|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الشفاء والعزلة تقول القصة الكتابية : «وجاءوا إليه بأصم أعقد وطلبوا إليه أن يضع يده عليه فأخذه من بين الجمع على ناحية» (مر 7 : 32 و 33).. وهو عين ما فعله مع الأعمى الذي أخرجه إلى خارج القرية، كما جاء في الأصحاح الثامن في مرقس، ولعل السؤال الآن هو لماذا فعل المسيح هكذا!!؟ نحن لا ندرك تمامًا ما المقصود من ذلك، ولكننا نلاحظ أن العزلة في حد ذاتها مرات كثيرة ما تكون الخطوة الصحيحة نحو الشفاء، وفي كثير من الأمراض يبدأون أولا بعزل المريض خشية العدوى أو ضعف المقاومة، ومهما يكن من الأمر فليس أجمل من أن يقال عن المسيح إنه «أخذه من بين الجمععلى ناحية» وقد تبدو هذه الكلمة سريعة وبسيطة، لكنها في الواقع عميقة وخصبة!! والمسيح يفعلها بأساليب مختلفة في الحياة، فقد يفعل هذا معنا عن طريق «الذكريات الحلوة»... عندما بدأ روبرت موفات حياته كشاب بدأها بحارًا، ونحن نعلم أن حياة البحار يمكن أن توصف بأي شيء خلا أنها متدينة، ولكن روبرت موفات، وهو يركب المركب لأول مرة، انتحت به أمه ناحية قبل أن يصعد إلى ظهر المركب وقالت له : «الآن يا روبرت دعنا نقف وحدنا بضع دقائق، فإني أريد أن أطلب منك معروفًا، قبل أن نفترق!!؟ ... ما هو يا أمي!!؟ أريد أن تعدني أولا بأنك ستفعل ما سأطلبه منك!!؟ لا أقدر أن أعد يا أمي قبل أن أعرف طلبك!! ... وهل تفتكر يا روبرت أنني أطلب أمرًا في غير محله، وليس فيه خير!! ألست أحبك!!؟... إني أعرف ذلك يا أمي، ولكني لا أحب أن أعد إلا وأنا قادر على إنجاز الوعد.. ويقول روبرت موفات : «وخفضت عيني إلى الأرض وأنا صامت محاولاً أن أقاوم عواطفي الثائرة، ثم رفعت عيني فرأيت الدموع تنحدر على خديها فخنقتني العبرات ولما صرت قادرًا على الكلام قلت لها : أطلبي ما تشاءين يا أمي فإني سأجتهد أن أفعل كما تطلبين!! فقالت : إقرأ يا ابني الكتاب المقدس بانتظام كل يوم!! فقاطعتها قائلاً : ولكنك تعلمين يا أمي أني أقرأ في كتابي كل يوم!! ولكنك لا تقرأ بانتظام كما يجب أو كواجب عليك أنت مدين به لله ولنفسك.. فوعدها!! وإذ ذاك أجابت : الآن أعود إلى البيت بقلب مسرور، اقرأ كثيرًا في الإنجيل، الإنجيل المبارك فلا تضل الطريق، وان كنت تصلي فالله معك!! وقال موفات : لقد فارقت أمي إلى مركز عملي ثم إلى أماكن قريبة وبعيدة، حيث لم أجد هناك كنيسة أو مدرسة أحد قريبة مني، أو إنسانًا يهمه أمر الدين ولكنني لم أنس وعدي لأمي!! وقد يأخذنا المسيح على ناحية عندما يعزلنا المرض أو الضيق أو الحاجة، وهو يرغب في أن يختلي بنا لأنه يريد أن يرفع عنا عاهة أو ينتزع من حياتنا مرضًا، أو يسيطر على علة تمكنت منا، وهو يفعل هذا في عمق الهدوء والسكون والتأمل، عندما لا يكون هناك من الجمع من يعطل شركتنا معه أو تأملنا فيه، وقد نأتي إلى منعطف الحياة مع المسيح عندما يصيبنا الزهد أو يأخذنا الملل، عندما تبدو الحياة وكأنما هي سراب لا معنى له، أو فقاعة من الهواء كما ألف أحد الفلاسفة أن يطلق عليها، ومهما يكن الدافع إلى العزلة، فإنها ضرورية لحياتنا ولشفائنا من أمراض كثيرة، ومن العجيب أنها الشيء الذي فعله الله في حياة أبطاله العظام،عندما أراد أن يحررهم من كثير من الأمراض أو الأدواء، التي كانوا لا يدركون أنهم في حاجة إلى التحرر منها، ونحن لا نستطيع أن نفسر حاجتهم إليها قبل أن نعلم أن موسى عاش أربعين سنة في البرية، وكان من المقصود أن هذه الأربعين عاماً دفنت رجولته العظيمة في رمال الصحراء وإن كان الواقع أنها دفنت هناك كبرياءه، وغروره، وإحساسه الذاتي بنفسه، وأخرجت من أعماقه مصر بكل ما ترسب منها فيه، وكانت تلك أمراضه التي كان ينبغي أن يتخلص منها قبل أن يعرف طريقه إلى الحياة الصحيحة وخدمة الله، وكان لابد لداود أن يعيش سنوات طويلة في البرية، وهو صبي يافع أو طريد من شاول، وأدخله الله إلى المنعطف في الشركة معه ليصلح أن يكون الرجل الذي كان يرى نفسه أنه لا يزيد عن برغوث أو كلب ميت أو لا شيء على الإطلاق كدودة حقيرة، وهكذا أبطال الله ينتزعون من بين الناس، ويأخذهم إلى المنعطف قبل أن يحل عقدة لسانهم أو يفك أسر آذانهم أو يهيئهم أو يهييء لهم الحياة الصحيحة السليمة المنتصرة على الضعف والمرض!! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الفرق بين القداسة والعصمة |
كلمات عن الوحدة والعزلة في صور |
الوحدة والعزلة |
الهروب والعزلة |
الشعور بالوحدة والعزلة |