12 - 05 - 2012, 02:08 PM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
حياة التواضع والوداعة17
الكبرياء تلد المجد الباطل
بقلم قداسة : البابا شنودة الثالث
والمجد الباطل يلد محبة المديح والكرامة
المديح شيء ومحبة المديح شيء آخر وقد يمدح الإنسان ولايخطيء,ولكنه لو أحب المديح يكون قد أخطأ.
آباؤنا الرسل مدحوا والقديسون العظام والشهداء مدحوا أيضا ولكن كل هؤلاء لم يخطئوا فليس الخطأ في أن يسمع الإنسان مديحا,إنما الخطأ في أن يحب هذا المديح ويسر به حينما يسمعه.
هناك نوعان من الناس لايهوون المديح:
أولهما:نوع يهرب من المديح الذي يأتي إليه سواء كان مديحا من الناس أو مديحا من الشياطين أو من نفسه.
والنوع الثاني يتمادي في الهروب من المديح والكرامة حتي ينسب لنفسه عيوبا كثيرة وحتي يظهر عن نفسه جهالات ونقائص تحط من قدره ولو أدي الأمر أن يقال فيه ماليس فيه.
وهذا النوع توجد عنه قصص كثيرة في سير الرهبان والراهبات.
الذين يحبون المديح:
الذين يحبون المديح درجات متفاوتة في الخطأ.
النوع الأول:
إنسان يأتيه المديح دون أن يسعي إليه وعندما يسمع المديح يسر به ويبتهج علي الرغم من أنه لم يسع إليه وهذا الصنف من محبي المديح علي درجات وأنواع:
أ- إنسان يسر بالمديح ويسمعه في صمت وهو قابع في مكانه صامتا ومسرورا في داخله دون أن يشعر به أحد.
ب- إنسان آخر يسمع المديح ويتسبب في الاستزادة منه,أي يظل يقول بعض عباراته تجعل الذي يمدحه يزيد في مديحه كأن يجره من موضوع المديح إلي موضوع آخر يمدح منه,أو نقطة أخري في نفس الموضوع تستحق المديح أو يلجأ إلي أي وسيلة تجعل مادحه يزيد المديح.
ج- هناك إنسان يحب المديح وهو مسرور ويتظاهر بعدم السرور بالمديح أو يرفضه مع أنه مسرور من الداخل ويظل يتمنع فيزيد الآخر في مدحه أو يذكر عن نفسه نقائص وهو لايقصد أن يعيبها أو يشينها بل في قرارة نفسه يريد أن يسمع المزيد من المديح.
النوع الثاني:
أصعب من النوع السابق قليلا:إنسان لم يأته المديح ولكنه يشتهي أن يسمعه وفي اشتهائه يسلك في أحد طريقين:
أ- يشتهي المديح ويظل صامتا حتي يصله متحيلا أسبابا يسمع بها المديح كأن يبدأ موضوعا معينا يشمل عملا معينا قد عمله يستحق فيه مديحا أو يجر الكلام خطوة خطوة حتي يصل إلي النقطة التي لابد أن يسر بها الناس ويمتدحونها ويمتدحونه بسببها.
ب- أو أنه يشتهي المديح فيعمل أعمالا صالحة أمام الناس لكي ينظروه فيمدحوه كما قال الرب عن الذين استوفوا أجرهم علي الأرضمت6.
النوع الثالث:
وهو أصعب من النوعين السابقين وفيه إنسان يحب المديح ويشتهيه لكن المديح لم يأته بعد علي الرغم من أنه ينتظره ويتحيل له أسبابا..
فماذا يكون رد فعله علي انتظاره المديح بلا نتيجة؟
إنه يصل إلي درجة أخري فيها يكره من لايمدحه ويعتبره عدوا ويكون بينهما سوء تفاهم ذلك لأنه لم يلاحظ بعد مافيه من صفات فاضلة تستحق المديح وما قام به من أعمال توجب له تقدير الناس..
نعم إن هذا الإنسان لم يضره في شيء حتي يصير عدوا إنما يكفي أنه لم يمدحه ببعض الكلام الطيب.. لم يقابله مقابلة لطيفة ولم يقدم له احتراما زائدا ولم يكرمه إكراما من نوع خاص!
مثل هذا هذا الإنسان الذي يكره من لايمدحه ماذا يفعل إذن بالذي ينتقده؟!إن كان الساكت فقط عن مدحه أصبح موضع كراهيته فكم إذن يكون شعوره من جهة ناقديه؟!
النوع الرابع:
هناك نوع آخر يشتهي المديح ويسر عندما يسمعه ويكره من لايمدحه ولكنه لايكتفي بذلك بل هو يمدح نفسه إذا لم يجد أحدا يمدحه فيتكلم عن أعماله الفاضلة التي عملها وتستحق المديح وفي نفس الوقت يخفي خطاياه الشخصية.
هذا الإنسان هو الذي يتحدث كثيرا بالخير عن نفسه.
النوع الخامس:
إنه أصعب من ذلك النوع السابق الذي يمدح نفسه ذلك لأن مديح النفس من صنفين:واحد منهما-الذي ذكرناه-وهو الذي يمدح نفسه بما فيه فيظل يتكلم عن أفعاله المجيدة التي عملها وعما توجد فيه من صفات حسنة.
أما الصنف الثاني-الذي نذكره حاليا-فهو حالة إنسان يمدح نفسه بما ليس فيه وينسب إلي نفسه فضائل ليست عنده بل يدعيها ويتخيلها.
أو يذكر صفات حسنة عنده ولكنه يبالغ في الحديث عنها ويكبرها..
أو أنه ينسب غيره إلي نفسه!فإن كان مشتركا في عمل قد تم نجاحه بمجرد مجموعة من الناس..فإنه حينما يحكي عن هذا العمل يركز علي نفسه فقط كما لو كان هو وحده السبب في نجاح العمل وليس مجرد مشترك فيه لكي يكون المديح له وحده متجاهلا كل الذين اشتركوا في العمل وساهموا في نجاحه وكأنهم لم يكن لهم وجود ولا مجهود!!
بل قد يحدث في بعض الأوقات ما هو أسوأ من هذا أن ينسب إلي زملائه في العمل كمية كبيرة من العيوب ويتهمهم بالتقصير أو الضعف ويخفي حقهم ودورهم كأن يقول عن واحد منهم-علي غير حق-أنه لم يستطع أن يتكلم وكان متلعثما حتي يضايق الناس منه..إلي أن تدخل هو وقال الرد الصحيح أي أنه كان بطل الموقف بينما أخطأ غيره!!
مثل هذا الإنسان لم يمدح ذاته فقط,بل أضاف إلي امتداح نفسه,أنه ذم الآخرين وشهر بهم وبني كرامته علي امتهان الآخرين!
وعن التواضع الذي هو عكس هذا النوع من مديح النفس.
أذكر قصة راهب فاضل كان ينكر ذاته جدا فحينما كان يعمل في خدمة الدير عملا حسنا ويدرك أنه سينال مديحا بسببه كان يشرك معه راهبا آخر في جزء ضئيل جدا من العمل.أو في نهاية العمل يطلب من أحد الرهبان أن يساعده, فإن مدح عن ذلك العمل بعد إتمامه,يقول بارك الله أبانا فلان الذي تم العمل علي يديه..
وهكذا ينسب إليه الفضل حتي يبعد المديح عن نفسه.هناك مثل آخر واضح في لعبة كرة القدم,فلو كان كل لاعب في الفريق يبحث عن مدح نفسه سيفشل الجميع لأن كلا منهم يريد أن يكون الهدف بواسطته وحده!ولكن بروح الفريق يلعب الجميع وقد يسير أحدهم بالكرة حتي يصل إلي قرب الهدف ثم يمرر الكرة لغيره فيكسب الهدف ويمتدحونه.. المهم هو انتصار الفريق وليس فردا معينا منه.
فإن كان هذا في الروح الرياضية فكم بالأكثر تكون الحياة الروحية.. إن الإنسان الذي يسعي إلي مدح ذاته متجاهلا باقي الناس والظروف المحيطة وقد يتجاهل عمل نعمة الله معه إنما يمدح نفسه بما لايستحق..
النوع السادس:
وهو يمثل أردأ نوع من محبي المديح إذ قد تصل محبة المديح بشخص إلي الدرجة التي فيها يحب أن يكون المديح له وحده ويتضايق إذا مدح شخص آخر غيره أو يغتاظ إن شاركه أحد في المديح,فهو يريد أن يمدح وحده وليس غيره وإن مدح آخر يغار ويحسده ويحقد عليه ويتكلم عنه بالسوء.
نود في العدد المقبل إن أحب الرب وعشنا أن نتكلم عن الشرور التي تنتج عن محبة المديح والكرامة.
</B></I>
|