الغابة السوداء.. صناعة التاريخ والطبيعة

[Mary Naeem]

الغابة السوداء.. صناعة التاريخ والطبيعة

هي أكبر وأعلى مناطق السلاسل الجبلية في ألمانيا، وتقع في الجنوب الغربي من ألمانيا على الحدود الفرنسية السويسرية، في منطقة (بادن فورتم بيرج)، .تحتوي علي أديره وقصور وشلالات وهي غنيه بالثروات الطبيعيه والزراعيه فلماذا سميت بالسوداء؟

تمتد الغابة السوداء على هيئة مستطيل عظيم ما بين شتوتجارت وبودنزى وكارلس روهى وبازل، ويصل طولها من الشمال إلى الجنوب ما يقارب الـ 160 كم، ويبلغ عرضها في الجنوب 60كم إلا انه في الشمال يقل عن ذلك قليلاً، ويصل إلى ما يقارب الأربعين كيلومتر.
وتبلغ قمم الجبال فيها ارتفاعاً يصل إلى 1166 متراً في الشمال، وإلى 1493 متراً في الجنوب، وفي الغرب تنحدر الغابة السوداء بشكل حاد باتجاه نهر الراين حيث تصل بالكاد إلى ارتفاع 200 متراً، أما شرقاً فتصل التلال المكسوة بالأحجار نحو واد نهر النيكر ولا يزيد ارتفاعها هناك عن 600 متر.

وتقدم الغابة السوداء باقة خلابة ومبدعة من الأماكن التي تستحق الزيارة، والتي تفصح عن مكنونات الغابة كمقصد سياحي سواء من جهة أهميتها الطبيعية كمجمع للغابات النادرة والخلابة، أو من جهة أهميتها التاريخية كشاهد على كثير من وقفات التاريخ وهدوءه أو رعونته.

وهى بالفعل منذ ما يزيد على المائة عام مقصداً لراغبى النزهة والاستجمام؛ حيث تحتل المناظر الطبيعية الخلابة الأهمية القصوى لزائري هذه المنطقة، ومن كثرة ما تحتويه من مناظر تستحق المشاهدة فيُندر أن يدعي زائر أنه قد أحاط بها زيارة أو أجملها في نزهة، ولهذا السبب يتم دائماً اختيار بعض المناطق لقصدها بالزيارة أو على الأرجح بالإرشاد والبيان.

أديرة وقصور تاريخية

تحتوي الغابة السوداء على الكثير من الأديرة والكنائس التي تعود في بنائها إلى القرن العاشر الميلادي، وبُنيت لخدمة الاحتياجات الدينية والعقائدية لسكان الغابة السوداء، مثل دير القديس بيتر والقديس ميرجن، إلا أن بعض الأديرة والتي رُممت حديثاً كأبدع ما يكون مثل “دير هيرزاوو” لا تزال تحظى بأهمية قومية وعالمية.


وقد كانت الغابة السوداء سكنى الملوك والأمراء وعائلات النبلاء وذلك يفسر ذلك القدر من القصور الفخمة والأبراج التذكارية أو بقاياها التى تنتشر في ربوعها، والتي وإن كانت تقطع خطاً متصلاً من بكورة جمال الطبيعة الأم، إلا أنها لا تشوهه بل تزيده حسناً على حسن، ومن أهمها قصر هايدلبيرج، والذي لايقع في الغابة السوداء ولكن في المنطقة المحيطة بها، إلا أنه يستحق الزيارة؛ فهو من أهم القصور الأثرية فى ألمانيا بل قد يعد من أشهر القصور في العالم أجمع، وقد عاصر القصر منذ القرن الثالث عشر وحتى القرن الثامن عشر الكثير من الأحداث التاريخية كمقر لعرش أحد أهم الأسر الحاكمة في الإمبراطورية الرومانية في ألمانيا.


ويقع قصر كارلس روهر على الحافة الشمالية الغربية لمنطقة الغابة السوداء، بالإضافة إلى القصور القديمة والحديثة بمدينة بادن بادن الاستشفائية، وقصر ايبرشتاين بمدينة جيرنز باخ على بعد 40 جنوباً من كارلس روهر وغيرها من القصور الشهيرة والخالدة، كما لا تخلو الغابة من المتاحف مثل متحف الحلي في بفورتس هايم، ومتحف الغابة السوداء في ترى بيرج.

ثروة طبيعية وزراعية

وأكثر ما تختص به الغابة السوداء كمكان للزيارة هي ثروتها من الحيوانات البرية والحقلية أيضاً، والتي تتوفر الفرصة لزيارتها والتمتع بمشاهدتها في حدائق الحيوان المنتشرة في الغابة أو في المزارع الحيوانية القريبة. وبالنسبة للأطفال يحتل إطعام الحيوانات عن قرب والألف بهم واللعب معهم أهمية قصوى تضفى على الطفل مرحاً لا يُوصف.


وتقدم حديقة الحيوان في (كارلس روهر) كل ما يمكن أن يتوقعه زائر لحديقة حيوان كبيرة ومعروفة؛ حيث تضم بيوتاً للدببة القطبية، والزرافات الأفريقية، بالإضافة إلى طيور البطريق، والفقمات البحرية النادرة، والكثير من الأنواع الحيوانية النادرة.
وفى متنزه (بفورتس هايم)، يوجد بالإضافة إلى أنواع الحيوانات النادرة، مزرعة مخصصة للأطفال لمداعبة الحيوانات واللعب معها، بالإضافة إلى ملعبين كبيرين مخصصين لمصاحبة الحيوانات وقضاء اليوم معها.


وفى شتوتجارت توجد حديقة حيوان (فيل هيلما)، وهى حديقة حيوان كلاسيكية وتقع في وسط متنزه من المتنزهات الرائعة في شتوتجارت، وبها مقاصير لحيوانات إنسان الغاب ومتنزهات مشاهدة الطيور ومراقبتها وأوكار الحيوانات الليلية، وأحواض السمك، وللصغار فيوجد مزرعة صغيرة.

وفى (نوي فايلر) توجد مزرعة صغيرة تسمى (جاوجن فالد)، وهى مخصصة للزيارة ولكن بصحبة الأطفال؛ حيث تربى بها الخيول قصيرة القوائم، والخنازير، وحيوانات اللاما الجميلة، والأغنام والماعز حيث يسمح للأطفال والزائرين بإطعامها فهو من الأنشطة الأساسية للزيارة، بالإضافة إلى ذلك توجد كثير من الأرانب البديعة الألوان والأنواع، بجانب الحمائم وطيور الطاووس والكثير من الحيوانات الصغيرة.


وفى مزرعة الحيوانات (فالدموزيجن) بجوار (شرامبيرج) تتوفر الفرصة لرؤية الكثير من الحيوانات والطيور المستأنسة والمنزلية كطيور البط، بالإضافة إلى الأغنام والأحصنة والحمر والأبقار والغزلان والأيائل. وفى حديقة حيوان الغابة السوداء في(فالد كيرش) تتواجد الدببة البرية، والوشق و طيور البوم، بالإضافة إلى مزرعة مخصصة للعب الأطفال مع الحيوانات.


وتحتوي الغابة السوداء على الكثير من حدائق الحيوان والمزارع الريفية، والتي أن كانت تقدم للحيوانات المأوى الآمن، إلا أنها تلقى الضوء على اهتمام الأوربيين بالبيئة وعلى نظرتهم للحيوان على أنه شريك حياة بقدر أكبر من كونه وجبة طعام.

بحيرات وشلالات

تحتوي الغابة السوداء على الكثير من البحيرات وشلالات المياه الطبيعية ومنابع المياه والأنهار، بالإضافة إلى الشعاب الجبلية ذات التكوينات الصخرية الرائعة، ومن أبرزها تيتيزى وشلوختزى اللتان يتجاوز ارتفاعهما الألف متر فوق مستوى سطح البحر، وتوجد حولهما الفنادق والمنتجعات السياحية والمطاعم، إضافةً إلى توافر القوارب الصغيرة للنزهة.

كما تحتوى الغابة السوداء على مجموعه رائعة من المناجم ذات الخلفية التاريخية، والتي تتاح زيارتها للعامة كمقصد سياحي، ومن أشهرها منجم(كلارا) بمنطقة (اوبرفولفاخ) حيث يتم التنقيب عن معادن البيريت والفلوريت، بالإضافة إلى مناجم كثيرة للتنقيب عن الحديد والنحاس والفضة.

ولا يصح إغفال قيمة الغابة السوداء كمقصد للاستشفاء والنقاهة؛ فيتوافر الهواء النظيف المنعش بسبب الكثافة النباتية في محيط الغابة، والذي جعل من المناطق المرتفعة منها على الأخص مقصداً لراغبي الاسترخاء والاستشفاء بالقرب من شلالات المياه الدافئة والعيون الكبريتية.

بالإضافة إلى ذلك لا تزال منطقة الغابة السوداء نشطة جيولوجياً؛ حيث تنشأ بعض الشقوق والصدوع التي يتدفق من خلالها ينابيع المياه، والتي تختلط بالمعادن المختلفة من الصخور التي تمر خلالها وما له من أثر على الصحة العامة.