|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حياة التواضع والوداعة ( 20) لماذا يهرب المتواضع من حب الرئاسة والرعاية؟ بقلم قداسة : البابا شنودة الثالث ويتخذ المتكأ الأخير أمام نفسه وأمام الناس؟ إنه يهرب من الرئاسة حرصا علي خلاص نفسه وهروبا من العظمة والكبرياء حسبما وعظ القديس يوحنا الأسيوطي: سئل هذا القديس:هل يليق بالإنسان أن يطلب رتبة وسلطانا بقصد تقويم المعوجين وإبطال الشرور؟فأجاب: كلا,لأنه إن كان الإنسان وهو بعيد عن الدرجة يريد أن يكون عظيما فماذا يفعل عندما يصل إلي الرئاسة والعظمة ذاتها؟!فالذي وهو في ضآلة شأنه لم يعرف الاتضاع ماذا يفعل وهو في العظمة؟!وإن سعي إلي الانتفاخ وهو بعيد عن المناصب فأي انتفاخ يكون له عندما ينال تلك المناصب؟! إذ حينما لم يكن لديه سبب للعظمة كان يطيش بها في ضميره فكم يكون بالحري عندما ينال سببا للافتخار؟! إن كنت لاتشتهي الاتضاع فلا تطلب درجة الرعاية ولاتشته درجة الكهنوت لكي تعتني بالناس واعلم أن الله يعتني بشعبه أكثر منك...اشته أن تكون حملا في القطيع يرعاك غيرك لا أن تكون راعيا مسئولا عن رعية يطلب الله دمها من يدك. احترس من شهوة التسلط واذكر أنك مهما صرت اليوم مكرما بالعظمة فغدا ستكون مثل سائر الناس محبوسا في القبر. يهرب المتواضع من الرئاسة والرعاية شاعرا بأنه أضعف من القيام بها. قال القديس يوحنا الأسيوطي أيضا:إن كنت الآن لاتقدر أن تربح نفسك فكيف تقدر أن تربح نفوسا كثيرة؟!...إن كنت في الوقت الذي ليس عليك فيه أثقال لم تستطع أن تحيي ذاتك فكيف تقدر أن تخلص شعبا كبيرا من شر هذا العالم؟!إن كنت الآن بلا مسئوليات كثيرة ولم تقدر أن تخلص هذه النفس الواحدة التي هي نفسك فكيف تقدر علي نفوس الناس؟! وبنفس منطق القديس يوحنا الأسيوطي أقول لكل من يشتهي الرعاية ليخلص نفوس الآخرين :اهتم يا أخي بخلاص نفسك أولا فإن لم تستطع فلن تقدر علي تخليص غيرك مهما أخذت من مناصب... نفسك التي تعرف عنها كل شيء تعرف جميع أسرارها وتاريخها كله,وضعفاتها وأسباب ما فيها من ضعفات وعيوب وأمراض روحية إذا لم تستطع أن تخلص هذه النفس المعروفة جدا لديك فكيف تقدر علي خلاص نفوس الناس الذين تجلس معهم فترات قليلة ولاتعرف عنهم إلا القليل جدا؟! ونفسك التي إذا وبختها تقبل منك التوبيخ واللوم والزجر ومع ذلك لم تقو علي ردعها فكيف تقدر علي نفوس إن وبختها تغضب منك؟! نفسك التي تثق بك والتي هي مستعدة أن تسمع لك لست قادرا عليها فكيف تعمل مع الناس الذين قد لايسمعون منك وأن سمعوا ربما لايثقون بما تقول!! فاهتم أولا بخلاص نفسك لأن تخليص الغير ليس أمرا سهلا... الذي يهرب من الرئاسات والمناصب يحب المتكأ الأخير. لأنه يشعر أن هذا هو وضعه الطبيعي وهذا هو استحقاقه إذ قال القديسيوناعتبر نفسك أقل من الكل وآخر الكل لكي تستريحقال القديس برصنوفيوس:لاتحسب نفسك في شئ من الأمور ولايحسبك أحد شيئا وأنت تتنيحأي تستريح... فالشخص الذي لايحب المديح والكرامة يهرب من الرئاسة ويهرب من المتكآت الأولي ويشتهي أن يكون خادما لغيره لا أن يخدمه غيره يشتهي أن يتتلمذ علي المرشدين وينتفع بأقوالهم لا أن يكون مرشدا لآخرين. قال الشيخ الروحاني في أي مكان وجدت فيه كن صغير إخوتك وخديمهم. في مرة طلب مني أحد الآباء الكهنة الجدد-بعد رسامته-أن أقول له كلمة أو نصيحة فقلت لهكن ابنا وسط إخوتك وأخا وسط أولادكفالذي ينزل درجة يرتفع درجات...وهذا هو الذي يستريح في أي منصب يوضع فيه أما إن كان يريد أن يتمتع بكل كرامة هذا المنصب ويملأ كرسيه أو ينتفخ فهذا إنسان مسكين أسقطته المناصب. أما أنت فكن آخر الكلصغير إخوتك وخديمهمفي كل مكان تحل فيه وإن كان السيد المسيح قد غسل أرجل تلاميذهيو13ولم يستح أن يدعوهم إخوة لهعب2:11.بينما هو المعلم والسيد فهل تكون أنت رئيسا علي أحد؟!. الإنسان المتواضع-إن صار رئيسا-يعتبر نفسه رئيسا فقط علي العمل وليس علي الناس ويعتبر مرؤوسيه زملاء له... إنه يهرب من الرئاسة والترؤس ومن السلطة والتسلط أما إن أمسكه الله بإرادته التي لاتقاوم وجعله رئيسا أو راعيا فإنه عندئذ يطلب منه قوة يعمل بها لأنه بنفسه لايستطيع إن يعمل شيئايو15:5والذي يثق بقدرته الخاصة علي تخليص الآخرين لابد أن يكون مغرورا. إنه لايرفض الرئاسة إن أتت إليه دون سعي منه إليها فليس الضرر في الرئاسة إنما الضرر في محبة الرئاسة وفي الارتفاع بسببها. ليس الضرر أن تبقي رئيسا ولكن الضرر هو أن تتسلط علي غيرك فقد يوجد رئيس وصاحب المتكأ الأول وفي نفس الوقت يكون إنسانا متضعا يعامل مرؤوسيه برفق كأنه واحد منهم فالرئيس والمرؤوس سواء عند الله بل تكون للمرؤوس منزلة أكبر حسب بره. والرئيس المتواضع هو الذي يتفاهم مع مرؤوسيه بروح المحبة والبساطة شاعرا أن السلطة إنما تمنح للرؤساء من أجل إدارة العمل وليس من أجل الكرامة الشخصية وهكذا أيضا درجات الكهنوت مهما علت هي للتدبير والرعاية والخدمة وليست للرفعة والتشامخ وهكذا فإن كل سلطة لايجوز أن تنحرف عن معناها الأصلي كمجرد وسيلة لتدبير العمل لتصبح وسيلة إلي تكبير الذات وإظهارها..! يحكي عن القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة إنه كان يسير مرة مع مجموعة منهم, وكل واحد يحمل حاجياته فتقدم أحد الرهبان لكي يحمل حاجيات القديس باخوميوس فرفض ذلك وقال له:إذا كان المسيح له المجد دعا نفسه أخا لتلاميذه فهل استخدمكم أنا في حمل حاجياتي؟!لايصير هذا الأمر أبدا من أجل هذا فإن بعض الأديرة كائنة في انحلال لأن كبارهم مستعبدون لصغارهم! والقديس بولس الرسول يقول عن نفسهإن حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتها هاتان اليدانأع20:34. إن الرئيس المتواضع هو الذي يحترم الكل ويعامل الكل بلياقة...حقا ما أعظم محبة وتواضع الذين يعاملون من هم أقل منهم باحترام وتوقير.... إنك بسهولة تحترم الشخص الأكبر منك فهذا واجب وضرورة وأنت مرغم علي ذلك ومضطر أن تحترمه, لكن من يحترم من هو أقل منه يكون متضعا. الذي يحترم من هم أصغر منه في المنصب أو العلم أو السن أو في المقام ويحفظ حقوقهم ويشعرهم بشخصياتهم فهو إنسان متواضع يستحق محبة وتقدير الكل.واعلم أن كرامتك ليست في أن يخضع الناس لك بحكم القانون إنما الاحترام الحقيقي هو تقدير وتوقير ينبع من القلب لمن هو مستحق لذلك...ولايكون من الظاهر فقط. الرئيس المتواضع يكون رئيسا علي ذاته أولا: فهو يضبط نفسه أولا ويحسن تدبيرها قبل أن يتولي تدبير الغير...قال الشيخ الروحاني وهو ينصح الرهبان الصغار ألا يشتهوا رئاسة مجمع الرهبان:إن حوربت بهذا الفكر فقل لنفسك:إن مجمعي هو مجمع أفكاري التي أقامني الله عليها رئيسا لكي أدبر أهل بيتي حسنا. فكن إذن رئيسا علي أفكارك ومشاعرك واضبطها حسنا فلا تطيش شرقا أو غربا كن رئيسا علي حواسك علي نظرك وسمعك كن رئيسا علي شهوات قلبك واضبطها وإن تمكنت من أن تكون رئيسا علي نفسك وتضبها فأنت الشخص الذي قد تصلح أن تكون رئيسا. وإذا كنت لم تعرف أن تحكم نفسك ولا لسانك ولافكرك ولاقلبك من الداخل فكيف تصلح أن تكون رئيسا علي غيرك؟!إن لم تكن أمينا علي القليل لايمكن أن تكون أمينا علي الكثيرمت25:21. يمكنك أيضا أن تهرب من محبة الرئاسة والكرامة إن كنت تزهد في الأمجاد الخارجية. لأن كل ما يتعلق بالوظائف والمناصب هو عرض خارجي لايتعلق بذاتك في الداخل...فالكرامة التي يقدمها الناس لك هي في الواقع كرامة يقدمونها للمنصب الذي أنت فيه وللوظيفة التي تشغلها وليس لك شخصيا بحيث إن ابتعدت عنك الوظيفة ابتعدت عنك كرامتها. ولكن المزمور يقولكل مجد ابنة الملك من داخلمز45علي الرغم من إنهامشتملة بأطراف موشاة بالذهب ومزينة بأنواع كثيرةمجدك إذن في شخصيتك لافي وظيفتك أو رئاستك. مجدك في جوهرك في روحياتك...في طبيعتك, في عقلك, في حكمتك, في كل ما يوجد داخل قلبك من الفضائل والصفات الطيبة... إن عرفت هذا تزهد في المناصب والوظائف وتقول مع السيد الربمجدا من الناس,لست أقبليو5:41مريدا المجد الذي يكللك به الله وليس المجد الذي يمنحك الناس إياه نعم مجدك هو في حكم الله عليك وليس في حكم الناس. يبقي إذن أن أحدثك عن كيف تهرب من المديح والكرامة, وكيف تهرب من محبة الرئاسة...موعدنا في هذا في العدد المقبل بمشيئة الله.إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حياة التواضع والوداعة (6) |
حياة التواضع والوداعة ( 29 ) |
حياة التواضع والوداعة-4 |
حياة التواضع والوداعة-5- |
حياة التواضع والوداعة17 |