد حين... فهي مثل بيت مبنى على الرمل، بدون أساس. إذن لكي يثبت الإنسان، لابد من أسس روحية توضع داخل القلب وترسخ فيه. ولهذا فإن الروحيات لا تأتي ولا تستمر، نتيجة لأوامر واجبة الطاعة من أب أو أم أو مرشد أو رئيس. إنها تحتاج إلى تكوين علاقة روحية مع الله، علاقة تبدأ داخل القلب، أساسها الإيمان بحياة الروح، وبأهمية الأبدية، وبوجوب تكوين علاقة حب مع الله، حب ثابت وليس مجرد مظاهر أو ممارسات. إنها تبدأ بإصلاح الذات من الداخل. |