منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 15 - 09 - 2013, 08:30 PM
 
بنت معلم الاجيال Female
..::| مشرفة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  بنت معلم الاجيال غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 45
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 36
الـــــدولـــــــــــة : القاهرة
المشاركـــــــات : 58,440

أهم  الفضائل  _  أنطونيوس  الكبير

قال آبّا موسى في حديثه مع آبّا يوحنا كاسيان في شيهيت:

أذكر أنه في حداثتي لما كنت في الصعيد حيث يسكن الطوباوي أنطونيوس، أن جاء إليه الشيوخ يسألونه عن الكمال، ورغم أن الحديث امتدّ من المساء حتى الصباح التالي، إلا أنّ الجزء الأكبر من الليل انقضى في هذا السؤال وحده، لأنهم تباحثوا فيه بإسهابٍ، وهو:

أية فضيلة أو نظام رهباني يحفظ الراهب بلا مضرّة من فخاخ وضلالات الشيطان وتصعد به هذه الفضيلة في طريق مأمون صحيح ثابتة إلى قمم الكمال؟

وقال كل واحد منهم رأيه حسبما يعتقد. فالبعض اعتبر أنّ الكمال كائنٌ في الصوم والسهر بغيرة، فالنفس التي تكون قد انسحقت بهما واكتسبت نقاوة القلب والجسد يسهل عليها الإتحاد بالله. وآخرون اعتبروا الكمال متوقفاً على احتقار أمور هذا العالم حتى إذا تجرّد الذهن تماماً يقترب بغير عوائق من الله، إذ لن تُربكه فيما بعد أيّة فخاخ شيطانية.

وآخرون رأوا أنّ الحاجة الضرورية هي إلى البعد عن العالم أي التوحُّد وحياة النسك الخفيّة، إذ أنها هي الحياة التي يتهيّأ فيها الإنسان أكثر للشركة مع الله والالتصاق به على وجه خصوصي. بينما أكّد البعض أنّ الكمال هو في إتمام واجبات المحبة أي ممارسة أعمال الرحمة، لأن الرب وعد في الإنجيل أن يهب الملكوت لهؤلاء بالذات عندما قال: "تعالوا إليَّ يا مباركي أبي رثوا المُلك المعدّ لكم منذ تأسيس العالم، لأني كنتُ جوعاناً فأطعمتموني، كنتُ عطشاناً فسقيتموني ..." (مت 25). وعلى هذا المنوال ظهر أنه بواسطة فضائل مختلفة يمكن للإنسان إلى حدٍّ ما أن يتقرَّب إلى الله.

فلما عبر الجانب الأكبر من الليل في هذه المناقشة، تكلّم أخيراً الطوباوي أنطونيوس وقال:

"كل ما ذكرتموه نحتاج إليه حقاً وهو معينٌّ للمتعطشين إلى الله والمشتاقين للاقتراب إليه، إلاّ أن حوادث كثيرة وخبرة الكثيرين علّمتنا أنّ أهم المواهب ليست كائنة في هذه الفضائل. فقد يكون البعض جادّين في الصوم أو السهر بحرارة ومنقطعين بشجاعة للتوحد وقد اتجهوا إلى التجرُّد مما لهم إلى أقصى درجة حتى إنهم لا يحملون همّ طعام يومٍ واحد أو بقاء فلس واحد معهم، ويتمّمون كل واجبات المحبة بمنتهى الإخلاص، وإذ بنا نجدهم يُخدعون فجأةً حتى إنهم لا يكمّلون العمل الذي بدأوه إلى غايته الصحيحة، بل بغيرتهم الشديدة وحياتهم التي تستحق المديح يبلغون إلى نهاية مرعبة.

لذلك يمكننا أن نتعرّف بوضوح على الطريق المؤدّية بنا إلى الله مباشرةً إذا تتبعنا بعناية علّة سقوطهم وانخداعهم. فعندما تتوافر فيهم الفضائل التي ذكرتموها بغزارة يعوزهم شيء واحد فقط وهو التمييز والإفراز، لذلك لا يتمكنوا من المثابرة إلى النهاية، كما لا يمكنهم اكتشاف علّة سقوطهم لأنهم لم يتعلموا من شيوخهم كما يجب، فلم يكتسبوا صحة الحكم على الأمور ولا الإفراز الذي يعلم الراهب إلاّ يتطرّف في سيره بل يتخذ الطريق الملوكي، فلا ينتفخ ويتكبر بالانحراف في طريق الفضيلة يميناً، وذلك بالاندفاع الأعمى في جسارة غبية إلى درجة تخطي حدود الاعتدال المطلوب، ولا الانحراف يساراً بأن يرتاح إلى التواني متظاهراً بضبط الجسد فيزداد بالعكس تراخياً إلى أن يبلغ إلى روح الفتور.

لأن هذا هو الإفراز الذي عبّر عنه الإنجيل بـــ "العين" و"سراج الجسد" حسب قول المخلص: "سراج الجسد هو العين، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيّراً، ولكن إن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلمأً" (مت 6).

فالعين إذ تميّز أعمال الناس وأفكارهم فهي ترى وتفحص كل الأمور التي ينبغي عملها، ولكن أيّ إنسان إن كانت عينه شريرة أي غير محصّنة بالمعرفة والحكم السليم أو مخدوعة بأي خطأ أو تهوُّر، فإنّ جسده يصير كله مظلماً، أي أنّ رؤيته العقلية وكل أعماله تصير مظلمة لأنها تكون غارقة في ظلمة الرذائل وضباب الاضطرابات، لأنه يقول: "إن كان النور الذي فيكم ظلاماً فالظلام كم يكون؟".

فلا شك أنه عندما يكون حكم القلب خاطئاً وغارقاً في ليل الجهالة، فإن أفكارنا وأعمالنا الناتجة عن عدم التأني وتشاور الفكر والإفراز تكون حتماً غارقة في ظلمة خطايا أعظم".
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القديس الأنبا أنطونيوس | ما أكثر الفضائل التي نراها عمليا في حياته
أنطونيوس وصل إلى درجة عليا فى سلم الفضائل
التوبة تمنحنا الكثير من الفضائل
الأسرة المسيحية مدرسة الفضائل - القس أنطونيوس فهمى
أهم الفضائل _ أنطونيوس الكبير


الساعة الآن 01:50 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024