|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حياة التواضع والوداعة16 الكبرياء تلد المجد الباطل والبر الذاتي بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث المجد الباطل هو المجد المتعلق بأمور المادة والعالميات وليس المجد الخاص بالروح ومركزها في الأبدية. والمنشغل بالمجد الباطل يسره مديح الناس له,أو مديح نفسه له وأخطر ما يتعب الإنسان روحيا,أن تمدحه نفسه من الداخل ويظن في نفسه أنه قد وصل أو أن فيه شيئا يستحق الإعجاب من الآخرين حتي من غير أن يمدحه أحد من الخارج تكبر نفسه في عينيه من الداخل ويكون حكيما في عيني نفسهأم26:5أوبارا في عيني نفسهأي32:1وهذا ما يسمي بالبر الذاتي وفيهيرتئي فوق ما ينبغي له أن يرتئيرو12:3 ومديح النفس قد تكون له أسباب دنيوية أو أسباب روحية: فالأسباب الدنيوية هي أن تمدحك ذاتك من أجل مركز عالمي وصلت إليه أو من أجل غني أو جاه أو جمال جسدي أو شهرة أو ذكاء,أو مقدرات معينة في العمل أو في الترفية عن الآخرين أو في الحيلة أو الدهاء أو القدرة علي قهر الآخرين وما إلي ذلك من أسباب. أما عن مدح النفس لأسباب روحية: فكأن تمدحك نفسك بسبب صلواتك أو أصوامك أو مطانياتك أو خدمتك الروحية للآخرين أو قدرتك علي التأمل وفهم الكتاب وحفظه واستخدامه أو بسبب توبتك أو نموك الروحي أو بسبب بعض الفضائل التي تظن أنك قد وصلت إليها... وتزداد خطورة مديح النفس,إن ارتبطت بالمقارنة أيضا: فلا تظن فقط أنك بار,وإنما أكثر برا من الآخرين أو تظن أن خدمتك أنجح من خدمة غيرك وأن تأملاتك أعمق ومستواك الروحي أعلي...!وبالتالي تري باستمرار أن غيرك أقل منك... وتزداد خطورة إن اقترنت باحتقار الآخرين أو الإقلال من شأنهم. أو بإدانة الناس,والحديث عن مستواهم الضعيف وفهمهم الضئيل والمقارنة بين نجاحك وفشلهم ...وقد يصل الأمر إلي حد مواجهة الآخرين وتوبيخهم علي أعمالهم وأخطائهم وربما تنسب إليهم ماليس فيهم من الضعفات والنقائص والأخطاء وتفرض عليهم مستواك أو ما تظن أنك قد وصلت إليه من مستوي ومن فهم. أو أن تفرض رأيك علي غيرك موقنا أنه الرأي الوحيد السليم بعكس ما يقوله الغير.وهكذا تكونحكيما في عيني نفسكأم3:7. ويدفعك الإحساس بالحكمة والفهم إلي التشبث برأيك أو مواقفك مهما كان خاطئا!وإلي الجدل والمناقشة حتي إلي درجة العناد...ومقاطعة الآخرين لكي تتكلم أنت..ومعارضة كل من لايوفقك فهمه. وربما في كل هذا تفقد صداقة الناس ومودتهم,أو أنك تفقد الروح الاجتماعية والتعاون مع الآخرين واحترام الغير... والإنسان الذي تمدحه نفسه من الصعب أن يعترف بأخطائه ربما لأنه لايجد لنفسه أخطاء يعترف بها!أو لأن الكبرياء الداخلية تدفعه إلي تبرير أعماله أيا كانت,أو التماس الأعذار لها... هو لايري نفسه مخطئا ولايقبل من غيره أن يراه مخطئا...وهكذا يكون بارا في عيني نفسهأي32:1ومادام هو بارا في نظرته إلي نفسه فبأي شيء يعترف؟! الاعتراف هو أولا إدانة النفس من الداخل ثم إعلان ذلك والمتكبر لايدين ذاته..لايري أنه قد أخطأ وإن وجد خطأ ينسبه إلي الظروف المحيطة به,أو يلقي التبعة فيه علي غيره أو يسمي أخطاءه بأسماء روحية ويحاول أن يلبسها ثياب الحملانمت7:15ويضع وراءها نيات طيبة ومقاصد روحية تجعلها تبدو علي غير حقيقتها سليمة لاعيب فيها!. وإن كان لايعترف بخطئه,فبالتالي لايعتذر لغيره. في كل خصومة بينه وبين أحد من الناس يعتبر أن الطرف الآخر هو المخطيء والطرف الآخر هو الذي يجب أن يعتذر وهو الذي يجب أن يسعي إلي المصالحة! ومادام لايعترف في داخله أنه أخطأ فبالتالي لايعترف بخطأ أمام الأب الكاهن ولايذهب لمصالحة الطرف الآخر قبل الذهاب إلي التناول من الأسرار المقدسة لأنهلايتذكر أن لأخيه شيئا عليهمت5:24,23. وإن حاول أحد أن يقنعه بأنه مخطيء يدخل في متاهة لا تنتهي من المناقشات وقلب الحقائق ويجد أمامه ميزانا خاصا تقيم به الأمور ويحكم عليها حسب مفهوم خاص غير مفهوم الآخرين. إن البار في عيني نفسه يود أن يكون بارا أيضا في أعين الناس. فهو إما أن يعلن عن هذا البر ويحكي عنه للآخرين وإما أن يدافع بكل جهده عما يشين هذا البر من نظرات الناس إليه وإما أن يأخذ مظهرا معينا يقنع ببره مهما كانت داخلياته!وإما أن يحيط نفسه بأصدقاء ومريدين يتحدثون عنه بالصلاح كل حين ويمتدحونه....أو أن يحيط نفسه باستمرار بمن هم أقل منه سنا أو معرفة أو مركزا أو درجة روحية حتي يبدو الأكبر أمامهم في كل وقت وحتي لايعطي فرصة لأي نقد يوجه إليه لأن كل المحيطين به يمجدونه وربما يستشيرونه في كل شيء أو يتتلمذون عليه... أما المتواضع فهو يقارن نفسه باستمرار بمستويات أعلي منه وأمام هذه المستويات الأعلي تصغر نفسه في عينيه ويري أنه لاشيء...وهو يبحث باستمرار عما هو أكمل وأعلي شاعرا أنه لم يصل بعد إلي المستوي المطلوب منه...أن يضع أمامه قول الربكونوا قديسين لأني أنا قدوس1بط1:16وأيضا قولهكونوا أنتم أيضا كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كاملمت5:48 والمستويات العليا التي ينظر إليها قد تكون من الأمثلة الحية أمامه أو يجدها في تاريخ القديسين وفي شخصيات الكتاب المقدس.بل حتي في مثاليات من العلمانيين الفاضلين...وكما قال القديس بولس الرسولأنسي ما هو وراء وأمتد إلي ما هو قدام أسعي نحو الفرصفي3:14,13وكلما امتد إلي قدام ينظر إلي الكمال الموضوع أمامه فيقول:أيها الإخوة أنا لست أحب نفسي أني قد أدركتولكني أسعي لعلي أدركفي 3. كان أحد الرهبان كلما حورب بالمجد الباطل بسبب جهاده الروحي يقول لنفسه ألعلي قد بلغت إلي درجة الأنبا أنطونيوس أو الأنبا بولا؟! الإنسان المتواضع إذا حورب بالبر الذاتي يتذكر خطاياه... يتذكر ماضيه السابق وكل ضعفاته وكل سقطاته وكل خطاياه وحينئذ تخف عليه الحرب فلا يتكبر.. إن القديس بولس الرسول الذي تعب أكثر من جميع الرسل1كو15:10,والذي صعد إلي السماء الثالثة2كو12:4,2كان يقول:أنا الذي لست مستحقا أن أدعي رسولا لأني اضطهدت كنيسة الله1كو15:9مع أن ذلك حدث في ماض قد انتهي وغفره له الله ودخل بعده في عهد جديد مع الربكإناء مختار يحمل اسمه أمام أمم وملوكأع 9:15ولكنه يذكر نفسه بذلك الماضي فيحيا في اتضاع. وبالمثل كان داود النبي يقولخطيتي أمامي في كل حينمز50 إن أتتك أفكار البر الذاتي,اذكر نعمة الله العاملة معك تذكر أن كل خير فيك لست أنت سببه أو مصدره إنما هي نعمة الله التي عملت فيك وقوة الله التي سندتك وأنك بدون الله ما كنت تستطيع أن تفعل شيئايو15:5فلا يليق أن تأخذ عمل الله وتنسبه إلي نفسك وتنسي عمل النعمة. لأنك إن نسبت عمل النعمة إلي نفسك قد تتخلي عنك النعمة فتسقط. وذلك لكي تعرف ضعفك ولكي تعترف بضعفك ولكي تخاف من البر الذاتي وتحترس من الافتخار الرديء وقد تسقط في الخطايا التي انتقدت الناس عليها وظننت أنك أقوي منهم في مواجهتها. حقا إن البار في عيني نفسه يتخيل أنه قوي وأنه يستطيع! أيضا لكي تتخلص من البر الذاتي انظر باستمرار إلي الأبدية. لاتحاول أن تبني مجدك علي الأرض فالمجد الأرضي مجد باطل ولاتحاول أن تنال أجرك هنا فكله زائل رنما باستمرار أعمل من أجل أبديتك وقل لنفسك:لا أريد ههنا شيئا... حاول أن تزهد في كل كرامة دنيوية وكل كرامة بين الناس,واطلب شهادة الرب لك لشهادة البشر ولا شهادة نفسك لنفسك. ليكن كنزك في السماء وليس علي الأرضمت6:19ولاتجعل المجد الأرضي يفقدك المجد السمائي وإلا تكون أنت الخاسر. اذكر أيضا طبيعتك الضعيفة القابلة للميل والقابلة للتغير هذه الطبيعة القابلة أيضا للسقوط واعرف أنك لست أقوي من الأقوياء الذين سقطوا فقد كتب عن الخطية أنهاطرحت كثيرين جرحي وكل قتلاها أقوياءأم7:26لذلك اذكر أنك إن تهاونت ولو قليلا أو إن تخلت النعمة عنك ولو قليلا ما أسهل أن يتغلب العدو عليك... إذن احفظ نقاوة قلبك بالاتضاع. لأنه بالاتضاع تلصق بك النعمةيع4:6فتستطيع بها أن تغلب.. قل لنفسك أنا مازلت سائرا في الطريق ولم أصل إلي نهايته بعد,والعبرة كلها بالنهاية فلأكن إذن محترسا ومتذكرا قول الرسول: من يظن أنه قائم,فلينظر لئلا يسقط1كو10:12. وإله السماء قادر أن يحفظك بالاتضاع ويعطيك النصرة من عنده. وللحديث بقية |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حياة التواضع والوداعة3 |
حياة التواضع والوداعة12 |
حياة التواضع والوداعة13 |
حياة التواضع والوداعة14 |
حياة التواضع والوداعة17 |