|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القمص ميخائيل يرقد أخيرًا في الرب كلمة البابا في يوم نياحته باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين إننا نغبط أنفسنا كثيرًا، لأننا عشنا في هذا الجيل الذي عاش فيه القمص ميخائيل إبراهيم.. أجيال كثيرة تحسدنا، لأننا رأينا هذا الرجل وسمعناه وعاصرناه وعاشرناه، وتمتعنا به زمنًا، وتباركنا بصلواته.. كان بركة: إن القمص ميخائيل إبراهيم، كان بركة في زمننا الحاضر. كان كل من يجلس إليه، يشعر أنه أخذ من الروح شيئًا. كان إنسانًا نشهد أن فيه روح الله. من أهل السماء التابوت الموجود به جسد القمص ميخائيل إبراهيم بعد نياحته، يوم الصلاة على الجثمان الطاهر عينات كثيرة من الناس أمامنا. ولكن هذه العينة قليلة الوجود.. إنه شخص من أهل السماء، انتدبته السماء زمنًا ليعيش بيننا، ليقدم للبشرية عينة صالحة وصورة مضيئة من الحياة الروحية السليمة. وقد أدى واجبه على خير وجه. عمل قدر ما يستطيع، في صحته وفى مرضه، في شبابه وفى شيخوخته، في قوته وفى ضعفه. ومازال يعمل.. كان يعمل كاهنًا ومرشدًا، الآن أصبح يعمل كشفيع عن الناس. إنه حاليًا رسول من الأرض إلى السماء، يعرف ما نحن فيه، ويستطيع أن يسأل الله من أجلنا في كل ما يعرفه عنا.. كان مملؤًا سلامًا: كان نفسًا هادئة، مملوءة من الإيمان والطمأنينة، مملوءة من السلام الداخلي. لم أره في حياتي إلا مبتسم الوجه، بشوشًا، طيبًا، يعطى أكثر مما يأخذ، ويملأ كل من يقابله بالسلام والهدوء.. أتذكر أنني في يوم من الأيام، كانت تحيط بي تحيط بي ضيقة شديدة. وفجأة رأيت هذا الرجل أمامي، كأن السماء قد أرسلته. وقال لي وهو مبتسم وهادئ وبشوش: [تأكد أن الموضوع ده للخير].. كان يتكلم كلام الواثق الذي يطمئن من يقابله.. وكان رجل صلاة: كان رجل صلاة. وكل المشاكل التي كانت تمر به وبأولاده، كان يحلها جميعًا بالصلاة. أحيانًا كان لا ينصح ولا يرشد، ولا يتكلم عن حل. إنما يقول ببساطة: [نصلى]. وكانت صلاته أقوى. كثير من الناس كانوا يطمئنون على أنفسهم، عندما يقابلونه ويحكون له، فيشعرون أن مشكلتهم قد حلت، لأن القمص ميخائيل إبراهيم قد سمعها بأذنيه، وأصبحت وديعة في قلبه. وكان أيضًا.. قداسة البابا شنوده الثالث يرأس الصلاة على جثمان المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم كان رجلًا يسلم الله كل شيء: أتذكر أنه عندما توفيت السيد زوجته، وبعد الصلاة عليها، وقف في داخل الكنيسة، ورفه يديه إلى فوق، وقال بصوت مؤثر من أعماقه: [أشكرك يا رب].. كان إنسانًا مدققًا في حياته، يعطى لله حقه كله. وكان بسيطًا ووديعًا ومتواضعًا ومحبوبًا من الكل.. لا أستطيع أن أتكلم عنه بما يجب، لأنه كيف لي أن أتأمل رحلة ستة وسبعين عامًا من هذه الحياة.. 76 سنة مرت، وكل يوم له قدسيته، وله تأملاته، وله صلواته، وله شركته مع الله.. وكيف أتكلم عن حوالي ربع قرن من الزمان، قضاها في الكهنوت: في تعب عجيب، ود لا يوصف.. كان وهو في عمق مرضه، ينزل ليؤدى خدمات روحية أو ماليه، أو صلوات للناس.. وفى السنة الأخيرة كان قد تعب جدًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.وفى عمق تعبه، وفى عمق تعبه، كان يذهب ليصلى ويفتقد، حتى وقع في الكنيسة من الإعياء والمرضى. إنه إنسان عجيب، أعطانا مثلًا على أن الكهنوت ليس مجرد علم ولكنه روح.. أعطانا فكرة عن الأبوة الحقة، وعن الرعاية السليمة، عن الحنان، عن الحكمة التي من فوق التي هى من مواهب الروح القدس.. قبل الكهنوت: كنت أعرف القمص ميخائيل إبراهيم من قبل أن يصير كاهنًا، وكنا نرى فيه الإنسان البسيط، الإنسان الروحي البسيط.. كنت أسكن في كنيسة مارمينا بمصر القديمة. وكنا نرى هذا الرجل يأتي ويسجد أمام عتبة الكنيسة من الخارج، ويسجد عدة سجدات حتى يصل إلى الهيكل. ويصلى وهو في عمق الصلة بالله. كنا نشعر أنه -وهو علماني- أكثر عمقًا من كثيرين من الذين في الكهنوت. فلما صار كاهنًا، أعطاه الله موهبة أعمق.. خسارة إنها خسارة كبيرة أن نحرم من هذا الإنسان.. نحن نؤمن أنه لم يمت، بل هو انتقال. ولكن لا شك أن هذا المرشد العميق، وهذا القلب المحب، وهذه الطاقة الجبارة، قد بعد عنا.. نطلب أن يكون قريبًا منا بصلواته وطلباته. يدفن في الكاتدرائية: عندما طلبت منهم في الكنيسة، كنيسة مارمرقس بشبرا، أن يدفن هنا في الكاتدرائية، أسفل الهيكل الكبير، خلف ضريح مارمرقس.. فإن السبب الظاهري الذي قلته لهم هو الآتي: قلت إن القمص ميخائيل إبراهيم رجل عام، ليس ملكًا لكنيسة واحدة.. وأبناؤه في كل موضع، في كل حي، في كل بلد، لا يصح أن يقتصر على مكان معين. فالأفضل أن يدفن هنا، في مكان عام. أما السبب الحقيقي الذي في أعماقي، فهو أنني كنت أريد أن يصير جسد هذا الرجل البار سندًا لنا في هذا الموضع، نستمد منه البركة.. [وهنا بكى البابا. وقام نيافة الأنبا يؤأنس أسقف الغربية، يكمل الكلمة] ثم تكلم القمص مرقس داود عن كنيسة مارمرقس بشبرا، وعن الأسرة فوجه كلمة الشكر. ← في نهاية الكتاب يوجد: تحية الشعر للمتنيح القديس القمص ميخائيل إبراهيم، بقلم المهندس وليم نجيب سيفين، عضو المجلس الملي العام. |
|