|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كانت خاطئة
الضمير ينتفض في الحنايا. الشّرّ يسرق الأحلام. الخطيئة تعصر الفؤاد فتُدميه. والتوبة تطلّ برأسها من بين الغيمات. دخلت وعلى كتفيها هموم الدُّنيا وغبار الأيام ....صبيّة عضّها الحزن بنابه ، وأدمت الخطيئة النّفس منها ...أضحت كورقة الخريف ، وهي التي أشرقت كلّ السنين الماضيّة ، أشرقت وملأت العالم تغريدًا وغناءً ...ورذيلة !!! كانت الغشاوة تُغلِّف العينين . .. كانت الخطيّة تُحنِّط الضمير . وكانت الشهوة تلوّث الحياة زلّت قدمها مرّةً ، وزلّت أخرى ، وعشقت الزلل ، فأكلتها العيون ، ولاكتها الألسن ، وسحقها جبروت العوز. ولكن صوت الله عاد يناديها ...ولطالما قرع على شغاف قلبها ، قرع بصمت وانتظر، فلم تفتح له ولم تسمع ، ولم تعره انتباهًا ، بل نفرت بغنج وهي تقول : "بعدين " " بعدين ". ولكن هذه المرّة كان الأمر مختلفًا ، فالقارع يجلس هناك ، بل هنا، على رِمية حجر. يجلس وفيه يتجلّى الحُبّ وكل المعاني السّاميّة . يجلس في بيت سمعان الفرّيسيّ الذي حدجها هذا السمعان أكثر من مرة بنظراتٍ فيها الكثير من الاحتقار ، والشهوة ، والتعالي الأجوف. دخلت وعيونها تنزرع في الأرض ، ودموعها تُغسّل الخدّينِ. دخلت والأمل يملأ الأرجاء ، والعطر النردينيّ ، يفوح من قارورة جميلة . دخلت وجلست عند قدميّ الخزّاف الأعظم ، مُغبّر القدمين بغبار الجليل والسامرة واليهودية والأودية والتلال . جلست عند أقدامه ، وسكبت الطِّيب الفوّاح ، وقبّلت بشغف أقدام الربّ ، أقدام صانع الحياة ، ومسحته بشعرها ودموعها وأحاسيسها . وكأنها تقول " قد لا أكون بعد أيام حين تُعلّق لأجلي بين السماء والأرض ، لذلك ها هي تقدمتي " جلست والدّموع تقول كلّ شيء ؛ تقول : ارحمني ، طهّرني ، غسّلني من الأدران ، ارفعني إلى فوق ، إلى العلاء . لم تتلفّظ ببنت شفة. ولكنها قالت كلّ شيء. وضحك سمعان الفريسيّ ، ضحك في سرّه ....انّها خاطئة يا يسوع ، يا مُعلّم ، خاطئة . أين حدسك ؟ أين إلوهيتك ؟ أين اللامحدودية عندك ؟ أين قراءة الأفكار قبل أن تحبل بها العقول ؟! وجاء الصّوت مباغتًا هادرا : " يا سمعان عندي شيء أقوله لك". وبُهت سمعان ، كما بهت كلّ سمعان وكلّ بشر ، فهذا السيّد على بيّنة من خواطره وأفكاره. اصمت ايها الفكر الأرعن ، لا تتمادى أكثر ، انكمش وتقوقع ...صرخ سمعان ، فالسيّد يعرف كلّ شيء ، ويقدر على كلّ شيء....فضحتنا !!! ---------------- وخرجت ......امرأة جديدة ، ترفل بالطّهارة ، وتميد بالقداسة ، والفرح يأخذ منها مأخذًا ، فيسوع قد غمرها بحنانه ، ومسح دموعها، وعلّق على الخشبة خطاياها. خرجت بقارورة عطر فارغة ، وقلبٍ مُترع ٍ بشذا المحبّة . خرجت شامخةً ، مرفوعة الرأس ، تنظر إلى البعيد .... إلى هناك ...الى الصّليب . |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قد يحب إنسانًا فيدافع عن كل تصرفاته، مهما كانت خاطئة |
«امرأةٌ في المدينة كانت خاطئة» |
كانت خاطئة |
امرأة كانت خاطئة |
كانت خاطئة |