|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
والدة محمد الشافعى: «الداخلية والهلال وزينهم» مافيا للتستر على قتل المتظاهرين بثياب سوداء، جلست أمل أحمد عباس (48 سنة)، بجوار بناية محكمة عابدين، بصحبة عدد من النشطاء السياسيين، بينما الحزن يغطى ملامح وجهها المبلل بالدموع، أثناء ترقب نتائج المحضر الذى قدمته ضد اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، تتهمه فيه بالمسئولية المباشرة عن مقتل نجلها «الشهيد محمد الشافعى» (21 سنة). ذاقت «أم الشهيد» ألوانا من العذاب، خلال رحلة البحث عن فقيدها، حتى تورمت قدماها وتعب قلبها، وانهارت أعصابها، من كثرة التردد على المستشفيات وأقسام الشرطة ومشرحة زينهم والنيابة العامة، دون جدوى، لكنها لم تفقد الأمل أبدا، وواصلت البحث، تغادر بيتها الكائن بمصر الجديدة فى السابعه صباحا ولا تعود إليه إلا بعد منتصف الليل بصحبة أشقائها. «الوطن» التقت السيدة «أمل» أمام محكمة عابدين، ورصدت معاناتها خلال رحلة البحث الطويلة عن ابنها. بداية المعاناة تعود إلى يوم الثلاثاء، 29 يناير الماضى، وتحكى الأم المكلومة قائلة: «محمد ابن وحيد على بنتين، عمره 21 سنة، مش تبع تيار سياسى معين، هو بيحب مصر وخلاص، وشارك فى الثورة من أول يوم»، وتابعت: «قلتله ما تنزلش التحرير، أنا خايفة عليك، فقال لى: متخافيش أنا هبقى أطمنك». غادر محمد المنزل فى تمام الثامنة وانضم إلى مسيرة السيدة زينب التى كان يشارك فيها أحمد حرارة وعدد كبير من النشطاء، واشتبكوا فيها مع الشرطة عند كوبرى قصر النيل، وبعد ساعتين حاولت والدته الاتصال به، لكنه لم يرد على هاتفه الذى أصبح «خارج نطاق الخدمة». فى صباح اليوم التالى، توجهت الأم إلى قسم شرطة مصر الجديدة لتحرير محضر تغيب لولدها، رفض ضابط القسم بحجة عدم مرور 24 ساعة على غيابه، فتفرغت والدته للبحث عنه فى أقسام الشرطة والمستشفيات المحيطة بميدان التحرير ومستشفى «قصر العينى» ثم المنيرة وأحمد ماهر، وأخيراً مستشفى الهلال، لكنها لم تصل إلى أى نتيجة. وهكذا ظلت تبحث عن ولدها بمفردها لمدة 3 أيام حتى حضر شقيقها أمير من دمياط ليساعدها فى البحث عنه. تقول الأم: «بعد يومين ذهبت إلى مشرحة زينهم وأدليت بمواصفاته وأطلعتهم على صورته فقابلونى مقابلة سيئة وكانوا يجيبون على تساؤلاتى بصعوبة، ثم أخبرونى بعدم وجوده، فطلبت منهم رؤية الجثث بنفسى، حتى يطمئن قلبى، فطلبوا إذنا من النيابة العامة، وبعد محايلات أخبرونى بوجود 18 جثة معلومة الهوية، وجثتين مجهولتى الهوية»، تتنهد السيدة الأربعينية وتصمت قليلا ثم تكمل: «اتصلت بمنظمات حقوق الإنسان ليساعدونى فى البحث عن ابنى، خاصة أن أنباء قد ترددت عن تعذيب متظاهرين بمعسكرات الأمن المركزى، وذهبت إلى النيابة العامة فقال لى سكرتير النائب العام: إيه اللى نزله المظاهرات؟ بتخليه ينزل ليه؟». وتضيف الأم: «شخصيات كثيرة حاولت مساعدتى فى البحث عن ابنى، وأوصلونى إلى سكرتير وزير الداخلية، الذى قال لى بعد يومين من مقابلته: لينا عزومة كبيرة عندك إن شاء الله، هجيب محمد وأجيلك. لكنه لم يأت ولم ينفذ وحده، لأن محمد كان قد استشهد». تكمل «أم محمد»: «أشقائى لم يملوا من التردد على مشرحة زينهم ومستشفى الهلال ولا جديد، وهو ما زادنى اطمئنانا إلى وجود ابنى على قيد الحياة، بصيص الأمل هذا زاد بعد كلمات سكرتير وزير الداخلية»، وأضافت: «كنت أشك فى وجوده داخل أحد معسكرات الأمن المركزى بعد تأكدى من عدم وجوده فى المستشفيات ومشرحة زينهم والأقسام، لكن يوم الأحد الموافق 24 فبراير بدأت الأوضاع تتغير، وعندما ذهب شقيقى إلى المشرحة من جديد ليسأل عن محمد استقبلوه هناك دون تعقيد للأمور، ورحبوا به جدا، فأخبره الموظف المختص عن احتمالية وجود المواصفات التى يبحث عنها بداخل المشرحة، فطلب منه الدخول بسرعة، وقال له: كنت مستنى منك تقول لى كدا. ثم دخل شقيقى وبسرعه فائقة تعرف على ابنى، ووجد إلى جواره ورقة مدوناً بها تاريخ وكيفية دخوله المشرحة، واكتشف وجوده بالمشرحة منذ شهر تقريبا، رغم أن أقدامنا قد تورمت من كثرة التردد عليها، والسؤال عنه. ثم هاتفنى ليطلب منى الذهاب إلى أحد المستشفيات للتعرف على مريض فقد ذاكرته، لكن بعد وصولى إلى هناك طلب منى الذهاب معه إلى المشرحة للقاء شقيقنا الثالث، هناك التقتنى غادة شهبندر الناشطة بإحدى مراكز حقوق الإنسان وأخبرتنى برفق بخبر وفاة محمد فتماسكت قليلا، ودخلت أبحث بين الجثث عن ابنى، فوجدت جثته زى ما هى، بس وشه متغير وممصوص وعينه داخله لجوه، حسيت إنه محروق». ينخفض صوت الأم الثكلى قليلا وتقول وهى تغالب دموعها: «تعرفت عليه من خلال شعره وحاجبيه، جبهته كانت مصابة برصاصتين نافذتين، وصدره مصابا برصاصة أخرى، وهو ما أكدته الصور التى التقطتها المشرحة لجثة ابنى، فور وصوله إليها». تواصل الأم حكاية فقيدها الشهيد: «سألت عن ملابسه التى كان يرتديها فأخبرونى بأنه وصل المشرحة قادما من مستشفى الهلال دونها، وهنا انهرت تماما ولم أفق من الصدمة إلا فى اليوم التالى، وطلبنا من المشرحة تقرير الطب الشرعى لكنه لم يظهر حتى الآن، رغم أن الجثة جرى تشريحها فى مستشفى الهلال يوم 30 يناير، ومنعتنا المشرحة من تسلم الجثة حتى عمل تحليل الحامض النووى (D.N.A)». تتنهد السيدة وقد تملك منها الحزن ثم تقول: «قالوا إن العينة التى سحبوها للتحليل تعفنت ويحتاجون إلى عينة جديدة للتأكد من شخصيته، ثم يسلمونه إلينا، وظهرت النتيجة أخيراً وأنا الآن فى انتظار الحصول على جثة محمد الذى أحتسبه عند الله شهيدا». وبثبات وتماسك تكمل: «لم أذق للنوم طعما منذ تغيب محمد عن المنزل، ولم أكف عن البحث عنه، وبعد التعرف عليه فإنى أتردد على المشرحة ونيابة عابدين، وتقدمت ببلاغ ضد وزير الداخلية اتهمته فيه بالتسبب فى مقتل ابنى، ولدىّ شكوك فى وجود مافيا كبيرة مكونة من مشرحة زينهم ومستشفى الهلال والداخلية متواطئة فى عمليات قتل المتظاهرين». تنظر السيدة بعينيها بعيدا وتختم كلامها بتساؤلات عدة: «لماذا أخفت المشرحة وجود ابنى بها لمدة شهر وقد التقطت له 80 صورة فور دخوله إليها يوم 30 يناير؟ ولماذا تأخر صدور تقرير الطب الشرعى إلى الآن؟ ومن الذى أطلق عليه الرصاصات الثلاث؟»، وتضيف: «لولا ضغط أجهزة الإعلام ومنظمات المجتمع المدنى على الداخلية لما اكتشفنا وجود محمد بالمشرحة إلى الآن، وهناك العديد من الجثث المجهولة فى انتظار ذويها، ويوجد طابق ثانٍ بالمشرحة لا يعرفه الناس يخفون به جثث أخرى». |
|