|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أليشع ودعوته عندما ذهب إيليا إلى جبل اللّه حوريب ، لم يكن يعلم أن اللّه سيتحدث إليه هناك عن ثلاثة أسماء سيدعوها لخدمته ، وتنفيذ إرادته ، فهو سيدعو أليشع بن شافاط ليحل محل إيليا ، وسيدعو حزائيل ملكاً على آرام ، وسيدعو ياهو بن نمشى ملكاً على إسرائيل ، ... وأدرك إيليا أن اللّه متسلط فى مملكة الناس ، وأنه يدعوالأنبياء والملوك وكل ذى سلطان وفقاً لمشيئته العليا وإراداته الكاملة ، وأنه يسيطر على الخير والشر فى كل مكان وزمان ، ... وبينما كان إيليا نائماً تحت الرتمة ، وقد استبد به اليأس ، وطوحت به الضيقات والآلام ، كان هناك شاب عظيم يعده اللّه فى آبل محولة ( مروج الرقص ) ويجهزه للخدمة المقدسة ... ، وهكذا يتغير الناس ، ويبقى اللّه ، ومع أن أليشع حمل رداء إيليا وحل محله ، إلا أنه ثمة فروق بين الاثنين ، ... كان إيليا - كما ذكرنا فى الحديث عنه - من بلاد جبلية ، وكان أليشع من أرض زراعية كان إيليا أشبه بالمعمدان، يحيا حياة الخشونة والصلابة والشدة والعنف والرعد القاصف ، وكان أليشع أدنى إلى حياة المسيح فى الرقة والعطف والجود والإحسان ، كان إيليا لا يأكل ولا يشرب ، وكان أليشع يأكل ويشرب ، كان الأول يعيش فى الجبال أو العزلة ، وكان الثانى يعيش فى المجتمعات ، وبين الناس ، ... ومع ذلك فقد كان الاثنان من روح واحدة فى السمو والرفعة وعزة النفس ، كان الرداء الذى يحتويهما واحداً ، وعندما يطرح هذا الرداء على أليشع ، فهو يترك ثروته الواسعة ، ويذبح فدان البقر ، ويضع يده على المحراث الخالد ، ولم يعد للمال سلطان على نفسه وهو يأبى أن يقبل من نعمان السريانى هدية تقدر بما يعادل خمسين ألفاً من الجنيهات ، ولا يخرج لمقابلته إذا هو أعلى من المال ومن نعمان ومن العالم كله ، ... لقد ذهب إيليا وطرح الرداء عليه ، ومد الشاب بصره ، فرأى كل شئ يتغير ، وهو يستبدل محراث أبيه ، بمحراث أخلد وأعظم ، ... ويستبدل حقل أبيه بحقل أوسع وأكبر ، حقل الخدمة العظيم والأكمل والأجل ، ... ومنذ ذلك التاريخ ولمدة خمسين عاماً عاشها فى الخدمة ، لم يتراجع قط عن محراثه العظيم ، ولم ينظر إلى الوراء ، حتى بكاه يوآش ملك إسرائيل : " يا أبى يا أبى يا مركبة إسرائيل وفرسانها " ... ومن الملاحظ أن هناك فرقاً كبيراً بين قول أليشع : " دعنى أقبل أبى وأمى وأسير وراءك " " 1 مل 19 : 20 " ... وقول الشاب الذى دعاه المسيح : " إئذن لى أن أمضى أولا وأدفن أبى " " مت 8 : 21 " ... كان أليشع يريد أن يلقى على أبيه قبلة الوداع ، فهو مع وفائه لأبيه يريد أن يرسل إليه تحيته الأخيرة ، ولكل ما يمكن أن يرث عن هذا الأب ، ... أما الآخر فلم يكن أبوه قد مات حتى يدفنه ، ولكنه أراد أن يؤجل الخدمة ، حتى يموت أبوه ، ويدفنه ، ثم يذهب بعد ذلك لعمل اللّه ، كما أن هناك فرقاً عظيماً بينه وبين القائل : " أتبعك ياسيد ، ولكن ائذن لى أن أودع الذين فى بيتى " " لو 9 : 61 " ... وهذا الفرق واضح فى أن أليشع حرق المحراث الذى كان يحرث عليه دون أدنى تردد ، كأنما ينسف جميع الكبارى التى تربطه بالعالم ، وهو يضع يده على محراث اللّه العظيم الذي دعى إليه !! ... ولم يمنعه إيليا عن أن يودع أبويه ، وقد تركه ليقبل أو يرفض ، .. وما أسرع ما عاد إلى أبيه الروحى ، بعد الوداع والقبلة لأبيه فى الجسد !! ... |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديس مار أنطونيوس حياته ودعوته |
بطرس ودعوته |
الخدمة ودعوته |
بطرس وحياته ودعوته |
رؤيا إشعياء ودعوته |