الفريق شفيق لصحيفة «الشرق الأوسط»: الجيش مر بتجربة سيئة ولن يعود للحكم.. وأحرص على قراءة الصحف الحكومية حتى أحزن على حال بلدى.. والإخوان احتلونا وسوف نتحرر منهم وسيدفعون الثمن غاليا وسوف يرون وقريبا
قال الفريق أحمد شفيق، الذى خاض انتخابات الرئاسة أمام الرئيس المصرى محمد مرسى، فى حوار لصحيفة "الشرق الأوسط"، إن الجيش مر بتجربة سيئة خلال المرحلة الانتقالية التى أدار فيها البلاد بعد تخلى الرئيس السابق حسنى مبارك عن السلطة، إلى أن سلمها للرئيس الحالى محمد مرسى، وأضاف الفريق شفيق الذى كان قائدا للقوات الجوية فى مصر، أن جماعة الإخوان المسلمين التى ينتمى إليها مرسى لديها مخاوف من عودة القوات المسلحة إلى الحكم، لكنه قال، إن الجيش لم يعد يفكر فى هذا الأمر، بسبب الذكريات السيئة للغاية عن المرحلة الانتقالية.
ووصف الفريق شفيق الذى خسر انتخابات الرئاسة الصيف الماضى بفارق 1% أمام مرسى، جماعة الإخوان بأنها «جماعة محتلة لمصر»، وقال فى لهجة غاضبة ومتحدية: «لقد قام الإخوان باحتلالنا وسوف نتحرر منهم وسيدفعون الثمن غاليا وسوف يرون وقريبا».
وأضاف الفريق شفيق، الذى يقيم منذ عدة أشهر فى دولة الإمارات، أن الوضع فى مصر، بعد عامين من «25 يناير»، سيئ جدا لدرجة الخطورة، وشدد على أن نظام الحكم الحالى فشل فشلا ذريعا فى تحقيق أى نتيجة من النتائج المأمولة، معربا عن قلقه «إلى أقصى مدى ممكن» من الوضع الاقتصادى بمصر، وأضاف أن تنامى الحركات المتطرفة فى البلاد أمر غير مقبول، لأن الشعب المصرى متدين تدينا غير مبالغ فيه، و«لن نكون فريسة لمتطرفين يلعبون بمشاعرنا».
وعبر الفريق شفيق عن حنينه للعودة إلى مصر وفى الوقت نفسه اضطراره للبعد عنها فى الوقت الحالى، وقال: «حبى لضاحية مصر الجديدة التى ولدت فيها، هو جزء من حبى الأكبر للقاهرة، وهو جزء من حبى الأعظم لمصر»، وأضاف أن الذين يسعون إلى تحويل مصر إلى إمارة إسلامية يتجهون لمعادلة «ستدمرنا ولن نصل إليها»، مشيرا إلى حرصه على قراءة الصحف الحكومية المصرية «حتى أحزن على حال بلدى»، ومطالعة صحف المعارضة «لكى أرى الجانب المتفائل».
وإلى أهم ما جاء فى الحوار..
* كيف تنظر للوضع فى مصر بعد عامين من «25 يناير»؟
- الوضع سيئ جدا لدرجة الخطورة، ولا يمكن الاستمرار بهذا الشكل.. المشكلة السياسية الأولى هى مشكلة داخلية بالدرجة الأولى، لأن الشعب المصرى لا يقبل بحال من الأحوال كل ما يدور حاليا، وهذه هى المشكلة العظمى، أما المشكلة الخارجية فهى أن العالم بكامله الآن تيقن بما لا يقبل مجالا للشك من رفض الشعب المصرى لأسلوب النظام الحالى فى الحكم.
* هل ترى المشكلة فى السلطة الحاكمة أم فى المعارضة، أم من الطرفين؟
- والله حتى لو كانت كل الأطراف لها مشاكل، فالمشكلة الرئيسية فى الدولة تتحرك بأيدى الحكام، والحكام هم الإخوان المسلمون.. والحكام فشلوا فشلا ذريعا فى تحقيق أى نتيجة من النتائج المأمولة التى تحدث عند تغيير أى نظام.
* كيف ترى، من الخارج، موقف الجيش وموقف وزارة الداخلية مما يحدث فى مصر؟
- هم (يقصد السلطة الحاكمة) يلعبون لعبة مفادها أن الجيش سيقف على الحياد.. أو الجيش محايد.. والدليل أنه يوم المظاهرة الضخمة التى زادت عن 2.5 مليون شخص عند قصر الاتحادية (الرئاسى) فى ديسمبر الماضى، تم رفض نزول أى قوات من الجيش وتم رفض نزول أى قوات من الشرطة (من جانب نظام الحكم) بحجة الوقوف على الحياد.. هل من المنطقى أن أرى معركة بين أبناء الوطن أحدهم يمسك ببندقية ويضرب الآخر فى ظهره (وأقف على الحياد).. أناس عزل كان يتم ضربهم بالرصاص علانية.. يتم التصويب على الشخص بضوء الليزر الأخضر، ثم يتم ضربه بالرصاص علانية، هل الامتناع عن النزول لفض ما كان يدور من اغتيال للإنسانية يكون هو الحياد المطلوب، أم ماذا نسميه؟ هم (النظام) خائفون ويريدون مثل هذه النتيجة، يريدون أن تتولد حالة من الرعب من «الإخوان» فى الشارع المصرى.. والأمر الثانى أنهم خائفون من نزول الجيش حتى لا يعود للسيطرة (على الحكم)، وأنا أقول لهم (للإخوان) لا تخافوا.. الجيش معبأ بذكريات سيئة للغاية عن فترة حكمه للبد. الجيش لن يعود لحكم البلد.
* إلى أى مدى تشعر بالقلق من الوضع الاقتصادى فى مصر واتجاه نظام حكم الإخوان للاقتراض من الخارج؟
- أشعر بالقلق إلى أقصى مدى ممكن.. هم يحلمون بالحصول على قرض صندوق النقد الدولى، علما بأن القرض عموما هو نعمة فى يد حسن التصرف، ونقمة فى يد من لا يعى كيف يتصرف، ونحن يتولى أمورنا من لا يدركون كيف نتصرف، سواء بالنسبة للقرض من صندوق النقد الدولى أو من الجهات المقرضة الأخرى، فإن ما يحدث هو توريط للمصريين فى أكبر قدر من القروض، ولن يستمر الإخوان فى الحكم طويلا، وسوف يعانى المصريون وأبناؤهم من آثار هذه القروض وتبعاتها مستقبلا، فى الوقت الحالى، تسود نغمة جديدة بشأن استغلال الأصول المصرية التى يعتز بها المصريون.. فى ما يتعلق بالصكوك، وفى ما يتعلق بالاستثمار فيها، لن نقول «بيع»، ولكن حق انتفاع لمدة 99 سنة، هذه عمليات نصب.. يريدون تمليك غير المصريين سيناء التى مات فيها 100 ألف مصرى خضبت دماؤهم رمالها.. أين كانوا من يحكمون اليوم حين كان أبناء مصر يستشهدون فى سيناء؟ أين كانوا حين تعرضت مصر للحروب من كبريات دول العالم بسبب إقامتها للسد العالى؟ هذه أشياء لا يمكن التفريط فيها، لأنها ارتبطت ارتباطا وثيقا بتاريخ الشعب المصرى. التلاعب فى هذه الأمور شىء خطير. أنا أحذر من سيأتون للاستثمار بهذه الطريقة فى مصر، لأن نظام الحكم سينقلب فى يوم من الأيام، وستنزع هذه الممتلكات منهم مرة أخرى. كل العقود التى ستتم للاستثمار بهذا الأسلوب ستكون باطلة.
* هل اتصل بكم أى من الأطراف الحاكمة والمسئولة بمصر للمشاركة فى الحل، أم أن النغمة الانتقامية هى السائدة، كما يقول البعض؟
- لا أعلم إذا ما حاولوا الاتصال ماذا سيكون رد فعلى.. فثقتى مفقودة تماما فيهم.. أما عن النغمة الانتقامية، فهى مأكلهم ومشربهم على مدى اليوم.
* وماذا عن الاتصالات بينك وبين رموز المعارضة المصرية؟
- تلقيت أنا شخصيا مباشرة، وفى وجودى فى الخارج حاليا، وكذا تلقى زملاء فى حزب «الحركة الوطنية» فى مصر.. العديد من الاتصالات وعروض التعاون كلها قيد البحث، وأن كنت متشائما تماما لنجاحهم (أى نجاح رموز المعارضة) النجاح المأمول والمطلوب والكافى للوقوف فى مواجهة نظام متحكم ومزوِّر.
* هل هذا يعنى أن حزبك لن يخوض الانتخابات النيابية المقبلة؟
- المسئولون فى الحزب عاكفون على دراسة هذا الأمر خلال هذا الوقت، لكن أريد أن أقول ماذا سنستفيد من المشاركة فى انتخابات نيابية بالقطع هى مزورة؟ وماذا استفدنا من إبداء الرأى فى الاستفتاء على الدستور، حيث كان الاستفتاء مزورا؟ فكل ما تم هو إعطاء شرعية خادعة للديمقراطية ولأسلوب الحكم و(خادعة) للرضاء عن الدستور، وبالتالى كل ما سوف يترتب على الدستور من مجالس نيابية وخلافه، قائم على أساس باطل ومزور.
* بمناسبة التزوير.. البعض يرى أن التحقيقات القضائية بشأن قضية انتخابات الرئاسة الأخيرة طالت ويمكن أن يطويها النسيان.. ما رأيك؟
- قاضى التحقيق تم تكليفه (بنظر الدعاوى المقدمة بهذا الخصوص) وسوف نتابع إجراءات التحقيق.. الأمور واضحة تماما بالنسبة لنا.. ووثائقنا ومستنداتنا كافية، وسوف نواصل العمل فى هذا الاتجاه إلى مداه.
* نشر فى بعض وسائل الإعلام بمصر أنك ستترك الإمارات وستقيم فى بريطانيا.. هل هذا صحيح؟
- لا أعتقد أنه صحيح.
* وهل توجد أى مشكلات بالنسبة لوجودك فى الإمارات؟
- هم (النظام الحاكم حاليا بمصر) يتخيلون ذلك، ويتمنونه.
* وهل لهذا علاقة بخلية «الإخوان» فى الإمارات المتهمة بالسعى لقلب نظام الحكم هناك؟
- إطلاقا.. ولا أسعى حتى لمعرفة أخبار هذه القضية.
* وبالنسبة لقضية أرض الطيارين (المتهم فيها بمصر)؟
- مسخرة.. وتوجد مجاملات فى الأمر.. وتوجد محاولات شديدة لمشاركة مقدمى البلاغ فى عرقلة تحركى السياسى، وهو ما لن يوفقوا فيه مهما فعلوا.
* وكيف ترى محاولات التقارب المصرى - الإيرانى فى هذه الظروف الدولية والإقليمية؟
- بصفة عامة، العلاقات الطيبة مطلوبة، ولكن لا يمكن أن يكون هناك شىء على حساب الآخر.. فعلينا تحرى الحذر الشديد حيال هذه النقطة. ومع حرصى على حسن العلاقة دائما، إلا أن إيران لم تقدم لنا خلال هذه الفترة ما يمكن أن يكون مبررا لإهدار علاقاتنا العربية والإسلامية مع دول شقيقة خاصة فى منطقة الخليج.
* ومع هذا توجد زيارات مكوكية من دول غربية لمصر؛ آخرها زيارة وفد من الكونجرس الأمريكى، التقوا مع أطراف من المعارضة وجماعة الإخوان والرئيس مرسى.. ما تعليقك؟
- أتخيل أنها محاولات لتوجيه الدعم والنصح اللازمين لإيقاف الانهيار المتزايد فى نظام الحكم فى مصر.
* وهل لهذا علاقة بالحرص الغربى على فرض التهدئة بين غزة وإسرائيل؟
- ما دار من ترحيب متعمد فى بعض المستويات الدولية بما تم من تفاهمات بين إسرائيل وحماس لا يعدو كونه أعمالا دعائية لإثبات أن الاعتماد على الإخوان المسلمين فى هذه المرحلة أثبت جدواه بالنسبة لدول الغرب التى دعمت هذا التوجه، بينما الموضوع لا يعدو إطلاقا إلا أن يكون تفاهما بسيطا للغاية بين إسرائيل وحماس، وكلاهما سعد به جدا، ولم يكن هناك من الجهد ولا من العمق فى ما تم.. لقد أقامت حماس أفراحا فى غزة لمدة ثلاثة أيام، كما أن إسرائيل قالت إنها سعيدة بأنه لن تسقط أى صواريخ على تل أبيب. أريد أن أعرف ما المعجزة التى أداها «الإخوان» فى هذا الأمر.
* يلاحظ البعض فى مصر تنامى الحركات المتطرفة.. على سبيل المثال المجلس النيابى أقر قانونا هذا الأسبوع يقلل فرص المرأة فى انتخابات مجلس النواب المقبلة.. كيف تعلق على هذا؟
- هذا غير مقبول.. هذا نتاج مجالس أتت بالتزوير. عموم الشعب المصرى متدين بطبيعته، وهذا معروف عنه فى دول العالم الإسلامى بالكامل. لو لم يكن الشعب المصرى متدينا لما كان هو البيت الأصلى للأزهر الشريف، الذى يعد بمثابة قبلة الإسلام العلمية.. وما كان الأزهر ظل فى مصر لو لم تكن مصر هى أم التدين الإسلامى.. هذا أمر لا يحتاج إلى نقاش.. أما أن الشعب المصرى متدين تدينا غير مبالغ فيه أو غير متطرف؛ فهذا موضوع آخر. لن نكون فريسة لمتطرفين يلعبون بمشاعرنا. سنبقى المصريين المسلمين المعتدلين المقبلين على حياتهم الدينية بكل تمسك وترحيب دون مبالغات ودون تطرف ودون إساءة للإسلام ديننا الحنيف.
* إلى أى حد تشعر بالحنين للعودة إلى مصر؟
- هؤلاء الموتورين الذين لا يعون أى شىء عن حب مصر.. هؤلاء الناس لم ينكروا أبدا فى أى يوم من الأيام أنهم لا يسعون إلى مصر، ولكن يسعون إلى (إقامة) دولة إقليمية أو إمارة إسلامية تضم كل الدول الإسلامية فى الإقليم.. لا يسعون إلى العاصمة القاهرة لمصر، ولكن يسعون إلى عاصمة موحدة فى القدس لكل الدول الإسلامية.. لا يسعون إلى رئيس مصرى لمصر.. بينما حبى للقاهرة موطنى، هو جزء من حبى الكبير لمصر.. حبى لضاحية مصر الجديدة التى ولدت فيها، هو جزء من حبى الأكبر للقاهرة وهو جزء من حبى الأعظم لمصر. ما لم يكن الإنسان له ركيزة وله نقطة يتمسك بها، فإنه يكون جاهلا.. ما يتحدثون عنه جهل بكل جوانبه. إذا نحن ألغينا حدودنا وتخيلنا أننا نعود لإمارة إسلامية، فلن يحدث شىء.. هذه الدولة ستكون متعاطفة (منشغلة) مع نفسها، وتلك متعاطفة (منشغلة) مع نفسها، ومع هذا الشكل الجديد تصبح كل دولة أكثر تحفزا لدفع الآخرين (فى الاتجاه الذى تريده).. يتخيلون أننا متجهون بهذا إلى معادلة منطقية، لكننى أقول، بالعكس، نحن بهذا متجهون لمعادلة ستخربنا وتدمرنا ولن نصل إليها، بل هم من سيدمرون أنفسهم قبلها.
* ما الصحف التى تتابعها وأنت موجود فى دبى بعيدا عن مصر؟
- أنا أقرأ الصحف الحكومية المصرية حتى أحزن على حال بلدى، فيزداد تصميمى (على ضرورة التغيير فى مصر).. أقرأها من أجل أن أحزن.. من أجل أن أرى الجانب الحزين. وأقرأ صحف المعارضة لكى أرى الجانب المتفائل من مثابرتنا وإصرارنا على استكمال مسيرة الديمقراطية والحرية والعدالة.