|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خدمته في بلبيس جمعية يؤسسها ثلاثة:استقبلت مدينة بلبيس (شرقية) موظفها الجديد ميخائيل أفندي - بشغف كبير. وكان يؤدى عمله بأمانة واستقامة، وعرف بالنزاهة الكاملة، فاحتل مكانة طيبة في قلوب مواطنيه0 وفى المجال الروحي، التقى بالمرحوم جرجس عبد الملك زميله في العمل، وبزميله الآخر الشماس عوض الله حنا حفظه الله، هو بالمعاش الآن بالزقازيق وكان اللقاء المثلث نواة لجمعية روحية، آلت إلى كنيسة بلبيس الحالية.. القمص يوحنا جرجس موظف بسيط أمين.. يبنى الكنيسة إن معرفتي بالراحل الكريم ترجع إلى سنة 1927، حينما كنت زميلًا له في مركز بلبيس، موظفين تابعين لوزارة الداخلية، متلاصقين في المكاتب، ومتجاورين في السكن. وأمضيت معه حقبة طويلة حتى سنة 1935. وكان أنموذجًا للموظف الكفء الأمين. ومع شدة تمسكه بالدين وتعاليم الكنيسة المقدسة وطقوسها، كان يولى عمله المصلحة كل إتقان ورعاية. إذ يندر أن عثر له مفتش أو رئيس على الخطأ. ومعلوم أن مدينة بلبيس الحالية مدينة قديمة في التاريخ، وكان بها كرسي أسقفية كما يخبر بهذا سنكسار الكنيسة. والزائر لها في ذلك الوقت، كان يرى في شوارعها وأزقتها بقايا الأديرة، وأعمدة الكنيسة القديمة ملقاة في الطرقات. وكانت بها قلة من المسيحيين رقيقي الحال. فلما وفد إليها ميخائيل أفندي، نقلًا من كفر الشيخ، اختمرت لديه فكرة إقامة كنيسة بها، ولكن لم يكن فيها سوى الإرسالية الإنجليزية. وكنا نعارض في هذا، لأن البلدة قليلة الموارد، لا تنهض بتكاليف البناء ولا بمعيشة خدام الكنيسة. وكنا نحن نتكلم بلغة الحساب والنفقة، وكان كلامه هو بلغة الإيمان الذي انتصر أخيرًا. وأقيمت الكنيسة، وهى تؤدى رسالتها الآن. وبهذه المناسبة لا يفوتني أن أذكر فضل الرجل العادل كريم العنصر، المرحوم حسنين بك شرف الدين مأمور مركز بلبيس وقتئذ، ومحافظ دمياط بعد ذلك، ووالد الأستاذ مجدي حسنين من رجال الثورة، الذي عضد المشروع ومهد كل السبل في إقامته، غير آبه بأقوال المعارضين من أهل البلدة ومما يجب التنويه به، أنه في حالة حفر أساس هذه الكنيسة، عثر على تمثال نحاسي بطول 25 سم. إنه آية في الروعة والجمال، يمثل السيد المسيح مصلوبًا على الصليب خشبي، وبمرور الزمن تآكل الخشب، وبقى التمثال النحاسي. وقد يكون مودعًا حاليًا في كنيسة بلبيس التي عثر عليه في أساسها. عوض الله حنا منصور صلته بجمعية أبناء الكنيسة، ولقاءه بالأستاذ نظير جيد كانت الجمعيات الوعظية التي تتمثل في جمعيتي الإيمان وأصدقاء الكتاب، والجمعيات الشماسية التي تتمثل في جمعيتي نهضة الكنائس وأبناء الكنيسة، ذات أثر فعال في النهوض بالمنبر وخدمة المذبح بالقاهرة والأقاليم، عن طريق الخدمات المنتقلة والفروع الناشئة. وما كنت أثناء دراستي بالتعليم العالي شماسًا بجمعية أبناء الكنيسة بالقاهرة، وجدت في تأسيس فرع لهذه الجمعية بالزقازيق سنة 1927 امتدادًا لحياة أفضل. قام هذا الفرع بنهضات روحية كانت واسطة لقاء مع العامل الغيور في كرم الرب بالشرقية، ميخائيل أفندي. كما كانت واسطة لقاء مع العامل الغيور في كرم الرب بالشرقية، ميخائيل أفندي. كما كانت واسطة لقاء بينه وبين الأستاذ نظير جيد، المدرس حيث كان يلبى دعوه الجمعية بالزقازيق، لإلقاء عظات في نهضاتها. وهو الآن الجالس على العرش المرقسي قداسة البابا شنوده الثالث. وكم كنت أسعد حين يطلب منى الأستاذ نظير ملابس شماس يرتديها قبل أن يعتلى منبر الوعظ. فكنت أحتفظ له بالتونية الخاصة بي، التي مازلت أحتفظ بها لهذه الذكرى المقدسة التي علمتني احترام المنبر وتقديسه. وكان ميخائيل أفندي يحضر عظات هذه النهضات الروحية. ويشير إلى بما معناه (إن لهذا الشماس نظير جيد عملًا يعده له الرب في مستقبل الكنيسة). ولم يتقابلا شخصيًا في ذلك الوقت، ولكنهما ارتبطا قلبيًا، إلى أن سمحت إرادة الرب بلقائهما في مجال الخدمة الفسيح.. وقد اختار قداسة البابا شنوده القمص ميخائيل إبراهيم لعضوية المجلس الإكليريكي للكنيسة القبطية عامة. القمص يوحنا جرجس فكرة بناء كنيسة بلبيس: دعا ميخائيل أفندي جمعية أبناء الكنيسة بالزقازيق للوعظ في جمعية بلبيس سنة 1932. وكانت العظة التي أعطانيها الرب هي قول موسى النبي لشعبه: "كفاكم قعودًا بهذا الجبل (جبل حوريب)". وكنت أقصد أن يفكر شعب بلبيس في عدم الاكتفاء بالنبتة الصغيرة، وهى الجمعية، بل يرتقون بها إلى كنيسة. وفى يوم الجمعة الخامسة من الصوم المقدس عام 1933 قامت جمعية أبناء الكنيسة بالزقازيق، بصلاة القداس الإلهي في كنيسة بلبيس. ووقف ميخائيل أفندي يلقى كلمة الكنيسة، ويرحب بشمامسة الجمعية، فقال: [نرجو يا أخ فهمي (وهو الاسم الذي كنت أحمله قبل الكهنوت) أن نكون قد تركنا جبل حوريب، الذي كنا فيه في العام الماضي]. كانت مدينة بلبيس من أمهات المدن المصرية، وقد ذكرها المؤرخ بطلر Buter في كتابه عن الفتح العربي. وكانت عامرة بكنائسها ومؤمنيها، غير أن الغزوات التي توالت على مصر قضت على مقدساتها، فاندثرت كنائسها، حتى قيض الرب لها ميخائيل أفندي إبراهيم، فصار لها بعث جديد، حيث أنشأ كنيستها. ولبناء هذه الكنيسة قصة جميلة: قصة بناء هذه الكنيسة: الأرض الأولى التي شرع ميخائيل أفندي وزملاؤه في بناء الكنيسة عليها، تغيرت لأن بعض العناصر هدموا ليلًا ما بنى نهارًا. وكذلك كان نصيب الأرض الثانية. إلى أن التقى صديق مخلص من المواطنين بميخائيل أفندي، ونصحه أن يتخير أرضًا بعيدًا عن العمران. ولما تم ذلك الاختيار، عثر أثناء حفر الأساس على تمثال برونزي للمسيح مصلوبًا، فكان هذا علامة على أن الله يختار الزمان والمكان. ولست أعلم مصير هذا الصليب: هل موجود في الكنيسة كأثر مبارك، أم أنه محفوظ لدى أسرة مجاورة للكنيسة؟ أما ميخائيل أفندي فكان وزملاؤه يحملون مواد البناء على أكتافهم مع العمال، حتى تم بناء الكنيسة. إن من ضواحي بلبيس قرية "ميت حمل"، بلغنا بالتواتر أن عدد مذابح كنائسها كان مائة مذبح تقدم عليها القرابين، وليس بها الآن مذبح واحد. ولكن بعث الكنيسة التي تقيم الباقية من أسرات المسيحية المتناثرة في ضواحي بلبيس، إلى الكنيسة التي تقيم لها مراسيمها الدينية. وهكذا يعمل الله بالقليل وبالكثير. عناية المتنيح بهذه الكنيسة: صارت الكنيسة في بلبيس بركة لا تقدر. وأرسل لها الرب كاهنًا من بلدة الغنايم (مديرية أسيوط)، وهو المتنيح القمص دوماديوس، الذي قبل العمل بشروط وروح ميخائيل أفندي، وهى مجانية الخدمة، والصلاة في الصوم المقدس حتى الخامسة من مساء كل يوم. وكان ذلك الكاهن مثاليًا، صابرًا أمينًا، ظل يرعى شعب بلبيس على الرغم مما عاناه من آلام نفسية كثيرة. وكان الموظفون بديوان مديرية الشرقية، يحبون ميخائيل أفندي حبًا جمًا، ويرسلون له التبرعات والاشتراكات للكنيسة الناشئة. وأذكر منهم المرحومين متري عبد الملك ببندر الزقازيق، وجرجس ميخائيل بالقلم الإداري بالمديرية، ويوسف عبد الملاك بالقلم المالي. وظل ميخائيل أفندي يمد الكنيسة باحتياجاتها حتى تنيح في أحضان القديسين. كما كان يرعى كاهنها، إلى أن حضر إلى القاهرة يومًا ما، فصدمته سيارة بشارع رمسيس، حيث قضى نحبه بالمستشفى القبطي. وظل أبونا ميخائيل يرعى أسرته حتى النفس الأخير. القمص يوحنا جرجس عجائب أحاطت ببناء الكنيسة: في سنة 1930 كنت قد نقلت رئيسًا لمكتب مباحث بلبيس، وتقابلت مع ميخائيل أفندي (كما كان ينادى به في ذلك الوقت)، وكان يعمل كاتب خفراء مركز بلبيس، وشعرت بمدى بركة هذا الرجل وروحه الملتهبة بمحبة المسيح. وفى أحد الأيام اقتراح ميخائيل أفندي أن نؤجر حجرة ونجتمع فيها، ونمارس نشاطنا الروحي. وكان يدعو واعظًا هو بشارة بولس، زوج ابنة أبينا القمص عبد المسيح كاهن كنيسة الفجالة وقتئذ. ثم رأى ميخائيل أفندي أن نؤسس جمعية ونجمع تبرعات. ومن هذه التبرعات أمكن شراء قطعة أرض زراعية. ورأى أن يقوم بحراسة هذه الأرض الشخص الذي كان يزرعها، وأذكر أن هذا الخفير كان اسمه محمد أو سيد. + وأثناء الحفر -توطئة لوضع الأساس- وجد صليب من الحديد، طوله حوالي مترين، مدفون في الأرض وعليه آثار تنبئ أنه كان مثبتًا في صليب خشبي، مما أوحى للجميع أنه كانت في موضع هذه الأرض كنيسة اندثرت بفعل الزمن. وقد احتفظ بهذا الصليب في الكنيسة بعد بنائها. + ومما يذكر أيضًا أن الخفير الذي كان مكلفًا بحراسة الأرض. عندما قابله ميخائيل أفندي، واستفسر منه عن ظروفه وحراسته. قال هذا الخفير: [كتر خير ضابط المباحث (الذي هو أنا)، فانه يرسل لي كل ليلة الشاويش سيد الموجود بالمركز، راكبًا حصانه الأبيض، ويبقى طول الليل معي في الحراسة، ويمر على الأرض إلى الصباح]. وقد كان هذا الشاويش مشهورًا في المركز، وله هيبة ووقار، وصحته قوية، ولما قابلني ميخائيل أفندي، وأخبرني بأقوال الخفير، أجبته [أبدًا. أنا لم أرسل الشاويش سيد، ولم أكلفه بحراسة الأرض] + وعندما سمع ميخائيل أفندي وأعضاء الجمعية ذلك، علموا أن ذلك الشخص هو الشهيد العظيم مارجرجس. وعندما اكتمل بناء الكنيسة، طلبوا أن تسمى باسم مارجرجس. ولكن ميخائيل أفندي قال لهم: قد يوجد شخص يتشفع بمارجرجس، وآخر بالعذراء، وثالث بالملاك ميخائيل، ورابع بمار مرقس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.فالأفضل أنم تعمل قرعة بين هؤلاء القديسين، كما حدث عند اختيار متياس الرسول. فأقام الشعب صلوات وأصوامًا. وفى يوم معين اختاروا طفلًا ليأخذ القرعة.. وكانت على اسم مارجرجس. ففرح الشعب. وسُمِّيَت الكنيسة باسم مارجرجس. + واحتاج الشعب إلى كاهن ليرعى الكنيسة، فطلب إليهم ميخائيل أفندي أن يصلوا ويصوموا إلى الله أن يرسل لهم كاهنًا يرعاهم، لأن الآباء الكهنة ما كانوا يحبون الذهاب إلى بلبيس ونواحيها، حيث كان الأطفال يزفونهم بعبارات غير لائقة.. وفى أحد أيام انقلب قطار بضاعة على الشريط. ونتيجة لذلك تعطل قطار الركاب الذي أتى بعده، ووقف عند محطة بلبيس. ونزل الركاب لكي يتفرجوا على البلد، خصوصًا عندما علموا أن هناك عطلًا لست ساعات على الأقل. وكان من ضمن الركاب أحد الآباء الكهنة، أخذه ميخائيل أفندي معه وأكرمه، وسأله عن كنيسته. فلما علم منه أنه بدون كنيسة، عرض عليه الخدمة في بلبيس..! وكان أسم هذا الكاهن "أبونا دوماديوس". ولم يعد بالقطار، وتذكرته في جيبه. واستقر في البلد. وفى اليوم التالي مباشرة، أقام القداس بالكنيسة. + ثم صلى الشعب لكي يرسل الله مرتلًا للكنيسة (المعلم): وحدث أن أرسل أحد المرتلين، واسمه المعلم إبراهيم، خطابًا للكنيسة، يعرض حضوره بعد أن سمع ببناء كنيسة في بلبيس، فوافقوا على حضوره.. + ومما يذكر أنه توجد بجوار بلبيس بلدة اسمها "ميت حمل"، ويُقال أن سبب تسميتها بهذا الاسم أنه كان يقدم فيها كل أسبوع مائة خمل أي يصلى مائة قداس.. وبالقرب منها اسمها "الزربية"، حيث كان المسيحيون الذين يحضرون إلى ميت حمل، يتركون فبها دوابهم إلى أن يحضروا القداس. وقد تغير اسمها إلى العدلية، حينما عين منها وزير للعدل. وكان في ذلك الوقت (محمود باشا صالح). +وفى يوم من الأيام، وكان ميخائيل أفندي يخدم شماسًا في الهيكل، صدمت عربة حانطور ابنه الصغير بطرس (م. بطرس حاليًا)، ومرت بعجلاتها فوقه.. وصرخ المارة، وظنوا أنه مات -أطال الله حياته- وذهب الناس إلى ميخائيل أفندي أثناء خدمته كشماس، وقالوا له: [ابنك بطرس داسته عربة حانطور ومات.]. وإذا بميخائيل أفندي يرد بهدوء عجيب: [أعمل إيه، لتكن مشيئة الرب]. ولم يترك الهيكل، واستمرار في صلوات القدس.. ولم يمت بطرس، وكان العربة لم تمر عليه إطلاقًا. أغنسطس عقيد (بالمعاش) بطرس صليب بطرس المأمور يساعده في بناء الكنيسة كانت نعمة الله تعمل، فبدأت مباني الكنيسة تعلو. فذهب وفد إلى مأمور المركز، وقالوا له بأنه لا يصح أن تبنى كنيسة في عهده. ولكنه كان رجلًا حكيمًا، يحب ميخائيل حبًا جمًا، حيث كان ميخائيل يتحلى بجميع الصفات المسيحية الحقة، وكان بحق رائحة المسيح الذكية وسفيرًا حقيقيًا للمسيح. فهدأ المأمور من ثائرتهم، وأفهمهم أنه لا يصح أن يقف أحد في سبيل أقامة أو تعمير بيوت الله. ثم استدعى ميخائيل وطمأنه، وطلب منه الإسراع في إتمام المباني وبمعونة الله تشييد الكنيسة، (ولها قبة بالخرسانة المسلحة) باسم الشهيد العظيم مارجرجس، وبجوارها مسكن للكاهن. كمال إبراهيم رزق ناظر كنيسة العذراء بكفر عبده ولما كنت منن زملائه بحكم العمل، حيث عينت معاون مالية لمركز بلبيس عام 1936. وبمجرد دخولي سمعت عن نزاع مع (ميخائيل أفندي إبراهيم) الذي كان كاتبًا لخفر بلبيس، بسبب الاجتماعات الدينية التي كان يعقدها مساءًا بالجمعية، وبسبب جمعه نقودًا ليناء كنيسة في بلبيس. وكان مأمور المركز يعطف على (ميخائيل أفندي)، لأمانته في عمله، ومواظبته على المواعيد. ولأنه كان يمتاز بأنه يكتب ميعاد حضوره بالضبط إن جاء متأخرًا، بعكس باقي الموظفين الذين مهما تأخروا لا يثبتون تأخيرهم بل يسجلون أنهم جاءوا في الموعد الرسمي.. وكان المأمور يندهش إذ يلاحظ أمانة هذا الموظف الذي يسجل على نفسه التأخير أحيانًا، ولا يتصرف كالباقين الذين كانوا يلومون (ميخائيل أفندي) على تصرفه، لأنه بذلك قد يكشفهم.. لذلك كان المأمور يحترمه، ويثق في أمانته، ويحبه لحسن عمله، ونشاطه في إنجازه بدون تأخير، وبدون غاية أو غرض. ولهذا لما وردت الشكاوى ضده، أراد المأمور أن ينقذه ويحقق له غرضه.. فسأل المأمور الشاكين: هل إقامة كنيسة للموظفين الأقباط عار أو عيب؟ أليست مكانًا لعبادة الله؟ فرد بعضهم: [نعم، هى محل عبادة، ولكن لا يوجد عدد كاف للعبادة]. فقال المأمور: [وماذا يهمنا إن كان يوجد عدد كبير للعبادة أو عدد قليل؟ إن هذا لا يؤثر علينا].. ولم يكتف المأمور بإقناع الشاكين، وإنما كلفهم أيضًا بالمساهمة في تكاليف البناء وقال: يجب أن نتعاون مع أخوتنا بسبب ضعفه وقلة عددهم. فهذا يشرفنا.. وهكذا تكفل بعضهم بالخشب، والبعض بالأسمنت، والبعض بالطوب.. وبنيت الكنيسة وارتفعت منازلتها. وذلك بقوة الرب، وببركة (ميخائيل أفندي) كاتب الخفر.. كامل عبد الملك الإرسالية الإنجليزية لا تعارض: لم تكن في بلبيس كنيسة، كما لم تكن هناك أية رابطة، أو أي اجتماع روحي للأقباط. سوى الاجتماع الذي كانت تقيمه الإرسالية الإنجليزية كل يوم أحد. وعندما استقر المقام بميخائيل إبراهيم في بلبيس، وطد علاقته بجميع الناس، بما حباه الله من قلب كبير وعقل راجح. وقد أحبه الجميع، ومنهم المرسلون الإنجليز الذين كانوا يحترمونه ويجلونه إلى أبعد مدى. حتى أنه عندما شرع في تأسيس جمعية قبطية تشرف على اجتماع للأقباط، لم يروا في ذلك غضاضة أو منافسة لهم، بل قابلوا عمله بفرح. كمال إبراهيم رزق ناظر كنيسة العذراء بكفر عبده جمع التبرعات لما شرع في تأسيس كنيسة قبطية ببلبيس -وكان ذلك في الثلاثينات- أخذ موافقة مطران الشرقية، الذي باركه وأعطاه طرس البركة لجمع التبرعات.. وقام يعاونه المرحوم الشماس رمزى بولس، الذي أحبه بكل جوارحه. بزيارة كثير من البلاد. وبنعمة الله تمكن من جمع مبلغ كبير يكفى للبدء في إقامة الكنيسة. فاشترى الأرض اللازمة. وعندما شرع العمل في حفر الأساسات، عثروا على تمثال للسيد المسيح على الصليب، حيث كانت بلبيس مدينة عامرة بالكنائس في العهود القديمة. وكان هذا الأثر فألًا حسنًا، واختيار الأرض بإرشاد من الله. كمال إبراهيم رزق روحياته في بلبيس: لما انتقل ميخائيل أفندي إلى بلبيس، كان إناءًا مختارًا أعده الرب للخدمة: ومن مميزاته أنه كان يبدأ بصلاة المزامير عند وصوله إلى المكتب في الصباح. ويختم عمله عند الانصراف بصلاة سرية. وفى يوم الأحد بالذات، لا يؤدى عملًا مصلحيًا إلا ما تقضى به الضرورة. وكانت له تأملاته في الإنجيل. ولم ألاحظ في علمانيته أنه أخل بنظام الصوم. فكان لا يتناول طعمًا إلا في الغروب. وفى أسبوع الآلام كان يحصل على إجازة طول الفترة، ليقضيها متعبدًا في الكنيسة. وكان لا يؤمن كثيرًا بطب الأجسام، ويؤثر عليه في كل مناسبة مرض الصلاة وسر مسحة المرضى. وأذكر في هذه المناسبة، أنه في يوم عيد من الأعياد، كان نجله بطرس (المهندس بطرس حاليًا) يلعب في الشارع، فصدمته عربة حانطور صدمة أثرت على ضلوعه. فاستدعى ميخائيل أفندي الأب الكاهن لعمل القنديل ودهنه بالزيت المقدس، ولم يلتفت لنصيحة الناصحين باستدعاء أحد الأطباء. وكان لا يرد سائلًا أو محتاجًا. فيستضيفه لينام في بيته، ويزوده بما يقدر عليه، ويصرفه بسلام. وقد يكون من هؤلاء الفقراء من هو رث الثياب، فلا يستنكف أن يأويه في مخدع مناسب في منزله.. وكان إحسانه أيضًا خفيًا. وأذكر في بلبيس، أن مساعدًا بالمركز، غير مسيحي، كان مريضًا، وانقطع عن العمل مدة من الزمن أثرت على معيشته. وكان قريبًا من مسكن ميخائيل أفندي. فكان يقرع على نافذته في أوائل كل شهر. حتى إذا فتحت النافذة، القي بعض النقود فيها وانصرف، دون أن يعرفه أحد، إلى أن تنبه إلى ذلك أحد الجيران ذات يوم في صباح مبكر. وقد ذكر لي هذه الواقعة المرحوم السيد عبد الغنى محمود، الذي كان معنا في المركز. وكان في صميم عقيدته، أن يطاع الله أكثر من الناس: فلا يأتي عملًا خارجًا عن أخلاقياته كمسيحي، مهما كان الباعث إليه أو الأمر به. وله في هذا الأمر أمثلة عديدة لا يتسع المقام لذكرها. إنه لم يلتحق في شبابه بمدرسة إكليريكية، إلا أنه في سلوكه وتدينه وعفته وغيرته، كان رسالة مقروءة من جميع الناس، حتى وصل إلى ما وصل إليه، وقد نقل من بلبيس إلى ههيا.. على أن صلتي به لم تنقطع. وكانت له فيها جولات يعرفها الذين عاشروه هناك. عوض الله حنا منصور بالمعاش - بكفر الصيادين بالزقازيق |
|