الملك على مائدتـه
فَقَالَ مَا دَاَمَ الْمَلِكُ فيِ مَجلِسِه أفاحَ نَارِدِينِي رَائِحَتَهُ ( نش 1: 12 )
المحبوبة في هذه الآية تُشير للمرة الثانية إلى حبيبها باعتباره الملك. سبق لها أن قالت: «أدخلَني الملك إلى حجاله» (ع4)، وهذه العبارة تمثِّل الشركة الخاصة والفردية بين النفس وربها. ولكن تعبير «الملك في مجلِسِه»، ليس له الطابع الشخصي، بل هو الطابع الجماعي للتمتع بالملك والشركة معه. بكلمات أخرى هو صورة جميلة للاجتماع إلى اسم الرب.
وعبارة «في مجلِسِه»، تَرِد في بعض الترجمات «على مائدته». والكلمة المُستخدمة هنا هي بالعبري تفيد الدائرة. ومن أجزاء أخرى من الوحي نفهم أن المسيح هو مركز هذه الدائرة؛ فهو الذي قال: «لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم» ( مت 18: 20 ). إنه مركز الاجتماع.
وبالنسبة لنا فإن المسيح ليس هو الملك في علاقته الشخصية بنا. صحيح الملك هو الملك دائمًا، سواء في الخارج أو في بيته، ولكن زوجته تعرفه في علاقة أسمى من كونه الملك، إنه زوجها ورأسها وحبيبها. وهكذا بالنسبة لنا، نحن نعرف أن سيدنا هو ملك الملوك، ولكنه في علاقته بالكنيسة ليس هو ملك الكنيسة بل رأسها وعريسها. وبهذا الاعتبار نحن نُجمَع حوله ولا سيما في أول الأسبوع لصُنع ذكراه الغالية على قلوبنا.
إن الهدف الأساسي من مائدة الرب في الوقت الحاضر هو بحسب قول الرب: «اصنعوا هذا لذكري» ( لو 22: 19 ). وعند اجتماعنا لصُنع هذه الذكرى لا ينبغي أن تكون مشغوليتنا الأولى بما نأكله نحن ونشبع به، بل بما نقدمه لسيدنا المعبود لكي نُنعشه ونُسرّ قلبه. بكلمات أخرى ليست العِظة في الاجتماع هي أهم فقراته، بل يجب أن تكون مشغوليتنا في المقام الأول بالسجود، فكلٌ منا يأتي بقارورة طيب، تمثل تقديري وإكرامي لشخصه. وهناك لا أذكر إلا شخصه ومحبته، وعندئذٍ يفيض القلب بالسجود المُمثَّل في الناردين الذي تفيح رائحته. إن مشغوليتنا به طوال أيام الأسبوع، ثم سكب هذا التقدير أمامه في أول الأسبوع بعمل الروح القدس، كم ينعش قلب فادينا وقلوب المفديين أيضًا!