|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التشفع لدى الله والمظهر الثاني للصداقة المتعمقة بين إبراهيم والله، نراه في روح التشفع، قبل أن يشعل الله النار والكبريت في سدوم وعمورة ومدن الدائرة… وفي التشفع نرى الله والإنسان يسيران معاً، ونرى أروع صور الشركة بين الخالق والمخلوق، وبين المحب والحبيب، ولعله من اللازم أن نلاحظ أن العلاقة بين إبراهيم والله كانت تبدأ دائماً بالله، إذ أن إبراهم لم يتشفع لسدوم، إلا لأن الله كشف له مصيرها: "فقال الرب: هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله وإبراهيم يكون أمة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع أمم الأرض لأني عرفته كي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا براً وعدلاً لكي يأتي الرب لإبراهيم بما تكلم به".. والله في العادة هو الذي يبدأ بالكلام، ويكشف النقاب ويسر بالحديث، لأن سر الرب لخائفيه وعهده لتعليمهم، "أعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف أن أغيث المعيي بكلمة. يوقظ كل صباح. يوقظ لي أذناً لأسمع كالمتعلمين. السيد الرب فتح لي أذناً وأنا لم أعاند إلى الوراء لم أرتد".. وجيد للمؤمن أن يتعلم فن الاستماع، وفن المخاطبة،.. ومن المحقق أن الصديق المتعمق في الشركة مع الله، هو الذي يجهز أذنه ويقول: تكلم فإن عبدك سامع،.. إذ ما أكثر الذين يكلمون الله بكثيراً، دون أن ينصتوا إليه ويسمعوه،.. لكن إبراهيم كان يحسن الإنصات، ويحسن أيضاً الكلام والحديث مع سيده وخالقه ومحبه وصديقه،.. وفي التشفع من أجل سدوم وعمورة، كان إبراهيم خيراً من يونان، فمع أنه من صالح إبراهيم ونسله أن تزال مدن الدائرة من الوجود لكي لا تكون عثرة وعبءً في المستقبل على نسله العتيد أن يرث الأرض،.. إلا أنه مع ذلك تحدث إلى الله من أجل إنقاذها، وهو يكشف لنا عن روح سامية وعظيمة. وترتفع فوق كل خبث ولؤم وأثرة وأنانية، تجاه الصديق أو العدو على حد سواء، ومن أجل ذلك ألح إبراهيم بلجاجة من أجل المدن الشريرة الخاطئة، التي صعد صراخها القبيح المزعج أمام الله في السماء، والتي كان من الممكن لو عاشت أن تكون شوكاً وقاداً للشعب المختار،.. إن مبدأ الشفاعة عند إبراهيم يبدأ بالحب والحنو والصفاء ورغبة الخير لجميع الناس، مهما فكروا، ومهما أضمروا، ومهما كانت نواياهم في الحاضر أو المستقبل خيراً أو شراً على حد سواء،.. لأن ديان الأرض في أية حال من الأحوال لابد أن يصنع عدلاً!!.. ومن يحفر حفرة لابد أن يقع فيها!!.. ذلك هو القضاء العظيم لإله ساهر قدوس حي لا يعجز أو يضعف أو يموت!!.. إن شفاعة الأحياء للأحياء أمر لابد منه، وحسن ومقبول عند الله: "فأطلب أول كل شيء أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس لأجل الملوك وجميع الذين هم في منصب لكي نقضي حياة هادئة مطمئنة في كل تقوى ووقار لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون".. ووقت هذه الشفاعة كما نلاحظ، قبل أن تمس النار المدينة، وحيث هناك فرصة أخيرة للأحياء فيها، ولا نعرف إبراهيم ينطق بكلمة واحدة، في صباح اليوم التالي وما بكر في الغد إلى المكان الذي وقف فيه أمام الرب وتطلع نحو سدوم وعمورة ونحو كل أرض الدائرة ونظر وإذا دخان الأرض يصعد كدخان الأتون!!.. ولا نعرف أن أنظاره تعلقت في أرض الخراب، إلا بابن أخيه،: "وحدث لما أخرب الله مدن الدائرة أن الله ذكر إبراهيم وأرسل لوطاً من وسط الانقلاب حين قلب المدن التي سكن فيها لوط".. وربما يعن لنا مع ذلك السؤال: هل ضاعت المدن بسبب شرها الرهيب المخيف، أم بسبب آخر هو أن إبراهيم توقف في شفاعته عند حدود العشرة الأبرار الذين كان يظن أنهم موجودون بها، دون أن يوجدوا؟.. وهل لو أنزل العدد إلى حدود ثلاثة أو أربعة أما كان من المتوقع أن تنجو المدينة من أجل الثلاثة أو الأربعة؟!! على أي حال لقد نجا لوط بفضل صلاة إبراهيم، وما أعظم وأقوى ما تفعل صلاة التشفع أمام الله من أجل الخطاة وهم أحياء!!.. أما بعد ذلك فكل صلوات القديسين على الأرض لا يمكن أن تخرج خاطئاً واحداً كما قال هو فيما بعد لواحد من أبنائه بالجسد عندما صرخ إليه: "يا أبي إبراهيم ارحمني وارسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني لأني معذب في هذا اللهيب. فقال إبراهيم يا بني اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا والآن هو يأتي وأنت تتعذب وفوق هذا كله بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أثبتت حتى أن الذين يريدون العبور من ههنا إليكم لا يقدرون ولا الذين من هناك يجتازون إلينا".. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
التشفع من أحشاء المسيح |
لا تنقطعين عن التشفع لنا نحن الخطأة |
القديس ابسخيرون يطلب التشفع به |
هل التشفع بدم المسيح أمر كتابي؟ |
القديس يطلب التشفع به |