منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 23 - 03 - 2013, 08:00 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

معنى البرية الروحي (2)

معنى البرية الروحي (2)


وإن النسيم رمز لحديث الله اللطيف في قلبه، وقد عانى اضطهاد الملكة وتحسّر على ما مضى الذي سبّب له هذا الاضطهاد، وأراد أن يستسلم للموت- المرموز له في رغبته في النوم بدون أكل-؛ لذلك عزّاه الله بأن تراءى له البرِّية ترائياً لطيفاً . فإن كانت البرِّية له هروباً من الاضطهاد ، إلا أنها تحوّلت إلى موضع اللقاء بالله الذي اهتم به وتراءى له.
ولقد مثّل إيليا لأنطونيوس مثلاً أعلى للحضور أمام الله؛ فلقد أورد "آية النبي إيليا القائل: "حيُّ رب القوات الذي أنا واقف أمامه! إني في ذا اليوم أريه نفسي" (1مل 18/15). فلاحظ أنطونيوس أنّ النبي بقوله "اليوم" لم يقس الزمن الماضي، بل اجتهد- وكأنه يبدأ كل يوم- في أن يظهر- كما ينبغي- أمام الله طاهر القلب ومستعداً لإطاعة مشيئته، ولا لأي شخص آخر".
وتُضيف سيرة أنطونيوس:
"وكان (أنطونيوس) يقول في داخله إن الناسك الذي يستفيد من سيرة إيليا العظيم. يجب أن ينظر دائماً إلى حياته كما في مرآة" (عدد7).
فإن الراهب- في ضيقه وأزماته- يقتدي هكذا بإيليا؛ فقد يستسلم لها، غير أن الله يقوِّيه ويشدد عزيمته بل ويلاقيه في واقع حالته اليائسة هذه؛ وعلى الراهب من جهته أن يُري نفسه لله وأن يعترف أن الله حي.
4- هوشع (2/16ت)
وفي نبوءة هوشع، نص رائع خاص بالبرِّية، يُظهر لنا ما يتم من عمل الله في نفس الإنسان الخاطئ الذي يبحث عن آلهة غيره:
"هاءنذا أستغويها
وآتي بها إلى البرِّية وأخاطب قلبها...
تدعينني "زوجي"
ولا تدعينني بعد ذلك "بعلي"...
وأقطع لهم عهداً في ذلك اليوم
مع وحوش البرِّية وطيور السماء والحيوانات التي تدب على الأرض...
وأخطبكِ لي للأبد...
وأقول لليس لشعبي: "أنت شعبي".
وهو يقول: "أنت إلهي"."
فإن البرِّية هي الموضع حيث يستغوي الله الإنسان الخاطئ الزاني، ويخاطب قلبه ليُحوِّل حياته حتى تُصبح كحياة الزوجة مع زوجها، الزوجة الزانية التي يطهِّرها الله عندما يخطبها لنفسه للأبد فيجعلها عذراء(1). ويصالحها لا مع نفسه فقط بل وحتى مع عالم الحيوانات.
هذا وقد اختبر أنطونيوس هذه العلاقة الحميمة مع الله- وإن لم يستخدم التعابير الزوجية ليصفها-، كما أنه اختبر الاهتداء عن حياته الماضية- وإن لم تتصف حياته الماضية بما يصفه هوشع عن شعب الله الزاني-.
وإن الراهب أيضاً يختبر في حياته الرهبانية اهتداء حياته الماضية، بل واستغواء الله له في ألفة حياة الحب التي تجمعهما.
5- حبيبة نشيد الأناشيد (8/5-6)
"مَن هذه الطالعة من البرِّية
المستندة إلى حبيبها؟...
اجعلني كخاتم على قلبك
كخاتم على ذراعك
فإن الحب قويّ كالموت...".
من اللافت للنظر أن أروع ما يُقال على الحب- بين الله وشعبه، بين المسيح والكنيسة، بين الله "الحبيب" والنفس المؤمنة "الحبيبة"- ، يُقال في البرِّية، وهي موضع الحبّ الإلهيّ والبشريّ، كما أنها الموضع حيث الإنسان عامة والراهب خاصة يجرؤ أن يُسمِّي الله "الحبيب" ويُعبِّر عن حبه له بتعابير رائعة قويّة صريحة، وحيث يُعتبر الإنسان "الحبيبة"، كما أن أنطونيوس يُعتبر "حبيب الله" (عدد4) وكان يردِّد قول بولس: "ما من شيء يفصلني عن محبة المسيح" ( روم 8/35 وارد في عدد 40).
6- أشعيا
لقد تغنّى أشعيا بتحوُّل البرِّية:
"لتفرح البرِّية والقفر
ولتبتهج البادية وتُزهر كالنرجس
لتُزهر أزهاراً
وتبتهج ابتهاجاً مع هُتاف.
قد أتيتَ مجد لبنان
وبهاء الكرمل والشارون
فهم يرون مجد الرب وبهاء إلهنا...
حينئذ تتفتح عيون العميان
وآذان الصُم تتفتح
وحينئذ يقفز الأعرج كالأيل
ويهتف لسان الأبكم.
فقد انفجرت المياه في البرِّية
والأنهار في البادية.
الأرض الحامية تنقلب غديراً
والمعطشة ينابيع مياه
ويكون مأوى بنات آوي يربضن فيه
حظيرة قصب وبردي.
ويكون هناك مسلك وطريق
يُقال له الطريق المقدس
لا يعبر فيه نجس...
بل يسير فيه المخلصون...
يكون على رؤوسهم فرح أبديّ
ويرافقهم السرور والفرح".
(35/1ت، راجع أيضاً 41/18-20 و 55/12-13...).
وهذا التحوُّل الجذريّ في عالم الطبيعة والحيوان بل وفي حياة الإنسان نفسه، قد حدث فعلاً مع أنطونيوس إذ "تحوّلت الأديرة في الجبال إلى مساكن مملوءة بالأجواق الإلهيّة التي ترتِّل وتحب كلمة الرب، وتصوم وتصلّي، وتفرح برجاء الخيرات الآتية، وتجاهد في الإحسان، والتي سادت بينها المحبّة والتآلف. إنّ المرء يستطيع أن يرى مكاناً يتّقي الله ويحبّ البرّ في طبيعته..." (عدد 44).
وإذا تساءلنا من الذي يُجري هذا التحوُّل، فالرد قاطع وهو الله، ولكنّ الله عن طريق عبده البار المتألِّم:
"فإنه نبت كفرع أمامه
وكأصل من أرض قاحلة
لا صورة له ولا بهاء فننظر إليه...
لقد حمل هو آلامنا واحتمل أوجاعنا...
طُعن بسبب معاصينا وسُحق بسبب آثامنا
نزل به العقاب من أجل سلامنا
وبجُرحه شُفينا..."
ولأنه عانى ذلك بسب الشعب ومن أجله. وقد "ضُرب حتى الموت"، فإنه
"يرى ذرِّيّة وتطول أيّامه
ورِضى الربّ ينجح عن يده.
بسبب عناء نفسه يرى النور...
يبرِّر عبدي لبارّ الكثيرين وهو يحتمل آثامهم.
فلذلك أجعل له نصيباً بين العظماء" (52/13-53/12).
إن هذه الأوصاف- وهي نبوءة ليسوع المسيح- تكاد تنطبق حرفيّاً على أنطونيوس في صراعه مع الشياطين التي أذاقته الأمرِّين وسبّبت له جروحات في جسده (أعداد 5-13، 39-40، 51-54).
إلاّ أن انتصاره كان "انتصار المخلِّص في أنطونيوس" (عدد7) . كما أنّ نتيجة هذا الانتصار كانت أن البرِّية ازدهرت رهباناً، وأنّ أنطونيوس "رأى ذرِّيّة" في تلاميذه، وهكذا "طالت أيّامه" فيهم ونجح رضى الله "عن يده" بحسب تعابير نبوءة أشعيا المذكورة.
ويكون أنطونيوس في ذلك قوة لتلاميذه الرهبان كي يقتدوا هم به كما يقتدون بالمسيح:
"كنت أودّ أن أصمت وألاّ أورد شيئاً في حياتي... الرب الناظر إلى ضميري النقيّ يعرف أنّني لا أقول هذه من أجل نفسي بل من أجل محبّتكم ونُصحكم" (عدد39).
"صرت أحمق وأنا أقصّ عليكم هذه الأمور. ولكن تقبّلوها من أجل أمانتكم وشجاعتكم" (عدد41).
7- يوحنا المعمدان
وقد اعتمد يوحنا المعمدات في مناداته على أشعيا:
"هاءنذا أُرسل رسولي قدّامك ليُعدّ طريقك.
صوت صارخ:
في البرِّية أعدّوا طريق الرب
واجعلوا سُبله قويمة" (مر 1/2-3).
فإنّ البرِّية موضع الإعداد للرب. فكان رهبان قمران الإسينيّون- وقد يكون يوحنا أحدهم- في انتظار مجيء المسيّا المنتظر- "معلِّم البرّ" كما كانوا يسمّونه- وانسكاب الروح؛ وهذان الحدثان كانوا يعتبرونهما- مع سائر الشعب- "العهد الجديد".
ففي هذا الجوّ من الانتظار، ظهر يوحنا وأخذ "ينادي بمعموديّة توبة لمغفرة الخطايا" (مر 1/4)، فكان يحثّ الشعب- الذي كان ينتظر تحقيق وعد الله- على تغيير حياتهم ومعاملاتهم (لو 3/7-15).
وكان هؤلاء الرهبان يكرِّسون حياتهم في سبيل ذلك. فالبرِّية، أو بالأحرى الجبال حيث كانوا يعيشون في داخل مغاراتها، علامة هذا التكريس لله. ولذلك فقد صوّر لوقا أبا يوحنا وهو في الهيكل، في "مقدس الرب"، عند "مذبح البخور"، علامة تقديس هذا الطفل الذي سيعيش في البراري؛ ولذلك أيضاً "ارتكض الجنين ابتهاجاً" وقد " امتلأ من الروح القدس في بطن أمّه " عندما زارتها مريم العذراء وهي حامل يسوع في أحشائها (لو 1/5ت و 39-44).
ويتحقّق هذا التكريس في البرِّية بالنُسك والتقشّف، لذلك فلن "يشرب (يوحنا) خمراً ولا مسكراً"، كما تنبّأ به الملاك (لو 1/15). وكان بالفعل في البرِّية "يلبس وبر الإبل وزُنّاراً من جلد حول وسطه، وكان يأكل الجراد والعسل البرّيّ" (مر1/6).
إن هذه الأمور - من الإعداد لتحقيق وعد الله، بالتكريس له والاهتداء له والقيام بأعمال التوبة والنُسك- هي من سمات الحياة الرهبانية التي عاشها أنطونيوس ومن بعده سائر الرهبان في البرِّية أو المجتمعات البشريّة.
8- يسوع
إنّ يسوع، من بداية حياته العلنيّة- بحسب رواية مرقس- يختلي في البرِّية:
"قام قبل الفجر مبكراً، فخرج إلى مكان قفر
وأخذ يصلِّي هناك" (1/35).
فأصبحت البرِّية- في التقليد الرهبانيّ- رمزاً لموضع الصلاة إلى الله، فلذلك خرج أنطونيوس نحو البرِّية والجبال، حيث الصمت الكامل، ليقابل الله.
وكما أنّ يسوع قد صلّى قبل الفجر وقت الصمت الكامل أيضاً ليقابل الله ، هكذا مضى أنطونيوس لياليه في الصلاة ، ومن بعده إنّ الرهبان يستيقظون ليلاً للصلاة، ويصلّون في أوقات معيّنة من اليوم ومن السنة...
فهناك إذاً رمزيّة الزمان والمكان في الصلاة : في الفجر مبكراً ، وفي البريِّة. وسنرى في تطوّر الحياة الرهبانيّة كيف أنّه يمكن الصلاة في زمن آخر وفي مكان آخر، خاصّة الرهبانيّات التي لا تعيش في البريِّة؛ إلاّ أنّ الرمزيّة هذه تحظى بمكانة خاصّة في روحانيّة البريِّة.
ففيها نمت الصلاة المستديمة، تتويجاً لصلاة الفجر، فأصبحت صلاة الرهبان في كلّ وقت وفي كلّ مكان. وقد تغنّت بها جميع الأجيال الرهبانيّة، ولا سيّما الشرقيّة منها.
فقد قال الأنبا يوساب إلى الأنبا لوط:
"أنت لا تستطيع أن تكون راهباً
إن لم تُصبح مثل النار التي تحترق".
وإذا أصبحت العشرة مثل أنوار من النار، أضاف قائلاً:
"إذا أردت، استطعت أن تُصبح كلّك شُعلة".
فإنّ "صلاة النار" هذه هي صلاة الروح القدس في الراهب(2). وقد وصف أحد تلاميذ سارافيم الساروفيّ الروسيّ المعاصر معلِّمه وهو خارج من الصلاة ووجهه مشرق بنور الروح القدس، كما نزل موسى من الجبل بعد مقابلته الله.
ونورد باقة من الأقوال الرهبانيّة في الصلاة المستديمة هذه:
"هذا الإنسان أصبح صلاة
لأنّ الروح القدس لا ينفكّ يصلِّي فيه" (إسحق السريانيّ).
"الصلاة تُصبح حالة" (أوغريس البُنطيّ).
"إنّ الراهب الذي يصلّي فقط
هذا الراهب (...) لا يصلي على الإطلاق" (مرقس الناسك).
"هذه هي قمّة الكمال: (...)
أن تُصبح حياتنا كلّها وحركة قلبنا كلّها
صلاة واحدة لا تنفكّ" (يوحنا كاسيّانوس).
"إنّ الصلاة تكون بلا انقطاع
عندما تتّحد الروح بالله بتأثير بالغ وبرغبة عميق،
وتظلّ متعلِّقة به للأبد- بالرجاء والثقة-
في جميع الأفعال وجميع الأحداث" (مكسيموس المعترف).
"إن الذي يوحّد الصلاة بالالتزامات الضروريّة، والالتزامات الضروريّة بالصلاة يصلّي بلا انقطاع (...)
باعتبار الوجود المسيحيّ كلّه عظيمة واحدة" (أوريجانس).
"الصلاة التصاق بالله في جميع لحظات الحياة ومواقفها
فتصبح الحياة صلاة واحدة بلا انقطاع ولا اضطراب" (باسيليوس).
"أهو واجب علينا أن نصلّي دوماً بدون انقطاع: "صلّوا بلا انقطاع" (1تس 5/17)؟ وهل ذلك في الإمكان إنّ الوصول إلى قوّة الصلاة ودوامها لفي استطاعتنا إذا شئنا. وليست هي شيئاً نستحدثه أو نخلقه خلقاً، بل يمكن ممارستها في كلّ عمل نقوم به مدى الحياة وفي كلّ لحظة من لحظاتها" (باسيليوس).
"لا شيء بوسعه أن يجعلنا ننمو في الفضيلة مثل المداومة على الصلاة بكثرة. فهي تهيّئ لنا حياة العِشرة مع الله... بالصلاة يكتسب القلب الشرف والأمانة وبترفّع عن أمور الدنيا، ليتّحد بالله تدريجياً فيصير روحانيّاً مقدّساً" (يوحنّا ذهبيّ الفم).
"إن سرّ دوام النعمة والفضيلة هو في دوام الصلاة" (يوحنا السُلّميّ).
* الخلاصة
إن البريِّة موضع اللقاء بالله حقّاً، قبل أن تمثِّل معنى آخر. ففيها يظهر الله للإنسان ويكشف له نفسه، وفيها يهتمّ ويعني به، وفيها يمتحن إيمانه، وفيها يستغويه ويخاطب قلبه، وفيها يحوِّل حياته فيخلِّه، وفيها يدعوه إلى التكريس والإعداد لمجيئه، وفيها يجعله يداوم على اللاة. ففي البريِّة غنى عجيب.
فكانت البريِّة مكان هروب من البشر؛ فقد هرب موسى إلى البرِّية بعد أن قتل "رجلاً مصريّاً كان يضرب عبرانيّاً من اخوته" (خر 2/11-15)؛ وهرب إيليّا من إيزابل إلى البريِّة (1مل 19/1ت)، وهرب داود من شاول إلى البريِّة (1صم 22/1و5، 23/15و24ت، 24/1ت...). وكذلك، ففي عصر الاضطهادات، هرب المسيحيّون إلى البراري. ولكن، عندما ذهب أنطونيوس إلى البريِّة، لم يَعُد معناها الخروب من البشر، بل الذهاب للقاء الله ؛ وفضلاً عن ذلك ، ذهب إلى البريِّة لمواجهة الشيطان، كما سنراه في المقال القادم.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
في البرية علمنا يسوع ما معنى أن نكون "ابناً"
أعداد الفقاريات البرية آخذة في الإنخفاض داخل الحياة البرية
فى البرية تتفرغ الحواس جميعاً للعمل الروحى
ما معنى الموت الجسدي والموت الروحي؟
معنى التدبير الروحي والأصول الذي يعتمد عليها


الساعة الآن 04:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024