07 - 09 - 2013, 05:43 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
الفتاة التي أحبت الله
راعوث امرأة من أصل موآبي، أي أنها من بلاد موآب التي لم تكن تبعد كثيراً عن أرض يهوذا، اسم راعوث، يعني "شيء يستحق الرؤية" وهذا يعبر عن الجمال التي كانت عليه راعوث، وهناك معنى آخر وهو الأكثر انتشاراً أن اسم راعوث يعني "الصديقة" أو "صداقة"
وهو معنى ملائم في ضوء الأحداث التي تسردها لنا قصتها في الكتاب المقدس، وكلا المعنيين يتفق وشخصية راعوث، فهي بلا شك امرأة جميلة، وهي أيضاً الصديقة المخلصة التي رافقت حماتها من أصعب الظروف، وراعوث واحدة من الشخصيات الهامة في الكتاب المقدس إذ يوجد سفرٌ خاص يحمل اسمها هو "سفر راعوث"، كما أنها جاءت في سلسلة نسب السيد المسيح، فعن طريق زواجها من بوعز ولدت عوبيد جد الملك داود الذي من نسله وُلِدَ الرب يسوع.
خلفية تاريخية:-
تأتي معرفتنا بشخصّية راعوث من خلال أحداث "سفر راعوث"، والذي يبدأ بالحديث قائلاً: "حَدَثَ فِي أَيَّامِ حُكْمِ الْقُضَاةِ أَنَّهُ صَارَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ، فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا لِيَتَغَرَّبَ فِي بِلاَدِ مُوآبَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَابْنَاهُ. وَاسْمُ الرَّجُلِ أَلِيمَالِكُ، وَاسْمُ امْرَأَتِهِ نُعْمِي، وَاسْمَا ابْنَيْهِ مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ - أَفْرَاتِيُّونَ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا. فَأَتُوا إِلَى بِلاَدِ مُوآبَ وَكَانُوا هُنَاكَ. وَمَاتَ أَلِيمَالِكُ رَجُلُ نُعْمِي، وَبَقِيَتْ هِيَ وَابْنَاهَا. 4فَأَخَذَا لَهُمَا امْرَأَتَيْنِ مُوآبِيَّتَيْنِ، اسْمُ إِحْدَاهُمَا عُرْفَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى رَاعُوثُ. وَأَقَامَا هُنَاكَ نَحْوَ عَشَرِ سِنِينٍ. ثُمَّ مَاتَا كِلاَهُمَا مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ، فَتُرِكَتِ الْمَرْأَةُ مِنِ ابْنَيْهَا وَمِنْ رَجُلِهَا. فَقَامَتْ هِيَ وَكَنَّتَاهَا وَرَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ، لأَنَّهَا سَمِعَتْ فِي بِلاَدِ مُوآبَ أَنَّ الرَّبَّ قَدِ افْتَقَدَ شَعْبَهُ لِيُعْطِيَهُمْ خُبْزاً" (راعوث 1: 1-6).
نعرف من بداية القصة أنها حدثت في عصر القضاة، في ذلك الوقت الذي حدث فيه جفاف للأرض، وبالتالي حدثت مجاعة وسط الشعب، على أثر هذه المجاعة قام رجل من أفراتة بيت لحم في يهوذا ويدعى أليمالك -ومعنى اسمه "إلهي ملك"- بالهجرة إلى بلاد موآب القريبة والتي لم تصبها المجاعة، فجمع شمل أسرته المكونة من "نعمى" زوجته، وأولاده "محلون" و"كليون"، وقد كان لهذه الأسرة نصيب من الأرض والغنى والشهرة في بيت لحم، فقد كانت "نعمى" معروفة في أوساط نساء بيت لحم وهذا واضح من اهتمام أهل البلدة ونساءها بها "وَكَانَ عِنْدَ دُخُولِهِمَا بَيْتَ لَحْمٍ أَنَّ الْمَدِينَةَ كُلَّهَا تَحَرَّكَتْ بِسَبَبِهِمَا، وَقَالُوا: «أَهَذِهِ نُعْمِي؟" (راعوث 1 : 19). لكن لسبب المجاعة هاجرت هذه الأسرة كلها إلى بلاد موآب.
وهناك في بلاد موآب مات "أليمالك" متغرباً، وتزوج ولداه بامرأتين موآبيتين، اسم الواحدة "عرفة"، ويعني اسمها "عُرف" أو "رقبة" أما الثانية فهي راعوث، على أن هذا الزواج لم يدم طويلاً، فقد مات الأبناء (محلون وكليون) ولحقا بأبيهما، وأصبحت الأسرة مكونة من ثلاث أرامل أكبرهن "نعمى" التي كتب عنها الكتاب "فَتُرِكَتِ الْمَرْأَةُ مِنِ ابْنَيْهَا وَمِنْ رَجُلِهَا" (راعوث 1: 5)؛ ويعتبر التلمود اليهودي هذه الحادثة أنها نوعٌ من عقاب الله لهذه الأسرة التي رحلت وتركت أرضها؛ أرض يهوذا، وقد خطر لنعمى حين قالت للنساء اللواتي خرجن للقائها: "فَقَالَتْ لَهُمْ: «لاَ تَدْعُونِي نُعْمِيَ بَلِ ادْعُونِي مُرَّةَ، لأَنَّ الْقَدِيرَ قَدْ أَمَرَّنِي جِدّاً. إِنِّي ذَهَبْتُ مُمْتَلِئَةً وَأَرْجَعَنِيَ الرَّبُّ فَارِغَةً. لِمَاذَا تَدْعُونَنِي «نُعْمِيَ» وَالرَّبُّ قَدْ أَذَلَّنِي وَالْقَدِيرُ قَدْ كَسَّرَنِي؟»" (راعوث 1: 20-21).
أما وإن مات الرجال لم يبق أمام نعمى إلا الرحيل والعودة مرة أخرى إلى بلادها، خاصة وأنها سمعت أن الله افتقد شعبه ليعطيهم خبزاً، فعقدت نعمى النية وقامت لتعود راجعة من حيث أتت، لكن ثمة مشكلة كانت أمامها، فقد كان عليها ألا تعود بكنتيّها، حيث لا يوجد سبب واحد لعودة أي منهما معها، ولأن نعمى كانت تدرك هذا جيداً فقد شرحت الأسباب التي تكفي لأن تعود كنتاها لبلادهما وأسرتيهما، فليس ممكناً لنعمى أن تتزوج لكي تنجب أولاداً فتتزوج أي من الأرملتين ابناً يحل مكان أخيه المتوفى حسب عادة هذا الزمان، وحسب الشريعة اليهودية التي كانت تعطي للأرملة أن تتزوج من أخي زوجها أو الولي الأقرب للأسرة وحينما تنجب ابناً يُمنح اسم هذا الابن للرجل المتوفي، ولعدم إمكانية حدوث ذلك بالنسبة لنعمى، فهي أصبحت وحيدة لا تملك شيئاً يساعد كنتيها إلا النصيحة بالعودة، وأمام هذا الأمر، رجعت عُرفة إلى بلادها.
أما راعوث فكانت قد أخذت من نعمى حماتها، أماً لها، وأبت أن ترجع قائلة "لاَ تُلِحِّي عَلَيَّ أَنْ أَتْرُكَكِ وَأَرْجِعَ عَنْكِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبُ وَحَيْثُمَا بِتِّ أَبِيتُ. شَعْبُكِ شَعْبِي وَإِلَهُكِ إِلَهِي. حَيْثُمَا مُتِّ أَمُوتُ وَهُنَاكَ أَنْدَفِنُ. هَكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ بِي وَهَكَذَا يَزِيدُ. إِنَّمَا الْمَوْتُ يَفْصِلُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ»" (راعوث 1: 16-17).
|