"هذا هو عمل الله أن تؤمنوا بالذي هو أرسله"
(يوحنا ٦ :٢٩ ).
يطلب الناس خبزاً، وألعاباً، ومالاً.
ويسرّون بالمعجزات وينشدون التسليات لتبديد همومهم.
لما لاحظ الخمسة آلاف الذين أشبعهم يسوع
أنه تغلب على الزمان والمكان،
طلبوه ليس لأنهم استفادوا منه روحياً،
بل ظنوا أنهم إذا تبعوه شبعوا دائماً كما شبعوا دائماً فى السابق
وأملوا أن ينالوا باتباعه منافع مادية،
بلا تعب.
فوبخهم المسيح على ريائهم،
وأرشدهم إلى تعليمهم الحقائق السماوية،
كما اتخذ طلبه جرعة الماء من السامرية ذريعة إلى الكلام عن الماء الحي فطلب إليهم أن لا يجعلوا أشياء هذا العالم
موضع إهتمامهم الأول،
تاركين الأفضلية إلى الإهتمام السماوي الذي هو يسوع نفسه،
فهو باق للحياة الأبدية.
ويستطيع كل من يطلب بإخلاص أن يأكل منه،
ويحيا إلى الأبد.
لما سمع الجمع كلام يسوع عن الخبز الباقي للحياة الأبدية،
وألمّوا بالإمكانات الإلهية،
سألوا يسوع ما هي أعمال الله،
التي نستطيع عملها أفضل من تلك التي نعملها إطاعة لناموس موسى؟
ولعلهم توهموا أن في وسعهم فعلاً إتمام أعمال الله بوسائلهم الشخصية.
فأجابهم يسوع:
هذا هو عمل الله،
أن تؤمنوا بي. فالإيمان ينتهي في المسيح،
ويعتمد عليه.
ويوجد السلام بين الله والإنسان.
وعلى هذا الأساس،
ينبغي أن يتركوا الإتكال على برّهم الذاتي.
لأن ليس فيهم شيء صالح.
إن بداية الحياة الأبدية هي الإعتراف بعدم قدرتهم وبفشلهم ونقصهم.
وبعدئذ يتاح لهم الإتصال بالإيمان بالمسيح
، فتعمل قوته فيهم وبهم.
وليكن معلوماً عندنا أن أحداً لا يقدر أن يؤمن من تلقاء نفسه،
لأن الإيمان هو عمل الله فينا.
إنه عطية الله للمتواضعين.
وكل من يقبل المسيح، يدرك كيف يجري الله عمله في حياته.
ويصيّره في المسيح خليقة جديدة،
لا فخر لها إلا بالصلاة:
ارحمني اللهم أنا الخاطي.