|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نص العهد القديم
يتألف العهد القديم في الكتاب المقدس من تسعة وثلاثين سفراً. هذه الأسفار هي الكتب المقدسة عند اليهود وهي مصدر ديانتهم. وقد كُتبت أصلاً بالعبرية والأرامية، لغتي اليهود القديمتين. واعتاد الكتبة عندهم أن ينسخوا نُسخاً جديدة من الكتابات المقدسة كل فترة. أما النُسخ القديمة جداً فنادرة، وذلك بسبب المناخ غير المواتي لحفظ المخطوطات طويلاً. وحتى 1947 م كانت أقدم المخطوطات العبرية للعهد القديم تعود إلى القرنين التاسع والعاشر م، وكانت هذه نُسخاً للأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس. ثم حدث الاكتشاف العظيم عام 1947: مخطوطات البحر الميت. وهذه المخطوطات نُسخٌ قديمة من مكتبة جماعة دينية ازدهرهت في قمران، قرب البحر الميت، حوالي أيام المسيح. وتعود هذه المخطوطات إلى زمن أقدم من مخطوطات القرن التاسع الميلادي بنحو ألف سنة. وبين دروج البحر الميت هذه نُسخ لجميع أسفار العهد القديم ما عدا أستير. هذه المخطوطات القديمة التي وُجدت في قمران مهمة جداً لأن فيها النص نفسه الذي تحويه مخطوطات القرن التاسع الميلادي. حتى إن نص العهد القديم لم يلحقه تغيير يذكر على مدى ألف عام. فالكتبة المدققون لم يرتكبوا إلا هفوات يسيرة أو تحويرات بسيطة. طبعاً، في بعض المواضع القليلة استُعملت كلمات أو تعابير مختلفة، حتى لا نكاد نهتدي أحياناً إلى المعنى المقصود بالضبط. ولكننا نستطيع أن نتيقن من أن أسفار العهد القديم التي بأيدينا الآن هي بعينها الأسفار التي كتبها كٍُتابها منذ قرون عديدة ولم يلحقها تغيير يُذكر. كذلك انتهى إلينا نص العهد القديم من خلال ترجمات قديمة جداً. وهذه أيضاً تؤكد صحة نص العهد القديم العبري الذي نستعمله اليوم. ومن أهم هذه الترجمات تلك الترجمة المعروفة بالسبعينية، وهي العهد القديم باللغة اليونانية. وقد استعمل السبعينية في القرون الأولى بعد الميلاد اليهود الناطقون باليونانية وكثيرون من المسيحيين. وثمة وثيقة قديمة أخرى، هي "رسائل أريستياس" تُشير إلى أن "السبعينية" جُمعت ليستفيد منها اليهود الساكنون في مصر على عهد الفرعون بطليموس فيلادلفوس (285- 246 ق.م). كانت اليونانية هي اللغة الرئيسية في الإمبراطورية الرومانية، وكانت بضع ترجمات يونانية أخرى للعهد القديم متداولة في القرون الأولى بعد المسيح. أحياناً تساعد الترجمة اليونانية على جلاء بعض الغموض في النص العبري، لكنها في الغالب غير دقيقة كثيراً. وهنا، تفيد الترجمات الأخرى أحياناً. ثم لما انتشرت المسيحية على شعوب مختلفي اللغة، تُرجمت التوراة أيضاً إلى اللاتينية (الفولغاتا) والسريانية (الفشيطة) والمصرية (القبطية). لا يسعنا أن نعرف بالضبط كيف تم جمع أسفار العهد القديم على النحو الذي نعرفه اليوم. ولكننا نعلم يقيناً ما هي الأسفار التي تألف منها العهد القديم قبيل ميلاد المسيح، ولنا أن نعرف أيّة الأسفار عدها المسيح وتلاميذه كتابهم المقدس. لدى اليهود تقليد قوي يفيد أن عزرا الكاتب (وخبره في سفر عزرا) رتب وجمع أسفار العهد القديم. ولكن قبل عزرا بزمن طويل وُجدت مجموعات لأسفار موسى الخمسة وبعض مواعظ الأنبياء، فضلاً عن المزامير والأمثال. رتب اليهود كتاباتهم المقدسة ضمن ثلاث مجموعات: الناموس (الشريعة أو التوراة)، الأنبياء، الكتب. أما الـ "ناموس" فقوامه الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم (من التكوين إلى التثنية). ومع أن التكوين خالٍ من التشريع الفعلي، فقد ضمن في الناموس على اعتبار أن موسى هو كاتبه أيضاً. وأما "الأنبياء"، فلم يتضمن فقط رسالات الأنبياء، مثل عاموس وإرميا وإشعياء والكثيرين غيرهم، بل أيضاً الأسفار التاريخية- يشوع والقضاة وصموئيل الأول والثاني والموك الأول والثاني. وقد جُعلت هذه الأسفار ضمن هذا الجزء لأنها تعنى لا بالوقائع وحسب بل أيضاً بمعنى التاريخ كما يراها الله. وأما "الكتب" فاشتملت على أسفار الحكمة (الأقوال الحكيمة)، الأمثال والجامعة وأيوب، وبعض الأسفار التاريخية التي كُتبت فيما بعد، كعزرا ونحميا والأخبار الأول والثاني، وسفر نبوي واحد هو دانيال. فواضح أنه في زمن المسيح كان الكتاب المقدس العبري يتألف من الأسفار التسعة والثلاثين المعروفة اليوم باسم كُتب العهد القديم. ومعظم أسفار العهد القديم هذه يُقتبس منها في غير موضع من العهد الجديد. وهذا يُرجَّح جداً أن يكون المسيح وأتباعه يعرفون أسفار العهد القديم التي عندنا اليوم. وفضلاً عن أسفار العهد القديم التسعة والثلاثين، كان عند اليهود كتابات مقدسة أخرى، وفي الترجمة اليونانية أُعطيت هذه الكتابات الاحترام عينه الذي أُعطي لأسفار العهد القديم الأخرى. ولكن هذه الأسفار الإضافية، المعروفة باسم "الأبو كريفا"، لم تحظَ باعتبار مماثل للأسفار التسعة والثلاثين في الأصل العبري. |
|