|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حياة التواضع والوداعة11 الكبرياء والعظمة "ب" بقلم قداسة البابا شنودة الثالث المتكبر يرتفع فيسقط..والمتكبر دائما يبرر ذاته المتكبر يفقد حياة الوداعة,وحياة التوبة..يرتفع فيسقط شرح القديس أوغسطينوس أن المتكبرين يبدون كالدخان,فقال:الدخان يرتفع جدا إلي فوق وفيما هو يرتفع يتبدد وينتهي. بعكس اللهيب الذي لايرتفع كالدخان,ولكنه يبقي بقوته وقال هذا القديس في تفسير المزمورين 37:.73 يقول المزموررأيت الشرير مرتفعا إلي فوق وقائما أعلي من أرز لبنانمز37:35فلنفترض إذن أنه مرتفع إلي أعلي وأنه متشامخ فوق الباقين ولكن ماذا بعد هذا؟يستطرد المرتل فيقول عنه:عبرت عليه فإذا هو ليس بموجود طلبته فما أمكن أن يعثر له علي مكان..تماما كما لو كان دخانا هذا الذي عبرت عليه. قيل أيضا عن مثل هذا في المزمور إنهم سيفنون ويتبددون مثل الدخان يقولفنوا مثل الدخان فنوامز7:20...تماما مثل الدخان الذي يتبدد فيما هو يرتفع إلي فوق..فهو في ذات صعوده إلي أعلي ينتفخ إلي حجم أكبر وعلي قدر ما يعظم حجمه تنحل مادته..وهكذا تلاحظ أن نفس عظمته كانت قاضية عليه لأنه كلما ارتفع وامتد إلي أعلي تزداد رقعته ويخف ويقل ويضيع ويضمحل. هكذا أعداء الله:عندما يبدأون أن يتمجدوا ويرتفعوا سريعا ما يفنون تماما كالدخان... القديس أوغسطينوس هنا ونذكر أشخاصا حينما تعينهم النعمة ويجدون أن حياتهم قد تغيرت إلي أفضل يفتخرون قائلين:حياتي قد تغيرت وتجددت صرت إنسانا آخرويشرحون اختباراتهم للناس بطريقة كنت...وأصبحت...! وإذ يفتخر الشخص بارتفاعه,تبعد عنه النعمة فيسقط ..ليته يتذكر قول الكتاب في ذلك: من يظن أنه قائم,فلينظر أن لايسقط1كو10:12 إن كنت قائما فلا تظن قيامك وضعا دائما لايتغير وتذكر القديسين الذين سقطوا وهكذا يتضع قلبك وتحترس لنفسك. إن الاتضاع يحفظك,لأن الرب قريب من المنسحقين بقلوبهم. فالإنسان المتضع:إذ يعترف بضعفه فإنه يخاف فيحترس ويدقق وهكذا يبعد عن العثرات فلا يسقط..أما المتكبر فيعتز بقوته ولايبالي فتضربه الخطية من حيث لايدري. إن الشيطان له خبرة آلاف السنين في محاربة بني البشر,وقد يجدك محترسا من خطية معينة,فلا يحاربك بها ولكنه يهاجمك من جهة أخري ظننت نفسك فيها قويا ويسقطك.. وربما لايحاربك إلي فترة طويلة,حتي تظن أنك قد ارتفعت فوق مستوي الحروب وتستهين بالاحتراس وحينئذ يرجع إليك وأنت غير مستعد في ارتفاع قلبك هذا...وإذ تسقط تتأكد أنك لست فوق السقوط! لاتظن إذن أن السقوط هو فقط للمبتدئين! وأنك لست من المبتدئين!بعد أن قطعت شوطا في الحياة الروحية! فإنك عندما كنت متضعا ,محترسا كنت تصلي بحرارة طالبا من الله أن يهبك معونة لكي لاتسقط أما الآن فأنت لاتصلي لأجل هذه المعونة بل ربما تطلبها لأجل الآخرين فقط المعرضين وحدهم للسقوط وليس أنت!وهكذا تبقي بلا معونة فتسقط... تأمل مار أسحق في عبارةقبل السقطة تكون الكبرياءفقال: علي قدر ظهور العظمة في النفس علي قدر ما تكون السقطة ويكون الانكسار المسموح به من الله فإن الله لايرفض الإنسان ويتخلي عنه إلا إذا وجد عقله متفاوضا مع أفكار العظمة.. فالذين يخرجون عن طريق الاتضاع يتعرون من المعونات الإلهية ويسقطون...فالمتعظم بالمعرفة يهمل فيسقط في التجديف والمتبجح بالنسك يهمل فيسقط في الزنا.. والمترفع بحكمته يهمل فيسقط في فخاخ الجهل المظلمة. إن داوم الإنسان علي الكبرياءحينئذ يبتعد عنه الملاك المعتني به الذي إذا ما كان قريبا منه حرك فيه الاهتمام بالبر ولكن بابتعاده عنه يقترب منه المحتال ولايدعه يدرك شيئا من عمل البر. حقا,أليس ارتفاع القلب هو سبب سقطة الشيطان... يقول عنه سفر حزقيال إنهقد ارتفع قلبكحز28:1ارتفع قلبك لبهجتك أفسدت حكمتك لأجل بهائكحز28:17. ويقول عنه سفر أشعياء أنت قلت في قلبك:أصعد إلي السموات أرفع كرسي فوق كواكب الله...أصعد فوق مرتفعات السماء أصير مثل العلي.. لكنك انحدرت إلي الهاوية إلي أسافل الجبأش14:13-15. لم يقنع بما كان له من مجد فاشتهي مجدا أكبر, ففقد ما كان له وهكذا الإنسان الأول:اشتهي مجد الألوهية ففقد مجد بشريته! العجيب أن غالبية المتكبرين يدعون أنهم غير متكبرين وهذا بلا شك من كبريائهم إذ أنهم علي الدوام يبررون ذواتهم وبهذا يقعون في خطية أخري هي تبرير الذات. المتكبر يبرر ذاته باستمرار يدافع عن نفسه لايحب مطلقا أن يبدو في صورة الخاطيء هو دائمابار في عيني نفسهويريد أيضا أن يكون بارا في أعين الناس وإن نبهه أحد إلي خطأ واضح ربما يحاول أن يغطيه بالكذب أو بالأعذار بعيدا عن الاعتراف والتوبة أبونا آدم لم يعترف بخطيئته بل حاول أن يبرر ذاته وهذا فعلته أيضا أمنا حواءتك3ونحن ورثنا عنهما تبرير الذات. الخاطيء يضيف إلي خطيئته التي يبررها خطيئة التبرير وما أكثر الحيل التي يلجأ إليها المتكبر في تبرير ذاته:منها إلقاء التبعة علي غيره أو علي الظروف المحيطة منها الانكار أو ادعاء القصد السليم أو أن الناس لم يفهموه علي حقيقته وغير ذلك من الأسباب التي تخرج جميعها عن النطاق الروحي...! ما أصعب كلمةأخطأتعلي المتكبر..إنها تجرحه... وقد يقولها أحيانا إن كانت تجلب له مديحا!أو إن كانت صورة الاتضاع الزائف ترضي كبرياءه...ولكنه في داخله لايشعر إطلاقا بأنه قد أخطأ تخرج الكلمة من فمه وليس من قلبه وقد يقول كلمةأخطأتإن قالها بلون من السياسة وليس بروح الاتضاع.. المتكبرون لايعترفون وإنما يدينون غيرهم ليستروا أنفسهم لابد أن يكون غيرهم هو المخطيء إذ ليس من المعقول أن يكونوا هم المخطئين!كما لو كانوا معصومين في كل تصرفاتهم! لذلك فالمتكبر كثير الجدل والنقاش لتبرير ذاته التعامل معه ليس سهلا والتفاهم معه ليس سهلا التفاهم عنده ليس معناه أن يفهم رأي غيره أو يقبله إنما تفاهمه مع الغير معناه أن يقبل هذا الغير رأيه ويقتنع به.. وإن لم يقتنع غيره برأيه قد يثور ويغضب ويعالج الموضوع بأعصابه مادام لم يستطع معالجته بالرأي والفكر والاقناع, لهذا فإن الغضب زميل للكبرياء يلازمها كثيرا وتلازمه وفي كل ذلك يفقد المتكبر وداعته بعكس الإنسان المتواضع فإنه إنسان رقيق لطيف وديع سهل التعامل مع الآخرين لذلك فهو محبوب من الكل يخضع لهم بروح الحب فيكسبهم وإن صادفته مشكلة يحلها بوداعة الحكمة يع3:13 أما المتكبر فإنه لايخطيء فقط من الناحية الروحية بل من الناحية الاجتماعية أيضا إذ يفقد محبة الكثيرين بسبب كبريائه. والمتكبر في تبريره لذاته يبعد عن حياة التوبة لأنه كيف يمكن أن يتوب إنسان إن كان باستمرار بارا في عيني نفسه؟!فهل يحتاج الأصحاء إلي طبيب؟!مت9:12أو كيف يستطيع هذا المتكبر أن يصلح أخطاءه إن كان باستمرار يبررها؟! أنت لاتترك خطأ من الأخطاء مالم تعترف أولا بينك وبين نفسك أنه خطأ أما إذا اعتقدت أنك علي صواب فسيوف تبقي حيث أنت لاتغير في نفسك شيئا... إن مشكلة العزة بالنفس والكرامة والكبرياء الذاتية هي التي تعوق الإنسان عن الاعتراف بأخطائه حتي أمام أب اعترافه! قد يعترف ببعض الخطايا التي لايخجله ذكرها ويخفي الباقي أو يمر عليه مرورا عابرا أو يشير إليه من بعيد أو يقوله دمجا أو يقوله ويبرره...وقد لايعترف إطلاقا ويتحول اعترافه إلي شكوي ضد غيره وكأنه أمام أب الاعتراف يعترف بخطايا غيره وليس بخطاياه هو! وفي تبرير الإنسان لذاته قد يسمي خطاياه بأسماء فضائل! فقد يسمي ما يقع فيه من خبث ومكر ودها بأنه لون من الحكمة!وقد يسمي تدليله الخاطيء لأطفاله بأنه حب وحنان بينما يسمي قسوته بأنها حزم وتربية ويسمي ادانته للآخرين وثورته الخاطئة علي الأوضاع بأنها غيرة مقدسة ورغبة في الإصلاح..وهكذا مع باقي التصرفات. علي أن أخطر ما في تبرير الذات وما في المكابرة أن يبدأ المتكبر المخطيء في أن يفلسف أخطاءه ويبررها فكريا ليقنع الناس بها! وهنا يوجد جوا من البلبلة الفكرية حتي يحار البعض أين هو الحق؟!إن تبرير الذات في تصرفاتها هو تبرير سلوكي يتعلق بالشخص نفسه وحده أما تبريرها فكريا فهو يتعلق بالقيم والمباديء ويأخذ اتجاها عاما...لذلك فإن التبرير الفكري للأخطاء له خطورة كبيرة لأن الحق ليس هو الهدف فيه وإنما الذات ويندفع الشخص فيه متأثرا بعوامل نفسية. المتكبر في تبريره كل ما يهمه هو رأي الناس فيه ولا يهمه مصير هذه الذات في الأبدية مركزا علي توقير الناس لها! فهو يدافع عن نفسه ويدافع عن أفكاره وتصرفاته ويشرح وقد يعثر الغير في شرحه وهو لايهتم بشيء من ذلك إنما المهم عنده هو أن تخرج ذاته بريئة سليمة بعيدة عن اللوم. وقد يؤدي تبريره لذاته ودفاعه عنها إلي اتهام الغير أو تجريحه ولا بأس لديه من ذلك مادام ذاته تصل إلي تبرير يرضيها. وفي تبرير الذات في أخطائها الفكرية وقع البعض في البدعة أو في الهرطقة وأصروا علي ذلك إذ منعتهم كبرياؤهم من الاعتراف بالخطأ في تبرير أخطاء الذات يفقد ضمير المتكبر كل سلطان عليه ويتولي قيادته روح الكبرياء وعزة النفس. والعجيب أن الذين يبررون ذواتهم قد يصلون طالبين مغفرة خطاياهم وهم في داخل أنفسهم لايرون أنهم خطاة في شيء!! في الحقيقة أن تبرير الذات لايفيدها إنما تفيدها التوبة لأن التوبة تنقي الذات بينما التبرير يعمل علي تغطية الذات مع بقائها في أخطائها...والتوبة تعني كشف الذات ومعرفة أخطائها وتبكيتها علي هذه الأخطاء.. ولكن المتكبر.. للأسف الشديد ترفض ذاته أن تنكشف وأن تعترف بالخطأ فيبقي بعيدا عن التوبة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حياة التواضع والوداعة3 |
حياة التواضع والوداعة12 |
حياة التواضع والوداعة13 |
حياة التواضع والوداعة14 |
حياة التواضع والوداعة17 |