الأفكار الخاطئة وحروب الفكر
إن الله تبارك إسمه يريدنا أن نكون أنقياءً وأطهارًا في أفكارنا وقلوبنا ومشاعرنا، لذلك علينا أن نبعد عن كل فكر خاطئ، ونطرده من أذهاننا ومن ذاكرتنا... فما هي الأفكار الخاطئة؟ الأفكار الخاطئة التي تمر على العقل، قد تكون أفكار إنتقام، أو أفكار عظمة وكبرياء ومجد باطل وأحلام يقظة، أو أفكار تجول حول أخطاء الناس وإدانتهم، أو أفكار حسد وغيرة، أو شهوات عالمية، أو قد تكون أفكار زنا ونجاسة، وما إلى ذلك...
مصادر الفكر الخاطئ
1- قد يأتي الفكر الخاطئ من فكر سابق. فالأفكار ليست عقيمة إنها تلد أفكارًا من نوعها، كجنسها. ربما كان لك فكر بدأت به منذ أيام، ويريد أن يكمل. أو قصة بدأتها ولم تصل إلى نهايتها، وهى تريد مزيدًا من التفاصيل، ولو من باب حب الأستطلاع. فأهرب من هذا كله...
2- وقد يأتي الفكر الخاطئ من خبرتك الخاصة.
3- وقد يكون مصدر الفكر الخاطئ هو العقل الباطن:
فربما تكون قد تركزت في عقلك الباطن قصص أو مشاعر أو رغبات، تحب أن تطفو على عقلك الواعي، لتتفاوض معك..
فكن حريصًا على حفظ عقلك الباطن نقيًا. ولا تختزن فيه أشياء تعكر نقاوة فكرك. وإن كنت قد إختزنت فيه خطايا أو معثرات قديمة، فلا تستعملها. وإنما بالوقت والإهمال يتنقى عقلك منها، وكذلك تصل إلى نقاوة عقلك بإحلال أفكار نقية جديدة تحل محل تلك الأفكار داخلك...
ولما كان العقل الباطن يختزن ما يختزنه، من مصادر متعددة، منها القراءات والسماعات والمناظر والشهوات... لذلك عليك أن تكون حريصًا على نقاوة قلبك وفكرك، من كل ما يدخل إليهما عن طريق القراءة والسماع، وأيضًا كل ما تراه وما تفكر فيه. ولتكن كل رغباتك نقية، كما تحرص أيضًا على نقاوة حواسك.
4- مادامت الحواس هي أبواب الفكر، إذن إحترس من جهة الحواس التي عملها هو الجولان في الأرض والتمشي فيها. فهى تجول هنا وهناك تجلب للعقل أفكارًا من النظر الطائش غير النقي، ومن السماعات البطالة، ومن كل ما تشمّ وما تلمس..
إن الحواس النقية تجلب للعقل أفكارًا نقية، بينما الحواس الدنسة تجلب أفكارًا دنسة. والحواس الطائشة تجلب أفكارًا طائشة..
وضبط الحواس يساعد بلا شك على ضبط الفكر ايضًا. والذي جاهد حتى حصل على نقاوة الفكر، عليه ان يراقب حواسه، ويدرّبها على الحرص الروحي.
5- والفكر الخاطئ قد يأتي أيضًا من كلام الناس ورواياتهم:
فكم من زوج فشل في حياته الزوجية، بسبب ما تصبه أمه أو أخته في أذنيه من جهة زوجته، فتأثر بذلك، ودخلت إلى ذهنه أفكار لم تكن عنده من قبل في فترة الخطوبة أو في الشهور الأولى للزواج. وكذلك كم من زوجة فشلت بسبب نصائح أهلها...
إن أفكارًا غريبة قد تأتي لأي شخص، ليست هي منه، ولكنها مع ذلك تستطيع أن تغير طبعه وإسلوبه! لذلك راجع أفكارك بإستمرار. ولا تكن تحت تأثير أو سيطرة شخص ما، تجد أنك تعتنق ما يقوله من أفكار بغير فحص!!
6- كذلك قد تأتي الأفكار الخاطئة من الشيطان
يلقيها في ذهن الإنسان، ولو كمجرد إقتراح! وعلى الإنسان أن يميز ليدرك أن هذا الفكر الشرير أو الخاطئ هو من الشيطان.. وإن لم تكن له موهبة الإفراز أو التمييز، عليه أن يستشير من له الموهبة..
ونحب أن نقول هنا إن الشيطان لا يرغم أحدًا على قبول أفكاره. إنما هو يقدّم عروضًا، ويقدمها في إغراء. والإنسان حرّ تمامًا في أن يقبل منه أو لا يقبل...
حرب الفكر، والسقوط بالفكر. .
ليس كل فكر خاطئ يأتي إلى عقل الإنسان يعتبر خطية، مادام هو رافضًا لهذا الفكر، وليس هو السبب فيه. فقد يكون الفكر الخاطئ حربًا من عدو الخير ). وهناك فارق بين حرب الفكر والسقوط فيه...
ففي الحرب الروحية قد تلح الأفكار الخاطئة على عقل الإنسان إلحاحًا وبشدة، وربما لفترة قد تطول، وهو رافض لها، ويقاومها بكل ما يستطيع من قدرة. ومع ذلك فالأفكار مستمرة وضاغطة..!
أما السقوط بالفكر، فهو قبول الفكر وعدم مقاومته، أو مقاومته بطريقة شكلية ضعيفة، وهى في الحقيقة مستسلمة وراضية!
وقبول الفكر الخاطئ يعتبر خيانة لله. لأنه بهذا القبول، يفتح الشخص أبواب قلبه للخطية، ولا يكون قلبه وقتذاك مع الله بل ضده.
وفي السقزط بالفكر، يكون الشخص ملتذًا بفكر الخطيئة، أو متعاونًا معه، ينميه ويقويه ويستبقيه، ويكمل عليه...
ويكون هو والفكر كيانًا واحدًا، بحيث يصعب التمييز في مجرى التفكير الخاطئ بين الفكر الذي أتى من الخارج كحرب روحية، والفكر الصادر من هذا الإنسان الخاطئ، من قلبه وعقله هو!!
وفكر السقوط قد يكون مصدره شهوة أو رغبة...
والشهوة والفكر يتبادلون الوضع كسبب ونتيجة. فالفكر الخاطئ تنتج عنه الشهوة. والشهوة ينتج عنها الفكر الخاطئ.
وكل منهما يكون سببًا للآخر أو نتيجة له، بحيث يقوّيان بعضهما البعض في خط واحد. وفي هذه الحالة يتعاون الفكر الذي من الخارج، مع الفكر الذي من الداخل...
بقى أن أحدثك عن الأمور التي تساعد على السقوط بالفكر، وأيضًا عن بداية الفكر الخاطئ، وكيف يأتي...