|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحياة المسيحية على مستوى السرّ كخبرة وحياة
في الواقع الاختباري المُعاش، يُقدم لنا الله كلمته لا على مستوى الفكر والمعلومة بل على مستوى أنها خارجه من فمه كقوة وحياة متدفقة من شخصه إلينا لتُتمم قصده فينا، وقصد الله هو تشكيلنا على صورته هو ليرفعنا إلى المستوى الفائق الذي للطبيعة الإلهية، هذا الذي منحنا إياه بتجسده كالتدبير، لذلك نستطيع أن نقول أن الله لم يُقدم لنا الكتاب المقدس ولا التقليد المسيحي عموماً من جهة الفكر والمعلومة [ رغم أهميتها ]، لأن الله ليس بصاحب معلومات، بل يُعطي ما لهُ وبكونه هو الحياة فهو يُعطي حياة، لذلك من يبحث ويُفتش عن معلومة ليُقدم للناس ما هو جديد، ويظن أن هذه هي خدمة عُظمى، فأنه يكون قد فقد جوهر الحياة المسيحية التي تُقدم حرية مجد أولاد الله في المسيح يسوع، لأن المسيحية قائمة على أساس، وهذا الأساس هو صخر الدهور، شخص الكلمة المتجسد، فالله لم يُقدم لنا نظريات ولا أفكار فلسفية مقننه لكي نعتنقها ونتكلم عنها، بل قدم لنا ذاته لكي به نحيا فعلاً ونتحرك ونوجد، لنصير نحن أنفسنا شهادة حيه لحضوره الخاص وعمل قدرته، لذلك كل واحد فينا هو شاهد وشهيد محبة الله، يشهد بإيمانه الحي من خلال ثمر عمل روح الله الظاهر في أعمال صالحة في حياته، أي أن حياته هُنا على الأرض تشهد: أن الله عاملاً فيه رغم عيوبه ونقائصه، لأنه يعترف دائماً بجزيل فضل نعمته الغنية التي اجتاحت نفسه كإعصار، إذ أنها لم تكن بالنسبة له معلومة، بل قوة فاعله في حياته، مُغيره ومجدده لقلبه من الداخل، اي على مستوى كيانه البشري ككل، وبالتالي هي ظاهره أمام الجميع أنها ليست بقدرة أو قوة بشرية، بل هي تفوق كل إمكانيات الإنسان الطبيعي، لأنها من فوق، من عند أبي الأنوار، لذلك هي سرّ الله الفائق المُقدم للإنسان... ولكن كما قلنا سابقاً أن كلمة "سرّ" تعني ميستيكي Mystical = μυστική، وهو اللفظ اليوناني الذي يُترجم عادة بكلمة " سري "، مع أن كلمة " سري " باللغة العربية لا تعطي المعنى الدقيق للفظ اليوناني الأصيل للكلمة، فكلمة سري في اللغة العربية تعني: [الخفي] وتُفهم على أساس الشيء المخفي والغير ظاهر !!! ولكن كلمة ميستيكي Mystical = μυστική في الحياة الروحية تعني: الاختبار الباطني المباشر لله ومعرفة الإلهيات من خلال الثيئوريا θεωρία أي " التأمل أو النظر والرؤيا في الإلهيات "، ولا يُشترط أن يكون ذلك من خلال رؤية مناظر فائقة الطبيعة، ولكن هي حالة خضوع العقل والإرادة كلياً لله واستعداد القلب للطاعة، أي طاعة الإيمان. وترافق المستيكية (أو السرّ المسيحي) النسك: أي ضبط النفس وقمع الجسد واستعباده للروح القدس، أي بمعنى إيماني حي = الطاعة والخضوع، كإعداد فقط لقبول الاختبار السري (المستيكي) الذي هو في حد ذاته نعمة وهبة. فالحياة المستيكية هي متاحة لكل إنسان يعيش مسيحيته بإخلاص وغيرة حسنة وجهد متواصل وبالتزام المحبة بحفظ وصية الله ...
(2) الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني: المحبة لها مقياس خاص عند الله، وهو [ حفظ الوصية ]، فمن يحب يبذل نفسه لأجل من يحبه، يطيع كل وصية يوصيه بها، مثل العروس الذي تحفظ وصايا حبيبها الخاص ولا تكسر له كلمه، وهذا بتلقائية بدون تغصب أو ضيق، بل من أجل المحبة مستعدة أن تتخلى عن كل شيء، لذلك مكتوب: [ أسمعي يا بنت وانظري وأميلي أُذنك وانسي شعبك وبيت أبيك. فيشتهي الملك حُسنك لأنه هو سيدك فاسجدي له ] (مزمور 45: 10 – 11)
|
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المسيحية وحياة التوبة ( للراهب القمص بطرس البراموسي ) |
تأملات في القيامة كخبرة وحياة |
المسيحية وحياة التوبة |
المسيحية وحياة التوبة |
الصوم الأرثوذكسي الحي – الصوم كخبرة وحياة |