|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
توما ومعاملة المسيح له لعلهمن المناسب أن نلاحظ على الدوام أن معاملة المسيح لأي من تلاميذه الأثنى عشر تختلف عن الآخر، فهو لا يمكن أن يعامل توما معاملة بطرس والعكس صحيح، وقد قيل إنه لو قال لتوما : «أذهب عني يا شيطان» التي قالها لبطرس في يوم من الأيام، لفقد توما إلى الأبد، إذ أن السوداوي المزاج الذي تغلب عاطفته على عقله، ومشاعره على فهمه، لا يمكن أن يعالج بأسلوب الانتهار أو القمع، بل لعل الحنان والإحسان أقرب إلى إدراكه ومشاعره، وفي البيت الواحد لا يمكن أن يعامل سائر الأبناء بأسلوب واحد، بل لابد أن تختلف المعاملة باختلاف طبيعة كل ابن، فهناك من تكفيه الإشارة، وهناك من يحتاج إلى زجر، وهناك من ينتفع بأسلوب المعاملة البالغة الرقة، وآخر قد تأتي به المعاملات الشديدة القاطعة! وقد عامل المسيح توما بأسلوبين واضحين هما الحنان والإنارة لم يقس عليه قط، إذ يكفيه قسوة الحياة التي يتطلع إليها من خلالهمنظاره الأسود للدنيا، وكل حاجته أن يرفع عن عينيه هذا المنظار الكئيب، حتى لا يرى الشمس مظللة بالقتام، أو ينظر الحقيقة مدثرة بالثوب الأسود، والحقيقة أساسًا ليست سوداء، ولكن زجاج المنظار الأسود هو الذي غطاها بالسواد، قال المسيح لتوما : «أنا هو الطريق والحق والحياة» (يو 14 : 6) ولعل هذا التعبير يعطينا الصورة المثلى للحنان والإنارة اللتين تمتع بهما توما، ونتمتع نحن بهما إلى «أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبنا» (2بط 1 : 19).. ولن نملك آخر الأمر إلا أن نصيح مع الرجل القديم : «ربي وإلهي! |
|