|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بين الإدانة والتمييز هذا حديث سوف ينكره الكثيرون، لأنهم يودون أن يسمعوا ما يحبون، فالنفس تأنس لما تهواه، وتتعشق ما استقرت عليه، ويصعب عليها أن تستوعب غيره، حتى لو تبينت أنه الحق، أو توسمت أنه الحقيقة، وأسوأ ما يحدث لقارئ هذا الحديث، أن يبدأه ونفسه مسبقة بالعداء، أو متوقعة للتجني، وأسوأ منه موقف الرفض مع سبق الإصرار للتفكير واستعمال العقل. بهذه الكلمات بدأ الشهيد فرج فودة كتاب الحقيقة الغائبة, ودفع حياته ثمنا للأمانة والبحث عن الحق, فالحق مرفوض في اغلب الاماكن, والصدمة أن رفض الحق يزيد في الأمكان التي من المفترض أنها تتبع الحق. بهذه الكلمات أبدا كلامي عن موضوع هام, وهو الفرق بين الإدانة والتمييز, فمع الأسف الشديد, إنتشر في ذلك الزمان القاء اللوم علي كل من ينتقد أمر ما أو يري وضع خاطئ, وإتهامة مباشر بأنه يدين وأنه يفعل الأمور بعينها حسب نص الاية. وللأسف الشديد, البعض يفعل ذلك عن حسن نية وأمانة قلب تقي يخاف الله, لكن دون وعي أن النقد والتميز شئ, والإدانة شئ أخر تماما, لكن البعض ممن يفترض أنهم محل ثقة, لقنوا البسطاء أن يخرسوا ويلغيوا عقولهم وقلوبهم. أما البعض الأخر (وهم في الغالب ملقني البسطاء والأمناء في الفقرة السابقة), فيفعل ذلك عن سؤ نية وضمير نجس, فهو يحاول أن يخرس فم كل من يتقدوا سلوكه الفاسد, فيوهم البسطاء والجهلاء أنهم لو فكروا فقط في تصرفات الاخرين (وتصرفاته بالطبع) سيكونوا واقعين في خطية الإدانة, وبذلك, يكمل ذلك الشرير حياته ويكيل الويلان لمن يتجرأ ويفكر في تمييز خطايا الواضحة التي تتقدمه للقضاء, لكنهم بسبب رفضهم للحق, يهربون من النقد, ويتركون الموضوع ليبحثوا في أعماق من يتكلم بالحق, ويتهموه بإدانة الاخر, ويقذفون في وجهه بالأيات والاتهامات. لذا وجب علي كل قلب يبحث عن الحق, أن يدرك جيداً جدا, الفرق بين الإدانة, والتمييز. ما هو التمييز إن التمييز هو أن تدرك حقيقية يقرها الواقع, ويؤيدها فكر الله وروحه, ومثبتة بالدلائل, لا يستطيع الشخص العاقل المتأمل ألا يراها, مثل أن العشار شخص في وضع خاطي, الكل يري تلك الحقيقة, وإن لم يقولها اللسان, فإن القلب يقرها. التمييز يجعل الانسان المستنير يري امر خاطي في حياته, او في كنيسته, او مجتمعه, فيضع الله في قلبه أن يتعامل معه. عجيب جداَ أن الانسان يميز في تعاملاته اليومية الصالح والفاسد, الطيب والشرير, ما يبني وما يهدم, لكي يقرر ويختار, فاي قسوة هذه حين نتهم من يميز الأمور أنه يدين, وبدون التمييز يتخبط الإنسان في رؤيته وقراراته وإختياراته. نحن نميز توجهات من حولنا في اليوم الواحد عشرات المرات ولانري مشكلة في ذلك، فصديقي في العمل طيب وأمين، وأخر إنتهازي، ومديري خبيث، وجاري ودود، وجاري الأخر عدواني. نحن نميز الشخصيات المشهورة بالمجتمع ونصنفها، فهذا الإعلامي منافق، وهذا أمين, وذلك السياسي لص، وذلك الإقتصادي أميناً، وذلك الشيخ إرهابي ومتعصب، وهكذا… الا توجد قائمة في أعماقنا بتوجهات من حولنا؟ أليس هذا تمييز لسلوك الأخرين الواضح، فلماذا نستثني فئة معينة أو أضخاص معينين فوق مستوي التمييز خصوصاً لو كانوا رجال دين؟ حتى تميزوا الامور المتخالفة لكي تكونوا مخلصين و بلا عثرة الى يوم المسيح (في 1 : 10) نعم … تزداد حدة الانتقاد لمن يميز الحقيقة, حين ينتقد رجال دين, أو إتجاهات روحية فاسدة, فينظر اليه الأخرين كمجدف مملؤ كبرياء وتعالي علي الأخرين، مع أن هؤلاء الأخرين لا يستطيعوا أن عيشوا بدون تمييز لحظة واحدة، لكنهم في الغالب، لا يفرق معهم حال الكنيسة والأمور الروحية فلا يهتموا إلا بتمييز ما يخص أعمالهم وأشغالهم وأموالهم وعالمهم الخاص. عجيب, لقد انتقد الشماس أثناسيوس, الاسقف اريوس, واتهمه انه معلم مهرطق, وناقشه لسنوات بالدليل والبرهان, لم يخرج ولا شخص واحد من ذلك الجيل المستنير, ليقول أثناسيوس انه متكبر, أو انه يدين أريوس! هل كان المسيح يقع في خطية الإدانة مع الفريسيين، هل كان أرمياء وحزقيال يقعون في خطية الإدانة حين أعلنوا إثم الرعاة وفسادهم؟ ليس هذا فقط بل الكنيسة تعطي الحق لأي شخص لا يسامح الكاهن أن يقولها علانية في طقس القداس، ولا يستطيع الكاهن أن يُكمل القداس إن قال “أخطيت سامحوني” وقال له احد فقط من الشعب: “لا أسامحك”!! لقد طلب المسيح من أولاده أن يميزوا إتجاهات القلب, من خلال ثمارهم الشخصية, وثمار من يتعاملون معهم: احْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ الْحُمْلاَنِ وَلَكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! ، مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَباً أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِيناً؟ هَكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَاراً جَيِّدَةً وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَاراً رَدِيَّةً ، لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً رَدِيَّةً وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً جَيِّدَةً. كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. فَإِذاً مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. (مت 7: 15 – 20 ) ما أبشع أن نخلط بين حس التمييز الراقي الذي وضعة الله فينا لكي نميز الامور المتخالفة وتنمو حياتنا, وبين الادانة البشعة التي تدمر صاحبها وتجلعة يظن أنه احسن من الأخرين. إنه خلط مثل خلط النور والظلمة, غير منطقي, ومدمر. ما انجس قلب الإنسان الذي يهرب من الحق حين يتواجه معه علانية, ويلقي باتهامات الإدانة جزافا, لكي يهرب من صوت الحق الذي يحطم الصخر. إن من إختبر نعمة المسيح لا يدين، فمن أختبر نعمة المسيح يعرف أنه ليس في النور بقدراته واستحقاقاته, بل هو في النور بالنعمة هو كالمريض الذي ذهب لطبيب وفرح بالشفاء، فقلبه يئن ناحية المرضي الأخرين ويشتهي أن يذوقوا الشفاء، فمشاعره نحوهم حب لا دينونة، لكنه يجب أن يميز أنهم مرضي. ما هي الإدانة العجيب, أن تعريف الإدانة الكتابي, يعلمنا أن من يتهم الآخر بالإدانة باطلا, هو الشخص الذي يدين, وليس المتهم. لِذَلِكَ أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ كُلُّ مَنْ يَدِينُ. لأَنَّكَ فِي مَا تَدِينُ غَيْرَكَ تَحْكُمُ عَلَى نَفْسِكَ. لأَنَّكَ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ تَفْعَلُ تِلْكَ الأُمُورَ بِعَيْنِهَا (رو 2: 1) والأعجب أن من يدين يستخدم تلك الأية لقتل اصوات الحق, وبهذا يهرب البار القديس كالشعرة من العجين بمهرب الإدانة, وقلب المائدة علي رأسك, وبقيت أنت أيها المسكين, بجريمة مزدوجة, تدين غيرك, وتحكم علي نفسك أنك تفعل الامور عينها. إن من يلوح بالادانة دائما, هو من يريد أن يهرب من الحق, غالبا ما تكون تتكلم عن إتجاة وتنقد ذلك الإتجاة بموضوعية, لكنه يهرب من تحويل نقد موضوعي, لقضية شخصية, ويتهمك أنك تدين الآخرين. أما الإدانة هي أن أحكم علي شخص في دوافعه القلبية التي لا اعرفها, وهذا لا علاقة له بتمييز سلوكه واتجاهاته وثماره, فالمسيح دعانا لان نميز الثمار ونعرف منها اتجاهات من نتعامل معهم. ايضا للإدانة جانب اخر. وهو أن أحكم علي شخص وأشعر أنني أفضل منه (مثل الفريسي والعشار), فعلي الرغم من أن كل ما قاله الفريسي عن العشار حقيقية, إلا أنه استخدمه ليشعر ببره الذاتي, بينما أن الوضع الصحيح, هو أن اقدر وضعه الخاطي وأميزه, لكني أعلم أنني لست أفضل منه, فأنا فاسد ونعمة المسيح غيرتني, فما فضلي عن الأخر؟ لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ؟ وَأَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ؟ (1كو 4: 7) اخيرا, جمعت في جدول, مقارنة بين الإدانة والتمييز |
20 - 05 - 2013, 07:06 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: بين الإدانة والتمييز
ميرسى لموضوعك الجميل
|
||||
21 - 05 - 2013, 08:01 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: بين الإدانة والتمييز
شكرا على المرور |
||||
23 - 05 - 2013, 04:56 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بين الإدانة والتمييز
روعه عاشت الايادي يا غاليه ماري ربنا يباركك
|
|||
23 - 05 - 2013, 08:06 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: بين الإدانة والتمييز
شكرا على المرور |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ما هو الفرق بين الإدانة والتمييز |
بك أتمتع بالحكمة والتمييز |
اشكر لأن لك الذهن والتمييز |
الخادم والتمييز الروحي |
الاستعداد للتجارب والتمحيص |