|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نظرة تاريخية لعيد الميلاد عيد الميلاد : يُعد مع عيد الظهور الإلهي من أقدم الأعياد الموجودة في التقويم الكنسي . فإن كانت قيامة المسيح التي نحتفل بها في عيد الفصح هي أساس إيماننا، إلاَّ أن المسيحيين الأوّلين شعروا بميل إلى تكريم ميلاد المخلص أيضاً في امبراطورية درجت فيها عادة الاحتفال بولادة القادة والشخصيات المهمة حتى بعد مماتهم، ولكنه أضحى أكثر من ذكرى. فالميلاد هو عيد مجيء المسيح يسوع، وعيدُ تجسّده الخلاصي. سنة ميلاد السيد المسيح: ليس من اليسير أن نصل إلى معرفة تاريخ ميلاد المسيح أو معموديته أو صلبه على وجه التحقيق، إلا أن جمهور المؤرخين والعلماء يتفقون على تاريخ هذه الحوادث على وجه التقريب، وقد بدأ بوضع التقويم المسيحي رئيس دير يدعى ديونيسيوس اكسيجُؤس الذي توفي قبل عام 550 ميلادي. فاختار هذا الراهب تاريخ التجسد كالتاريخ الفاصل بين الحوادث السابقة والحوادث اللاحقة له إلا أنه ربط بين بداية التقويم المسيحي وعام 754 لتأسيس مدينة روما. فقد ذكر أن المسيح ولد في هذا العام، وأن عام 754 لتأسيس روما يقابل العام الأول الميلادي. إلا أن ما ذكره المؤرخ يوسيفوس يُظهِر بوضوح أن هيرودس الكبير الذي توفي بعد ولادة المسيح بوقت قصير(مت 2: 19 - 22)، أنه توفي قبل عام 754 لتأسيس روما، الذي يقابل سنة 4 ق. م. ولذلك فالحوادث التي جرت بعد مولد المسيح وقبل موت هيرودس ينبغي أن توضع في تاريخ سابق للسنة الرابعة قبل الميلاد، وربما جرت هذه الحوادث في مدى شهرين أو ثلاثة أشهر قبل هذا التاريخ. إذن فميلاد المسيح تمّ إما في أواخر سنة 5 ق.م أو في أوائل سنة 4 ق.م. إذاً لقد ثبت خطأً حسابات الراهب ديونيسيوس، وبالتالي فإن المسيح وُلد أربعة أعوام قبل التاريخ الذي حدده. لكن بما أن العالم سار أكثر من 1500 عام على هذا التقويم، كان من الصعب تصحيح تواريخ الأحداث التاريخية لذلك وجدت الكنيسة أن تحوِّل التقويم إلى " العدّ المسيحي" وليس وفقاً لميلاد المسيح. ونقول اليوم أن حملة الاسكندر المقدوني كانت عام 333 قبل العد المسيحي وليس 333 قبل ميلاد المسيح. وهكذا نتج من التصحيح أن ميلاد المسيح كان عام 4 قبل بداية العدّ المسيحي. يوم ميلاد السيد المسيح: الراهب ديونيسيوس عمل حساباته لتاريخ الميلاد، وقرّر السنة الميلادية. إلا أنه لم يحدد تاريخاً مُعيّناً لميلاد المسيح. ومن المعروف أنه حتى عام 336م كان المسيحيون يحتفلون بميلاد المسيح بتاريخ 6 كانون الثاني والذي هو عيد الغطاس أي ذكرى عماد المسيح. وقد كانت الفكرة بأن حلول الروح القدس على المسيح أثناء اعتماده أي ميلاده الروحي، هو الميلاد الحقيقي للمسيح وليس الميلاد الجسدي. كليمنضوس الأسكندري (Clément D’Alexandrie 150-216) حدّده في 20 أيار. وفي مصر والخليج العربي، تَجَسُّدُ الربّ كان يُحتفل به في 6 كانون الثاني، وهو تاريخ يطابق عيداً وثنياً قديماً تكريماً لإله الشمس، مماثلاً أيضاً لمدار الشمس الشتائي في روما. وبعد اعتناق الأمبراطور قسطنطين المسيحيّة، وتحديداً عام 336م وقد أصبحت الدين الرسمي للأمبراطورية، ثُبِّتَ عيدُ الميلاد بتاريخ 25 كانون الأول في الكنائس الشرقية والغربية. هذا التاريخ كان يعتبر عيد الإله "ميترا" (Methra) إله النور عند الفرس. وقد ورث الرومان عنهم هذا التاريخ واحتفلوا فيه بعيد "الشمس الدائمة"، الذي كان يرمز لانتصار النور والحق. من هذا المنطلق، وبما أن القيصر البيزنطي ورث العادات والأعياد عن الامبراطورية الرومانية، وبما أنه بيوم 12/25 تبدأ ساعات النهار تطول، فقد أخذ هذا التاريخ رمزاً لميلاد المسيح ليرمز إلى انتصار النور على الظلام. وبمعنى آخر انتصار الخير على الشر. كذلك فإن قرب هذا التاريخ من بداية السنة الجديدة يبشر بقدوم العهد الجديد. لماذا تمّ اختيار يوم 25 كانون الأول؟ هذا الاختيار لا يرتكز على أسس تاريخية. فالأناجيل، لا تعطينا أية إشارة إلى تاريخٍ محدّد لولادة يسوع. فاختيار يوم 25 كانون الأول يرتكز على تأمل في تاريخ موت المسيح وتأثير الأعياد الوثنية لمدار الشمس الشتائي. 1 ــــ تاريخ موت السيد المسيح: بعض التقاليد كانت تؤكّد أن موت المسيح تمّ في 25 آذار حيث يصادف الاعتدال الربيعي. وكان الأعتقاد أيضاً أن عدد سني المسيح الأرضية منذ حُبل به، يجب أن يكون عدداً كاملاً لا كسورَ فيه إن من ناحية الأشهر أو الأيام. لذا اتُفِقَ على أن تكون زيارةُ الملاك جبرائيل للعذراء هي أيضاً في 25 آذار وهكذا يكون يسوع قد وُلد بعد تسعة أشهر أي في يوم 25 كانون الأول. 2 ــــ تأثير الأعياد الوثنية على مدار الشمس الشتائي: 25 كانون الأول في روما يطابق انقلاب مدار الشمس وفيها يُحتفل بولادة النور من جديد. وهذه الأعياد أصبحت شعبيةً في الأوساط الوثنية في القرنين الثالث والرابع. ولتحويل أنظار المسيحيين عن هذه الأعياد اعتمدت الكنيسة رمزية نور الشمس المولودة من جديد وطبّقتها على المسيح الآتي "ليشهد للنور" (يو 7:1)، للكلمة " نور الحق الذي يُضيء كلَّ انسان" (يو 9:1). هكذا جعلت الكنيسة يوم الـخامس والعشرين تاريخاً لعيد ميلاد شمسِ الحق الذي "ظهر للمقيمين في الظلمة وظلال الموت" (نشيد زكريا في لو1: 79). |
|