منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12 - 05 - 2012, 08:56 AM
الصورة الرمزية tito227
 
tito227 Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  tito227 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 17
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 2,845

مثاليـــة المسيـــح وشخصيتــه المتكاملـــة وثورة في التفكير

مثاليـــة المسيـــح وشخصيتــه المتكاملـــةوثورة في التفكير
بقلم قداسة‏ :‏ البابا شنودة الثالث


*‏ولعله من المناسب لنا أن نتأمل في شخصية السيد المسيح له المجد‏,‏ وكيف أنها شخصية مثالية متكاملة في الفضائل والصفات
فقد كان يتصرف بحكمة سامية‏,‏ كما قيل في سفر الجامعة لكل شيء تحت السماوات وقت‏.‏ فكان يقوم بالعمل المناسب في الوقت المناسب‏.‏ لا يسلك بوتيرة واحدة في كل حالة‏,‏ ومع كل أحد‏.

وهكذا كان يعرف متي يشفق ومتي يؤدب‏,‏ ويكون في تأديبه شفقة‏.‏
ويعرف متي يتكلم ومتي يصمت‏,‏ ويكون في صمته حكمة وموعظة‏..‏

متي ينظر في حنو‏,‏ ومتي ينظر في غضب؟ متي يستخدم القوة‏,‏ ومتي يستخدم اللين؟ وعموما كيف يتصرف مع كل نوع من الناس‏.‏
وهكذا كان الشخصية المتكاملة في أسلوب عملي‏,‏ يجمع بين صفات تبدو مختلفة عن بعضها البعض‏.‏ ولكنها منسجمة في تناسق عجيب‏.‏

***‏
كان يجمع بين الخلوة‏,‏
والعمل لأجل الآخرين
كان يجمع بين حياة التأمل‏,‏ وحياة العمل‏.‏ وحياة التأمل كانت له علي الجبل‏.‏ والجبل في حياة السيد المسيح له مكانته ووضعه‏,‏ والحديث عنه يلزمه مجال أوسع‏,‏ ومن أشهر أماكن خلوته‏,‏ كان جبل الزيتون‏,‏ وبستان جثسيماني‏.‏ لذلك ما أعمق ما قيل عنه في الإنجيل مضي كل إلي خاصته‏.‏ أما يسوع فمضي إلي جبل الزيتون‏(‏ يو‏8:1)‏
علي الجبل‏,‏ كان يسكب محبته للآب السماوي‏.‏ وفي المدينة كان يفيض بمحبته علي الناس‏.‏ وقيل عنه أنه كان يجول يصنع خيرا‏,‏ ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس
‏(‏أع‏10:38).‏ كان يعلم في مجامعهم‏,‏ ويكرز ببشارة الملكوت‏,‏ ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب‏(‏ مت‏:4:23)..‏ يقدمون إليه جميع المرضي بأنواع أمراض كثيرة‏,‏ فكان يضع يديه علي كل واحد منهم فيشفيهم‏(‏ لو‏4:40).‏ كان يعلم‏.‏ ويفتح أعين العميان‏,‏ ويقيم موتي‏..‏ وكان كل من يقابله‏,‏ ينال منه بركة‏.‏ فأحبه الجميع‏.‏

***‏
كان السيد المسيح يجمع بين العظمة والتواضع
كان يجمع بين الهيبة والوقار من جهة‏,‏ والبساطة من جهة أخري‏..‏
كانوا في هيبته يدعونه يا معلم أو أيها المعلم الصالح أو السيد‏..‏
البعض كان يستمع إليه وهو جالس عند قدميه‏,‏ والبعض كان يسجد له‏..‏ وكانت له مكانة كبيرة عند الناس‏,‏ وتوقير واحترام‏,‏ وشعبية هائلة جدا‏..‏
وفي عظمته وقف في نور عظيم‏,‏ متجليا علي جبل طابور‏(‏ مر‏9)‏
ومن جهة التواضع‏,‏ أخلي ذاته وأخذ شكل العبد‏(‏ مت‏2:7)‏ وأنحني وغسل أرجل تلاميذه‏(‏ يو‏13).‏ وسلك في بساطة مع الأطفال‏.‏ وحضر موائد العشارين والخطاة‏.‏ وحينما كانوا يلومونه علي ذلك كان يقول لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب بل المرضي‏..‏ لأني لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلي التوبة‏(‏ متي‏9:13,12)‏

***‏
وفي تكامل شخصيته‏,‏ كان المسيح أيضا يجمع بين الوداعة والحزم‏:‏
كان وديعا ومتواضع القلب‏(‏ متي‏11:29).‏ قيل في وداعته أنه كان لا يخاصم ولا يصيح‏,‏ ولا يسمع أحد في الشوارع صوته‏.‏ قصبة مرضوضة لا يقصف‏,‏ وفتيلة مدخنة لا يطفيء‏(‏ متي‏12:20,19).‏ كان رقيقا شغوفا إلي أبعد حد‏.‏ وفي رقته‏,‏ بكي علي أورشليم‏(‏ لو‏19:40).‏ وبكي في طريقه إلي قبر لعازر‏(‏ يو‏11:35)‏
وفي وداعته أيضا‏,‏ تحدث مع السامرية دون أن يخدش شعورها‏(‏ يو‏4)‏ وبنفس الوداعة تحدث مع الخاطئة المضبوطة في ذات الفعل‏(‏ يو‏8)‏ بكل رفق‏...‏

ولكن وداعته لم تمنع حزمه‏.‏ وهكذا في حزم وشدة‏,‏ طرد الباعة من الهيكل‏,‏ وقلب موائد الصيارفة‏.‏ وقال لهم مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعي‏,‏ وأنتم جعلتموه مغارة لصوص‏(‏ متي‏21:13)‏ وبنفس الحزم وبخ الكتبة والفريسيين‏(‏ من علماء اليهود‏).‏ وقال لهم ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون‏,‏ لأنكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس‏.‏ فلا تدخلون أنتم‏,‏ ولا تدعون الداخلين يدخلون‏(‏ مت‏23:13).‏ كما وبخ الصدوقيين قائلا لهم تضلون إذ لا تعرفون الكتب‏(‏ متي‏22:29)‏
كما وبخ اليهود أكثر من مرة علي حرفيتهم في حفظ السبت‏.‏ وكان يتعمد أن يجري بعض معجزاته في يوم سبت‏,‏ كما فتح عيني المولود أعمي في يوم سبت‏(‏ يو‏9)‏ وأقام لعازر من الموت في يوم سبت‏(‏ يو‏11).‏ وشفي مريض بيت حسدا في يوم سبت‏.‏ وذلك ليريهم أنه يمكن يحل عمل الخير في السبوت‏(‏ متي‏12:9‏ ـ‏13)‏
وأحيانا كان يوبخ تلاميذه علي أخطائهم‏,‏ علي الرغم من محبته الشديدة لهم‏.‏

***‏
أيضا كان في تكامل شخصيته‏,‏
يعرف متي يتكلم ومتي يصمت
كان إذا تكلم يقنع‏.‏ وإذا حاور يفحم ويبكم‏.‏ وكثيرا ما كان يتكلم كمعلم‏.‏ وكانوا يبهرون من تعليمه‏(‏ مت‏7).‏ كان في حديثه كلام منفعة‏,‏ ووعظ وتعليم‏.‏ كان أحيانا يتبسط في التعليم‏,‏ ويلقيه أحيانا في هيئة أمثال‏.‏ وأحيانا أخري يتكلم بسلطان‏(‏ مت‏7:29).‏ ويقدم التعليم كقاعدة ملزمة‏..‏ وكثيرا ما كان يصحح المفاهيم القديمة‏,‏ ويبدأ بعبارة أما أنا فأقول لكم‏...(‏ متي‏5)‏
وأحيانا كان يصمت‏,‏ ويكون صمته أبلغ من الكلام‏,‏ وفي صمته حكمة‏.‏ كما كان صامتا أثناء محاكمته أمام مجمع السنهدريم‏(‏ متي‏26)‏ وأمام بيلاطس‏(‏ متي‏27)‏

***‏
كان أيضا يعرف متي يمنح‏,‏ ومتي يمنع
كان في منحه كثير العطاء‏.‏ فمنح تلاميذه أنواعا من السلطان والمواهب‏.‏ ومنح مكانة للطفل وللمرأة‏,‏ مما لم يكن معروفا لدي اليهود‏.‏ وفتح باب الملكوت أمام الكل‏,‏ وبخاصة للأمم وللسامريين الذين ما كان اليهود يتعاملون معهم‏(‏ يو‏4:9).‏ ومنح شفاء للمرضي‏,‏ وعتقا للمأسورين من الشياطين‏,‏ وكذلك عطفا علي الضعفاء والمساكين‏,‏ ومغفرة للخطاة‏(‏ لو‏7)(‏ يو‏8)(‏ مر‏2).‏ وبركة للكثيرين‏...‏
وكما كان يمنح‏,‏ كان أحيانا يمنع‏.‏ مثلما منع الكهنوت عن كهنة اليهود في أيامه‏.‏ وقال لهم إن ملكوت الله ينزع منكم‏,‏ ويعطي لأمة تصنع ثماره‏(‏ مت‏21:43).‏ وكما رفض طلب الكتبة والفريسيين في أن يصنع لهم آية‏(‏ أي أعجوبة‏).‏ وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطي له‏(‏ مت‏12:39)‏

***‏
وكما كان المسيح رجل الجماهير‏,‏
كان كذلك يهتم بالفرد الواحد
كانت تتبعه الآلاف‏,‏ وتزدحم حوله الجموع والجماهير‏.‏ وفي معجزة إشباع الجموع من الخمس خبزات‏,‏ قيل عن الجموع الذين حوله أنهم كانوا خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد‏(‏ مت‏14:21)‏ أي نحو‏12‏ ألفا‏.‏ وفي معجزة شفائه للمفلوج‏,‏ كان الزحام شديدا حول البيت لدرجة أنهم أنزلوه إليه من السقف‏(‏ مر‏2:4)‏
وفي عظته المشهورة علي الجبل‏,‏ قيل في مقدمتها انه لما أبعد الجموع صعد إلي الجبل‏(‏ مت‏5:1)‏

وعلي الرغم من أزدحام الجموع حوله‏,‏ كان يهتم بالنفس الواحدة‏.‏ ففي قصة زكا العشار‏,‏ كان الزحام شديدا جدا‏,‏ لدرجة أن زكا صعد إلي جميزة لكي يراه‏.‏ فمن وسط هذا الزحام‏,‏ قال له السيد يا زكا إسرع وانزل‏,‏ لأنه ينبغي أن أمكث في بيتك‏.‏ ولما تذمر اليهود علي دخوله إلي بيت رجل خاطيء‏,‏ قال لهم اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو أيضا ابن لإبراهيم‏,‏ لأن ابن الإنسان جاء يطلب ويخلص ما قد هلك‏(‏ لو‏19:1‏ ـ‏10)‏
وترك الجموع ليبحث عن الواحد الضال تكررت في‏(‏ لو‏15).‏ وبحثه عن النفس الواحدة‏,‏ ظاهرة في لقائه مع نيقوديموس‏,‏ ومع المرأة السامرية‏,‏ ومع مريم ومرثا‏...‏

***‏
وفي الحديث عن الشخصية المتكاملة للسيد المسيح‏,‏ نذكر بعض أمثلة منها‏:‏
‏*‏جمعه بين العدل والرحمة‏,‏ بغير تناقض بينهما‏.‏ فكان رحيما في عدله‏,‏ وعادلا في رحمته‏.‏ كان عدله مملوءا رحمة‏,‏ ورحمته مملوءة عدلا

أيضا اهتمامه بالروح والجسد‏.‏ فمع اهتمامه الكبير بالروح‏,‏ لدرجة قوله الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة‏(‏ يو‏6:63),‏ كان يهتم جدا بالجسد وشفائه‏(‏ مت‏9:12)‏
كان مدققا في تنفيذ أوامر الشريعة‏.‏ ولكنه في نفس الوقت‏,‏ كان يهتم بمفهومها السليم‏,‏ وبروحانية الوصية وليس مجرد حرفية الوصية‏.‏

وفي الواقع أن السيد المسيح أحدث وقاد ثورة للتغيير والاصلاح‏,‏ ثورة في التفكير والتدبير‏,‏ وفي إرساء المفاهيم السليمة للقيم والمبادئ
كان السيد المسيح وديعا‏,‏ وكان أيضا شجاعا‏:‏ يستخدم الوداعة حين تحسن الوداعة‏,‏ ويستخدم الشجاعة حين تلزم الشجاعة‏.‏ كان وديعا ومتواضع القلب‏(‏ مت‏11:29).‏ وقيل عنه إنه لايخاصم ولا يصيح‏,‏ ولايسمع أحد في الشوارع صوته‏.‏ قصبة مرضوضة لايقصف‏,‏ وفتيلة مدخنة لايطفئ‏..(‏ مت‏12:20,19).‏ ولكنه كان جريئا في الحق‏,‏ لايجامل فيه أحدا‏.‏ يقف إلي جوار الحق والقدسية بكل قوة في هيبة واقتدار‏.‏ لما وجد اليهود لايتصرفون بما يليق بكرامة الهيكل‏,‏ قام بتطهير الهيكل بكل حزم‏.‏

أخرج كل الذين كانوا يبيعونه فيه ويشترون‏.‏ وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام‏.‏ وقال لهم مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعي وأنتم جعلتموه مغارة لصوص‏(‏ مت‏21:13,12).‏ ولما وجد قادة الدين في أيامه من الكتية والفريسيين يحملون الناس في تعليمهم أحمالا عسرة الحمل‏,‏ إنتهرهم وقال لهم‏:‏ الويل لكم ايها الكتية والفريسيون المراؤون‏.‏ لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس‏,‏ فلا دخلتم أنتم ولا جعلتم الداخلين يدخلون‏(‏ مت‏23:13).‏ كان ضد القادة المدينيين‏,‏ ومع الشعب وفي محبته للشعب تحن عليهم‏,‏ إذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لاراعي لها‏(‏ مت‏9:36).‏ وفي شجاعة وبخ قادتهم قائلا لهم تطوفون البر والبحر لتكسبوا دخيلا واحدا‏.‏ ومتي حصل تجعلوه ابنا لجهنم أكثر منكم مضاعفا‏.‏ الويل لكم أيها القادة العميان‏(‏ مت‏23:16,15)‏
كان يختلف معهم في كثير من المفاهيم‏.‏ ومنها تعريف معني القريب قال في غطته علي الجبل سمعتم أنه قيل‏:‏ تحب قريبك وتبغض عدوك‏(‏ مت‏5:43)‏ وكانوا يرون أن القريب الذي تجب محبته‏,‏ هو اليهودي الذي من جنسهم‏.‏ أما الباقون فهم غرباء أو أعداء‏.‏ فشرح لهم معني القريب في مثل السامري الصالح الذي اعتني بجريح ليس من جنسه‏,‏ كان اللصوص قد ألقوه علي الطريق بين حي وميت‏.‏ فعمل معه عمل خير وأنقذه وعالجه‏(‏ لو‏10:34,33).‏
وأراهم أن القريب هو كل أخ لنا في الانسانية مهما يكن جنسه أو دينه وبين لهم أن أولئك السامرين الذين كان اليهود يحتقرونهم ولا يتعاملون معهم‏,‏ كانوا أرق منهم قلبا وأقرب منهم الي الخير‏.‏ وأكد لهم تلك الحقيقة في قبوله لأهل السامرة وايمانهم به‏(‏ يو‏4:42,41).‏ وقال عبارته الخالدة أحبوا أعداءكم‏,‏ باركوا لاعنيكم‏,‏ أحسنوا الي مبغضيكم‏,‏ وصلوا لأجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم‏(‏ مت‏5:44)‏

إن عدونا الحقيقي الوحيد هو الشيطان وأعوانه‏.‏ أما من يسمون أعداء من البشر‏,‏ فهم من ضحايا الشيطان‏,‏ علينا أن نشفق عليهم ونصلي لأجلهم‏.‏ كذلك أظهر السيد المسيح أن الحب الحقيقي هو الحب العملي‏,‏ سواء من نحو الله بحفظ وصاياه‏(‏ يوم‏15:10).‏ وقال أيضا ليس لأحد حب أعظم من هذا‏,‏ أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه‏(‏ يو‏15:13).‏ وعاش فترة تجسده علي الأرض في خدمة الناس يكرز أو من جهة الناس بالخدمة والبذل‏.‏ وضرب لهم مثالا بنفسه فقال‏:‏ إن ابن الإنسان لم يأت ليخدم‏,‏ بل ليخدم‏,‏ ويبذل نفسه فدية عن كثيرين‏(‏ مت‏20:28).‏ وقال الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف‏(‏ يو‏10:11)‏ ببشارة الملكوت‏,‏ ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب‏(‏ مت‏4:23).‏ كان باستمرار يعلم الناس‏,‏ ولايكتفي بالتعليم‏,‏ بل يطعم الجياع‏,‏ ويمنح الحنان والعطف‏.‏ وقيل عنه إنه كان يجول يصنع خيرا‏,‏ ويشفي جميع المتسلط عليهم ابليس‏(‏ أع‏10:38).‏ لقد أقام المسيح ثورة فكرية في المفاهيم‏:‏ في معني القريب والعدو‏,‏ وفي معني الحب‏,‏ وفي تعريف كثير من الخطايا‏,‏ مثل مفهوم الزنا والنجاسة‏.‏
كانوا يفهمون الزنا علي انه الزنا الفعلي‏.‏ فقال لهم سمعتم أنه قيل للقدماء لاتزن‏.‏ وأما أنا فأقول لكم إن كل من ينظر الي امرأة ليشتهيها‏,‏ فقد زني بها في قلبه‏(‏ مت‏5:28,27).‏ وهكذا اظهر لهم أنه يوجد زنا بشهوة القلب‏,‏ وبنظرة العين‏.‏ وأن الخطيئة لاتبدأ بالعمل‏,‏ إنما تبدأ بالحواس وفي القلب أولا‏.‏ وأنه يجب أن يحصل الانسان علي طهارة القلب‏,‏ لأنه بشهوة القلب يعتبر زانيا‏,‏ حتي لو لم يخطئ بالفعل‏.‏ ولذلك عليه أيضا أن يحرص علي طهارة حواسه‏,‏ ومنها طهارة نظراته‏,‏ فقال‏:‏ إن أعثرتك عينك‏..‏ ولم يقل إن أعثرتك امرأة‏.‏ لأنه إن كانت عين الانسان طاهرة‏,‏ فلن يسقطه جمال امرأة‏...‏ وفي هذا التعليم نري المسيح ينصح بالبعد عن الخطوة الأولي الي الخطية‏.‏ فاالذي يحترس من النظرة الخاطئة‏,‏ لايقع في شهوة القلب‏.‏ والذي يحترس من التمادي في شهوة القلب‏,‏ لايقع في الخطية بالعمل‏.‏ فيقول أيضا سمعتم أنه قيل للقدماء لاتقتل‏,‏ ومن قتل يكون مستوجب الحكم‏.‏ وأما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب علي اخيه باطلا‏,‏ يكون مستوجب الحكم‏(‏ مت‏5:22,21).‏
وهكذا أدان خطية الغضب الباطل‏,‏ لأنها كثيرا ماتكون هي الخطوة الأولي الي القتل‏.‏ والذي يدرب نفسه علي عدم الغضب‏,‏ لن يرتكب جريمة قتل‏.‏

ومن جهة النجاسة‏,‏ كان اليهود يحرمون ألوانا من الأطعمة يرونها نجسة‏.‏ فقال لهم السيد المسيح ليس مايدخل الفم ينجس الإنسان‏,‏ بل مايخرج من الفم‏:‏ هذا ينجس الإنسان‏(‏ مت‏15:11).‏
وشرح ذلك بأن الكلام الذي يخرج من الفم‏,‏ فمن القلب يصدر‏(‏ مت‏15:18).‏ لأنه من فضلة القلب يتكلم الفم‏(‏ مت‏12:34).‏
فالإنسان الشرير ـ مما يكتنزه في قلبه من الشرور ـ يخرج الكلام الشرير‏(‏ مت‏12:35).‏ إذن كل خطية يقع فيها اللسان‏,‏ هي خطية وجدت في القلب أولا‏..‏

إذن فخطية اللسان تبدأ في القلب أولا‏,‏ كما أن خطية الزنا تبدأ في القلب أولا‏,‏ وخطية القتل تبدأ أيضا في القلب‏.‏
من هنا اهتم بنقاوة القلب قبل كل شئ‏,‏ ولم يوافق علي السطحية في فهم الخطية‏,‏ دون مقاومة أعماقها وأسبابها‏,‏ كذلك حارب الحرفية في تنفيذ الوصية وهكذا فإن ثورته للتغيير والإصلاح شملت عقيدة اليهود في‏(‏ حفظ السبت‏)‏ كان اليهود يتمسكون حرفيا بعبارة الوصية لاتعمل فيه عملا‏(‏ تث‏5:14)...‏
لذلك كانوا يقفون ضد السيد المسيح‏,‏ إن عمل أي عمل من أعمال الخير في يوم سبت‏.‏ فتحداهم في هذه النقطة بالذات بمعجزات للخير أجراها في أيام السبت‏.‏

الرجل المولود أعمي‏,‏ كان يمكن أن يمنحه البصر في أي يوم‏,‏ ولكنه بمعجزة عجيبة جعله يبعد في يوم السبت‏(‏ يو‏9),‏ فقال اليهود لهذا الرجل إن الذي شفاه إنسان خاطئ‏(‏ يو‏9:24),‏ ومريض بيت حسدا الذي بقي مشلولا‏38‏ سنة‏,‏ شفاه السيد المسيح في يوم سبت‏.‏ لذلك طردوه وطلبوا ان يقتلوه‏(‏ يو‏5:16)‏ ولعازر اقامة المسيح في اليوم الرابع لموته‏,‏ في يوم سبت‏,‏ فتشاور اليهود علي المسيح ليقتلوه‏(‏ يو‏11:53)‏ بكل هذا أراد في ثورته للتغيير أن يقنعهم بهذه الحقيقة‏.‏
إذن يحل فعل الخير في السبوت‏(‏ مت‏12:12)‏
كانت هذه العبارة ثورة في عقائد ومسلمات شيوخ اليهود‏,‏ وبدأها المسيح معهم بمحاولة الاقناع قائلا أي انسان منكم له خروف واحد‏,‏ فإن سقط هذا في السبت في حفرة‏,‏ أنما يمسكه ويقيمه؟‏!‏ فالانسان كم هو أفضل من الخروف‏.‏
اذن يحل فعل الخير في السبوت‏(‏ لو‏14:3).‏

عاش المسيح معلما‏,‏ يختلط بالناس ويحيا بينهم‏,‏ وقد بهتوا من تعليمه‏,‏ يشرح لهم بأمثال‏,‏ ويكلهمم بسلطان قائلا سمعهم أنه قيل للقدماء‏..‏أما أنا فأقول لكم‏,‏ وما قاله لهم كان ثورة في التعليم‏.‏
‏*‏ ففي العطاء لم يكتف بما في الشريعة من دفع العشور والبكور‏,‏ بل قال‏:‏ من سألك فأعطه‏,‏ ومن اقترض منك فلا ترده‏,‏ وطوب العطاء من الأعوان‏.‏
‏*‏ وفي المغفرة‏,‏ ألغي الذبائح الحيوانية لطلب المغفرة‏,‏ وركز علي أهمية التوبة قائلا إن لم تتوبوا‏,‏ فجميعكم كذلك تهلكون‏(‏ لو‏13:5,3).‏
‏*‏ ومن جهة الأسرة‏:‏ ألغي تعدد الزوجات‏,‏ وقال من البدء خلقهما الله ذكرا وانثي‏(‏ مت‏19),‏ وألغي الأسباب العديدة للطلاق‏,‏ وركز علي الطلاق لعلة الزنا‏(‏ مت‏5:32)‏ لأنه السبب الوحيد الذي لايحتمله الزوج‏.‏

‏*‏ ومن جهة الكهنوت‏:‏ ألغي الكهنوت الهاروني الذي يكون بالوراثة في بني هارون وحدهم‏,‏ وأقام بدله كهنوتا علي طقس ملكي صادق‏,‏ الذي كان في كهنوته بلا أب ولا أم ولانسب في الكهنوت‏(‏ عب‏7).‏
‏*‏وفي هذه الثورة للتغيير‏,‏ ألغي أيضا فكرة الشعب المختار من الله‏.‏
وهكذا قضي علي العنصرية في اليهودية التي كانت تحتقر باقي الشعوب وتدعوهم الأمم‏YENTILES,‏ وامتدح كثيرا من الامميين‏,‏ وقال لتلاميذه اكرزوا بالانجيل للخليقة كلها‏(‏ يو‏16:15)‏ اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم‏,‏ وعمدوهم‏..‏وعلموهم جميع ما أو صيتكم به‏(‏ مت‏28:19),‏ وقال لتليمذه بولس ها أنا ارسلك بعيدا الي الأمم‏,(‏ أع‏22)‏ كما شهدت لي في اورشليم‏,‏ ينبغي أن تشهد لي في روميه أيضا‏(‏ أ ع‏23مثاليـــة المسيـــح وشخصيتــه المتكاملـــة وثورة في التفكير .‏
وامتدت ثورته في التغيير فشملت الهيكل أيضا‏:‏

فقال إنه لايترك فيه حجر علي حجر لاينقض‏(‏ مت‏24:2),(‏ مر‏13:12,‏ وقال يا اورشليم يا اورشليم‏,‏ ياقاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين اليها‏,‏ كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها‏,‏ ولم تريدوا‏,‏ هو ذا بيتكم يترك لكم خرابا‏(‏ مت‏23:38,37).‏
ورأي السيد المسيح أنه لتغيير الأوضاع والمبادئ ينبغي تغيير القيادات الدينية القائمة علي التنفيذ‏,‏ ليفسح الطريق لتلاميذه لتولي القيادة‏.‏
فضرب مثل الكرامين الأردياء علي كهنة ذلك الجيل‏.‏ وقال لهم إن ملكوت الله ينزع منكم‏,‏ ويعطي لأمه تصنع أثماره‏(‏ مت‏21:43).‏
وقال للصدوقيين تضلون إذ لاتعرفون الكتب‏(‏ مت‏22:29)‏
وقال للكتبة والفريسين ويل لكم أيها القادة العميان‏(‏ مت‏23:16).‏
بل قال عن ذلك الجيل كله جيل فاسق وشرير‏(‏ مت‏12:39)‏
كان لابد له أن يغير كل شئ‏,‏ وكان مستعدا لدفع الثمن

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
المسيـــح نفســـه
ننتظـــر المسيـــح
المسيـــح القــــدوة
من هو يســـوع المسيـــح ؟
مثاليـــة المسيـــح وشخصيتــه المتكاملـــة


الساعة الآن 06:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024