|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حبقوق المنتصر أدرك حبقوق ، آخر الأمر ، أن الكلدانيين ليسوا إلا عصا استخدمها اللّه ثم كسرها بعد ذلك تكسيراً ، ... وأدرك حبقوق أن اللّه الذى أخرج شعبه من مصر بقوة وذراع عظيمة ، هو الذى يتمشى فى موكب العصور بقوته القادرة ، وسلطانه الرهيب، ... وسبيل المؤمن على الدوام مركز فى العبارة العظيمة الخالدة : « البار بإيمانه يحيا » أن أن المؤمن سيحيا فى وسط الأخطار والمخاوف والحروب بثقته فى اللّه ، ويقينه فى حراسته وخلاصه ، هذا هو المعنى الأول والمستفاد من الآية ، ... على أن المعنى البعيد العميق يشير إلى أن خلاص النفس البشرية من خراب الخطية وشرها يرجع دائماً إلى اليقين باللّه والإيمان به ، ... وعلى هذا بنى بولس العقيدة العظيمة عن التبرير بالإيمان ، وامتلأ لوثر سلاماً واطمئناناً وهو يضع دعائم إصلاحه المجيد . كان الأصحاح الثالث من سفر حبقوق أغنية رائعة منتصرة خرج بها حبقوق من وسط الخراب والدمار بالفرح والترنم وختمها بالكلمات التى قال « أسبرجن » عنها إنها ينبغى أن تكتب بماء الدهب : « فمع أنه لا يزهر التين ولا يكون حمل فى الكروم ، يكذب عمل الزيتونة ، والحقول لا تصنع طعاما ، ينقطع الغنم من الحظيرة ، ولا بقر فى المذاود ، فإنى أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصى ، الرب السيد قوتى ويجعل قدمى كالأيائل ويمشنى علـــــى مرتفعاتى » ! "حب 3 : 17- 19" . هل يستطيع الإنسان أن يمسك قيثارته ويغنى ، فى مثل الظروف التى يتحدث عنها حبقوق ؟؟ هل يمكنه الغناء فى أرض الحاجة والمجاعة والتعب ، يذهب إلى التينة فلا يجد حتى الزهور ، وينتقل إلى الكرمة فلا يجد عنا قيد العنب ، ويتحول إلى الزيتونة فيجدها وقد امتنعت عن الإثمار ، .. يترك هذه إلى الحقول ، فلا يجد حنطة أو طعاماً... يذهب إلى الحظيرة فلا يجد غنماً ، وإلى المذاود فلا بقر هناك !! .. كان من المنتظر أن يبكى ويتذكر وينتحب ، ... ولكنه رغم كل هذا يغنى !! .. ما سر حبقوق ؟؟، .. وما سر كل مؤمن مثيله ونظير للّه ؟؟!! .. إن السر يرجع فى الحقيقة ؟ إلى أن الخراب مهما حدث ، ومهما أخذ ، لا يمكن أن يأخذ منه ثروته وقوته الحقيقية التى هى شخص اللّه ، ... ترك بولس أرضه وبيت أبيه ، ترك امتيازاته ، وظروفه الحسنة ، وسار فى أرض الخراب لا يملك شيئاً ، ولكنه مع ذلك قال : « لكن ما كان لى ربحاً لهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة . بل إنى أحسب كل شئ أيضاً خسارة من من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربى الذى من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكى أربح المسيح » ... " فى 3 : 7 و 8 " ولم يكن بولس وحده فى هذا ، بل ما أكثر القديسين والأبطال الذين غنوا فى أرض الخراب ، ... فقد « يوحنا بنيان » أمنه وهدوءه وقضى فى السجن اثنى عشر عاماً ، وهناك كتب كتابه العظيم " سياحة المسيحى " ... عاشت فرانسس هفرجال « حياتها » الصحية العليلة ، ولكنها ارتقت فوق علتها ، وغنت أعظم الأغانى والترانيم !! .. إن الحقيقة التى لا مراء فيها هى أن وجود اللّه فى أرض الخراب ، يحولها إلى جنة وارفة مكتملة الجمال والجلال والبهجة!! .. على أن حبقوق كان يؤمن - إلى جانب هذا - بخلاص اللّه فى أرض الخراب ، إذ أن معونة اللّه هناك أقوى وأظهر وألمع ، ... ألم يدخل يوسف السجن ، ورأت نفسه أقسى ضروب الآلام والتعاسات ؟ ولكن اللّه دخل معه هناك ليخرجه إلى الحرية والسيادة والمجد ، ... ألم يكن موسى ملقى فى السنط على حافة النيل فى أرض الخراب ؟ ولكن اللّه مد له فى الحياة على الصورة العجيبة التى وصل إليها !! .. ألم يقف اللّه فى كل العصور والأجيال مع البؤساء والمعوزين والمتألمين ، على النحو العجيب الذى جعلهم يتمشون على مرتفعات الحياة فى أقسى الأوقات وأدق الظروف !! .. بعد أن قامت الحرب العالمية بعامين ، جاءت أوقات دقيقة على القديسة « لليان تراشر » ، وقد انقطعت كل المعونات والمساعدات ، ... وبلغت الحالة أقصاها فى يوم من الأيام ، فجمعت لليان أربعمائه وخمسين من البنات ، وظللن يصلين يوماً بأكمله ، وفى ثانى يوم دعيت هذه السيدة لمقابلة عاجلة مع السفير الأمريكى فى القاهرة ، وقال لها السفير: إن سفينة للصليب الأحمر كانت معدة للذهاب إلى اليونان ، وبها أطعمة وملابس ، ولكن الأوامر صدرت لها وهى فى عرض البحر الأبيض أن تذهب إلى الإسكندرية ، لأن اليونان قد اكتسحتها قوات المحور ، وطلب السفير من « تراشر » أن تأخذ كل ما تحتاجه من السفينة المذكورة ، ... وغنت القديسة وفتياتها أغنية الفرح فى أرض الخراب !! . لست أظن أن هناك ما يمكن أن نختم به قصة حبقوق ، أفضل من ذلك القول الذى قاله أحدهم وهو يسمع عن العذاب الأحمر فى الصين أو فى روسيا أو فى شتى ألوان المتاعب والاضطهادات بين الناس متسائلا : ألا يجوز أن نقول ما قاله حبقوق قديماً : « حتى متى يارب أدعو وأنت لا تسمع ، أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلص !! ؟ .. وكان الجواب : « أكتب الرؤيا وانقشها على الألواح ليركض قارئها لأن الرؤيا بعد إلى الميعاد وفى النهاية تتكلم ولا تكذب . إن توانت فانتظرها لأنها تأتى إتياناً ولا تتأخر»..!! .. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
شخصية حبقوق النبي في سفر حبقوق في الكتاب المقدس |
سفر حبقوق 1: 1 الوحي الذي راه حبقوق النبي |
حبقوق الحائر |
حبقوق النبى الحائر |
حبقوق الحائر |