|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
" فأخذَ حزقيا الرسالة من رُسُل (سنحاريب) ملك أشور فقرأها، ثمَّ صعدَ إلى الهيكل وفتحها أمام الرب وصلَّى إليه: أيها الرب الجالس فوق الكروبيم، أنتَ هو الإله وحدك لكل ممالك الارض، أنت صنعت السماء والأرض، أمِلْ يا رب أُذنك وٱسمع، وٱفتح يا رب عينيك وٱنظر، وٱسمع كلام سنحاريب الذي أرسلهُ ليُعيِّر الله الحي، حقًا يا رب أنَّ ملوك أشور قد خرَّبوا الأمم وأراضيهم، ودفعوا آلهتهم إلى النار، ولأنهم ليسوا آلهة بل صنعة أيدي الناس، خشب وحجر فأبادوهم، والآن أيها الرب إلهنا، خلّصنا من يده، فتعلم ممالك الأرض كلها، أنك أنتَ الرب الإله وحدك " (2 ملوك 19 : 14 – 19). جيش كبير.. هزمَ ممالك كثيرة.. يقوده ملك أشور سنحاريب.. وها هوَ الآن يُحاصر مملكة حزقيا.. ومن ثمَّ يُرسل رسائل تهديد من سنحاريب إلى الملك حزقيا الذي كانَ أمينًا للرب.. ومما قاله سنحاريب لهذا الملك: " لا تدع إلهك الذي تتكل عليه يخدعك بقوله لكَ، لن تسقط أورشليم في يد ملك أشور، فأنتَ ولا شك سمعتَ بما فعلَ ملوك أشور بجميع البلدان وكيفَ دمَّروها، فهل تنجو أنت؟ فما من إله أية أمَّة أو مملكة أنقذَ شعبه من يدي ومن أيدي آبائي، فكيفَ يقدر إلهكم أن يُنقذكم من يدي؟ ". رسائل تهديد.. هدفها الأساسي، إضعاف معنويات وإيمان الملك والشعب، وإن نجحت في تحقيق هدفها هذا، ستسقط المملكة وتنهار، دون أدنى شك !!! رسائل تهديد.. نستمع إليها هذه الأيام نحنُ أيضًا، بعدَ توقُّف الحرب والقصف.. يقولون لنا أنَّ جولة حرب جديدة قادمة علينا.. وقد تكون أعنف وأشمل من الأولى.. وإبليس يهمس في آذان الكثير، لا سيَّما المؤمنين، ويُهدِّدهم بهذه الجولة، ويسألهم أين هوَ إلهكم؟ أينَ هيَ الوعود والنبؤات التي أُطلقت على كنائسكم وعلى بلدكم؟ وأينَ هيَ النهضة التي بشركم بها رعاتكم وقادتكم؟ وأينَ هيَ البحبوحة والرخاء اللذين وُعدتما بهما، وها هوَ الدمار قد عمَّ بلدكم؟ بلدان كثيرة في المنطقة من حولكم، ٱشتعلت بالحروب والاقتتال، وحتى الآن هيَ تزداد، وأحدًا لم يتمكن من إيقافها، وبلدكم مرَّ بحروب كثيرة، وأرضهُ كما يقول كل المحللين السياسيين، هي أرض تصفية حسابات إقليمية ودولية، وستبقى كذلك على مر الأيام، فأنتم بلد صغير، والبلدان الصغيرة، لا يُحسب لها حسابًا في مصالح وقرارات الدول الكبرى.. و... و... و... أليسَ هذا ما يحصل معنا هذه الأيام؟ وهدف إبليس من كل ذلكَ، هوَ الهدف نفسه الذي حاول تحقيقه مع حزقيا الملك، مستخدمًا ملك أشور سنحاريب.. تعالوا نتعلَّم معًا مما فعلهُ حزقيا الملك. لم يقل حزقيا أنَّ ملك أشور لم يهزم ويهدم ويُخرِّب ممالك كثيرة، لكنه أخذَ رسائل ذلكَ الملك على محمل الجد، وقام بالدور الذي كانَ ينبغي عليه القيام بهِ: دخلَ إلى محضر الرب.. وفتحَ الرسائل أمامهُ، وصلَّى لإلهه الحي.. لقد عرف ذلكَ الملك كيفَ ينقل المعركة من مواجهة بين ملك أشور وشعب الله، إلى مواجهة بين ذلكَ الملك والله نفسه، إذ قالَ لله في صلاته: وٱسمع كلام سنحاريب الذي أرسلهُ ليُعيِّر الله الحي.. إيمانه بالله، وعلاقتهُ الحميمة والأمينة معهُ، جعلهُ يُدرك أن من يُعيِّر أولاد الله، يُعيِّر الله نفسه، أليسَ هذا ما حصلَ أيضًا مع شاول الطرسوسي قبل أن يُصبح بولس الرسول، عندما ٱضطهدَ الكنيسة قبل أن يتعرَّف على الرب؟ ألم يقل لهُ الرب عندما ظهرَ لهُ على طريق دمشق: شاول شاول لماذا تضطهدني؟ تضطهدني أنا وليس الكنيسة، قالَ لهُ الرب !!! رسائل التهديد تلك وهذه.. سنبقى نتلقاها ما دمنا على هذه الأرض، لكن السؤال يبقى: هل كلما زئر إبليس مقلِّدًا صوت الأسد، ينبغي أن نخاف ونرتعب؟ أم ماذا؟ حزقيا، وبعدما فتحَ الرسائل أمام الرب وصلَّى لإلهه الحي، وٱستعانَ بالنبي إشعياء، خرجَ ووجَّه رسالتين: واحدة لشعبه، وواحدة لملك أشور: قالَ لشعبه: " تقوُّوا وتشجَّعوا. لا تفزعوا ولا ترتعبوا من ملك أشور ولا من جيشه، لأنَّ من معنا أقوى من الذي معهُ، معهُ قوَّة بشرية فقط، وأمَّا نحن فمعنا الرب إلهنا يُعيننا ويُحارب حروبنا ". وقالَ لسنحاريب، لا بل نَقَلَ لسنحاريب كلام الله وليسَ كلامه: " ٱحتقرتكَ وٱستهزأت بك العذراء ٱبنة صهيون، تميل برأسها عنك ٱبنة أورشليم، من عيَّرتَ وعلى من جدَّفتَ؟ على من رفعتَ صوتك وإلى من تطلعتَ شامخًا بعينيك؟... عن يد عبيدك عيّرتَ السيد وقلتَ بكثرة مركباتي قد صعدت الى رؤوس جبال لبنان، فأقطع أرزه الطويل وأفضل سروه، وأدخل أقصى علوه... ولكنني عالم بجلوسك وخروجك ودخولك وهيجانك عليّ، لأنَّ هيجانك عليّ وعجرفتك قد صعدا إلى أُذنيّ، ولذلكَ أضع خزامتي في أنفك، وشكيمتي في شفتيك، وأردك في الطريق الذي جئتَ فيه... لذلك هكذا يقول الرب عن ملك أشور، لا يدخل هذه المدينة ولا يرمي هناك سهمًا، ولا يتقدم عليها بترس ولا يقيم عليها مترسة، في الطريق الذي جاء فيه يرجع، وإلى هذه المدينة لا يدخل يقول الرب، وأحامي عن هذه المدينة لأخلصها من أجل نفسي، ومن أجل داود عبدي، فخرج ملاك الرب وضرب من جيش أشور مئة وخمس وثمانين ألفًا، فلما بكروا صباحًا، إذا هم جميعًا جثث ميتة " (إشعياء 37 : 22 – 36). وأنا اليوم، وفي ظل العهد الجديد، العهد الأفضل، في ظل كوننا عروس المسيح، أولاد الله الذين قالَ عنهم: من مسَّهم مسَّ حدقة عيني، أقول لكَ: لا تخافوا رسائل التهديد هذه، ولا تخافوا من طبول الحرب التي يُحاول إبليس أن يقرعها من جديد، بل تقوُّوا وتشجَّعوا، لأنَّ رب الجنود معنا، حتَّى وإن كنتَ ترى نفسك ضعيفًا كالعذراء، تستطيع أن تحتقر العدو ورسائله وتهديداته، وتزدري بهِ، وأريدك أن تعلم علمَ اليقين الذي لا يقبل الشك أبدًا، أنَّ تقاعسك وعدم قيامك بدورك في هذه الأيام المصيرية قد يجعل تهديدات العدو تتحقق، والعكس صحيح وهذا ما نريده، وهذا هوَ هدف رسالة الرب لنا اليوم، إن وقفت في الثغر، ودخلت إلى محضر إلهك، وفتحتَ رسائل التهديد أمامه، وصليت وتشفعت وحاربت، فأنتَ تستطيع أن تغيِّر الظروف والأوقات والأزمنة، وتكون سببًا رئيسيًا مباشرًا في إحلال السلام في بلدك، وتحقيق الوعود والنبؤات، لا تستخف بنفسك، لأنَّ هذا هوَ هدف إبليس الأساسي، بل خذ موقعك الحقيقي في الرب، وٱستخدم سلطانك، وقوة كلمة الله المنطوقة، وقوة دم يسوع الذي يغطيك، وٱقلب المعادلات رأسًا على عقب. وأخيرًا وكعمل نبوي، رسالة ننقلها معًا، كرجل واحد في الحرب، نعم رسالة ننقلها في هذا اليوم، من فم الرب إلى إبليس، كما نقل حزقيا وإشعياء رسالة الرب إلى سنحاريب ملك أشور، قل معي لإبليس: " نعم.. حروب كثيرة تدور حولنا.. وتهديدات كثيرة تُطلق ضدنا.. وحروب كثيرة دارت على أرضنا على مر الأيام.. وأرضنا ما زالوا يحاولون جعلها أرض تصفية حسابات إقليمية ودولية، وبلدنا صغير، ولا يُحسب لهُ حسابًا في القرارات الدولية، ونعم أيضًا خطايا كثيرة ٱرتُكبت وتُرتكب في هذا البلد.. لكــــن.. بلدي صغير، لكن إلهي كبير، وكبير جدًا.. إلهي يُبطل مشورة الأمم، ويُقاوم ما تنويه الشعوب، مشورته تثبت إلى الأبد، ولا فهم، ولا قصد، ولا تهديدات، ولا الكون كله، يستطيع أن يُعطِّل مشيئة الله لبلدي، من تُعيِّر يا إبليس، وعلى من ترفع صوتك وتتعجرف، أعلى رب الجنود؟ أعلى أولاد الله، الذين ٱرتضى الله، أن يجعل جباههم كالصوان، وٱرتضى أن يكونوا عروسه، إلهي سيضع خزامة في أنفك، وسيسحقك سريعًا تحت أقدامنا، نعم بلدي دارت فيه حروب كثيرة، لكن ليسَ بعدَ اليوم، لأنَّ اليوم هوَ غير الماضي، اليوم توجد كنيسة، كنيسة المسيح، تقف في الثغر وتدافع عن لبنان وشعب لبنان، وستقلب المعادلات رأسًا على عقب، وإلهي لن يسمح بأن تُخرب أرضنا، من أجل الأبرار الذين فيها، ونحن أبرار شئت أم أبيت يا إبليس، أبرار لأنَّ إلهي كسانا رداء البر، وعود الرب ستتحقق، نبؤات الرب علينا ستتحقق، سنبني ما هُدم، لا بل سنبني أكثر وأكثر، ونفوس كثيرة ستخلص، وسمك كثير سنصطاد، وتعويضات كبيرة سنتلقَّى، لأنَّ إلهي سيُخرج من الجافي حلاوة، ومن الآكل أكلة، وسترى عيناك يا إبليس، نصرنا وهزيمتك، وسوف تندم على تلك الساعة التي قررت فيها محاربتنا، لأن الذي معنا أقوى من الذي علينا، وقواتك سيتم بلبلتها، وهزيمتها، وسوف ترى قواتك تقاتل بعضها، وسوف ترى ملائكة الرب تدحر قواتك، وسوف ترى وبكل تأكيد، شمس البر تشرق على لبنان، والشفاء والسلام والانتصار والبحبوحة والنفوس الكثيرة في أجنحتها، ولتعد رسائلك لكَ، ولتعد تهديداتك لكَ، ولتعد سهامك لكَ، والكنيسة ستتقدم وأبواب الجحيم لن تقوى عليها، لا جولات حرب جديدة، ولا إرهاب ولا رعب ولا فساد بعدَ اليوم في بلدي، بل نهضة وسلام وطمأنينة، فلتذهب كلماتك وتهديداتك إلى الجحيم ". وشوق قلبي أيها الأحباء، أن نُرسل نحن رسائل تهديد لإبليس.. فأنتَ لستَ تستجدي وتشحذ السلام والأمن والنهضة وتحقيق الوعود والنبؤات من إبليس، وتنتظر موافقته، وأنتَ لستَ تنتظر موافقته على طلباتك وتمنياتك وأشواقك.. بل أنتَ تأمر إبليس بأن ينفذ ويُطيع ويخضع لكل ما تطلبه، أنتَ ٱبن ملك الملوك ورب الأرباب، والملوك يأمرون، وهم متأكدين أنَّ أوامرهم ستنفذ مئة بالمئة، هكذا أريدك أن تنظر إلى نفسك في هذا اليوم، وهكذا أريدك أن تنظر إلى إبليس من الآن وصاعدًا.. أحبائي: لقد ٱرتضى الله القدير، أن يُعطينا هذا الامتياز، أن نكون رجاله في الحرب، ومن خلالنا يُحقق مشيئته على هذه الأرض، فلنُفرح قلبه، ونتجاوب مع رسالته، ومع دعوته لنا، ولنحقق النصر، لأنَّ النصر يأتي من خلالنا، وليسَ من خلال قرارات الدول والسياسيين. |
|