|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حياة التواضع والوداعة23 علاقة التواضع بالإيمان والبساطة بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث وعلاقته بالتعليم والتأديب وبالتجرد تحدثنا في المقال الماضي عن علاقة التواضع بكل من:النعمة والتوبة والاعتراف والشفقة علي المخطئين.. ونتحدث اليوم عن علاقته بفضائل أخري,نذكر من بينها:الإيمان والبساطة. الإيمان والبساطة: 0 المتواضع له بساطة القلب التي تقبل من الله كل شيء ,دون مجادلة ودون شك.مثل بساطة الأطفال الذين يتلقون قواعد الإيمان فيقبلوها دون مجادلة ولهذا قال الربإن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السمواتمت18:3. علي أن كثيرا من الناس كلما تنمو عقولهم تقف عقولهم ضد بساطة الإيمان ولايقبلون إلا ماتستطيع عقولهم أن تستوعبه عن الله وعن حكمة وصاياه!بينما عقولهم محدودة والله غير محدود ولايستطيع المحدود أن يستوعب غير المحدود. 0 وهكذا بعض الفلاسفة انحدروا إلي الإلحاد.. إذ أنهم في كبرياء المعرفة اعتزوا بعقولهم ورفضوا الله الذي لايرونه ولايلمسونه. يروي عن أحد الفلاسفة أنه مر في طريقه علي أحد الحقول ورأي فيه فلاحا راكعا يصلي.. فوقف يتأمله في تعجب وقال في نفسهأنا مستعد أن أتنازل عن نصف فلسفتي, إذا منحت بساطة هذا الفلاح الذي بكل ثقة يتكلم في صلاته مع كائن لايراه!!. ونري في هذه القصة مثالا عن تواضع البساطة التي تقود إلي الإيمان,إلي جوارالمعرفة التي تنفخ1كو8:1وتقود إلي الكبرياء الذي ينكر وجود الله!عجيب هذا الأمر جدا:أن العقل وهو هبة من الله للإنسان يستخدمه الإنسان لينكر الله الذي وهبه إياه وإذ بالفيلسوف الذي قد يكون أكبر الناس عقلا يتحول في كبرياء العقل إلي الجهل بالله وصدق المرنم حينما قال في المزمور قال الجاهل في قلبه ليس إلهمز14:1. 0 في كبرياء العقل أيضا ينكر المعجزة ينكرها لأنه لم يفهمها فيدعي أن المعجرة ضد العقل! والواقع أن المعجزة ليست ضد العقل إنما هي مستوي أعلي من العقل.يقبلها إيمان المتواضع ويرفضها العقل المتكبر ولهذا فإن المتواضعين يطلبون من الله المعجزة وقد يهبهم إياها إن كانت توافق مشيئته بينما المتكبر لايطلب المعجزة وإن حدثت أمامه يحاول أن يرجعها إلي أسباب طبيعية أو يقابلها بتعجب دون أن يرجعها إلي الله. 0 ومن المعجزات التي ينكرها العقل المتكبر:الخلق والقيامة. بينما كل المؤمنين بالله في العالم أجمع يؤمنون بالخلق من العدم ويؤمنون بالقيامة من الموت ويصدقون-في اتضاع وبساطة-ما قالته كتب الوحي الإلهي عنهما في إنكار الخلق قال الغنوسيون إن المادة أزلية,بينما لايوجد أزلي إلا الله وحده. وماذا أيضا عن الحياة؟ لايمكن أن تكون الحياة الأرضية أزلية لأنه مر وقت كانت فيه الأرض قطعة ملتهبة, حينما انفصلت عن المجموعة الشمسية وكانت حرارتها لاتسمح بوجود حياة لبشر أو حيوان أو إنسان فمن أين إذن أتت الحياة؟لاشك من الله, وهنا يتفق العقل مع الإيمان ولكن المتكبرين يرفضون قبول الله لأن عقولهم ترفض أن تتنازل عن كبريائها وتستوعب فكرة وجود الله..! وغالبية الفلاسفة ترفض عقولهم القيامة بسبب الكبرياء التي ترفض كل مالا تفهمه!ألسنا بالنسبة إلي كثير من المخترعات الحديثة:نقبلها دون أن نفهمها؟!ولا يفهمها إلا المتخصصون في العلم الخاص بها..! 0 الرؤي أيضا والظهورات الروحية يراها المتواضعون ببساطة قلوبهم.. يقبلونها ويفرحون بها بل وينتظرونها ويتهللون برؤيتها بينما المتكبرون قد لايرون لأن قلوبهم غير مستعدة أو لأن الكبرياء تعوق الإيمان أو لأنهم حتي إن رأوا نورا إلهيا يحاولون أن يرفضوا مصدره الإلهي زاعمين تخمينات لايسندها العقل ولا الواقع مثل الليزر والأطباق الطائرة فلا يجيبون...مجرد الرفض هو الأساس في تفكيرهم ويخونهم العقل وينقصهم الإيمان بسبب الكبرياء. 0 نفس الوضع بالنسبة إلي الكتب المقدسة يقبلها المتواضعون بإيمان وفرح بينما الكبرياء تقود البعض إلي النقد الكتابي Biblical Criticism. يجعلون عقولهم مشرفة علي الكتاب المقدس.. تحلله وتنقده وتقبل فقط ما يقبله العقل وترفض الباقي.. وأيضا تضع الكتاب المقدس خاضعا لأهواء الناس يرفضون منه ما لايوافق أهواءهم مثل المؤيدين للشواذ جنسيا أو الخائفين منهم أو المشجعين للشذوذ الجنسي, هؤلاء يرفضون آيات الكتاب التي تدين هذا الشذوذ. ليس لهم التواضع الذي يقبل كلام الله ويطيعه بل في كبرياء لايقبلون مالا يستطيعون طاعته بسبب شهوات قلوبهم!وهناك ما ترفضه عقولهم لا لأنه ضد العقل وإنما لأن عقولهم ليست حرة بل هي مقيدة بقيود أهوائهم وشهواتهم. 0 والمتكبرون لهم أيضا أسلوبهم في ترجمة الكتاب المقدس وفي تفسيره. فالبعض قد يترجم الكتاب ترجمة توافق معتقداته فيحرف فيه ويغير مثلما فعل شهود يهوه في ترجمتهم التي أسموهاترجمة العالم الجديد للكتاب. The New World Translation of the ******une ففيها آيات كثيرة محرفة في مدلولها لتثبت ماينادون به من بدع وهرطقات ويستخدمون هذه الترجمة في كتبهم ويضلون بها الناس. والمتكبرون أيضا يفسرون الكتاب حسب هواهم وفهمهم ونوع عقلياتهم ولو أدي الأمر أن ينشيء المفسر منهم مذهبا جديدا ولهذا السبب كثرت المذاهب في بلاد الغرب وتعددت طوائفهم وكنائسهم. أما المتواضعون فليسوا كذلك إنهم يقبلون الكتاب كما هو ولايخلطونه بنوعية عقولهم في الترجمة أو التفسير ويعتمدون في معناه ومفهومه علي ما وصل من التقليد ومن أقوال الآباء وتفسيراتهم. كل هذا يقودنا إلي نقطة أخري هي علاقة التواضع بالتعليم . التعليم: 0 ونود أن نطرق هذه النقطة من ناحيتين هما: تعليم الإنسان لغيره وقبول الإنسان للتعلم من غيره. 0 فالمتكبر يحب أن يأخذ صفة العلم ويري في نفسه الكفاءة أن يعلم غيره أما المتواضع فإنه بفضل باستمرار أن يتعلم لكي ينال معرفة أو لكي يزداد في المعرفة وهو مستعد أن يتلقي العلم ويقبله حتي لو أتاه في صورة توبيخ أو إن أتاه ممن هو أصغر منه,بل هو بنفسه يطلب العلم. 0 القديس الأنبا أنطونيوس في بدء رهبنته كان يجلس علي حافة القرية يتعلم الفضيلة من النساك هناك وفي أحد الأيام أتت أمرأة لكي تستحم في النهر,وبدأت تخلع ملابسها أمامه فقال لهايا امرأة أما تستحين أن تتعري أمامي وأنا راهب؟!فقالت له في استهزاءمن قال إنك راهب؟!لو كنت راهبا لدخلت إلي البرية الجوانية لأن هذا المكان لايصلح لسكني الرهبانفاستمع الأنبا أنطونيوس إلي إجابتها في اتضاع شديد واعتبر أنها رسالة من الله إليه علي فمها, وفعلا ترك المكان ودخل إلي البرية الجوانية والقديس أنبا مقار الكبير,أخذ نصيحة من صبي راعي بقر.والقديس الأنبا موسي الأسود,سأل زكريا الصبي كلمة منفعة فلما قال له الصبيأأنت عمود البرية ومنارتها تطلب مني؟!أجاب القديس أنا واثق يا ابني بالروح الذي فيك أن عندك كلاميا ينقصني معرفته. والبابا ثاؤفيلوس الثالث والعشرون في عداد البطاركة كان يذهب أحيانا إلي البرية ليطلب كلمة منفعة من أحد المتوحدين مثل الأنبا أرسانيوس والأنبا بفنوتيوس حتي حينما كان يعتذر البعض منهم عن لقائه كان يمضي منتفعا! 0 المتكبر حكيم في عيني نفسه يتباهي بمعرفته لذلك لايطلب المعرفة من غيره! وفي كبريائه لايجد أحدا أكثر منه معرفة حتي يطلب منه مزيدا من العلم بعكس المتواضع الذي لامانع عنده في أن يسأل ولامانع من أن يقول عن أحد الأمورلا أعرفوهو يستمع إلي كلام غيره ليستفيد.. أما المتكبر فإنه يقاطع غيره إذا تكلم لكي يثبت رأيه هو وكلمته وهو كثير الجدل والنقاش. 0 المتواضع يضع أمامه قول الرسول:لاتكونوا مصلحين كثيرين يا إخوتي عالمين إننا نأخذ دينونة أعظم لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنايع3:2,1 لذلك فهو يحترس جدا في مسائل التعليم لئلا يخطيء, ولا مانع لديه من أن يستشير ليتأكد أو يرجع إلي المصادر الرئيسية ليري أن تعليمه موافق لعقيدة الكنيسة وأقوال الآباء وبخاصة لو كان بصدد فكر جديد. 0 أما المتكبر فبكل جرأة يقدم تعليما جديدا وقد يقع بذلك في بدعة. إنه يفرح بأن يطرق أمورا عويصة قد تكون فوق مستواهويرتئي فوق ما ينبغيرو12ويبدي الرأي كأنه عقيدة جديدة محاولا إثباتها!وإن عارضته الكنيسة بتشبث بفكره وتمنعه كبرياؤه من التنازل عما علم به وهكذا يقع في الهرطقة وقد حدث ذلك مع ترتليانوس وأوريجانوس وأريوس ونسطور وفي هذا المجال أتذكر إنني كتبت بضع مقالات بعنوان. البدعة كالكبرياء كل قتلاها أقوياء. لذلك ما أجمل قول السيد الربأحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفالمت11:25. نعم,إن المتواضعين هم الذين ينالون حكمة من فوق لأنهم يطلبونها. أما المتكبرون فتخفي عنهم الحكمة الإلهية لأنهم مكتفون بحكمتهم البشرية وهكذا رفض الله حكمة هذا العالم المغرور بحكمته1كو1:20وأصبحت كثير من فلسفات العالم تقود إلي الشك والبلبلة. وللبحث بقية |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حياة التواضع والوداعة12 |
حياة التواضع والوداعة13 |
حياة التواضع والوداعة14 |
حياة التواضع والوداعة16 |
حياة التواضع والوداعة17 |