(2) العادات المتبعة في تناول الطعام:
وضع الجسم عند الجلوس لتناول الطعام: في العصور الأولى كان العبرانيون يتناولون طعامهم وهم جالسون على الأرض أو على حصر كما يفعل البدو في الوقت الحاضر (تك 37: 25). أما استخدام المقاعد فقد جاء تبعًا للانتقال من حياة البدو إلى الحياة الزراعية بعد فتح أرض كنعان. فكان الملك شاول ورفاقه يجلسون على المقاعد (1صم 20: 5) وكذلك الملك سليمان ورجال بلاطه فإنهم كانوا يجلسون على المقاعد (1ملو 10: 5). ولما ازدادت الثروة وكثر الترف في عصر المملكة أصبحت عادة الآتكاء عند تناول الطعام، تدريجيًا، وهي العادة المتبعة. وكانت في أيام عاموس تعتبر بدعة المترفين (عا 3: 12 و 6: 4) ولكن بعد ذلك الحين بقرنين نجد حزقيال يتكلم عن الجلوس على السرير الفاخر أمام مائدة منضضة وكأن ذلك لا بدع فيه (حز 23: 41).
وكان الأغنياء بين الفرس (استير 1: 6) واليونان والرومان يتكئون وهم يتناولون طعامهم. وفي القرن الثاني قبل الميلاد أصبح الآتكاء عند تناول الطعام أمرًا عاديًا لدى اليهود (سيراخ 41: 24 في الترجمة اليسوعية). وكان يوضع عادة ثلاثة متكآت حول المائدة ويترك الجانب الرابع خاليًا كي يقدم منه الخدم الأطباق للآكلين. وكانت ترتب المتكآت هكذا: العليا فالوسطى. وكانت العليا على يمين الخدم وهم يتقدمون لتقديم الطعام. وكان يجلس على المتكأ الواحد ثلاثة أشخاص عادة؛ ولكن أحيانًا ما، كان يجلس أربعة أو خمسة. وكان يتكئ من يأكل ورأسه بجوار المائدة ومرتفع ليتناول الطعام من فوق المائدة، أما جسمه فيمتد بحيث تكون أقدامه في مؤخر المتكأ. وكان الذي يأكل يسند جسمه على مرفقه الأيسر ليترك الزراع الأيمن حرًا يتناول به الطعام. كان رأس المتكأ في المقدمة يوضع قريبًا من صدر المتكئ الذي يليه ولذا فيظهر أنه أثناء تناول العشاء الرباني كان يوحنا متكئًا في المقدمة أمام المسيح.
وكانت المكانة في الجلوس على المتكأ بحسب هذا الترتيب الأعلى فالأوسط فالسفلى. فمن كان يجلس في المكان الأعلى لم يكن هناك إنسان وراء ظهره.ز ومرتبة الشرف والتكريم هي المكانة العليا في المتكأ، وهي التي جلس فيها المسيح عند العشاء الرباني.