المــرض
" ها أنت قد برئت فلا تخطيء
أيضاً لئلا يـكون لك أشر "
( يو 14:5)
كان المرض في العهد القديم إحدي الضربات، التي يعاقب بها الله الخطاة علي خطاياهم، وقد كان البرص مرتبطاً قديماً بالخطية وعقاباً لها ولهذا عاقب به الرب مريم أخت موسي، بسبب كلامها علي أخيها موسي (عد10:12).
كما عاقب به جيحزي، بسبب سعيه وراء نعمان السريانيّ، ليأخذ منه الفضة والثياب، ثم كذبه علي سيده أليشع ( 2مل 5: 27).
وأيضاً عُزيّا الملك بسبب تعدّيه علي وظيفة الكهنوت، ودخوله الهيكل ليوقد علي مذبح البخور (2أخ 26: 16-21)..
هكذا أيضاً مرض الفلج، ولهذا عندما شفي المسيح المفلوج قال له: " يَا بُنَيَّ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ " (مر5:2)، وبعد أن شفي المخلع قال له: " هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ فلاَ تُخْطِئْ أَيْضاً لِئَلاا يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ " (يو14:5)، موضحاً أنّ الخطية هي السبب الأول لمثل هذه الأمراض، وقد كان لابد قبل الشفاء أن يغفر لهم خطاياهم.
ولأنَّ هذه الأمراض كانت ضربة من الله، لم يكن ممكناً لأحد أن يشفي منها إلاَّ بواسطة الله، ولهذا عندما أرسل ملك آرام إلي ملك إسرائيل يطلب منه أن يشفي نعمان السريانيّ من برصه، مزّق ملك إسرائيل ثيابه وقال: " هَلْ أَنَا اللَّهُ لِكَيْ أُمِيتَ وَأُحْيِيَ، حَتَّى إِنَّ هَذَا يُرْسِلُ إِلَيَّ أَنْ أَشْفِيَ رَجُلاً مِنْ بَرَصِهِ؟ " (2مل7:5)، هذا بالإضافة إلي الأمراض الكثيرة التي تُصيب الخاطيء كنتيجة طبيعية لتلك الحياة الملوثة التى يعيشون فيها، فالمدخن قد يصاب بالسرطان والزاني بالسيلان..
فالحقيقة إنَّ الخطية تتسبب في كثير من الأمراض، لكن ما هي قوة مرض الخطية إزاء مهارة الطبيب الأعظم، رب المجد يسوع الذي كسر السبت ليشفي يد مشلولة تعيد للجسد رونقه وجماله، وأوقف نزيف امرأة ليتجدد خصب جسدها من جديد، وأعاد لمُقعد أذله المرض ثمانية وثلاثين عاماً القدرة علي الحركة والعمل، هؤلاء غير المفلوجين الذين شفاهم، والعمي الذين أعاد إليهم النور، والبرص الذين طهّرهم من مرضهم الملعون..
فإن كان يسوع وقف أمام الجسد البشري، وقفة طبيب ماهر لا يُعادله فيها طبيب، فلماذا لا تتقدم إليه ليشفي أمراضك؟! فهو كما يقول مار أفرام السرياني: " ليس طبيباً قاسياً ولا عديم التحنن ولا فاقد الرحمة، ولا يستعمل دواءاً مضراً وكاوياً، من أجلك تجسد وتأنّس ليشفي جراحاتك الخفية، وبمحبة جزيلة يدعوك قائلاً: قوم وابرأ واطرح عنك ثقل خطاياك، فتقدم إلي طبيب أيها الخاطيء وقدم له الدموع، فهي الدواء البليغ الجودة، فإنّ الطبيب السماوي يريد أن يبرأ كل أحد بدموعه ".
يقول القديس إشعياء الأسقيطيّ
" الطبيب صالح لا يطالبني بأتعابه، لكن كسلي لا يسمح لي أن أذهب إليه لأستشيره، يأتي إلي بنفسه ليتعهدني فيجدني أستعمل أطعمة تزيد من تقيح جروحي، يناشدني ألاّ أستعملها فيما بعد، ولكن توبتي ليست صادقة، يرسل إلي أطعمة فيقول لي: كل منها لكي تشفي، لكن عاداتي الشريرة لا تدعني أتعاطاها ".