|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
«فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِياً بِمَا أَنَا فِيهِ» (فيلبي11:4). كثيراً ما يقال لنا أنه ليست ظروف الحياة هي المهمة، بل كيف نتجاوب مع هذه الظروف هو المهم حقاًّ. هذا صحيح، فبدل أن نسعى دائماً لتغيير ظروفنا، يتعيَّن علينا أن نفكّر أكثر في تغيير أنفسنا. هناك العديد من الطرق التي يتجاوب الناس بها مع الأحداث المعاكسة. أوّلها هو التجاوب برزانة، وهذا يعني أن يكونوا صامتين تماماً، فيصرُّون بأسنانهم ولا يظهرون عواطفهم، وسياستهم هي التعاون مع المحتوم، في حين يتجاوب آخرون بصورة هستيرية، ينهارون عاطفياًّ بالبكاء بصوت عالٍ وبذرف الدموع وبمظاهر جسدية مذهلة، ويتجاوب البعض بإبداء الهزيمة والإستسلام لليأس الشديد، وفي الحالات القصوى قد ينتهون بالإنتحار. أما الطريقة المسيحية العادية فهي التجاوب بإذعان، وأسباب المؤمن لذلك الحال هو «أن هذا الأمر لم يحدث صدفة، فإنَّ الله يسيطر على كل ما يأتي في حياتي، وهو لا يعمل خطأً، لقد سمح بهذا لكي يأتي بالمجد لنفسه والبركة للآخرين والخير لي، ولا يمكنني أن أرى تعامله الكامل لبرنامجه، لكنني مع ذلك سأثق به، لذلك أخضع لمشيئته، وأصلّي أن يمجِّد نفسه ويُعلِّمُني ما يريد مني أن أتعلَّمه». وهنالك طريقة أخرى يتجاوب بها نخبة من القدّيسين، وهي بالنُّصرة الفائقة، وأنا لا أجرؤ أن أعُدَّ نفسي بين هؤلاء مع أنني أطمح إلى شركتهم، هؤلاء هم الذين يستخدمون الشدائد كنقطة إنطلاق لتحقيق النصر، فهم يحوّلون المرارة إلى حلاوة والرماد إلى جمال، ولا يجعلون الظروف تحكمهم، بل يجعلون الظروف تخدمهم، وبهذا المعنى يكونون «أكثر من غالبين»، واسمحوا لي بأن أسوق أمثلة قليلة: كانت هناك إمرأة مسيحية يبدو أن حياتها مليئة بخيبة الأمل والإحباط، لكن كُتب في سيرة حياتها «عملت باقات رائعة من عدد حالات رفض الله». لقد هوجِمَت جماعة من المؤمنين في بلد شرقي بالحجارة من قبل أفراد من الغوغاء الغاضبين، وعندما عاد هؤلاء المؤمنين إلى المكان نفسه إستخدموا الحجارة التي قُذفوا بها لبناء قاعة إجتماعات لهم. بعد أن اشترى أحد الأشخاص منزلاً وجد في وسط الحديقة صخرة كبيرة، فقرّر أن يجعل منها حديقة صخور. وقال أ. ستانلي جونز «إستخدم حالات رفضك وحوّلها إلى أبواب» أو كما قال شخص آخر «عندما تقدّم لك الحياة ليموناً، إصنع منه شراباً». أُحبُ بشكل خاص قصة الرجل الذي قال له طبيبه أنه سيفقد إحدى عينيه وعليه أن يضع مكانها عيناً زجاجية، فكان جوابه الفوري «تأكّد من أن تضع لي عيناً ذات وميض»، وهذا ما أدعوه العيش فوق الظروف. |
|