|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الوصية المنسية
بصوت منخفض تقطعه انفاس قصيرة و بنغمة عذبة تشبه الملائكة فى تسبيحها راحت ترتل " لا تدينو كى لا تدانو .. بالمحبة و الحب عيشو .. اسمعو المسيح ينادى .. و انصتو لصوته الهادى .. فى العظة .. فوق الجبل .. بيقول أولادى لا تدينو .. لاتدينوووووووووووو " .. ثم نظرت إلى امها ببراءة و حيرة " يعنى ايه لا تدينو كى لا تدانو دى ؟؟ " قد تعثر على عقلها الصغير ذو الخمسة أعوام فهم تلك الجملة من الترنيمة التى حفظتها من أحد الأشرطة التسجيلية لكورال معروف .. و بسعة صدر و توقع مسبق للسؤال اجابتها والدتها " يعنى متقوليش فلان وحش عشان بيعمل كذا " .. نهضت مستنكرة اشد الاستنكار " ازاى يعنى ماهو لو بيعمل حاجة غلط يبقى وحش " فابتسمت والدتها بهدوء و قالت لها الجملة المعتادة " مالناش دعوة بحد .. احنا منعملش الغلط و بس و مالناش دعوة بحد " لم تستكت الطفلة بالطبع و راحت تسأل و تسأل سيلاً من الاسئلة حتى فاض كيل والدتها فقالت بصرامة " الحكم على الناس حلوين ولا وحشين دى شغلة ربنا .. انتى عايزة تشتغلى شغلة ربنا ؟؟ مينفعش " و هنا صمتت الفتاة مطيعة أو مستسلمة لتقسيم الادوار .. و تعلمت انه ليس من شأنها ان تحاكم أحدًا و إن كانت تراه مخطئًا .. تمر الايام سريعًا و تضيف إلى عمرها خمسة اعوام آخرى .. و إذ بيوم تذهب إلى مدارس الاحد لتسمع القصة الاسبوعية من خادمتها الخدومة .. و تكون القصة عن الادانة .. فيٌحكى ان راهب عجوز مشهود له بالحكمة و التقوى .. تجمع الرهبان حوله عند وفاته ليأخذو كلمة موعظة .. فوجدوه مبتسمًا بشوشًا لا يلق بالٍ لخطاياه السابقة .. فقال لهم " انا ربنا واعدنى بانه مش هيدينى زى ما انا مدينتش حد فى حياتى " .. كانت تلك الجملة بمثابة ضربة صاعقة لها ؟ .. كيف لا يُدان ؟ هل لم يخطأ ابدًا ؟ .. كلا ربما اخطأ لكنه مسنود على وعد الله الذى لا يخلف وعده ابدًا .. " لا تدينو كى لا تدانو " لم تكن وصية فقط .. بل وعد ايضًا .. مرت خمسة أعوام أخر .. حين رأت شخص يكثر من قول الآيات فى كل موقف يتصرف بطريقة غريبة ! فهو يتودد لفتاة تعرفها يتحدث إليها كثيرًا و يتعذر باتفه الاسباب للتواجد معها .. حاولت ان تتناسى تلك المواقف و لكن فضول المراهقة و كبريائها جعلها تفكر فى قلبها " يعنى هو ابن ربنا باللسان و بينصحنا احنا؟؟ و بيكلم هو بنات ! " لم تمر سوى أشهر حتى أعلن الشاب خطبته لتلك الفتاة .. فقد كان فعلا يحادثها و يتقرب إليها طمعًا فى بناء كنيسة صغيرة معها يسمى بعش الزوجية .. قد سائت به الظن .. كثيرون – و انا اولهم – ننسى تلك الوصية و هذا الوعد .. نغرق وسط بحور كلمات و آيات ولا نلتفت إليها .. نصدر الاحكام و نتكلم بحناجر عالية و السنة فصيحة عما يجب أن يفعل و ما يجب أن يترك .. و ننسى اننا تركناها عن دون قصد .. يجب ان نعمل هذه ولا نترك تلك .. لسنا آلهة لنعمل عمل الله و ندين غيرنا .. فربما كان بنا أضعاف ماندين غيرنا عنه و يتمهل الله علينا .. أفلا نتمهل نحن الخطاة على أخواتنا الخطاة ؟؟ أقتباس كتابي من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بروح التقوى وتنفيذ الوصية دعا طوبيت ابنه كي ينفذ الوصية |
الأنسجة المتخصصة |
الوصية المنسية |
النسخة الإفرامية | النسخة الأخميمية |
الأوشية |