|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فما هي الأسباب التي تكمن وراء السلطوية والإفراط في الحماية اللذين يطبعان غالباً علاقة الآباء بالبنين في بيئتنا؟ ـ التربية التي تلقاها الوالدان في طفولتهما سواء في العائلة أو المدرسة. ـ الشروط الاجتماعية والحضارية السائدة في بيئتنا والضغوطات وأنواع القهر والقمع على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي حيث تقولبوا بشكل سلبي وفق نظام مفروض ومعلومات تُحشى حشواً في أذهانهم، تلك التربية حرمت الكثيرين من مقومات الانشراح والحرية اللذين لا يحصل نضج حقيقي بدونهما. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المرأة تتحمل القسط الأكبر من الاستلاب الذي يعاني منه الإنسان عامة في مجتمعنا ذلك أن التقييم المفرط للذكورة في هذا المجتمع الأبوي يسحق المرأة مخضعاً إياها لتبعية ثقيلة تحول دون نضجها إذ تحكم عليها بأن تبقى قاصرة ومن جهة أخرى فالمجتمع لا يعترف بها ولا يحترمها إلا من حيث هي أما وبالتالي يدفعها إلى السعي إلى تحقيق ذاتها بشكل حصري في مجال الأمومة مما يشجع قيام علاقة خانقة بينها وبين طفلها «الطفل الذكر على وجه الخصوص» فالأمومة في الشرق قوية جداً وإذا كان الرجل يمتلك المرأة في علاقة السيطرة والتبعية فإنها تجد لنفسها تعويضاً عن ذلك في امتلاك الأطفال. فمن خلال تضخيم قيمة الأمومة تتضخم قيمة الطفل ولكن كشيء تمتلكه الأم أساساً كجزء من كيانها وهكذا نصل إلى العلاقة التملكية ويدفع الطفل في النهاية ثمن تعويض المرأة عن الغبن الذي يلحقه بها المجتمع لذلك فمن النادر أن يستقل الصبي عن أمه نفسياً في المجتمع المتخلف مهما كبر فسيظل مرتبطاً بروابط خفيفة بالأم. ـ غياب التربية الجنسية السليمة، غياب الاختلاط بين الجنسين في الحياة المدرسية أو الاجتماعية التي توفر شروط اللقاء والتعارف المتبادل بين أفراد الجنسين وكثرة الزيجات المبنية على اعتبارات مادية واجتماعية أو عائلية، التعظيم المفرط للذكورة الذي يحول دون قيام تبادل وتداخل حقيقيين في الحياة الزوجية ويغذي فيها عناصر الصراع الخفي والمعلن. ـ الخلط الشائع بين السلطة الأبوية والسلطة الإلهية توحي به وتغذيه عبارات يكثر تردادها مثل «رضى اللّه من رضى الوالدين» هذا نوع من الخلط يتجسد أيضاً في الممارسة التربوية اليومية ضمن عائلاتنا فكم نسمع «إذا لم تأكل من هذا النوع من الطعام سيغضب منك الله، أو إذا استمريت بالضجيج سيعاقبك اللّه، إذا لم تقل الحقيقة سيخنقك اللّه» وإذا خالف الولد هذه التحذيرات وأصيب بسوء إذ بتعابير الشماتة تنهال عليه متخذة من اللّه ذريعة ومحاولة إقناع الولد بأن ما أصابه من سوء إنما هو عقاب من اللّه على مخالفة أوامره، وكأن اللّه يستخدم وكأنه شرطي ذو قدرة خارقة مسخر لخدمة أغراض الأهل التربوية وذلك دون مبرر سوى إرضاء سلطوية الأهل أو قلقهم المفرط أو حاجتهم إلى الهدوء. إن هذا الاستناد إلى اللّه لتبرير الحماية المفرطة التي يمارسها الأهل أو تسلطهم، من شأنه أن يزيد الأمر خطورة، مع ما يلحقه من سلبيات على الصعيدين الإنساني والديني، ومن جهة أخرى فإن صورة اللّه على هذا النمط القمعي تعارض رغبة الولد العفوية في النمو وحاجته إلى تأكيد استقلاليته. |
|