|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
آدم وكيف جرب وسقط وعوقب؟!! ومن واجبنا ونحن نبحث تجربة آدم وسقوطه أن نستضيء بقول الرسول: "وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت" 1تي 2: 14 لنرى أن التجربة عند آدم تختلف عنها عند حواء، إذ أن سقوط المرأة كان وليد الخداع "الحية غرتني".. لقد جاءت الحية إلى المرأة كمن يطلب لها الخير، ويريد أن يرفعها إلى مركز الله، وأخفت عنها الجنة المهدمة والحزن والشقاء والدموع والمأساة والموت، وما إلى ذلك مما سيصيب الجنس البشري على توالي الأجيال!! أما آدم فقد سقط بعين مفتوحة، إذ يظن البعض أنه شك في كلمة الله، عندما أبصر حواء تأكل من الشجرة، دون أن تموت في الحال، كما كان يتوقع.. على أن ملتون يذهب في التفسير مذهباً آخر، إذ يقول في خياله الشعري في الفردوس المفقود: أن آدم أكل من الشجرة مدفوعاً بحبه لحواء، إذ آثر أن يموت معها، دون أن تهلك وحدها!! وسواء صح هذا الرأي أو ذاك فإن سقوط أبوينا استتبع أكثر من نتيجة وعقاب!! العار . . لقد جاءتهما الخطية بالخجل والخزي والعار، إذ أدركا أول كل شيء أنهما عريانان، ولعل هذا أول ما يحس به المرء عند ارتكاب الخطية!! ولعل هذا هو الدافع الذي يجعله يرتكب الخطية في الظلام!! "وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة لأن كل من يعمل السيئات يبغض النور ولا يأتي إلى النور لئلا توبخ أعماله" (يو 3: 19- 20)، وكلمة الخطية على الدوام مقارنة وملاصقة للعار والخزي، إذ أنها تهدر في الإنسان كل ما هو آدمي وإلهي إذ تقتل فيه المروءة والشرف والكرامة والنبل والإنسانية، وتسفل به إلى الحيوانية القذرة المنحطة، ألم تعر آدم، وتكشف نوحاً، وتغطي داود بالوحل، وتنحط بأمنون إلى أسفل الدركات!! على ألا تنسى على الدوام ما اصطلح رجال النفس على تسميته بعقدة أوديب، عقدة ذلك الفتى اليوناني القديم، الذي قتل أباه، وتزوج أمه، وعندما أدرك بشاعة عمله، فقأ عينيه، ووقع بنفسه أفظع عقاب يجرؤ عليه إنسان!! الخوف . . وإذ سمع آدم وحواء صوت الرب الإله ماشياً في وسط الجنة عند هبوب ريح النهار فزعاً وخافاً، وهذا ما تصنعه الخطية دائماً بمرتكبها، إذ تظهره في مظهر الضعيف الأعزل الذي تمسك به حبال آثامه وشروره، فلا يستطيع الهروب من عدل الله، مهما حاول إلى ذلك سبيلاً، لقد ظن آدم وحواء في باديء الأمر، أن التعدي والأكل من الشجرة، سيجعلها مثل الله، وفي مستواه تعالي، ولكنهما تبينا آخر الأمر، أنهما أضافا إلى ضعفهما ضعفاً، إذ لم يجسرا على النظر إلى الله فحسب، بل خشيا حتى من مجرد الاستماع إلى صوته عند هبوب ريح النهار!! والخطية توهم المرء على الدوام أنه قوي، وجسور، حتى يرتكبها، فإذا به يكتشف أنه ضعيف، وجبان، وأنه أعجز من أن يواجه نفسه، أو المجتمع، أو صوت الله!! وقد جاء صوت الله إلى أبوينا عند هبوب ريح النهار، أو قبيل الغروب، كما يرجح بعض المفسرين عندما سكنت الطيور إلى الأعشاش، والحيوانات إلى المرابض، ولم تكن هناك نأمة أو حركة، ما خلا الريح التي هبت، وجاء معها صوت الله، قوياً مؤثراً، يبلغ الشغاف والأعماق، وهكذا يأتينا هذا الصوت عندما نرتكب الخطية، بقوة لا تغالب أو تناهض، في الحوادث والأحداث التي تمر بحياتنا وفي تأنيب الضمير المرهب، وعذاباته، وضرباته التي هي أقسى من لذع السياط، أو طعنات السيوف، فننكمش، ونتقلص، ونفزع، وتصنع منا الخطية جبناء كما يقول شكسبير!! العداوة . . والخطية سر كل نزاع وخصام وعداوة في الأرض، إذ لا سلام قال إلهي للأشرار، وإذ سقط أبوانا الأولان، ضعفت المحبة بينهما، فلم تكن في جمالها الأول، كما نشأت بينهما وبين الحية عداوة قاسية، وأكثر من ذلك قتلت محبتهما لله!! أما أن محبتهما لم تكن كالأول، فذلك يبدو من محاولة آدم إلقاء التبعة على زوجته، دون أن يهتم بحمايتها أو تحمل ذنبها، كما كان ينتظر منه كمحب مخلص غيور، ولا ننسى أيضاً أنه عندما ذكرها أمام الله لم يقل "زوجتي" و "حواء" بل قال "المرأة التي أعطيتني" مما يدل على أن محبته لها لم تعد في قوتها الأولى!!.. أما العداوة للحية فقد أضحت عداوة دائمة مستمرة أبدية!! ومن المستطاع ملاحظتها إذا ذكرنا العداوة القائمة بين الجسد والروح في الإنسان الواحد، وبين المؤمن وغير المؤمن على طوال الأجيال!!.. أما العداوة لله فتبدو في البعد عنه، وعدم الشوق إليه، ومن هنا نعلم لماذا يعيش الإنسان على الدوام في الفزع والرعب والقلق والفوضى وعدم الاستقرار؟!! بل هنا نعلم لماذا تبدو حياته مجموعة من الأشتات والمتناقضات، أو كما يصفه بسكال الفيلسوف: "مزاج فريد من المتناقضات، جمع الكرم والخسة، والسمو والصغار، والقوة والضعف، حتى أصبح لغزاً عسير الحل… وهو بطبعه يميل إلى التصديق، ويميل إلى الشك، شجاع وجبان، راغب في الاستقلال وخاضع لشهواته، محتاج دائماً إلى شيء ما، مضطرب، قلق، سريع الملل، تخدعه حواسه، ويخدعه خياله، ويخدعه حبه لنفسه، فلا يرى الأشياء كما هي وإنما يراها من وراء ستار، ولا أدل على ذلك من اختلاف نظرات الناس إلى شيء واحد باختلاف أشخاصهم وبيئاتهم وعواطفهم ونزعاتهم.. يستطيع أن يقتل إنساناً مثله، ولكن ذبابة تستطيع أن تقتله هو"!! الموت . . وأجرة الخطية هي موت، وقد مات آدم وحواء في اللحظة التي سقطا فيها، وانفصلا عن الله، لقد ماتا في الحال الموت الروحي والأدبي، إذ لم تعد لهما الشركة الجميلة الحلوة المقدسة مع خالقهما المحب وأبيهما القدوس، بل لم يعد لهما ذلك الإحساس، الذي ألفاه ودرجا عليه، إحساس الحنين إليه والشوق إلى رؤياه!! بل لقد شعرا للمرة الأولى بأن غبشة من الظلام استولت على عيونهما، فلم يعودا يميزان للمرة الأولى بالفرق بين الحق والباطل، والنور والظلام، والجمال والقبح، والخير والشر، بل شعروا بما يشبه السم الزعاف القاتل يسري في بدنيهما فيخدر في كيانهما كل المعاني والحقائق ويقتلهما في بطء وعذاب وقسوة!! وإلى جانب هذا كله شعرا بالموت المادي يأخذ السبيل إلى جسديهما بالضعف والوهن والتعب والمرض والانحلال!! وهكذا أدركا صدق الله القائل: "لأنك يوم تأكل منهما موتاً تموت". الحياة المعذبة . . طرد آدم وحواء من الجنة فطردا بذلك من الحياة الوادعة الآمنة المستريحة، ولعنت الأرض بسببهما، فضعفت خصوبتها، وتحول الشطر الأكبر من اليابسة إلى البراري والصحاري والقفار، وكان على آدم أن يجد لقمته بالتعب والجهد وعرق الجبين: "ملعونة الأرض بسببك بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكاً وحسكاً تنبت لك وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها لأنك تراب وإلى تراب تعود" وكان على حواء أن تعيش حياتها متألمة كزوجة وأم، وفقد الاثنان سيادتهما على العدد العديد من الحيوانات إذ استضرت وتوحشت وسار الركب البشري يئن مجهداً مثقلاً متعباً يقول مع يعقوب عن الحياة: "قليلة وردية" ومع موسى في مزموره الباكي: "وأفخرها تعب وبلية" ومع بولس: "فإننا نعلم أن الخليقة تئن وتتمخض معاً" |
27 - 05 - 2013, 08:11 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: آدم وكيف جرب وسقط وعوقب؟!!
ميرسى كتير على الموضوع |
||||
28 - 05 - 2013, 10:17 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: آدم وكيف جرب وسقط وعوقب؟!!
شكرا على المرور |
||||
|