|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تمرين للتأمل لتطوير الذات وهو يمر عموماً بأربع مراحل والمرحلة الأخيرة اختيارية. المرحلة الأولى: التوقف والجلوس وهذا ليس أمراً بسيطاً لأننا معتادون على أن نلتزم بفعل أو بلهو، ولكننا لسنا مهيئين لحالة اللافعل. اللافعل أن نكون بحالة استراحة أو استرخاء. صحيح أننا لا يعني نفعل شيئاً ولكننا لا نفعله بشكل جيد! يمزح الفيلسوف أندريه کومت سبونفيل الذي يمارس الزازين (وهو منهج تأملي بوذي)، قائلاً أن فن التأمل (زين) يعني ألا نفعل شيئاً لكن بعمق». في الوقت الذي نكرس أنفسنا للتأمل نكون كذلك يقظين، نشعر ونلاحظ كل ما يجري... وكل ما ينجم عن ذلك من أفعال وقرارات سيأتي ولكن لاحقاً. المرحلة الثانية: ينبغي تثبيت الانتباه على التنفس. لماذا يجب أن نركز الانتباه؟ لأنه بشكل عام عندما نبدأ بالتمرين التأملي نكون مشتتين ومشغولي التفكير. غالباً أيضاً ما يدخل التأمل في صراع مع نشاطات أخرى فما إن نجلس حتى نبدأ بالتفكير بقوة بالنهوض لفعل شيء آخر خطر ببالنا ونعتبره أكثر أهمية وهذا أمر نخطئ به دوماً. لماذا نتنفس بعمق؟ لأنه من الصعب تركيز الانتباه على شيء ثابت، ففي منهج التأمل (زين سوتو) نقوم بالتأمل قبالة جدران بيضاء في دوجو (قاعة التدريب على الفنون القتالية) لمدة ساعات، وأستطيع أن أقول إن هذا ليس سهلاً على المبتدئين! على العكس، إن التركيز يحدث بشكل أسهل على شيء يتحرك كهؤلاء الذين يتفاعلون أمام شاشات التلفاز والإنترنت حيث نسمي ذلك «هدفاً متحركاً». إن أفضل هدف متحرك، في متناول يدنا هو التنفس. فهو ذو حركة هادئة دائمة لا تنقطع وموجودة معنا دوماً... يجب الإشارة إلى أنه ينبغي أن نشعر بالتنفس لا أن نفكر به. ثم يجب أن نقوم بالتمرين مطولاً لكي ندرب أنفسنا على إدراك حالات تشتت الانتباه وكشف اللحظات التي يضيع فيها التفكير، وعلى إعادته إلى التنفس. إن هذه الحالات من تشتت التفكير هي حالات طبيعية، فالعقل ينتج أفكاراً تماماً كما تنتج الرئتان الهواء للتنفس. ليس ذلك أن نخلق فراغاً في فكرنا ولكن أن نعي ميوله للشرود وأن ندرب أنفسنا على هذه الحالات من الشرود. المرحلة الثالثة: تقوم على توسيع مساحة وعينا، فما إن يستقر الانتباه حتى نبذل جهدنا لتوسيع مساحة وعينا قدر المستطاع والتأرجح في شكل من الوعي يمكن أن نسميه «مفتوحاً» أو «بلا موضوع». إنه شكل من الوعي يمكننا أن نكون فيه ببساطة، ولكن بلا مبالغة، حاضرين في العالم وواعين لما نستشعره من تنفس وجسد وأصوات وأفكار وعواطف وكل المشاعر التي تأتي وتذهب... وكلما أدركنا أن فكرنا منحصر في شيء ما كالأفكار والأحاسيس الجسدية والأصوات المزعجة أو الجميلة، نقبل بهذا الفكر ولكننا نعيد من جديد بروية وبانتظام، فتح مساحة تركيزنا نحو كل ما تبقى مثل وعينا الكامل للتنفس وللجسد وللأصوات ووعينا للحركة الدائمة للأفكار ... وإن عاد الفكر للانغلاق نعيد فتحه من جديد وهكذا دواليك. إن هذا الحضور النقي الخالي من الانتظار ومن الهدف يمثل الوعي الكامل، ويمكننا أن نبقيه على هذه الحال التي هي بالأصل مثمرة ومولدة للصحة وللنقاء. إلا أنه يمكننا أيضاً أن نذهب إلى أبعد من ذلك. لا يستغرق تعلم هذه الأساسيات الخاصة بالوعي الكامل سوى بضعة أسابيع، وهذا ما يجعل منه منهج التأمل الأكثر انتشاراً وقرباً من المبتدئين، فتطبيقه بسيط، وفوائده سريعة . كما أن تعميق هذه الأساسيات يستغرق عدة أشهر. ولكن عندما نتعود على تطبيق الوعي الكامل يمكننا أن نذهب بشكل أسهل نحو ما نريد بواسطة فكرنا. وهذا يسمح باكتشاف عوالم تأملية أخرى، وتلك هي المرحلة الرابعة. لأنه ما إن يستقر التركيز وينفتح الوعي حتى يغدو بمقدورنا أن نقرر البقاء هناك في الحاضر. في الحقيقة توجد فضائل عديدة للوعي الكامل باقية ببساطة كما هي، ويمكننا أن نستخرج منها الرقة والغنى مدى الحياة. كما يمكننا أن نستخدم هذه الحالة العقلية في الوعي الكامل للعمل على تطوير عدة ميزات كالعطف والرأفة وحب الآخر، أو التوجه نحو تمارين أكثر تصويريةً، فمثلاً في التقاليد البوذية يقومون بفحص الظواهر المرتبطة بتعلق الفرد بالآخر أو المرتبطة بعدم دوام الحال. ولكن هنا ندخل في مراحل متقدمة من الممارسة التأملية مثل تلك المراحل التي تقترح نماذج مختلفة من التعليم التقليدي سواء أكانت شرقية أم غربية. وهنا يجب السؤال حول رغبتنا بمتابعة هذا الطريق؟ |
|