انفراد وزير الداخلية يرفض اوامر مرسي بالقبض على حمدين والبرادعى
احتدم الأمر بين الجبهتين.. وصل إلى طريق مسدود.. أدرك وزير الداخلية أخيرا "اللواء أحمد جمال" ما لم يدركه غيره من الوزراء السابقين الذين تولوا الداخلية سواء قبل الثورة أو بعدها، رغم أنه كاد أن ينجرف ويكرر نفس أخطاء سابقيه، أدرك "أحمد جمال" أن النظام لن ينفعه إذا انحاز له على حساب الحق، على حساب الشعب.. على حساب أرواح المصريين وأجسادهم. فى اجتماع ضم وزير الداخلية ومساعديه مساء الاثنين الماضى.. قال الوزير إن الرئاسة طلبت منه أن يقبض على أطراف المؤامرة "حمدين صباحى والدكتور محمد البرادعى وعمرو موسى" بتهمة التخطيط لخطف الرئيس محمد مرسى، وكذلك القبض على بعض النشطاء المعتصمين فى ميدان التحرير والاتحادية ومنهم الناشطة "نوارة نجم"، لكنه رفض ذلك لأنه وقتها ستكون الداخلية رضخت لرغبات الرئيس مرسى.. وهذا سوف يترتب عليه تحركات انتقامية من النشطاء السياسيين والمواطنين الذين لاينتمون إلى الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية بشكل عام.. وستنهار الداخلية بعدها وسيزج بنا فى السجون. أحد مساعدى الوزير كانت لديه خطة عرضها فى الاجتماع وهى إرضاء الطرفين على حد قوله، بأن يتم القبض بالفعل على بعض من تريدهم الرئاسة وليس كلهم وبعدها بأيام يتم الإفراج عنهم، حتى لايغضب مرسى من الوزير، وفى نفس الوقت عند الإفراج عنهم تكون الداخلية انحازت للشعب، ولكن الوزير الذى يعى تماما خطورة ذلك رفض هذا المقترح وقال إن الداخلية الآن عليها أن تحافظ على تماسكها أمام الجميع بمن فيهم مرسى والإخوان المسلمون، وإذا فعلنا ذلك سيظهر أن الوزارة تتخبط هى الأخرى والإفراج عنهم لن يرضى الرئاسة أيضا.. والحل الوحيد هو رفض القبض عليهم، إلا إذا كانت هناك أدلة وأمر من النيابة العامة بالقبض عليهم، وهنا فإن الداخلية ولأنها جهة تنفيذية عليها تنفيذ الأمر ووقتها لن يكون الغضب موجها للداخلية.. وإنما للجهة التى أصدرت أوامر القبض عليهم، وفى نفس الوقت فإن المسئولين بالوزارة يريدون مسك العصا من المنتصف وأن أهم شىء عندهم هو الحفاظ على عدم اقتحام أى جهة أمنية والحفاظ على مظهر الداخلية. قالت لنا قيادة أمنية إن القبض على "حازم صلاح أبوإسماعيل" فى غاية السهولة وإن الداخلية ترصد تحركاته كلها.. ولكن انطلاقا من نفس المبدأ فإنها لن تقبض عليه إلا إذا أمرت النيابة العامة بذلك، وأن الوزير يعلم تماما أن أبوإسماعيل يحركه "محمد بديع" المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وأنه يأخذ تكليفات منه هو شخصيا وأن الأمن الوطنى يرصد ذلك منذ عدة شهور. وفى تقرير لجهاز الأمن الوطنى جاء فيه أن "حازم أبو إسماعيل" قابل المرشد العام الشهر الماضى وظل مجتمعا معه لمدة ساعتين ونصف، وأن "أبو إسماعيل" حسب تقرير الأمن الوطنى خرج بعد هذا الاجتماع وهو مستمد قوة وجرأة بشكل كبير من المرشد، ونقل ذلك لجميع أتباعه. وقال مصدر آخر فى الأمن الوطنى أن يوم إعلان جماعة أبو إسماعيل اقتحام قسم الدقى كان "أبوإسماعيل" يتحرك بمسيرة يتوجه بها للقسم.. وصلته رسالة من الأمن ومن الإخوان المسلمين أيضا، بأن الداخلية ستلقى القبض عليه بأمر اعتقال.. وأن الوزير سيفعل ذلك بنفسه حتى لا يتحمل أحد غيره نتائج ذلك وهو ما جعل أبوإسماعيل يتراجع فور علمه بأن الداخلية ستعتقله، وهو مايدل على أن الشرطة تستطيع إخماد ما يحدث من انتهاكات واعتداءات.. ولكنها لاتريد التحرك فى هذا الاتجاه لتمسكها بالموقف المحايد الذى تتبعه. فى نفس الوقت فإن موقف الداخلية يتحفظ عليه الجميع.. لأن الوطن فى وقت يصعب فيه الوقوف على الحياد من الداخلية، وعلى الداخلية بالفعل أن تنحاز انحيازًا كاملا للشعب ولن يفيدها أن تمسك بالعصا من المنتصف طوال الوقت، فإن النظام يريد منها التبعية التامة، والشعب يريد منها أن تقدم له ما يجعله يعفو ويتناسى ما سبق، فعلى حد قول أحد القيادات المهمة فى الوزارة "أن النظام يريد داخلية حبيب العادلي" وهو الوقت الذى من الصعوبة أن تستمر فيه الوزارة على الحياد، فإن قوات الشرطة معتادة بالفعل على المواجهات التى يكون فيها تبادل إطلاق الرصاص سيد الموقف مثل مواجهات تجار المخدرات.. فكيف تعجز عن مواجهة أولاد أبو إسماعيل عند اقتحام حزب الوفد. كانت الداخلية قد طلبت من قبل تزويدها بأسلحة متطورة حتى تستطيع مواجهة العناصر الإرهابية فى سيناء بعد الهجوم الأخير على الكمين.. فهى ليست المرة الأولى التى تطلب فيها ذلك، ولكنه ليس مبررا لعدم قدرتها على مواجهة أولاد أبو إسماعيل ليلة اقتحام حزب الوفد.. فهى نفس الداخلية التى تواجه متظاهرى التحرير عندما يريدون التقدم نحو أى من المنشآت هناك مثل مجلس الوزراء ومجلس الشورى، وتمنعهم عن ذلك بالغاز المسيل وطلقات الخرطوش والجدران العازلة. فى تقرير آخر للأمن الوطنى جاء فيه أن هناك مساعى وتحركات من جانب بعض السلفيين يريدون فيها فتح حوار مع الليبراليين وجبهة الإنقاذ وأنهم يتراجعون عن موقفهم الداعم للإخوان ولكن ببطء، وفى نفس الوقت يخشون رد فعل الاخوان إذا حدث واتحد السلفيون مع جبهة الإنقاذ.. ورغم ذلك فإن هناك محاولات واتصالات تمت خلال الأسبوعين الماضيين وعقب موقعة الاتحادية بين بعض القيادات السلفية وبعض الليبراليين والمدنيين وأن الجماعات السلفية تواجه انقساما بالفعل.. لأن منهم من يؤمن بأن الإخوان يستخدمونهم وسوف يتخلصون منهم بعد ذلك، وعليهم من الآن أن ينفصلوا عنهم وعمل شراكة مع غيرهم، ومنهم من يخشى رد فعل الإخوان ولا يريدون التحرك ضدهم اتقاء لشرهم، إلا إذا بدأ الإخوان العمل ضد السلفيين بشكل واضح رغم أنهم أيضا لا يثقون فيهم. ويقول ضباط الأمن الوطنى إن السلفيين يوفون دائما بعهودهم وإذا حدث وعاهدوا القوى المدنية على شىء فلن يخذلوهم وأنه قد يكون هناك مفاجآت الأيام المقبلة بسبب تحركات السلفيين تجاه القوى المدنية.
الفجر