|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اترك المحبة المضادة * للوصول إلي محبة الله، ينبغي أن تبعد عن كل محبة مضادة، وبالتالي تبعد عن شهوات العالم.. وقد ركز الرسول محبة العالم في (شهوة الجسد، شهوة العين، تعظم المعيشة) (1يو2:6). وقال (أن أحب احد العالم، فليس فيه محبة الآب.. والعالم يبيد وشهوته معه..) (1يو15:17). ومن أجل أهمية هذا الأمر، فإن الكنيسة في كل قداس بعد قراءة الكاثوليكون، تردد علي أسماعنا قول الرسول. (لا تحبه العالم ولا الأشياء التي في العالم) (1يو2: 15). وقد قال القديس يعقوب الرسول (إن محبة العالم عداوة لله) (يع4:4). إنك لا تستطيع إن تعبد ربين، أو تخدم سيدين (مت6:24). فإما محبة الله، أو محبة العالم. كلما ازدادت محبة العالم قلبك، فإن محبتك لله تقل. وكلما ازدادت محبتك لله، فعلي نفس القياس تقل محبتك للعالم وكل ما فيه، وتصبح كل شهواته تافهة في نظرك، كما قال القديس بولس الرسول (خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية، لكي أربح المسيح، وأوجد فيه) (في3: 8، 9). أن الكنيسة بلغت قمة محبتها لله في عصر الاستشهاد، وارتبط ذلك أيضًا بقمة زهدها في العالم. فالذي يشتهي شيئًا في العالم، لأبد أن يشتهي أيضًا البقاء فيه. أما الذي يزهد العالم وشهواته، فإنه يشتهي الانطلاق منه ليكون مع المسيح، فذاك أفضل جدًا (في1: 23).. وهكذا من أجل محبة الله، كان يشتهون الاستشهاد.. وكانت أصوات التسابيح والصلوات تملأ سجونهم، كما حدث مع بولس وسيلا وهما في سجن فيلبي (أع16: 25). ونسمع في قصة استشهاد القديس أغناطيوس الأنطاكى، أن حينما أرسله الحكام إلى رومه لإلقائه إلى الأسود الجائعة، واراد أهل رومه المسيحيون أن ينقذوه من الموت، أرسل إليهم القديس أغناطيوس رسالة يقول لهم فيها (أخشى أن محبتكم تسبب لي ضررًا..). كانت في قلبه شهوة الموت، للالتقاء بالله.. أما الذي شهواته تكون في العالم، فإنه يقول مع الغني الغبي (أهدم مخازني وأبني أعظم منها، وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي. وأقول لنفسي: يا نفسي، لكي خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة. فاستريحي وكلي وأشربي وأفرحي) (لو12:18،19).. ولم يفكر ذلك الغني في الله، ولم يرد أسمه علي لسانه ولا في فكره، لأن قلبه متعلق بماله ومخازنه وخيراته الأرضية. حقًا كما قال الرب: حيث يكون كنزك، هناك يكون قلبك أيضًا (مت6:21) (لو12:34). فأين هو كنزك يا أخي؟ هل هو علي الأرض حيث يفسد السوس والصدأ، وينقب السارقون ويسرقون (مت6:19)؟ هل كل كنوزك هي شهوات العالم وألقابه وأمجاده وألوان المتع التي فيه،.وهناك قلبك أيضًا!! إذن فقلبك خالي من الله. والمحبة التي في قلبك، قد تحولت إلي العالم، ولم يعد لله فيها نصيب.. أتراك تستطيع أن تستمتع بالعالم، كما فعل سليمان؟! الذي كانت له جنات وفراديس، وعبيد وجواري، ومغنين ومغنيات، وخصوصيات الملوك، ومئات من النساء. ومهما اشتهته عيناه لم يمسكه عنهما (جا2:4-10). وفي كل ذلك ابتعد عن الله (ولم يكن كاملًا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه) (1مل11:4).. بل أنه استحق منه العقوبة التي استمرت مع نسله. وكل ما تمتع به سليمان من متع العالم، قال عنه أخيرا (ثم التفت أنا إلي كل أعمالي التي عملتها يداي، وإلي التعب الذي تعبته في عمله، فإذا الكل باطل قبض الريح، ولا منفعة تحت الشمس) (جا2:11). إذن، لا تجعل قلبك في شهوات العالم، فإن الباب الواسع لا يوصل إلي الملكوت (مت7:13). متع العالم لن توصلك إلى الله، بل هي تبعدك عنه.. وان دخلت محبة العالم إلى قلبك، فسوف تري أن أفكارك ومثلك بدأت تهتز.. وحينئذ ستناقش المثاليات التي كنت تؤمن بها، وقول: وما المانع أن أفعل كذا وكذا؟! وما الخطأ وما الحرام في أن أتمتع بكذا وكذا. وتبدأ في سلسلة مساومات مع المبادئ والقيم!! والسبب في كل هذه الأسئلة والمساومات والمناقشات، هو أن محبتك لله قد قلت.. أن بدأت محبة العالم تدخل إلى قلبك، فبالضرورة محبتك لله ستقل.. فهذه هي مأساة ديماس، التي سجلها بولس الرسول بقوله (ديماس تركني، لأنه أحب العالم الحاضر) (2تي4: 9). وهذه هي أيضًا مأساة كثيرين كان يذكرهم القديس بولس في رسائله، ثم تحدث عنهم في رسالته إلى فيلبى وهو باك وقال الذين نهايتهم الهلاك، ومجدهم في خزيهم، اللذين يفتكرون في الأرضيات) (في 3: 18- 19). لعلك تقول: ولكني أعيش في العالم.. نعم، أنت تعيش في العالم، ولكن لا تجعل العالم يعيش فيك. كما قال القديس بولس (والذين يستعملون هذا العالم، كأنهم لا يستعملون، لأن هيئة هذا العالم تزول) (1كو7: 31).. عش في العالم كغريب عنه كما عاش آباؤنا القديسون الذين (أقروا أنهم غرباء ونزلاء علي الأرض.. يبتغون وطنًا أفضل أي سماويًا) (عب11: 13، 16). كان بعضهم يملكون المال، ولكن المال لم يكن يملكهم لأن قلبهم كان كله لله. ينبغي إذن أن تشعر بأن الله هو الوحيد الذي يملأ قلبك. هو الذي يسكن في أعماقك. في أعماق الفكر والقلب. أما باقي ألوان المحبة فهي سطحية أو عابرة. ويكون لها عمق، كلما تكون نابعة بمحبة الله، وليست متعارضة معه. إذن تحب كل ما يزيدك محبة الله وكل ما يقربك إليه. وأن كنت تريد محبة الله حقًا، كن حريصًا علي كل المشاعر التي تسكن غلي قلبك، كرقيب عليها، تختبرها جيدًا هل متفقة مع محبة الله أم لا.. ولا تحاول أن تخدع نفسك أو أن تغير موازينك. ناقش إذن مدي علاقتك بالماديات والجسدانيات. فمحبتك لله تتناسب عكسيًا مع هذه الأمور جميعها. وتذكر أن خطية الإنسان الأول، بدأت حينما اشتهي شهوة أخري تتعارض مع محبة الله ووصيته. ناقش أيضًا في داخلك، ما هي المحبات الأخرى التي تنافس محبة الله في قلبك؟ وكيف يمكنك التخلص منها؟ وهنا لابد أن يواجهنا سؤال هام وهو: هل نحارب المحبات الأخرى، لتدخل محبة الله إلى قلوبنا؟ أم نبدأ بمحبة الله وهي التي تطرد المحبات الأخرى. أتسأل بأيها تبدأ؟ ابدأ بأيها. وثق أن كلا من الطريقين يوصل إلي الآخر. إن شعرت أن كل محبة تتعارض مع محبة الله، هي محبة زائلة وخاطئة وشريرة ولا تملأ قلبك، فحينئذ ستزهدها، وتملك محبة الله علي قلبك.. وإن بدأت نعمة الله معك، وانسكبت محبته في قلبك بالروح القدس (ور5:5)، فستجد أن محبة الله قد طردت من قلبك كل محبة معارضة.. تذكر عبارة (تحب الله من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل قوتك) (تث5:6). وأسأل نفسك: هل حقًا كل قلبي لله؟ أم أن جزءًا بعيدًا عنه؟ وضع في نفسك أنك لا تستطيع أن تجمع بين محبتين متعارضتين، لأنه كما قال الكتاب: (أية خلطة للبر والإثم؟! وأية شركة للنور مع الظلمة)؟! (2كو14:6). ليتك إذن تشعر ببطلان العالم وزواله وتفاهته. ونصيحتي لك أن تركز علي قراءة سفر الجامعة بعمق وفهم. وليكن الله معك.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
خصائص زيت المشمش المضادة للميكروبات |
المادة المضادة |
المحبة تتأنى وترفق، المحبة لا تحسد، المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ، |
أين الله وسط الظروف المضادة |
الرياح المضادة |