|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
محمد فتحى كتب دعونا نغرق فى صمت بقلم / محمد فتحى هل جربت أن تموت غرقاً من قبل؟ فى البداية تشعر بالخوف وبعدم تصديق، ثم تبدأ فى ضرب المياه بيدك فى عصبية شديدة، وتنظر للمياه من حولك ليتسرب الرعب إليك وأنت تدرك أن خصمك أكبر بكثير مما تستطيع مواجهته، ومع مرور الوقت وعصبيتك المتزايدة والأدرينالين الذى تفرزه بقوة تبدأ فى التعب والشعور بأن المياه تسحبك للأسفل، ولأن ذلك يحدث بسرعة تنسى أن تأخذ نفساً عميقاً يساعدك على التحمل فتبدأ قواك فى الانهيار بالتدريج وأنت تنفخ المياه التى تخترقك رافضاً بلعها، لكنها تتسرب إليك عبر أنفك وأذنيك وأنت تغوص أكثر وأكثر فتفتح فمك مرغماً لتبدأ المياه فى الدخول بعنف إليك، ولحظتها سترى حياتك تمر أمام عينيك، وستتمنى أمنيتك الأخيرة قبل أن يزيد ضغط المياه فتنفجر رئتاك وتُظلم الدنيا تماماً، وتغوص وتغوص وتغوص حتى تصل إلى الأعماق.. ووقتها لن تكون مدركاً لذلك لأنك ميت. حسناً.. مصر كلها تغرق، ونحن نضرب المياه بأيدينا بعصبية دون أن ندرك أن ذلك سيقودنا للأسفل. منذ فترة تحدثت مع أستاذ الطب النفسى المحترم والمميز محمد المهدى عن عودة الأمور إلى ما كانت عليه أيام الثورة والذكرى الخاصة بالأحداث الدموية ففاجأنى بوجود هذه الأعراض والمسماة بالمشاعر الموسمية أو السنوية.. خذ مثلاً عندك لو تعرضت لحادثة وشفاك الله منها، ستجد نفسك تشعر بموضع الإصابة يؤلمك فى نفس يوم حدوثها من العام التالى!! خذ عندك ما يحدث منذ أيام فى شارع محمد محمود، وفى ذكرى استشهاد أبرياء وضياع عيون شباب زى الورد، ولتقرأ البوست المنسوب للشهيد جيكا فى الأحداث الأخيرة والذى يوحى -لو صح- بأن الولد لم يشعر بأى تغير حدث أو حقوق عادت أو قصاص تم، فنزل مرة أخرى بنفس الحماس ليستقبله الخرطوش فى رأسه ويرديه قتيلاً، وأخبرنى كيف ستتعامل مع الأمر. أنا أقول لك: البعض سيتعامل بمبدأ: إيه اللى وداهم هناك؟ والبعض سيسأل لماذا مات جيكا وهو الذى لم يفعل شيئاً؟ وآخرون سيسألون: هل نصدق الداخلية التى أكدت أنها لم تطلق الخرطوش أو الطلق الحى على أحد رغم مشاهداتنا؟ ستضيع الأجوبة وسندخل فى جدل يحلو لى أن أصفه بالجدل الذى يخسر فيه الجميع ولا نخرج بعده سوى بمزيد من الكراهية والرغبة فى الانتقام لدى الجميع وهى الرغبة التى ستجرنا للأعماق مرة أخرى. الكل يعلم أن بداية الأحداث هذه المرة جاءت من مجهولين ألقوا الطوب والحجارة والمولوتوف عبر الحواجز الأسمنتية العملاقة وتنصل الجميع منهم وقالوا إنهم لا يعرفونهم، ثم بدلاً من التعامل القانونى والمتعارف عليه فى القوانين الدولية ردت الداخلية بإطلاق الغاز الكثيف وبدأت فى استخدام الخرطوش، وعلى أقل تقدير اعتلى جنودها أسطح العمارات وراحوا يتبادلون قذف الطوب على الجميع ويشيرون بإشارات بذيئة.. وحتى لحظة كتابة هذه السطور غاب الرئيس عن المشهد. وواصل هشام قنديل فشله.. وأكملت النخبة حلقة جديدة فى مسلسل خيابتها. ولا يزال الاشتباك مستمراً وفرصة سقوط المزيد من الضحايا والدماء تزيد. هذه المرة لا يوجد مجلس عسكرى تُعلق عليه الشماعة.. لا يستقيم أن تتهم النظام السابق لأنك أنت الذى تحكم وليس غيرك، كما أن الطرف الثالث حجة البليد، واتهرست فى ١٠٠ مسلسل عربى. هذه المرة الجميع مخطئون، والجميع أبرياء، ولا عزاء لدماء تُراق على وقع أفعال غبية من كل الأطراف التى ستخرج لتصرخ بدماء الشهداء والجميع يعرف أن القاتل بيننا، ونحن نتركه يدفعنا إلى الأسفل. أيها السادة.. يؤسفنى أن أكتب هذا.. لكن جميعنا مذنبون ولا يوجد أبرياء هذه المرة. رحم الله جيكا.. ورحمنا. ولا عزاء للفاشلين والمراهقين والمتاجرين بالدماء. ولعنة الله على الكاذبين وكل من تسبب فى إراقة نقطة دم واحدة. الوطن |
|