|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
آساف والأغنية انجابت الزوبعة عن قلب الرجل، وصفا الجو من الغيوم الكثيفة التي حجبت الشمس، ورفع الرجل صوته مغنياً للرب الصالح، واستهل مزموره بالقول: "إنما صالح الله"، أو يمكن أن تكون العبارة: "بالتأكيد صالح الله".. أو أنه ليس هناك شك أو ريب في الله الصالح، أليس هذا عين ما قاله إرميا في مراثيه: "طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه" وقاله حبقوق بعد العاصفة النفسية التي اجتاحته: "فمع أنه لا يزهر التين ولا يكون حمل في الكروم يكذب عمل الزيتونة والحقول لا تصنع طعاماً ينقطع الغنم من الحظيرة ولا بقر في المذاود فإني أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي الرب السيد قوتي ويجعل قدمي كالأيائل ويمشيني على مرتفعاتي".. من عهد غير بعيد حدث زلزال مروع في الجزء الغربي من الولايات المتحدة، وقد دمر هذا الزلزال كثيراً من المباني والممتلكات، غير أنه عوض أصحابها تعويضاً لم يكن في الحسبان إذ كشف في قلب الأرض التي مزقها عن مناجم غنية بالذهب،.. وكم تأتي التجارب القاسية بغنى الاختبارات، التي تؤكد أن الرب طيب وصالح وإلى الأبد رحمته!!... لقد تحدثنا في مطلع الأمر عن يوحنا بنيان، وما من شك أن دخوله إلى السجن كان بمثابة الكارثة المروعة له،.. لقد أراد أن يبشر جيله، في الكنيسة الصغيرة التي كان يعظ فيها، وشاء له الله أن يمنع من ذلك، ليتكلم إلى عالم أوسع وأعظم، وأكثر امتداداً فيما كتب عن الرحلة الخالدة، من مدينة الهلاك إلى جبل صهيون وقاد أجيالاً وراء أجيال في سياحته العظيمة إلى المدينة الخالدة التي صانعها وبارئها الله!!... كان الرب صالحاً وهو يخرج من الآكل أكلاً ومن الجافي حلاوة!!... كشف آساف في الدراما الخالدة التي كتبها لا عن الفصل الأول فقط في حياة الأشرار بل عن الفصل الأخير أيضاً، وقد تأكد الرجل أن الشر قد يكسب معركة، ولكنه لابد أن يخسر الحرب، وقد كان دقيقاً في التصوير إذ ربط بين يد الله الخفية، وبين المظهر الفجائي، ففي الوقت الذي نرى فيه يد الله في القول: "حقاً في مزالق جعلتهم أسقطتهم إلى البوار".. نجد الحوادث الظاهرة، أو أسباب الثانوية المباشرة: "كيف صاروا للخراب بغتة اضمحلوا فنوا من الدواهي".. وقد يتعجب الناس للسقوط المفاجيء، الذي قد يأتي في أوج المجد والقوة، حسب المظهر الخارجي،.. ولكن الشر أشبه بالنمل الأبيض، الذي يدخل في جسم الخشب ليأكل لبه، وعندما يستعمل الخشب في بناء المنازل أو الكباري، لا تلبث أن تنهار، وبهذا المعنى ينخر الشر والفساد والخطية في حياة أي فرد أو أمة، وتقوضها فجأة أبشع تقويض!!.. وقد رأى آساف كل هذا، وأمكنه أن يرى الله خلف كل هذه النهاية الرهيبة الداوية في حياة الأشرار،... وإذا قرأنا المزامير الأخرى خلاف المزمور الثالث والسبعين -والتي يعتقد أن آساف كاتبها- نجد الله لا يبدو في صورة الساكن الذي لا يتحرك أمام آثام الأشرار أو خطاياهم، بل نراه شديد القوة والبطش: "الله معروف في يهوذا اسمه عظيم في إسرائيل كانت في ساليم مظلته ومسكنه في صهيون هناك سحق القسى البارقة المجن والسيف والقتال".. "اللهم في القدس طريقك أي إله عظيم مثل الله أنت الإله الصانع العجائب عرفت بين الشعوب قوتك فككت بذراعك شعبك بني يعقوب ويوسف أبصرتك المياه يا الله أبصرتك المياه ففزعت ارتعدت أيضاً اللجج سكبت الغيوم مياها أيضاً سهامك طارت صوت رعدك في الزوبعة أضاءت المسكونة ارتعدت ورجفت الأرض في البحر طريقك وسبلك في المياه الكثيرة وآثارك لم تعرف هديت شعبك كالغنم بيد موسى وهرون".. وغنى آساف آخر الأمر بالمكان الذي اختاره في هذه الدراما العظيمة، إذ أخذ مكانه إلى جانب الله: "ولكني دائماً معك أمسكت بيدي اليمنى برأيك تهديني وبعد إلى مجدك تأخذني" لم يعد يرى في السماء أو الأرض إلا شخص الله: "ونصيبي الله إلى الدهر" "أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي، جعلت بالسيد الرب ملجأي لأخبر بكل صنائعك".. أين هذا من المكان الآخر مكان الأشرار، ممن ابتعدوا عن الله، وكانوا بهذا كمن يرتكب الفسق والزنا "لأنه هوذا البعداء عنك يبيدون تهلك كل من يزني عنك".. "لأن خارجاً الكلاب والسحرة و الزناة والقتلة وعبدة الأوثان وكل من يحب ويصنع كذباً"... هل تعرف أيها القاريء الصديق: أين مكانك في مسرحية الحياة؟؟. كان هناك مبشر في نيويورك تعود أن يطرق نوافذ البارات، وعندما يطل السكارى والمعربدون يسمعونه يقول لهم: "لأن أجرة الخطية هي موت"... وهي الكلمة التي يستطيع آساف أن يقولها لكل البعداء عن الله،.. وفي الوقت عينه يستطيع أن ينادي المؤمنين، ولو في قلب المتاعب والآلام والتجارب... "وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا!!"... |
|