للقس ميلاد يعقوب
الله لا يريد فقط ان يُخلِّص جميع الناس بل ايضاً ان يُقبِلوا الى معرفة المُعلَن في كلمة الله أي الكتاب المقدس، ولم يقصد ان يعبد الانسان ربه فردياً او عائلياً فقط بل بي جماعياً. وقصد الله ان يكون هو في وسط جماعة المؤمنين السيد الوحيد، ومجرد حضوره يعني البركة والخلاص وفيض المحبة. لكن الله العلي لا يسكن ولا يحلّ في جماعة إلاّ إذا كانت مقدسة وتعطيه المكان الاول.
لذلك لا ضمان لحضور الرب في وسط شعبه وجماعته الا إذا راعوا شروط قداسته ومخافته. أما إذا اتّكلت الجماعة على انها تقبل المسيح المخلّص والكتاب المقدس ككلمة الله وان الله باركها في الماضي دون مراعاة القداسة والانكسار والخشوع، ففي هذه الحالة يقول الرب بكل وضوح "لا أعود أكون معكم إن لم تبيدوا ام من وسطكم"(يشوع 7: 12) "لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب ولا تمسّوا نجساً فأقبلكم"(2كو6: 17) "أين البيت الذي تبنون لي وأين مكان راحتي..يقول الرب الى هذا أنظر الى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي" (اشعيا 66: 1-2).
أما في جماعة الله حيث كلمة الله هي الاساس والمرجع وليس تقليداً وافكاراً بشرية، والرب يسوع هو الرأس والسيد وليس الانسان، والروح القدس هو القائد وليس الجسد، في مكان كهذا وعد الرب ان يكون في الوسط بكل هيبة ويلمس الجميع نتائج هذا الحضور: بنيان وتعزية وتشجيع للمؤمنين (1كو14: 3) وغير المؤمن يوَبّخ وتصير خفايا قلبه ظاهرة وهكذا يخرّ على وجهه ويسجد لله منادياً ان الله بيقة فيكم (1كو14: 24)، في جماعة الرب هذه- مَن يجرؤ على ترك اجتماعها؟ انسان كهذا لم يحسب نتائج خطوته ولم يدرك انه يحتقر الرب القدير ويرجع الى العالم تحت سيادة الشيطان بسبب شهواته وعناد قلبه. هكذا فعل قايين إذ هرب من محضر الرب فكان تائهاً فصرخ"ذنبي أعظم من ان يُحتمَل" (تك4: 13-14) ومثله قورح الذي اجتمع هو ومَن معه ليس للرب بل على موسى وهرون أي ضدهما فأجابهم الرب بتأديبه الصارم(عدد16: 31). وابشالوم ايضاً نسيَ خلاص داود وامانته فاستغلّ انه رجل جميل وممدوح جداً(2صم14: 25) فاسترقّ قلوب الشعب (15: 6) ضد داود وضد جماعة الرب ومع انه نجح في كسبهم الا ان نهايته كانت مفجعة يصحبها العار(18: 15) فأعمت شهوة الكبرياء عينيه، وشبع بن بكري الذي اعمته شهوة الطمع(2صم20) ونابال الذي قسّى قلبه الغِنى ومحبة المال فنسيَ الله(1 صم25: 38) وكلاهما لم يعمَلا حساباً للنهاية الاليمة متجاهلين ان الله يطالب وأنه لا يُبرئ البتة(ناحوم1:3). اما في العهد الجديد فنقرأ عن الذين تركوا الرب نفسه بسبب عدم خضوعهم لاقواله (يوحنا 6: 60) والذين يبكي الرسول بولس كلما ذكرَهم لانهم رفضوا ان يحملوا عار المسيح وان يُذلّوا مع شعب الله الذين نهايتهم الهلاك ويقرّر بولس ان السبب هو انهم يؤلّهون بطنهــم وخزيهم وان كل افكارهم وخططهم هي ارضيّة(في3: 18). والرسول بطرس يتكلم عن الذين يدسّون بدع هلاك وسيتبع كثيرون تهلكاتهم الذين بسسببهم يُجدَف على طريق الذين دينونتهم لا تتوانى وهلاكهم لا ينعس ومن مميزاتهم انهم يذهبون وراء الجسد في شهوة النجاسة ويستهينون بالسيادة معجبون بأنفسهم ..خادعون النفوس غير الثابتة..بعد ما هربوا من نجاسات العالم بمعرفة الرب والمخلّص يسوع المسيح يرتبكون أيضاً فيها فينغلبون فقد صارت لهم الاواخر أشرّ من الاوائل(2بط2). والرسول يوحنا ايضاً يقول عن امثال هؤلاء "منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منّا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا لكن ليُظهَروا أنهم ليسوا جميعهم منّا (1يو2: 19). واخيراً يحذر بولس من الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس وذاقوا كلمة الله الصالحةوقوات الدهر الاتي وسقطوا لا يمكن تجديدهم ايضاً للتوبة(عب6) ويحرضنا ان لا نترك اجتماعنا كما لقوم عادة بل ان نشجع بعضنا بعضاً وبالاكثر على قدر ما نرى يوم مجيئه يقرب ولا نقل كالعبد الشرير الذي قال في قلبه سيدي يبطئ قدومه(لو12)فأنه إن أخطأنا باختيارنا بعد ما أخذنا معرفة لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا بل قبول دينونة مخيف وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين(عب10: 25).
منقول