|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الله يريد.. والإنسان يريد؟!! الاثنين 04 فبراير 2013 بقلم القمص داود لمعى كاهن كنيسة مارمرقس - كليوباترا، بمصر الجديدة 1- الله يريد خلاص الجميع فى البداية نتفق على بعض الكلمات فى مفهومها.. فهناك فرق بين كلمة يريد.. وكلمة يسمح الفعلان.. أحياناً يتعارضان أنت قد تريد أن تسمع موسيقى.. وأنت تسمح بذلك دون إرادتك.. الله يريد.. والإنسان أيضاً يريد.. وقد يريد الإنسان ما لا يريده الله.. فيسمح الله له بما يريد "الذى يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" (1 تى 2: 4). • الله يريد.. والإنسان الحر يريد.. فإن تلاقت الإرادتان .. فقد وصلنا إلى الهدف الأسمى للوجود.. السعادة الأبدية. • الله يريد.. والإنسان الحر يريد.. فإن تعارضت الإرادتان .. فقد وصلنا إلى نهاية أخرى.. إختارها الإنسان لنفسه.. وسمح الله بها.. لأنه محب البشر ولا يلغى إرادة الإنسان. "يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا" (مت 23: 37). قال أحد الذين كانوا ملحدين وآمنوا .. هناك فريقان من البشر: + الفريق الأول.. يقول دائماً لله "لتكن مشيئتك".. وهكذا يصل هذا الفريق إلى ملكوت السموات لأنها إرادة الله. + أما الفريق الثانى.. يقول له الله- حزيناً- "لتكن مشيئتك".. فيصل هذا الفريق إلى جهنم والهلاك الأبدى.. لأنها مشيئة الإنسان وإصراره .. بسماح من الله محب البشر. "اقرعوا يفتح لكم" (مت7: 7). إذاً من يقرع على باب السماء.. لابد أن يفتح له الله باب السماء.. ولكن من يقرع الله على بابه.. مراراً وتكراراً.. وهو لا يسمع ولا يفتح .. فما هو المصير؟ "هئنذا واقف على البابا وأقرع. إن سمع أحد صوتى وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشى معه وهو معى" (رؤ3: 20). 2- هل الإجبار على الحب.. حب؟! هل خلق الله بشراً.. مثل العرائس.. يقولون له كلمات مثل.. "أحبك..ILove you" بدون إرادة أو حياة! أم خلق البشر أحراراً.. يقولون "أحبك" .. أو.. "لا أحبك"! هل يستطيع الأب أن يبقى ابنه فى حضنه.. أو فى بيته رغماً عنه!؟ وماذا إذا اختار (الإبن) الخروج للأبد.. بإرادته.. وإنتظره الأب طويلاً ولم يرجع.. ماذا تكون النهاية؟ (مثل الإبن الضال). إن منع الله الإنسان من الهلاك.. هو إلغاء لحرية إرادة الإنسان في إختياراته .. وهذا لا يتفق مع محبة الله. إن ظلت عروس ترفض عريسها وتجرحه بإهانات كثيرة أثناء فترة الخطوبة (الحياة على الأرض) هل تتكلل هذه العلاقة بالزواج؟ أم لابد أن تنتهى هذه الخطوبة (تنفك)؟ 3- ثم ماذا عن عدل الله؟! "ورأيت الأموت صغاراً وكباراً واقفين أمام الله، وانفتحت أسفار. وانفتح سفر أخر هو سفر الحياة، ودين الأموات مما هو مكتوب فى الأسفار بحسب أعمالهم. وسلم البحر الأموات الذين فيه، وسلم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما. ودينوا كل واحد بحسب أعمال. وطرح الموت والهاوية فى بحيرة النار. هذا هو الموت الثانى. وكل من لم يوجد مكتوباً فى سفر الحياة طرح فى بحيرة النار" (رؤ20: 12- 15). هل نقبل نحن كبشر أن نغفر للقتلة والسفاحين بلا شروط أو توبة؟ ألا نطالب أن يأخذ كل واحد حقه من العقاب ونرتاح جميعاً لمنطق العدل؟ "فإن الذى يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً" (غل6: 7). إذا الله لا يرسل البشر إلى الهلاك إنتقاماً وتشفياً ولكن الله يحاول بإرادته الصالحة أن يرسل الكل إلى الملكوت، ويسمح لمن يرفض إرادته- دائماً- أن يذهب إلى نهاية أخرى. ثم نسأل الذين يرفضون صورة الله الذى يسمح بهلال الأشرار.. لماذا لا يرفضون صورة الله الذى يغفر ويقبل توبة الأشرار؟ كثير من غير المسيحيين لا يقبلون صورة الله الطيب الذى يسامح ويغفر لمجرد التوبة، ولا يقبلونه إلا منتقماً.. جباراً.. دياناً. فهل نسير وراء أهواء الناس؟ وأى فريق نتبع؟ إن الله المحب.. لابد أن يكون عادلاً.. والله الديان لابد أن يكون محباً.. المحب .. لابد أحياناً أن يغضب حين يرى محبوبه يضيع أو يهلك أو آخر يؤذيه.. فالله المحب لابد أن يغضب على الخطية والفساد والشيطان وكل ما يهلك الإنسان.. ولكن ليس الغضب معناه إنفجار غير محسوب ولكنه رفض محسوب ومحكم وموجه.. ويتناسب مع سبب الغضب. "إذ هو عادل عند الله أن الذين يضايقونكم يجازيهم ضيقاً. وأياكم الذين تتضايقون راحة معنا عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته" (2تس 1: 6- 7). 4- رحمة الله.. إلى الأبد "الله ليس بظالم" (عب6: 10) ولهذا يضع الله فى حسابه كل الظروف والعوامل الاجتماعية والنفسية وغيرها التى قد تكون أثرت سلباً على حياة الإنسان. ويأتى مثل أصحاب الساعة الحادية عشرة (مت 20) ليؤكد لنا محاولات الله لخلاص الكل برحمة عظيمة .. ويظل الله رحيماً فى عدله وعادل فى رحمته. كتب الشاعر البولندى "سيسلوميلوس Czeslaw Milosz" الحائز على جائزة نوبل يقول: "إننا نرى اليوم تغييراً فى العالم، فالأفيون الحقيقى لم يعد الدين ولكنه صار الإعتقاد بأنه لا شئ بعد الموت، بمعنى أن كل الشر والقتل والإعتداء والظلم والطمع والخيانة، لن يكون لها حساب أو عقاب.. من يقبل هذا؟!" • يأتى سؤال.. هل يستحق ما عمله الإنسان فى زمان حياته.. عقاباً بلا نهاية؟؟.. هلاكاً أبدياً بلا حدود!!!.. هل خطية محدودة تستوجب عقاباً غير محدود؟! الإعلان الكتابى يوضح أن الخطية هى الحاجز بين الله والإنسان، وبالتالى هى المانع.. لكل ما هو حب وخير وسلام وجمال وفرح.. وهذه الكلمات هى مفاتيح الحياة الأبدية.. هى حضور الله حيث لا خطية ولا حزن ولا كراهية ولا فساد ولا موت. فالهلاك الأبدى هو الإنفصال النهائى عن الله.. الذى يبدأ بالخطية ويتأصل بتكرارها والإغراق فيها.. وينتهى بالخروج عن الخطية الإلهية تماماً.. إلى ظلام بلا نهاية. "وهذه هى الدينونة: إن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة" (يو3: 19). "وفى الظلمة يسلك، ولا يعلم أين يمضى، لأن الظلمة أعمت عينيه" (1يو2: 11). "وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله فى معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق" (رو1: 28). قانون الطبيعة.. لكل فعل رد فعل.. وقانون الحياة مع الله.. "لا تضلوا! الله لا يشمخ عليه. فإن الذى يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً. لأن من يزرع لجسده فمن الجسد يحصد فساداً، ومن يزرع للروح فمن الروح يحصد حياة أبدية." (غل6: 7- 8). وجهاد الإنسان نحو الملكوت هو (الجهاد الحسن) الذى يكتمل بإكليل البر "وأخيراً قد وضع لى إكليل البر، الذى يهبه لى فى ذلك اليوم الرب الديان العادل" (2تى 4: 8)، وجهاد الإنسان بعيداً عن الملكوت نحو الهلاك لابد أن يكتمل بالهلاك. لا يمكن أن يفرض الله وجوده الأبدى على من رفضوا وجوده طول حياتهم. إذاً .. الله يسعى لخلاص الإنسان طول حياته وبكل الطرق.. ولكنه يأتى وقت يترك الله الإنسان- بعد محاولات كثيرة- إلى ذهنه المظلم واختياره الأحمق.. ويكف عن منعه من الهلاك بسبب إصراره. لا تنس.. أن الإنسان حين يغرق فى الشر والأنانية يفقد إنسانيته وكل الجمال الإلهى الذى خُلق عليه ولا يبقى فيه إلا كل فساد. "كل غصن فى لا يأتى بثمر ينزعه وكل ما يأتى بثمر ينقيه ليأتى بثمر أكثر... إن كان أحد لا يثبت فى يطرح خارجاً كالغصن فيجف وجمعونه ويطرحونه فى النار فيحترق" (يو 15: 2- 6). ويبقى سؤال آخر.. لماذا يعين اله من يدخلون الملكوت، ويعين آخرين للهلاك؟ ونجيب بأن.. الله لا يريد أن يهلك أحد... ولكن الله يعرف بسباق علمه مسار كل إنسان.. الله يرى المستقبل.. صناعة الإنسان الحر واختياراته طول حياته. ولا تنس أن هناك... + "كثيرون أولون يكرثون آخرين والآخرون أولين" (مر 10: 31). + "إن العشارين والزوانى يسبقونكم إلى ملكوت الله" (مت 21: 31) |
|